منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 03 - 2023, 06:24 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,223

أيوب | لومه أصدقائه على قسوتهم



لومه أصدقائه على قسوتهم

"فَقَالَ أَيُّوبُ: قَدْ سَمِعْتُ كَثِيرًا مِثْلَ هَذَا.
مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ كُلُّكُمْ!" [1-2]
احتدت المناقشة بطريقة مؤلمة، حتى ملت أذنا أيوب الاستماع إلى أصدقائه فصرخ: "قد سمعت كثيرًا مثل هذا؛ معزون متعبون كلكم". هذا هو ما بلغت إليه نفس أيوب. يقول الحكيم: "ابتداء الخصام إطلاق الماء، فقبل أن تدفق المخاصمة أتركها" (أم 17: 14).
حتى إن قالوا كلمات تعزية فهي مؤلمة، لأنها تصدر عن قلوبٍ لا تشاركه آلامه، ولا تشعر بأحاسيسه. وكما يقول الحكيم: "يغنون أغاني لقلب كئيب" (أم 25: 20) بلا أي نفع.
جاء في مقدمة الأب هيسيخيوس الأورشليمي حديث رائع عن صبر أيوب خاصة في مواجهة أصحابه المقاومين له والمستهزئين به، وقد امتدح فضيلة الصبر أو طول الأناة.
* يمكن للشخص أن يكتشف خلال التعقل بطريقة عميقة أن الصبر هو أساس الفضائل.
خلال الصبر صار إبراهيم أبًا للأمم (تك17: 5؛ ابن سيراخ 44: 20؛ رو4: 17)، وصديق الله (يع 2: 23).
بالصبر إسحق الذي على مثال الابن الوحيد صار ذبيحة (تك22: 2).
وبالصبر أيضًا حمل يعقوب عصا كصليبٍ (تك32: 10؛ عب11: 21)؛ وذاك الذي هرب (تك27: 34) جعله الصبر يعود مملوء غنىً (تك32: 22-23).
بمثل هذا الصبر أيضًا جاهد أيوب ورفع لواء النصرة. بالرغم من أن خصومه كانوا كثيرين وأصحاب سطوةٍ. ومع أنه كان عاريًا تمامًا، بدا كإنسانٍ مسَلَّح، مهوب أمام مصارعيه. وجد أيوب نفسه مطروحًا أرضًا، والذين أرادوا أن يخلقوا عقبات (الشياطين) كانوا يطوفون حوله في الهواء (أف 2: 2). الذين سبوه ارتدوا الأرجوان، أما هو فارتدى القروح. لكن قوات السماوات حسبته بهيًا...
الفقراء يمجدونه؛ والأغنياء يخدمونه، وكل الأجيال ركزت أنظارها على أيوب كانعكاسٍ للبرّ.
أية حاجة إلى كلامٍ كثيرٍ عنه؟ أتريد أن تتعلم قوة الصبر القائم في أيوب؟
كان يوجد ثلاثة أصدقاء يسبونه، كانوا أصحاء جسديًا، مفعمين بالحيوية بسبب فيض بركاتهم الزمنية. وإذ كانوا يتعبون من الكلام كان كل منهم يستريح بالتناوب. أما عن أيوب فكان وحده جسمه مُغطى بالقروح، حزين النفس. باحتماله، غلب هؤلاء الأقوياء، وبصبره، هدأ من الثرثرة الملتهبة المهذارة للذين يهينونه معتمدين باطلًا على ثرثرتهم.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* تردد الكنيسة كلمات المرتل داود: "يحرث الخطاة على ظهري" (مز 129: 3). يُقصد بذلك بينما تصبر الكنيسة على الهراطقة أو المفقودين من كل نوعٍ هؤلاء الذين تستطيع أن تصلحهم، تحمل على ظهرها أعمال الذين يرتكبون الإثم. هكذا إذ رأى الطوباوي أيوب صديقه أليفاز يقدم شكاوى كثيرة ضده متهمًا إياه بالرياء انسحق في مرارة النقد، مظهرًا إياه معزٍ زائفٍ. بطول أناته صار أيوب رمزًا للكنيسة التي بوجهٍ عامٍ تحتمل مثل هذه الأمور...
الآن بهذه الإجابة يشير الطوباوي أيوب إلى عصر الكنيسة، عندما يُنظر إليها بسبب ضغط خصومها أنها صارت مُلقاة على الأرض بسلطانهم المؤقت. لذلك قيل: "معزون متعبون كلكم" (أي 16: 2)، سواء كانوا هراطقة أو من الأشرار، متطلعة إلى الأتعاب الصالحة في المحنة. عندما يقصدون أن يعزوها يثيرون أمورًا خاطئة في أذهانهم.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* اشرب الاستهزاء بشغفٍ (طواعية) كأنه ماء الحياة. اشربه من كل إنسان أيا كان، كما ممن يريد أن يسقيك دواء مطهرًا، يخلصك من الزنا. حينئذ يشرق كوكب طهارة عميقة في نفسك، ولن ينطفئ سراج الله بعد من قلبك.
القديس يوحنا الدرجي


