رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حول تنشئة الأولاد الأب برفيريوس الرائي " يوجد لحالة الإنسان الروحيّة قسمٌ كبيرٌ من المسؤوليّة " تبدأ تنشئة الأولاد من لحظة تكوينهم تبدأ تنشئة الأولاد من لحظة تكوينهم، فالجنين يسمع ويشعر وهو في أحشاء أمّه، أجل، إنّه يسمع ويرى بعينيّ الأم . يُدرك تحرّكاتها ومشاعرها، رغم أنّ فكره لم يكن قد نما. يشحب وجه الأم، وكذلك وجه الجنين. تغضب الأم ويغضب الجنين. تشعر الأم بالحزن، بالألم، بالخوف، بالقلق..... فيتأثَّر الجنين بكلّ هذا. إذا رفضت الأم جنينها، إذا كرهته، يشعر الجنين بهذه الأحاسيس، فتتكوّن في نفسه الصغيرة جروحات ترافقه مدى عمره كلّه. ويحصل عكس ذلك مع مشاعر الأم المقدَّسة. وعندما يكون في قلبها الفرح والسلام، والمحبّة للجنين، تُنقَل هذه الفضائل سرّاً إلى مَن تحمل في أحشائها كما يحصل مع الأطفال المولودين. لهذا يجب على الأم أن تصلّي كثيراً خلال فترة الحمل وأن تحبّ الجنين وتداعب بطنها وأن تقرأ المزامير، وترنّم (الطروباريّات) التراتيل وتعيش حياةً مقدَّسة. وهذه الممارسة تعود بالنفع لها، بل وتضحياتها من أجل جنينها، لكي يصبح الولد كذلك أكثر قداسةً، ويمتلك من البداية إيداعات مقدَّسة . أَرأَيتم كم هو دقيق أن تحمل المرأة ابناً ؟ كم هي المسؤوليّة كبيرة وكم هو الشرف عظيم! سأقول لكم شيئاً له علاقة بما سبق، وعن كائنات حيّة غير عاقلة وستفهمون منه القليل. في أميركا يختبرون ما يلي: في قاعتَين متشابهتَين، درجات حرارتهما واحدة وريّهما واحد وكذلك تربتهما، يزرعون في القاعتين أزهاراً. فنلاحظ فرقاً واحداً وهو: في إحدى القاعَتين، يضعون الموسيقى الناعمة والفرحة. النتيجة؟ ماذا أقول لكم؟! أزهار هذه الغرفة تُظهِر فرقاً شاسعاً بالنسبة إلى الثانية. ففيها حيويّة مميَّزة، لونها أكثر جمالاً ونموُّها أكبر لا يُقارَن. • حياة الوالدَين داخل البيت وحدها تحمي وتُنشئ أولاداً صالحين حياة الوالدَين داخل البيت وحدها تحمي وتُنشئ أولاداً صالحين . يجب على الوالدِين أن يُعطوا أنفسهم لمحبّة الله. يجب أن يَصيروا بوداعتهم، بصبرهم، بمحبّتهم لبعضهم، قدّيسين بالقرب من أولادهم. أن يضعوا كلّ يوم خطّاً جديداً وشوقاً جديداً، وغيرةً ومحبّةً للأولاد. والفرح الذي سيغمرهم والقداسة التي ستكون قد زارتهم، سوف تُطلِق النعمةَ للأولاد، وسوء تصرُّف الأولاد ينتج عن خطأ الأهل بشكل عام. لا النّصائح ولا النّظام ولا القساوة تخلِّص الأولاد. إن لم يتقدَّس الوالدِين، إن لم يجاهدوا، يرتكبوا أخطاءً كبيرةً وينقلوا الشرّ الذي في داخلهم. إن لم يعِش الوالدون حياةً مقدَّسةً، إن لم يتكلَّموا بمحبّة، يُعذِّبهم