قداسة البابا شنودة الثالث
الخوف من الموت:
غالبية الناس يخافون خوفًا طبيعيًا من الأذى، ومن الموت ومسبباته:
والخوف من الموت هو نوع من الخوف من المجهول أيضًا. فالموت هو شيء من المجهول، ولم يجربه الإنسان، ولا يعرف طبيعته وكنهه. فهو يجهل كيف يموت؟ وكيف تخرج روحه من جسده؟ كما أن ما وراء الموت هو شيء مجهول أيضًا!! وكل هذه الأسباب تخيف الكثيرين...
أما الذي يضمن – بالإيمان مصيره بعد الموت، فإنه لا يخافه مطلقًا بل يشتهيه، شاعرًا أنه بالموت سيذهب إلى النعيم الأبدي...
إنما يخاف الموت: القلب غير التائب، أو المتعلق بحب العالم وما فيه من الشهوات... نعم، يخاف الموت من لا يستعد له بالتوبة وبالعمل الصالح. وعكس هذا: لا يخافه من ليست له في هذه الدنيا يخشى أن يفقدها. لذلك حسنا قال القديس اوغسطينوس: "جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أنى لا أخاف شيئًا، ولا اشتهى شيئًا".
وخوف الموت: إما يجعل الإنسان يستعد له أو يهرب منه!
إذ أن الشيطان قد يستغل خوف الإنسان من الموت، فيلقى بضحيته في اتجاه عكسي: فيجعله يهرب من الموت، ومن سيرته وأخباره! وينهمك في ملاذ الدنيا، فلا يسمع عن هذا الموضوع المتعب!
وللأسف نجد مرضى في حالة خطرة وعلى حافة الموت، يخدعهم أحباؤهم بأكاذيب وطمأنة زائفة! ويشغلونهم بأحاديث وسمر ولهو، لكي ينسوا سيرة الموت، حتى يدهمهم الموت فجأة دون أن يستعدوا له!!
وأحيانًا يحصر خوف الموت ذهن المريض، فينشغل بالموت وليس بالاستعداد للأبدية!!
إن الذي يخاف الموت، يخاف أيضًا من أسبابه، كالأمراض مثلًا.
فهو يرتعب من الأمراض الخطيرة التي لا شفاء منها. وكذلك يخاف من المرض عمومًا، ومن العدوى التي تسببها، ويحاول أن يتجنبها. وقد يحاول أن يتجنب الميكروبات بطريقة مبالغ فيها! وينطبق عليه المثل القائل "الناس من خوف المرض في مرض!".