رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من عوائق الفضيلة: سوء الفهم أو عدم الفهم للخطأ أو للخطيئة أو للشر أسباب متعددة، من أهمها: الجهل، أو سوء الفهم، أو عدم الفهم. قال السيد الرب: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4). فكثيرًا ما يكون سبب الخطية الجهل. فممكن أن أنسانًا يخطئ بسبب عدم المعرفة ولا يقصد عدم المعرفة بصفة مطلقة، وإنما ممكن بصفة جزئية.. وفي سفر إشعياء النبي في الإصحاح الأول، يقول الرب "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه. أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم" (أش3:1). ومن أمثلة الجهل الذي يخطئ به البعض: أهل نينوى. قال عنهم الرب ليونان النبي "أفلا أشفق أنا علي نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من إثنتي عشرة ربوة من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم" (يو11:4). والربوة عشرة آلاف. أي يوجد في نينوى العظيمة أكثر من 12 ألف نسمة لا يعرفون يمينهم من شمالهم. كثير جدًا من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم. مثل بعض القري والأحياء المخدومة. لا يعرفون شيئًا. فتأتي إحدي الطوائف تتلقفهم. ومثلما تقول لهم، هكذا يرددون كما تريد. وما اسهل عمل شهود يهوه مثلًا في أمثال هؤلاء الناس. ليس فقط في القري، بل حتى في قلب المدينة، حيث توجد عائلات لا يزورها أحد من رجال الكهنوت. وكما قال الرب "هلك شعبي من عدم المعرفة".. وسبب عدم الفهم يقدمه السيد المسيح عذرًا لصالبيه فيقول: "أغفر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون" (لو34:23). ويقول الرسول عن هذا، "لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا رب المجد" (1كو8:2). حتى الشيطان نفسه ما كان متأكدا هل هذا هم إبن الله ام لا. هل صلبه ينفعه كشيطان للتخلص من تعليمه. أم أن صلبه يخلص العالم.هو نفسه كان عدم معرفة! حقًا ما أكثر الناس الذين لا يدرون ماذا يفعلون! يظن الخير حيث يوجد الشر! وربما يوجد ناس كبار في مراكزهم العلمانية، أو في مراكزهم الدينية، وهم لا يدورن ماذا يقولون أو ماذا يفعلون! الكتبة والفريسيون من قادة الشعب في معرفة الدين، ومع ذلك قال عنهم السيد المسيح إنهم: "يغلقون ملكوت السموات قدام الناس، فلا هم دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (مت13:23).. وقال إنهم قادة عميان: الذي يرشدون، يجعلونه إبنا لجهنم أكثر منهم مضاعفًا (مت23: 15، 16).!! كانوا ينصحونه الشعب بطرق خاطئة، ويشرحون الوصايا بطريقة حرفية، مثل كلامهم عن وصية السبت. الرجل المولود أعمي الذي منحه السيد المسيح بصرًا: قالوا له إن السيد المسيح الذي شفاه هو رجل خاطئ (يو24:9). لأنه شفاه في يوم السبت!! وفي العهد القديم يقول الرب لإسرائيل "مرشدوك مضلون" (أش12:3). وعن أمثال هؤلاء المرشدين المضلين قال الرب: "أعمي يقود أعمي، كلاهما يسقطان في حفررة" (مت14:15). ولاشك أن المذاهب الدينية المتعددة سببها عدم الفهم. إنهم يفهمون الكتاب بطريقة خاطئة، وينقلون هذا الفهم الخاطئ إلي الناس فتتكون مذاهب، وربما تتكون أيضًا بدع وهرطقات، نتيجة اعدم الفهم، وإنتشار سوء الفهم بين الناس. ونحن في القداس الإلهي نسمي خطايا العامة جهالات. فعند تقديم الذبيحة، يقول الكاهن للرب سرًا "لتكن مقبولة عن خطاياي وجهالات شعبك" بالنسبة ككاهن لا يعتبرها جهالات، لأنه من فم الكاهن تُطْلَب الشريعة (ملا7:2). أما الشعب فله جهالات.... من أجل هذا كله أوجد الله التعليم في الكنيسة. وأرسل رسلًا وأنبياء وعين كهنة ومعلمين. ومن أجل التوعية والإرشاد والإنقاذ من الخطأ منحنا الله الوحي الإلهي في كتابه المقدس. وقيل "كل الكتاب موحي