الشيطان بردَّة فعل الأولاد. المحبّة، وحدةُ الحال، وتفاهم الوالدَيْن الجيّد كلُّها واجبة ولازمة للأولاد، وهي تُعطيهم أماناً كبيراً وثباتاً . سلوك الأولاد له علاقة مباشرة بحالة الأهل. عندما ينجرح الأولاد من سوء تصرُّف فيما بين الوالدَيْن، يفقدون قواهم وشوقهم وتأهُّبهم للسير إلى الأمام ويُفسدون بناءَ أنفسهم ويُهدِّدون هذا البناء لحظة بلحظة للخطر حتى الهدم. أسوق لكم مثلَين: جاء إليّ مرّة شابّتان، واحدة كانت مسالكها قبيحةٌ جدّاً، تسألانني عن سبب تلك المسالك. قلتُ لهما : - من المنزل، من والديكما. - وفيما كنت "أتبصَّر أعماق" واحدة منهما، قلت: - أنتِ قد ورثتِ من والدتك هذا كلّه. - قالت، ولكنّ أهلي هم أُناس كاملون. هم مســيحيّون، يعترفون ويتناولون القربان المقدَّس، ويُمكن أن يُقال: نحن نمارس ديانتنا ونعيشها. إلا.ّ.... إذا كانت الديانة تُخطئ، أجابت تلك . قلتُ لهما: - لا أُصدّق شيئاً ممّا تقولانه لي. أنا أرى شيئاً واحداً فقط : لا يعيش أهلكما فرحَ المسيح . بناءً على هذا قالت الأخرى : - إسمعي ماريّا، حسناً يقول الأب، إنّه على حقّ. نعم.....أهلُنا يذهبون لعند الأب الروحيّ، للإعتراف، للمناولة الإلهيّة، ولكن لم يكُن سلامٌ أبداً في المنزل! كان والدنا يتأفّف بصورة متواصلة من والدتنا. وكانا يتذمّران باستمرار، مرّة لم يكن يأكل الواحد مع الآخر ومرّة أخرى لم يكن يريد الآخر مرافقة الأوّل. إنّ الأب على حقّ. - ما اسم والدك ؟ سألتها. - قالت لي الاسمَ. - ا اسم والدتك ؟ - قالت لي أيضاً. -"إيه"، قلتُ، يبدو أنّ داخلكِ ليس على ما يُرام مع والدتكِ. إسمعوا لي الآن: الّلحظة التي فيها كانا يقولان لي الإسم، "كنتُ أرى" الأب،كنتُ أرى نفسه. ولحظة قولهما لي إسم الأم، "كنتُ أرى" الأخيرة وكنت أرى كيف كانت الإبنة تنظر إلى والدتها. مرّةً أخرى أتت أمٌّ مع إحدى بناتها وزارانني. كانت منزعجة وكانت تجهش بالبكاء وكانت تشعر بحزنٍ ،وبؤسٍ عميق . سألتها، ما بكِ ؟ - إنّي يائسة مع ابنتي الكبيرة، التي طردت زوجها من البيت وكانت تضلّلنا قائلةً أكاذيب كثيرة. - قلتُ، أيّة أكاذيب؟ - طردت زوجها من البيت منذ زمن ولم تخبرنا شيئاً عن ذلك. كنّا نسألها بواسطة الهاتف «كيف حال ستيليوس؟». «بخير، كانت تجيبنا، ذهب الآن لشراء الجريدة». وكانت تختلق كلّ مرّة عذراً لكي لا نشكّ بشيء. هذا دام سنَتين وكانت تُخفي طردَه عنّا. ومنذ أيّامٍ قليلة عرفنا بطرده منه شخصيّاً، إذ رأيناه صدفة. حسناً، قلتُ لها: - أنتِ وزوجكِ مخطئان وخطيئتك أنتِ هي الأكبر. - أنا ! أنا التي كنتُ أُحبّ أولادي كثيراً وكنتُ لا أخرج من المطبخ، لم يكن عندي حياةٌ شخصيّة، كنتُ أقودهم إلى الله وإلى الكنيسة، كنتُ أنصحهم للخير. كيف أكون أنا خاطئة؟ توجّهت للإبنة الأخرى، التي كانت حاضرة : - أنتِ، ماذا تقولين؟ - نعم، يا أمّي، إنّ الأب الشيخ على حقّ، لم نأكل أبداً أبداً خبزاً حُلواً مدى العمر بسبب المناكفات التي كنتِ ترتكبينها مع والدي - أرأيتِ أَنّني علىحقّ؟ أنتما تخطئان، أنتما تجرحان الأولاد. لم يُخطئ أولادكما، لكنّهم يُعانون من العواقب. تولَدُ بسبب الأهل حالة في نفس الأولاد، حالةٌ تترك آثاراً في داخلهم طيلة حياتهم، وتصرّفهم بالتّالي في حياتهم وعلاقتهم مع الآخرين تتعلّق مباشرة بمسالك الحياة التي اكتسبوها من سنيّ طفولتهم. يكبرون، يتعلّمون، ولكن في العمق لا يتبدّلون. هذا يظهر وفي أدقّ ظواهر الحياة. مثلاً: تقعُ في نَهَم. تطلب الطّعام وتأخذه، تأكل، ترى قوتاً آخر، ترغب به وتبتغيه.وتشعر من جديد بالجوع. فإذا ما أكلتَ، يُمسككَ لعيانٌ وارتعاش. تخاف من أن تضعف وهذه الحالة نفسيّة لها تفسيرها. من الممكن القول إنّكَ لم تعرفْ أباً ولا أمّاً، أن تكون سفليّاً وجائعاً، فقيراً وضعيفاً، وهذا حدثٌ روحيٌّ، ينعكس ضعفاً في الجسد. يوجد لحالة الانسان الروحيّة قسمٌ كبيرٌ من المسؤوليّة. لا تكفي النّصائح والضغوطات ولا المنطق والتّهديدات لتحرير الأولاد من مختلف المشاكل الداخليّة، وعلى الأرجح، تسوء حالتهم. يصير الاصلاح بتقديس الأهل وتطهيرهم. صيروا قدّيسين ولن يكون عندكم أيّة مشكلةٍ مع أولادكم. قداسة الأهل تحرِّر الأولاد من المشاكل. يريد الأولاد أُناساً قدّيسين بقربهم، مع محبّة كبيرة، أُناساً لن يخيفوهم ولا يكتفوا بإرشادهم بل سيعطونهم صلاةً ويكونون لهم قدوةً مقدَّسة. صلّوا، أنتم الأهل، صلّوا بصمتٍ وأياديكم مرفوعة نحو المسيح، معانقين أولادكم سرّاً. وعندما يُحدثون فوضى، خذوا بعض التدابير التربويّة، لكن دون أن تضغطوا عليهم وبالأخصّ صلّوا. مرّاتٍ كثيرة، (وخصوصاً الأمّ)، يجرِّحُ الأهل الولدَ لفوضى ارتكبها، ويؤنّبونه بشدّة. عندها ينجرح هذا الولد. يفهم الولد ويلاحظ من خلال انفعالك الداخليّ أو من خلال نظرتك الوحشيّة له أنّك تؤنّبه وتغضب وإن لم يكن هذا التأنيب ظاهريّاً . عندها يعتقد الولد أنّ الأمّ لا تحبّه. يسأل الأمّ : - أتحبّينني، يا أمّي؟ - أجل، يا ولدي، أحبّكَ. لكنّه لا يقتنع. إنّه قد جُرِح. تحبّه أمّه، ستدلّله فيما بعد، لكن الولد يدير رأسه عن دلال أمّه. لا يتقبّل الغنج، يظنّ هذا خبثاً ورياءً لأنّه قد جُرِح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ليس أعز من الأب لدي الأولاد |
حول المرض الأب برفيريوس الرائي |
الأب و الأولاد |
فن تربية الأطفال _ برفيريوس الرائي |
في تنشئة الأولاد |