الخروف الضال
الأنجيل بحسب متى البشير ــ الأصحاح 18
10 «اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 11 لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ. 12 مَاذَا تَظُنُّونَ؟ إِنْ كَانَ لإِنْسَانٍ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَفَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ عَلَى الْجِبَالِ وَيَذْهَبُ يَطْلُبُ الضَّالَّ؟ 13 وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَجِدَهُ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي لَمْ تَضِلَّ. 14 هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.
الأنجيل بحسب لوقا البشير ــ الأصحاح 15
1 وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. 2 فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ: «هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ!». 3 فَكَلَّمَهُمْ بِهذَا الْمَثَلِ قِائِلاً: 4 «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟ 5 وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحًا، 6 وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلاً لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ!. 7 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ.
يربط القدِّيس أمبروسيوس بين الأمثال الثلاثة التي وردت في انجيل معلمنا لوقا البشير ــ الأصحاح الخامس عشر, والتي قد ضربها رب المجد يسوع بخصوص الاهتمام بخلاص الخطاة، قائلاً:
[يشير علينا الطبيب الصالح بأدويَّة لشفاء الضلال، إذ لا يرفض الديان الرحوم الرجاء في إعطاء المغفرة. وقد قصد القدِّيس لوقا أن يذكر ثلاثة أمثال متتاليَّة: الخروف الضال الذي وُجد، والدرهم المفقود الذي وُجد، والابن الضال الذي كان ميتًا فعاش، لكي يدفعك بهذا الدواء الثلاثي لنوال الشفاء من جراحاتك، إذ الخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا (جا 4: 12).
من هم هؤلاء: الأب والراعي والمرأة؟ الأب هو الله الآب (مثل الأبن الضال)، والراعي هو المسيح (مثل الخروف الضال)، والمرأة هي الكنيسة (مثل الدرهم المفقود).
المسيح (الراعي) يحملك في جسده، إذ يحمل خطاياك في جسده، والكنيسة تبحث عنك، والآب يقبلك…
الفادي يُعيِن (ينجد الصغير الضعيف الصارخ إليه)، والكنيسة تهتم (بالمفقود البعيد)، والآب يتصالح (بعودة الأبن الشارد بطلبه ورغبته في العودة)، يا لرحمة العمل الإلهي!…
الخروف المُتعب يرجعه الراعي، والدرهم المفقود تجده الكنيسة، والابن يرجع (بأرادته) إلى طريق الآب، قادماً بملء التوبة عن الضلال الذي يدينه.] (1)
ولكي نتابع فهماً دقيقاً لمثل الخروف الضال, علينا أن نتفهم جيداً القصد من المثل, والذي يتضّح من المقدمة التي ذكرها الرب عن الصغار ليأتي المثل في أعقابها تماماً مكملاً وموضحاً للهدف, ليؤكد الرب بأن حديثه عن الصغار المقصود به الإشارة إلى الخروف الضال, وهذا جاء بالرغم من أن الرب بنفسه قد أشار إلى تلاميذه بالصغار (مت 42:10).
إذن الهدف هو خلاص كل نفس ضعيفة غير ناضجة في إرادتها الصالحة, وهذا يحفظ لمثل الخروف الضال قصد الرب منه, ليظل يحمل إشارة بليغة عن كل نفس مؤمنة ضعيفة متعبة, تاهت بعدم رغبتها عن الطريق, فسقطت وعلقت وعجزت عن العودة!!
كما يجب علينا أن نلاحظ أن هناك فارقاً بليغاً في المثل كما ورد في أنجيل متى وبين ما قد ذكره أنجيل لوقا, فبدل “الجبال“ في أنجيل متى, يأتي المثل في أنجيل لوقا “في البرية“, وفى متى أيضاً يقول: “وإن إتفق أن يجده“, ليذكر لوقا عبارة أخرى: “يذهب حتى يجده“.
والسبب أن متى يكتب لليهود ولوقا للأمم. فبوحى من الروح القدس تغيرت الألفاظ، فاليهود قبل المسيح كانوا على جبال الشريعة والناموس ومعرفة الله، أما الأمم فكانوا فى برية الوثنية، فى تيه مطلق، واليهود صعب ردهم للإيمان بالمسيح لكبريائهم لذلك قال “وإن إتفق“, أما الأمم فسيدخلون الإيمان بأحتياجهم للخلاص من التيه والفراغ الروحي.