به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب" (2تي16:3). وعن التعليم وأهميته يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: لاحظ نفسك والتعليم، وداود علي ذلك" (1تي16:4). ويكمل قائلًا: لأنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا".. ويقول لتلميذه تيطس "وأما أنت فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح" (تي1:2). وهنا يشير الرسول إلي التعليم الصحيح، لأن هناك معلمين مخطئين. يعلمون وهم لا يعرفون الحق كما ينبغي ان يكون. ولذلك "يأخذون دينونة أعظم (يع1:3). لأنهم في اشياء كثيرة يعثرون. مع انهم معلمون. ولهذا نجد القديس بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس "وما تسلمته مني بشهود كثيرين أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاء ان يعلموا آخرين أيضًا" (2تي2:2). نلاحظ هنا في التعليم عبارة أمناء، وعبارة أكفاء. لأن الذي لم يصل بعد إلي الفهم السليم، لا يجوز له أن يعلم، مهما ظن في نفسه أنه ذو معرفة، ومهما كان حكيمًا في عيني نفسه" (أم26: 5، 12). لئلا يرتئي فوق ما ينبغي، ولا يرتئي إلي التعقل (رو3:12). والتوعية والتعليم لازمان أيضًا في محيط الأسرة. وهذه بلا شك مسئولية الوالدين والأقارب والأشابين... من الجائز أن ابنك يكون محتاجًا إلي إرشادكم في كثير من الأمور. وإذ لا يجد هذا الإرشاد يتلقاه من صحبة شريرة أو بيئة خاطئة، ويضل،إذ يستقبل المعلومات بعقلية لا أساس لديها من الفهم، ولا قواعد ثابتة تعتمد عليها.. وحينئذ لا يكفي من جهتك أن تقابله بمجرد الأوامر بمعناها السليم. وما أجمل ما قيل في تعاليم آبائنا الرسل: أمح الذنب بالتعليم (الدسقولية). قد يتزوج شابان، وهما لا يعلمان إطلاقًا ما هي الحياة الزوجية، ولا ما هي العلاقات السرية، ولا يعرفان كيف يحلان مشاكلهما،وهكذا يفشلان نتيجة لعدم المعرفة، أو نتيجة الفهم الخاطئ من أم أو صديق أو من جاره، أو من أي مصدر آخر.... حقًا ما أعمق قول الرب "هلك شعبي من عدم المعرفة". إذن كيف يمكن أن توجد استنارة في عقل كل واحد؟ الله من أجل التعليم، أوجد في أعماق كل إنسان الضمير. يهديه إلي الخير، ويمنعه عن الخطأ بصفة عامة. ولكن الضمير قد يحيطه ضباب أحيانًا، فيرتبك اين الخير وأين الشر؟ وبخاصة في الأمور غير الواضحة، فكيف يستنير الضمير؟ يستنير الضمير بالوصية، وبعمل الروح القدس. ولذلك يقول المرنم في المزمور "سراج لرجلي كلامك، ونور لسبلي" (مز119). ويقول "وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد (مز119). ويقول لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت في مذلتي "رمز119). من أجل هذا شيء الشموع عند قراءة الإنجيل في الكنيسة. لأمه يضئ لنا الطريق، وبه ننال الاستنارة. وعن عمل الروح القدس، يقول انا السيد الرب عنه إنه روح الحق (يو26:15). وإنه يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو26:14). وإنه "يرشدكم إلي جميع الحق" (يو13:16). كثير من الأخطاء الروحية أيضًا سببها عدم المعرفة.. لا تظنوا أن كل إنسان يعرف الله معرفة سليمة. ما أكثر الآباء والأمهات الذين يهددون الطفل بأن الله، يزعل منه". في كل تصرف، فينشأ الطفل يرتعب من الله، ولا توجد بينه وبين الله علاقة طيبة. وهكذا المعرفة الخاطئة تشوه عقولهم. السيد المسيح جاء يعرفنا بالله بطريقة جميل. جاء يعلمنا أنه "هكذا أحب الله العالم.." (يو14:3). وقيل عن السيد نفسه إنه كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي" (يو1:13). ورسوله يوحنا علمنا أن الله محبة. ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه" (1يو16:4). صدقوني، أننا لم نعرف الله بعد كما ينبغي. وبولس الرسول في كل ما عمله، يقول "لأعرفه..."