"هَلْ مِنْ نِهَايَةٍ لِكَلاَمٍ فَارِغٍ؟
أَوْ مَاذَا يُهَيِّجُكَ حَتَّى تُجَاوِبَ؟" [3]
شعر أيوب أنهم يدورون في حلقة مفرغة، فليس لهم إلا كثرة الكلام الذي بلا هدفٍ واضحٍ، ليس فيه من جديدٍ نافعٍ. ولعله حسب كلامهم نكبة كسائر النكبات التي حلت به، إن لم تزد عن كل النكبات السابقة. شعر أن أصدقاءه يهيجون عليه بلا سبب، ويسيئون إليه بلا نفع لهم.
* "هل من نهاية لكلامٍ فارغٍ؟" إنه كلام فارغ ذاك الذي يخدم زهوًا وقتيًا، وليس غايته البرّ.
البابا غريغوريوس (الكبير)
إذ يفقد الإنسان الحب الحقيقي يعاني قلبه من الفراغ، فلا يمارس الصداقة المخلصة، إنما يسلك في سلبيةٍ تامة، متجاهلًا أصدقائه المتألمين، أو يجد الكثير من العلل لاتهامهم بالشر، وعوض تعزيتهم يسَّفه من شخصياتهم وتصرفاتهم. هكذا كان أصدقاء أيوب في صمتهم كما في كلماتهم!
فقدان الحب يحرم الإنسان من تقديس عطيتي الصمت والكلام. فإن صمت لا يحمل صمته حبًا بل تجاهلًا لمن هم حوله، وإن تكلم ينطق بالباطل، ويحطم نفسه ونفوس الغير.
يحذرنا الكتاب المقدس من اللغو الباطل كما من الصمت الباطل، حتى متى تقدسنا يتقدس صمتنا كما كلامنا، فيكون للكلام وقت وللسكوت وقت، ويعمل كلاهما لبنيان الإنسان ولتعزية اخوته كما لمجد الله.
"الكلام في غير وقته كالغناء في النوح" (سيراخ 22: 6).
"كثرة الكلام لا تخلو من معصية، أما الضابط شفتيه فعاقل" (أم 10: 19).
"الجاهل يكثر الكلام، لا يعلم إنسان ما يكون وماذا يصير بعده من يخبره" (جا 10: 14).
"الكثير الكلام يمقت، والمتسلط جورًا يبغض" (سيراخ 20: 8)
"لا تعّود فاك فحش الكلام، فإن ذلك لا يخلو من خطية" (سيراخ 23: 17).
"في الكلام كرامة وهوان، ولسان الإنسان تهلكته" (سيراخ 5: 15).
"الحكيم في الكلام يشتهر، والإنسان الفطن يرضي العظماء" (سيراخ 20: 29)
"الكلام الحسن شهد عسل، حلو للنفس، وشفاء للعظام" (أم 16: 24).
"لا تمتنع من الكلام في وقت الخلاص، ولا تكتم حكمتك إذا جمل إبداؤها" (سيراخ 4: 28).
"لا تكثر الكلام مع الجاهل، ولا تخالط الغبي" (سيراخ 22: 14).
* العاقل هو من يسعى في إرضاء الله، ويُكثر من الصمت، وإن تكلم يتكلم قليلًا، ينطق بما هو ضروري ومرضى لله.
* في الصمت ترى عقلك، ولكن عندما تستخدم عقلك، فإنك تتكلم في داخل نفسك. لأنه أثناء الصمت يلد العقل الكلمة، وكلمة الشكر التي تُقدم لله هي خلاص الإنسان .
* من يتكلم بغباءٍ ليس له عقل، إذ يتكلم دون أن يفكر في كل الأمور. لذلك امتحن ما هو مفيد لك، لأجل خلاص نفسك، لكي تفعله.
القديس أنبا أنطونيوس الكبير
* لا يقدر العقل أن يتحرر من التغير (الطبيعي) في كل الأشياء إذا لم يخرج من دائرة ذاته، ويجعل له مكانًا في الصمت، الذي هو أسمى من الفكر.
* لا يقدر العقل أن يصمت ما لم يصمت الجسد، ولا يمكن للحائط الفاصل بينهما أن يتحطم إلا بالصمت والصلاة.
القديس مرقس الناسك
في رسالة لمار فيلوكسينوس إلى الرهبان الآمديين، كتبها من منفاه، حثًّهم فيها على الجهاد من أجل الإيمان المستقيم وعدم الصمت عن الشهادة للحق، جاء فيها:
[الراهب الذي يسكت عن الإيمان رياءً، لا يعرف الله.
الراهب الذي يفتر عن الغيرة حياءً من السلطان، لا يعرف المسيح.
الراهب الذي يكون مع كل أحد مثله (يتلوّن ويجاري كل واحدٍ) رياءً، يلبس وجه شيطان.
الراهب الذي يلبس المسيح ويصمت عن الحق، فإن لباسه هو برص جيحزي.
الراهب الذي تفتقده النعمة ويسكت عن الإيمان، فسيُسد فمه في اليوم الأخير مثل لجيؤن الشياطين.]


