رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هجو على ملك بابل: 4 أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ: «كَيْفَ بَادَ الظَّالِمُ، بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟ 5 قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا الأَشْرَارِ، قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ. 6 الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ، ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ، بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إمْسَاكٍ. 7 اِسْتَرَاحَتِ، اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّمًا. 8 حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ، وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلًا: مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْنَا قَاطِعٌ. 9 اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. 10 كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ 11 أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ. 12 كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ 13 وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. 14 أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. 15 لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ. 16 اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ، يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ، 17 الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ، وَهَدَمَ مُدُنَهُ، الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟ 18 كُلُّ مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ. 19 وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ، كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ، الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ الْجُبِّ، كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ. 20 لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ، قَتَلْتَ شَعْبَكَ. لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي الشَّرِّ. 21 هَيِّئُوا لِبَنِيهِ قَتْلًا بِإِثْمِ آبَائِهِمْ، فَلاَ يَقُومُوا وَلاَ يَرِثُوا الأَرْضَ وَلاَ يَمْلأُوا وَجْهَ الْعَالَمِ مُدُنًا». يتحدث النبي باسم الشعب المتحرر من سلطان بابل فيهجو ملكها واصفًا إياه هكذا: أ. "الظالم" [4]. إن كانت بابل قد دُعيت مدينة الذهب بسبب غناها الفاحش، فإن هذا الغنى قد تحقق خلال ظلم ملكها وغطرسته؛ هذا الظلم لن يدوم، وهذه الغطرسة لا بُد أن تنكسر: "كيف باد الظالم بادت المغطرسة. قد كسر الرب عصا الأشرار قضيب المتسلطين" [4-5]. في كل عصر يوجد من يظلم بغطرسة مقاومًا الحق ومضطهدًا أتقياء الرب، لكن الظلم ينتهي والمُذلين يرتفعون. هذا ما حدث في أيام القديس يوحنا الذهبي الفمحين قاوم أتروبيوس الكنيسة وألغى حقها في حماية اللاجئين إليها، وبسبب سوء تصرفاته واستغلاله للسلطة ثار الجيش عليه وطلب إعدامه، فلجأ إلى الكاتدرائية التي كانت بالقرب من القصر، وذهب إلى المذبح وتعلق بالعامود، وظن الشعب أن ذهبي الفم ينتقم لنفسه وللكنيسة منه لكن القديس رفض معلنًا رحمته ومحبته حتى للأعداء... انتهى الأمر بهروبه من الكنيسة وقتله بالسيف في خلقيدونية. وقد جاء في عظته الثانية على أتروبيوس Ἄτροπος ما يكشف عن ضعف كل ظلم بالنسبة لأولاد الله . [من يُريد فليطردني خارجًا، ومن يُريد فليرجمني وليبغضني؛ فإن دسائس الأعداء ضدي هي الدعامات لنوال إكليل النصرة، وكثرة جزاءاتي تتوقف على عدد جراحاتي. لهذا لا أخاف من