فكان لراعٍ مِئَةُخروف وكلها مطيعة وصالحة ومستقيمة وتبعته بثغائها الوديع. ولكن لما عدها مساء ذات يوم، وجد أن أحدها مفقوداً. وعرف على الفور من هو الناقص! لأن الراعي الصالح يعرف كل خروف باسمه! إنه «الصغير الضعيف العنيد» فقد هرب مرة أخرى! ظاناً أن سيده لا يقوده إلى المراعي الصحيحة الخضراء, ولا إلى مياه الراحة الوفيرة، فأراد أن يفتش عن أسرار الحياة تلقائياً بنفسه، ليتمتع بالغذاء الوفير بعيداً عن أعين الرقباء.
ومع عدم خبرته تاه في البرية، وسقط من علو إلى الهوة. ولولا وجود شجيرات من العليق لوقع فوق الصخور وقضي عليه. ولكنه تعلق بأغصان العليق فوق الهوة الفاغرة لابتلاعه، وسمع عواء الذئاب وأبناء آوى (حيوان يشبه الكلب والذئب معاً). وشعر خائفاً بالخطر، لأنه بعيد عن الراعي الحاذق لهذه الرعية المتضامنة. ولكنه لا يستطيع العودة الآن, لأنه صار أسير العليقة المؤلمة. وخيم الليل على اليائس. فصرخ منذعراً في الفضاء، فلم يرجع له غير صدى صراخه!
وبعد مدة من الزمن الثقيل … أصاخ السمع، فصوتاً ناعماً حنوناً قد بدا من بعيد يناديه بأسمه!! ففهم وأدرك على الفور من هذا الصوت المنادي! إنه صوت الراعي الصالح! الذي يعرف أسم كل ضال، فجاوبه الخروف الساقط بين الأشواك الملتفة على جسده النحيل من كل جانب لتعيق حركته تماماً, ليصرخ بكل قواه: النجدة النجدة!! أنا هنا الضال اليائس الشرير! خلصني! اغفر لي عنادي! ليهبط الراعي الصالح في هوة المخاطرة بكل سرعة وتعب ليجذب الخروف الضال إليه، والعرق نازل من جبينه، ولباسه ممزق من الأشواك الكثيفة، ودمه نازف من الجراح. وأخيراً رفع الخروف المريض على كتفيه وعاد به إلى الحظيرة، لاهثاً متعباً من جراء مشقة عملية الإنقاذ وبعد الطريق. وإنما فرح رغم التعب، لأنه وجد الضال العنيد، وخلص الشرير النادم.
إذاً الخروف الضال الصغير الضعيف المتعب لم يهرب من أمام الراعي أثناء البحث عنه ولم يهمل نداء الراعي, بل أصر أن يُوجدْ ليوفر إمكانية الإيجاد والأنقاذ, فأطلق ثغائه حتى أدركه الراعي الصالح, ليسلم نفسه بكل رضا لعملية أنقاذه!
يكمل القدِّيس أمبروسيوس حديثه معلقاً علي مثل الخروف الضال، قائلاً:
[جذب هذا المثل قلب الكنيسة منذ العصر الرسولي الأول، إذ ترى فيه الراعي الصالح الذي يبدو كمن ترك التسعة والتسعين خروفاً – أي السمائيين – ليبحث عن الإنسان بكونه خروفه الضال، جاء كلمة الله متجسداً. هذا وقد أبرز هذا المثال علاقتنا أيضاً بالسمائيين الذين يفرحون برجوعنا، ويتهللون بشركتنا معهم في التسابيح السمائية والتمتع بالأمجاد الأبديَّة…] (2)
[الراعي غني، فنحن جميعاً نمثل واحداً من مائة من ميراثه؛ له رعيَّة عظيمة من الملائكة ورؤساء الملائكة والسلاطين والسيادات (كو 1: 16)؛ له رعيَّة في الأعالي. ولأنهم حكماء يتهللون بفداء البشر، الأمر الذي يدفعنا بالأكثر إلى الصلاح. لنعرف أن تجديدنا يبهج جمهور الملائكة، فنطلب شفاعتهم وعونهم ولا نغضبهم. لتكن مفرحاً للملائكة، إذ يبتهجوا برجوعك.] (3)
هكذا يكشف السيِّد عن نظرته للإنسان, بأنه ليس مجرّد فرد بين عدد لا يُحصى من الأفراد، إنّما يهتمّ الله بكل إنسان ضل الطريق بأهتمام شخصي له, وبأسم ميلاده وأحتياجات حياته، مقدّماً له كل اهتمام ورعاية أكثر من كل الجماعة المحفوظة في مراعيه على الجبال المقدّسة، لكي يجتذبه ويدخل به إلى العضويّة في هذه الجماعة، إن الله لا يهتمّ باَلكَمّ إنّما بالنوع، يهتمّ بكل عضو بكونه ابناً له.