"أَنَا أَيْضًا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ مِثْلَكُمْ،
لَوْ كَانَتْ أَنْفُسُكُمْ مَكَانَ نَفْسِي،
وَأَنْ أَسْرُدَ عَلَيْكُمْ أَقْوَالًا، وَأَهُزَّ رَأْسِي إِلَيْكُمْ". [4]
ماذا يشتهي أيوب البار لأصدقائه؟ هل حمل كراهية وبغضة، وفي ضيق نفسه طلب أن يحل بهم ما حلّ به، ويأخذ موقف المعزي؟
هل يشتهي أن يسخر بهم في تجاربهم، فيهز رأسه في استخفاف بهم، لأن هز الرأس في الشرق هو علامة الاحتقار (إش 22:37، إر 16:18، مت 39:27)؟
يرى البابا غريغوريوس (الكبير)أن ما يتحدث به أيوب إنما هو صلاة تصدر عن إنسانٍ محبٍ، يعلم أنهم لن يتعلموا الحب العملي إلا بدخولهم في خبرة الضيق والتجارب. فالدافع ليس تدميرهم، بل خلال الضيق الخارجي تُصلح قلوبهم وأعماقهم الداخلية.
أما أنه يسرد أقوالًا في الهواء (باطلة) ويسخر بهم بهز رأسه، فهذا ما لا يقبله أيوب، ولا فعله حين رجعوا إليه يطلبون الصلاة وتقديم الذبائح عنهم. ما ينطق به هنا إنما لتوبيخهم ومراجعة أنفسهم، ليدركوا أنهم ينطقون بكلمات جوفاء، ويسخرون من إنسانٍ متألمٍ! كأنه يقول لهم: يليق بكم أن تفعلوا ما تريدون أن يفعله الآخرون بكم.
هذا وإذ يمثل أيوب الكنيسة المتألمة فإنها في محبتها لخلاص الأشرار تطلب أن تمتد عصا الرب للتأديب وليس للانتقام، حتى يتعلموا من الأحزان في الخارج كيف يتمتعون بالحب الداخلي.
* يقول: "آه، ماذا لو كانت أنفسكم مكان نفسي. وأن أريحكم بكلماتٍ، وأنغص رأسي إليكم، وأحرك شفتي لراحتكم" (أي 16: 4-5). أحيانًا توجد ضرورة بالنسبة للأذهان الشريرة العاجزة عن الإصلاح بكرازة إنسان أن تُضرب من الله. هذا ما يطلبه الكارز (أيوب) لهم للترفق بهم. فإنه إذ يحدث هذا عن غيرةٍ عظيمةٍ للحب، واضح أنه لا يطلب لهم ذلك كعقوبةٍ، وإنما لإصلاح المخطئين، فيكون ذلك صلاة من أجلهم، وليست لعنة ضدهم.
يظهر أيوب الطوباوي في هذه الكلمات أنه يهدف إلى هذا: أصدقاؤه الذين لم يعرفوا أن يتعاطفوا معه بالحب في حزنه، يلزمهم أن يتعلموا بالخبرة كيف يجب أن يترفقوا في أحزان الغير، وبهذا يعيشون في حالة داخلية أفضل، مدركين شيئًا عن الضعف الخارجي...
الآن نحن نعزي الأشرار بسقوطهم تحت العصا، عندما نشير إلى الحزن الخارجي لتشييد صحة داخلية فيهم. ونحرك رؤوسنا عندما يميل عقلنا - الجزء القائد فينا - نحو الحنو. ونسندهم وسط ضربات المحن عندما نخفف من قوة حزنهم بكلماتٍ رقيقة.
البابا غريغوريوس (الكبير)
يليق بالكنيسة المحبة لكل البشر أن تمارس أحيانًا التوبيخ، وتطلب من الرب التأديب لأجل خلاص الساقطين، وليس لهلاكهم.
* يحتمل الله كل ضعفات البشر، لكنه لن يسمح بترك الإنسان الدائم التذمر بدون تأديب.
* صديق ينتهر آخر سرًا هو طبيب حكيم، أما من يريد أن يشفي أمام عيون كثيرين ففي الحقيقة هو شتَّام... الإنسان البار يتشبه بالله، لن يؤدب إنسانًا للثأر والانتقام من شره، بل ليصلحه أو لكي يخاف الآخرون.
القديس مار اسحق السرياني
"لأن الوصية مصباح، والشريعة نور، وتوبيخات الأدب طريق الحياة" (أم 6: 23).
"من يحب التأديب يحب المعرفة، ومن يبغض التوبيخ فهو بليد" (أم 12: 1).
"فقر وهوان لمن يرفض التأديب، ومن يلاحظ التوبيخ يكرم" (أم 13: 18).
"الأحمق يستهين بتأديب أبيه، أما مراعي التوبيخ فيُذكى" (أم 15: 5).
"الأذن السامعة توبيخ الحياة تستقر بين الحكماء" (أم 15: 31).
"من يرفض التأديب يرذل نفسه، ومن يسمع للتوبيخ يقتني فهمًا" (أم 15: 32).
"التوبيخ الظاهر خير من الحب المستتر" (أم 27: 5).
"العصا والتوبيخ يعطيان حكمة، والصبي المطلق إلى هواه يُخجل أمه" (أم 29: 15).
"من مقت التوبيخ فهو في أثر الخاطئ، ومن اتقى الرب يتوب بقلبه" (سيراخ 21: 7).
"الإنسان الخاطئ يجانب التوبيخ، ويجد حججًا توافق مبتغاه" (سيراخ 32: 21).