مؤامرات الأعداء، إنما أخاف أمرًا واحدًا وهو الخطية. فإن كان أحد لا يقدر أن يجبرني على الخطية فليقم العالم كله بحرب ضدي، لأن مثل هذه الحرب تجعلني بالأكثر ممجدًا. أُريد أن ألقنك درسًا وهو ألا تخاف من خداعات ذوي السطوة، لكن خف من سطوة الخطية. لا يضرك أحد إن لم تضر أنت نفسك بنفسك. إن كنت لا تخطئ فإن عشرات الألوف من السيوف تهددك، لكن الله ينتشلك منها حتى لا تقترب إليك. ولكنك إن كنت ترتكب شرًا فإنك وإن كنت داخل فردوس فستُطرد منه]. ب. "الضارب الشعوب بسخطٍ ضربة بلا فتور، المتسلط بغضب على الأمم باضطهاد بلا إمساك" [6]. لم يتوقف عن الضرب لذا كسر الرب عصاه؛ ولم يمسك عن اضطهاد الشعوب، يكتم أنفاس الناس ويحجر على حريتهم، لهذا استحق أن يسقط في مذلة. وكما قيل: "كما فعلت يُفعل بك، عملك يرتد على رأسك" (عو 15). بسبب هذه السمات عندما سقطت بابل استراحت الأرض وهتفت ترنمًا [7]، وقيل ليعقوب: "ويكون في يوم يريحك الرب من تعبك ومن انزعاجك ومن العبودية القاسية التي استعبدت بها" [3]. تحققت هذه الراحة جزئيًا بعودة الشعب من السبي، لكن "بقيت راحة لشعب الله" (عب 4: 9)، هي الدخول إلى الحياة الجديدة التي في المسيح يسوع بكونه "سبتنا الحقيقي" و"راحتنا الأبدية". يحاول أصحاب الفكر الألفي أن يفسروا هذه الراحة بكونها تمتع بهذا الحكم الألفي حيث يطلبون راحة زمنية على الأرض تحت حكم المسيح بطريقة مادية، غير أن الذي ذاق راحة المسيح وتعزيات الروح القدس يدرك بحق كيف نال راحة فائقة في هذا العالم هي عربون الراحة السماوية. * كل البشر رأوا الله قد خطب طبيعتنا، والشيطان رأى ذلك وتقهقر. رأى العربون وارتعب منسحبًا، رَأَى ملابس الرسل فهرب (أع 19: 11). يا لقوة الروح القدس...! تأمل ماذا فعل الروح؟ لقد وجد الأرض مملوءة من الشياطين فجعلها سماءً. القديس يوحنا الذهبي الفم * ها أنتم الآن في بهو القصر، ستُقادون حالًا للملك. * حالًا سيُفتح الفردوس لكل واحد منكم. القديس كيرلس الأورشليمي لقد اضطجع السيد المسيح على الصليب بالجسد لكن الذي تحطمت قوته وصُلبت إمكانياته هو إبليس... فصرنا بالصليب أحرارًا من عبودية العدو، قادرين أن ندوس على قوته تحت أقدامنا. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لا تخف من الشيطان حتى ولو كان روحًا بلا جسد، فليس شيء أضعف منه]. لم يقف الأمر عند استهزاء الملوك بملك بابل، إنما يصوره النبي وهو منحدر في الهاوية يستقبله ملوك الأرض والعظماء -ربما الذين سبق أن اضطهدهم- يقومون عن كراسيهم في الهاوية لا لتكريمه وإنما للاستهزاء به وللسخرية منه، لكي يجلس على كراسيهم كما فعل وهو على الأرض. يقولون له باستخفاف: "أأنت أيضًا قد ضعفت نظيرنا وصرت مثلنا؟!" [10]؛ كنا نحسبك إلهًا خالدًا كما ادعيت، ولم نتخيل أنك تموت في مذلة مثلنا! "أهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك؟! تحتك تُفرش الرمة، وغطاؤك الدود" [11]. كنت تفترش الحرير وتتطيب بأثمن الأطياب، فكيف نزلت إلى الهاوية كمخدع لك تفترش الرمة وتتغطى بالدود؟ "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح؟! كيف قُطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم؟! وأنت قلت في قلبك: أصعد إلى السموات، ارفع كُرسيِّيَ فوق كواكب الله، وأجلس على جيل الاجتماع في أقصى الشمال، أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي" [14]. لقد تشبهت بإبليس سيدك الذي كان كوكبًا عظيمًا ومرموقًا بين السمائيين "زهرة بنت الصبح"، فتشامخ على الله خالقه، وظن أنه يقدر أن يرتفع على مستوى الله نفسه بل ويصير أعظم منه، فسقط ليصير ظلامًا عوض النور إذ عزل نفسه بنفسه عن الله مصدر النور. أردت أن تجلس على جبل صهيون (مز 48: 2)، جبل الله المقدس، حسبت