بهذا الروح الأبوي تطلّع القدّيس يوحنا ذهبي الفم إلى شعبه فلم ينشغل بالكاتدرائيّة المكتظَّة بالعابدين، ولم يفرح بكثرة الملتصقين بالكنيسة، وإنما كان يئن حزيناً لو أن إنساناً واحداً في المدينة لم ينعم بعد بالحياة الأبديّة. في اهتمامه بكل عضو, ليقول: [كل واحد منكم في عينيَّ يساوي المدينة كلها.] (4)
[لا يقل لي أحد أن كثيرين قد نفَّذوا الوصيّة فإنّني لا أبتغي هذا، بل أريد الكل أن يفعلوا هكذا. فإنّي لا أستطيع أن التَقط أنفاسي حتى أرى ذلك قد تحقّق، فإن كان واحد قد ارتكب الزنا بين أهل كورنثوس صار بولس يتنهّد كما لو أن المدينة كلها قد ضاعت.] (5)
يكمل القدِّيس يوحنا فم الذهب, قائلاً:
[كيف دُعيت السماء بريَّة؛ إلا لأنها قد تُركت؟! لقد هجرها الإنسان عندما أخطأ، لكن بقى التسعة والتسعون في البريَّة, بينما خرج الله يبحث عن الخروف الضال علي الأرض. لقد نقص عدد الخليقة العاقلة – أي الملائكة والبشر- الذين خُلقوا لرؤية الله، إذ سقط الإنسان، وكان لابد أن يكمل العدد في السماء (لمائة الكمال)، لهذا نزل الله إلى الجنس البشري على الأرض.
فما يدعوه لوقا بالبريَّة, يذكره متى في نفس المثل بالجبال (مت 18: 12) ليشير إلى أن التسعة والتسعين لم يضلوا بل بقوا في الأعالي في السموات. وإذ وجده يضعه علي منكبيه (كتفيه) فرحاً. حمل الخروف علي كتفيه، إذ حمل طبيعتنا البشريَّة، وحمل خطإيَّانا. أقول لكم: أنه “هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة”.] (6)
ويستطرد القديس يوحنا ذهبي الفم رابطاً فرح السماء بسلوك وممارسات الشعب الأخلاقية, وفضائل ثمار سكنى الروح القدس فيهم, هكذا:
[يلزمنا أن نتأمَّل أيها الاخوة لماذا يقول ربَّنا أنه يكون فرح في السماء بالخطاة التائبين أكثر من مثابرة الأبرار. أليس بخبرتنا العامة نجد كثيرين ممن لم يتثقلوا في ضمائرهم بحمل الخطيَّة، الذين يسلكون طريق العدل، وهم غرباء عن المحرمات لا يشعرون برغبة شديدة لبلوغ البيت السماوي… نجدهم متراخين في ممارسة أعظم الفضائل الهامة إذ يشعرون أنهم لم يرتكبوا آثاماً خطيرة.
من الجانب الآخر أحياناً إذ يشعرون أنهم ارتكبوا الخطيَّة يتلامسون مع تبكيت الضمير ويلتهبون بمحبَّة الله، فيمارسون فضائل أعظم. يواجهون كل الصعوبات بشجاعة وبأكثر قداسة، تاركين كل الأمور الدنيويَّة، هاربين من الكرامات، مبتهجين بالأهانات الصادرة ضدهم من الغير، تلتهب فيهم الرغبات السماويَّة والشوق نحو بلوغ البيت الأبدي. إذ يتحقَّقون أنهم قد ضلوا بعيداً عن الله تصير معاصيهم القديمة دافعاً للمكاسب الأخيرة.
لهذا يكون فرح في السماء بخاطىء يتوب عن استمرار بار في بره. وذلك كما في المعركة يُسرّ القائد حين يرى الجندي الذي سبق فهرب قد عاد ليحارب العدو بأكثر شجاعة، من ذاك الذي لم يهرب لكنه يمارس عملاً غيوراً. وأيضاً كالعامل الذي يُقدر الأرض التي كانت تنتج شوكاً وحسكاً وصارت تنتج ثمراً وفيراً أكثر من تقديره للأرض التي لم يكن بها أشواك، لكنها لا تقدَّم محصولاً خصباً.