"بَلْ كُنْتُ أُشَدِّدُكُمْ بِفَمِي،
وَتَعْزِيَةُ شَفَتَيَّ تُمْسِكُكُمْ". [5]
في صراحة تحدث أيوب مع أصدقائه أنهم حتى على المستوى الاجتماعي العادي لم يراعوا أبسط قواعد الصداقة. وأنه لو حدث تبادل في المواقف لكان يمكنه أن يفعل معهم ما فعلوه معه، وهو تقديمه تعزيات بالفم واللسان والتظاهر بكلمات الحكمة دون مشاركة المشاعر الصادقة. وكأنه يطالبهم أن يبادلوه موقفه ولو إلى برهة حتى يشعروا بالسهام التي يصوبونها ضده بكلمات تعزية فارغة.
كان يليق بهم أن يجبروا عظامه المكسورة بكلماتهم اللينة مع قلب محبٍ، لا أن يكسروا عظامه بعنف قلوبهم. يقول إشعياء النبي: "أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيي بكلمة" (إش 50: 4). فالذي انهار وصار مريضًا جدًا يحتاج إلى دهن طيب يسنده، لا إلى كلمات لاذعة تحطمه بالأكثر.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أيوب | رد الرب على كل الاتهامات الموجهة ضده من أصدقائه
أيوب | يطلب ن أصدقائه أن يتراءفوا عليه
وجد أيوب أن الحديث مع أصدقائه بلا نفع
أيوب | نقده لقسوة أصدقائه
خيبة أمل أيوب من جهة موقف أصدقائه


الساعة الآن 12:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024