نفسك كالله في العظمة فتعاليت فوق السحاب! هذا هو سر هلاك ملك بابل، سقوطه في الكبرياء وتشامخه لا على الملوك المحيطين به فحسب وإنما حتى على الله نفسه، فصار أداة للشيطان يحمل سمته "الكبرياء"؛ هذه هي خطية أبوينا الأولين حين كانا في الفردوس؛ وأيضًا خطية ملك صور الذي صار رمزًا للشيطان (حز 28: 12-16)، وأيضًا سمة الدجال أو ضد المسيح أو إنسان الخطية إذ قيل عنه: "المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهًا أو معبودًا حتى أنه يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه أنه إله" (2 تس 2: 3-4). يقول القديس يوحنا كاسيان: [كان كبرياء القلب وحده كفيلًا أن يطرح من السماء إلى الأرض بقوة عظيمة هكذا متحلية بسمات قديرة كهذه؛ فإن سقوط (إبليس) العظيم جدًا يلزمنا أن ندرك أي حذر يجب أن نكون عليه نحن المحاطون بضعف الجسد من كل جانب... لقد أنتفخ فظن أنه في غير حاجة إلى العون الإلهي ليستمر في النقاوة التي كان عليها، وظن في نفسه أنه يشبه الله . بهذا حسب أنه غير محتاج إلى أحد، متكلًا على قوة إرادته الذاتية التي بها يقدر أن يمد نفسه بكل ما هو ضروري لتحقيق الفضيلة واستمرارية البركة الكاملة. هذا الفكر وحده هو علة سقوطه الأول]. "هكذا إذ يعرف الله الخالق طبيب الكل أن الكبرياء هي علة كل الشرور ورأسها لهذا يحرص أن يُشفي الضد بالضد، فما هلك بواسطة الكبرياء يُصلح بواسطة الاتضاع"... يقول واحد: "أصير مثل العلي" [14]، أما الآخر: "إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد... وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 6-8). يقول واحد: "أرفع كُرسيِّيَ فوق كواكب الله"، بينما يقول الآخر: "تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 28). واحد يقول: "أنهاري هي لي وأنا أصنعها" (حز 29: 3) Lxx والآخر: "لست أفعل شيئًا من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال" (يو 5: 30، 14: 10)]. يقول القديس مار أفرام السرياني: [في الإنسان المتواضع تستريح روح الحكمة]، [إذ ظهرت في أعين أخوتك كالذهب النقي فاحسب نفسك مثل إناء لا يُحتاج إليه، فتفلت من الكبرياء الممقوتة من الله والناس]، [المتكبر مثل شجرة مرتفعة وبهِّية لا ثمر فيها... والحسود مثل ثمر بهي من ظاهره وتالف من داخله]. هكذا تُحدد الكبرياء الإنسان إلى الهاوية، لذا يُحدث النبي ملك بابل قائلًا: "انحدرتَ إلى الهاوية إلى أسافل الجب" [15]. لقد سقطت من قمة جبل أحلامك، وهبطت من سحاب خيالك، لتعيش في الهاوية مع إبليس سيدك. أين جبروتك يا من زلزلت الأرض وزعزعت الممالك [16] ببطشك؟! حولت العالم إلى قفر وهدمت المدن لكي تسبي سكانها [17]؟! أين عزك ومجدك؟ فإن كل ملوك الأرض اضجعوا بالكرامة، حتى أولئك الذين أذللتهم وعذبتهم، فقد ماتوا في بيوتهم ورُفعت صلوات عنهم وحنطت بعض أجسادهم، "وأما أنت طرحت من قبرك كغصن أشنع" (توجد بعض النباتات سامة جدًا وبعضها يضر الجلد لذا متى سقط منها فرع في الخلاء لا يجسر أحد أن يقترب إليه)، كلباس القتلى المضروبين بالسيف الهابطين إلى حجارة الجب (أي بلا قيمة، لا يُفكر أحد فيك كما لا يُفكر أحد في ثياب قتلى الحرب أثناء المعركة)، كجثة مدوسة (يطأها الإنسان تحت قدميه)" [19]. هذه النبوة تُشير إلى ذبح بليشاصَّر ليلة دخول الماديين بابل حيث لم ينشغل أحد بجثمان الملك وسط الخراب الذي حل بالمدينة. هكذا فقد ملك بابل كل شيء، بل وقُتل شعبه وبنوه [20-21] بكبرياء قلبه؛ خسر المدينة الملوكية والنسل الملوكي. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لنفهم هنا الأشجار العقيمة تنمو على مياه بابل هذه الأشجار التي ترتوي بمياه بابل |
قصة برج بابل |
تاريخية برج بابل |
بابل |
برج بابل |