رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله القوي القادر علي كل شيء Monday, 31 August 2009 البابا شنودة الثالث - إلأهرام إن الله ـ جل جلاله ـ له صفات إلهية خاصة يتميز بها عن البشر. ومن صفاته هذه انه قوي. ولكن قوة الله قوة غير محدودة أما البشر الأقوياء, فقوتهم في أمور محدودة لايتعدونها. كما ان كل قوة بشرية هي هبة من الله مانح القوة. لذلك قدرة البشر محدودة أما الله فإنه قادر علي كل شيء وهذه الصفة خاصة به وحده منذ الأزل. وقد ظهرت قوة الله اولا في الخلق وقد تحدثنا عن هذا الامر في المقال الماضي والخلق من صفات الله وحدة اي الايجاد من العدم. اما ابسط مايصل اليه الانسان فهو أن يكون صانعا ومكتشفا اي يستطيع ان يكتشف طبيعة الأشياء وخواصها كما خلقها الله. ثم يصنع من تلك الأشياء مايستطيعه عقله الذي خلقه له الله. أما الخلق فهو من قدرة الله العجيبة وبخاصة من جهة عدد خليقته وأنواعها, مايري ومالايري سواء من جماد أو خليقة عاقلة, أو ناطقة, مادية أو روحية.. وفي مجال الخلق هناك سؤال مهم وهو: ماذا نقول عن الشيطان: هل خلق الله الشيطان بكل مافيه من شر ومحاولات لإسقاط الآخرين؟ والجواب هو ان الله حينما خلقه, لم يخلقه هكذا إنما خلقه ملاكا ثم هذا الملاك سقط وصارت طبيعته فاسدة بإرادته, فتحول الي شيطان. من جهة القدرة علي كل شيء, نقول ان الله لامنافس له في قدرته... بعض الشعوب البدائية كانت تؤمن بوجود إلهين: إله للخير, وإله للشر. ونحن لانؤمن إطلاقا بوجود إله للشر. وليس الشيطان الها للشر, وليس هو منافسا لله. والله في قوته التي لاتحد, ممكن ان يتدخل متي شاء ويوقف عمل الشيطان ولايسمح الله بكل مايريد. فما اكثر معجزات الله في اخراج الشياطين من المصروعين بها. والبلاد التي كانت تؤمن قديما بتعدد الآلهة. فهناك إله الحرب, وإله للحب, وإلهة للجمال, وآلهة من النار. كل تلك كانت خرافات لانه لايوجد إلا إله واحد, وبعض صفات هذا الاله الواحد تصورتها تلك الشعوب آلهة.. والشيطان ليس إلها للشر وان كانت قد تبدو له قوة الآن, إلا أن الله سيلقيه في النهاية إلي عذاب جهنم. تظهر قوة الله أيضا فيما يصنعه من عجائب ومعجزات لا نستطيع إحصاءها, سواء مما حدث في القديم وكتب لنا بالوحي الإلهي, سواء من شفاء للأمراض المستعصية أو إنقاذ من أخطار بواسطة ارسال ملائكته القديسين, أو من رؤي أعلن بها الله بعض مشيئته, أومن مواهب منحها لبعض أبراره وقديسيه, أو من أحلام مقدسة يكشف بها أسرارا معينة.. ومن تواضع الله في قدرته, إنه منح القدرة لبعض مخلوقات, سواء في ذلك القدرات التي منحها للملائكة, والبشر.. فقد منح قدرات عجيبة للملائكة, بحيث يمكنهم أن ينتقلوا من السماء إلي الارض في لمح البصر, وأن يقوموا بأعمال معجزية يكلفهم بها, كذلك القدرات التي وهبها الله للعقل البشري فاستطاع العلماء أن يبتكروا ويصنعوا أشياء كانت من قبل تفوق الخيال. ومن كثرتها تبدو الآن طبيعية: مثل الكمبيوتر والفاكس وMobilePhone والطائرات واستخدام الذرة والليزر, وما يستخدم في مجال الطب والصناعة وعلوم الفضاء والبحار وما إلي ذلك, وأيضا منح بعض قديسيه أن يصنعوا المعجزات باسمه وبقوته. هذه القوة الممنوحة لبعض البشر ليست قوة ذاتية لهم, بل هي قوة الله العاملة فيهم بنعمة الله العاملة فيهم, بالايمان الذي يصبح به كل شيء مستطاعا بقوة الله العاملة في المؤمن. قوة الله في محبته لخليقته, وفي رعايته لهم: انه لم يخلقنا ويتركنا, بل انه يتولي أمر العناية بنا في كل شيء, مازال يرسل لنا النور لكي نؤدي به أعمالنا ويسمح لنا أيضا بالظلمة لكي نستريح. ويعطي طعاما لكل أحد ويشبع كل أحد من رضاه يعتني بالبشر, يعتني بالدودة التي تدب تحت حجر. هو عون لمن لا عون له, ورجاء لمن ليس له رجاء, وما أكثر حالات الانقاذ التي ينقذنا بها, وكل انسان يفرح لانه في حماية اله قوي يقدر أن ينقذه من الضيق. وكل الأبواب المغلقة أمامه, يؤمن أن الله قادر أن يفتحها له. إن الله قوي أيضا في احتماله. فقد احتمل عبدة الاصنام مدة طويلة. واحتمل الذين آمنوا بتعدد الآلهة. وبعبادة الأرواح, وعبادة ملوكهم, واحتمل الملحدين, واحتمل أيضا الذين سلكوا في كل أنواع الشر والفساد واللهو والمجون وكاسري وصاياه بكل نوع, والمجدفين عليه, وكان يستطيع إفناءهم ولكنه لم يفعل.. احتمال كل هؤلاء الخطاة من الملايين علي مدي أزمنة طويلة, فما أعجب قوته علي الاحتمال انها قوة غير محدودة. لم يكن الله فقط قويا في احتماله, بل بالأكثر كان قويا في مغفرته, وأعطانا ـ بهذه المغفرة وهو التوبة ـ ومع التوبة أعطانا نعمة لكي نتوب وقوة تساعدنا علي التخلص من خطايانا القديمة, وأعطانا شرطا آخر للمغفرة, وهو أن نغفر لمن أساء إلينا. وهناك أنواع أخري كثيرة تظهر فيها قوة الله العجيبة. فهو مثلا قوي في معرفته: فهو يعرف كل شيء يعرف ما في داخل قلوبنا وأفكارنا ويعرف نياتنا, أيضا يعرف ما فعلناه وما ننوي أن نفعله. وعلي الرغم من كل ذلك فانه بسبب قوة محبته لايعاملنا في كل شيء, حسب عمق خطايانا, إنما حسب قوة اشفاقه علينا في ضعفاتنا. له المجد في قوة الطيبة التي يعاملنا بها. |
|