ومع هذا كله لا نستطيع أن ننكر أنه يوجد في حياة بعض الأبرار من يسبّبون فرحاً، هكذا لا يُحسب أقل من الفرح بعودة الخاطىء … لكنه يوجد أناس يمارسون حياة الإماتة كما لو كانوا قد ارتكبوا كل خطايا العالم، مع أنهم لم يرتكبوا جريمة معينة. هؤلاء يرفضون كل راحة حتى ما هو مسموح به، مرحّبين بسخريَّة الغير لهم، ولا يسمحون لأنفسهم بأقل لذة، بل يزهدون حتى الملذّات التي يسمح لهم بها، يحتقرون الماديات وتلتهب اشتياقاتهم بغير المنظورات، يجدون لذتهم في الألم والتواضع في كل شيء، وإذ يبكي البعض علي أعمال خطاياهم ينتحب هؤلاء علي خطايا الفكر.] (7)
القدِّيس جيروم
[الذي وضع حياته من أجل خرافه بحث عن الضال على الجبال والتلال… وإذ وجده حمله على كتفيه اللذين حملا خشبة الصليب.] (8)
القدِّيس غريغوريوس النزينزي
[أظهر السيِّد غيرته العظيمة على الضعيف والصغير بتركه الذين خلصوا مهتماً بالواحد ليفرح به.] (9)
القدِّيس يوحنا ذهبي الفم
[عندما وجد الراعي الخروف لم يعاقبه، ولا سحبه إلى القطيع (كما بالعنف)، بل وضعه على كتفه، حمله برفق وضمه للقطيع.] (10)
أبونا متى المسكين
[أمَّا فرحة الراعي بالخروف الضال لما وجده أكثر من التسعة والتسعين، فقد كشف بها عن أعماق أعماق قلبه من جهة مسرَّة نفسه بعودة وتوبة الخاطئ!] (11)
[المَثَل يحمل كذلك رنَّة أسف .. كيف خرج الخروف من الحظيرة وانسلَّ من وراء الراعي هكذا وضلَّ، هي نفسها رنَّة الحزن عند المسيح والله بالنسبة لخاطئ واحد يضل. أمر يحزن قلب الله والمسيح الذي سفك دمه من أجل هذا الخاطئ الذي ضلَّ. إنها دعوة لرعاة البشر أن يصونوا رعيتهم لأنهم سيُسألون عمَّن يخرج ويضل …… علماً بأنه حسب أصول رعاية الغنم أن الخروف الذي يضيع يُحسب على الراعي!
لو 3:15و4 «فَكَلَّمَهُمْ بِهذَا الْمَثَلِ قَائِلاً: أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِداً مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟»
صوت المسيح هنا مسموع لأن هذا هو أسلوبه: توجيه مع توبيخ، مع تعليم. مائة خروف تعبِّر عن مِلْكِية صغيرة في فلسطين. وواضح من الكلام أن المسيح يخاطب أُناساً منهم رعاة غنم. فالمنظر كأنه أمامنا الآن، فالراعي قبل أن يُدخل غنماته الحظيرة يضع عصاته بعرض الباب حتى تدخل الغنمات من تحت العصا ليعدَّها ويفرز المريضة أو المجروحة. ومن هنا جاء قول الله بالنسبة لشعبه: «وأُمِرُّكُمْ تحت العصا وأُدخلكم في رباط العهد» (حز37:20)، بمعنى عدَّهم وفتَّشهم عنايةً منه بهم.] (12)
هكذا يطلب الرب يسوع كل ضال غير مكتمل التمييز, فيا أيها الهارب الضعيف المستمر في عنادك ضد الله، والمتعلق في شوك الخطية متدلياً فوق هوة الهلاك. هل تسمع صوت الراعي الصالح، فهل لك أن تصرخ إليه … يا رب نجني؟ لأن عونه قريب. لقد سفك دمه ليفديك، ولا يخجل أن يبذل جهده ليخلصك. سلم نفسك ليده المخلصة، فيرفعك، ويحملك على كتفيه ويرجعك إلى رعيته. أن الله والمسيح والروح القدس والسماء والكنيسة وكل الملائكة يفرحون ويتهللون لأجل رجوعك. ولكن إن بقيت عنيداً بعيداً عن ربك يحزنون حزناً كبيراً, فكن حذراً من هلاكك وسط أشواك الخطية! آمين
—————————
(1) In Luc 15:1-7
(2) Ad Eutropius 2:5
(3) In Luc 15:1-7
(4) PG. 50:713-4
(5) Conc. Stat. 13:12
(6) Ep. 2:1
(7) In Evang. hom 34
(8) On the Theophany or Birth of Christ; 14
(9) In Matt. Hom 59:5
(10) De Mul. Pecc
(11) تفسير أنجيل متى البشير للأب متى المسكين
(12) تفسير أنجيل لوقا البشير للأب متى المسكين