(في10:3). والسيد المسيح يقول للآب "هذه هي الحياة الأبدية ان يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك.."(يو3:17). يالتنا نبدأ ان نعرف الله المعرفة الحقيقية... بل لأبد أن نعرف أنفسنا حتى لا نخطئ. لأنه إن عرفنا أننا صورة الله ومثاله، وإن عرفنا أننا أبناء الله، وينبغي أن الابن يشبه أبه، وإن عرفنا أننا هياكل للروح القدس، وروح الله ساكن فينا" (1كو16:3). إن عرفنا كل ذلك، قد نستحي من الخطية ونخجل ولا نخطئ. كذلك إن عرفنا أن الله يرانا في كل ما نفعله، قد نخجل أيضًا ولا نخطئ... نتناول الآن بعض نقاط الخطية ونري كيف يعمل فيها عدم الفهم. ولنبدأ بأعمق الخطايا: الإلحاد. الإلحاد يقول الكتاب "قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مز1:4). إذن الإلحاد جهل. جهل بالله، وجهل بالطبيعة التي حولنا التي كل ما فيها يشير إلي وجود الله "السماء تحدث بمجد اله والفلك يخبر عمل يديه" (مز1:19). حقًا إن الذي يتأمل في قوانين الفلك العجيبة، والعلاقة بين الشموس والأقمار والكواكب والنجوم والشهب والمجرات، لابد أن يبهر ويذهل ويؤمن بوجود الله... ولذلك كانوا يعلمون الفلك في كليات اللاهوت، وكذلك الطب.... لأن الذي يتأمل في تشريح جسم الإنسان، وفي وظائف الأعضاء، لابد أن يدرك قدرة الله الخالق العظيم الذي صنع كل ذلك. لذلك فالملحد جاهل، مهما أدعي العلم والفلسفة، لن كل عمله جهالة عند الله.... الحرية كثير من الناس يقعون في الخطأ، لأنهم لا يفهمون مق\طلقًا معني الحرية، كما اخطأ الإبن الضال في فهم الحرية. إن الحرية الحقيقية هي تحرر الإنسان في الداخل. يتحرر الإنسان من العادات الخاطئة، ومن الرغبات والشهوات الشريرة. والذي يتحرر من الخطايا بمعناها الحقيقي هي التي قال عنها السيد المسيح "إن حرركم الإبن، فالحقيقة تكنون أحرارًا" (يو36:8). ولابد ان تعرف أنه لا توجد حرية مطلقة. معني الحرية أنك تستخدم، بحيث لا تتعدي علي حرية غيرك، ولا تعتدي علي حقوق الإنسان، ولا علي النظام العام. ولا علي وصايا الله... إن فهمت هذا، لا تخطئ. السعادة كثير من الناس لا يفهمون معني السعادة، ولا معني الفرح. نفس سليمان الحكيم في مبدأ حياته، خلط بين الفرح واللذة، وظن ان الفرح مصدره كثرة المقتنيات والجواري والنساء، والقصور والأشجار، والمغنيين والمغنيات، وكثرة الغني، فقال ومهما اشتهته عيناي لم امنعه عنهما" (جا10:2). وأخيرًا وجد أن الكل باطل وقبض الريح. يوجد فرح روحي من نوع آخر، أكثر عمقًا. كما قال الرسول "أفرحوا في الر كل حين، وأقول أيضًا أفرحوا" (في4:4). يوجد فرح في الإنتصار علي النفس، وعلي فخاخ الشيطان. إنه فرح الغالبين الذين إنتصروا، ليس علي غيرهم، وغنما علي أنفسهم، وأنتصروا علي الإغراءات والشهوات وكل الضعفات. الفرح بالنمو الروحي، الفرح بمعرفة الله، ومذاقة الحياة معه. إنه فرح دائم. إن نلتموه لا ينزع منكم. أما أفراح العالم فكلها مؤقتة وزائلة ومادية. العظمة كثيرون لا يعرفون معني العظمة الحقيقة، ويظنونها في المظهر الخارجي والتباهي، والمال والمناصب والقوة.. إنها عظمة من الخارج، وليس عظمة النفس من الداخل. العظمة الحقيقية هي الشخصية الكاملة، المتجملة بالفضائل، التي هي علي صورة الله ومثاله. يوحنا المعمدان كان عظيمًا، بل أعظم من ولدته النساء. بل قيل إنه يكون عظيمًا أمام الرب. لماذا؟ لأنه من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس (لو15:1). هذه هي العظمة الحقيقية. أتراك أدركتها أو ذقتها. أم تتمسك بعظمة العالم الذي يبيد وشهوته معه... أعرف نفسك من أهم مظاهر عدم الفهم، أن الإنسان لا يفهم نفسه. ويظن أنه مجرد جسد، فيسلك حسب الجسد، لكي يتمتع بالجسد ومتطلباته. وفي كل ذلك أن في داخله روحًا لها مطالبها، وهي التي يكون لها شركة مع الروح القدس. وإذا عرف الإنسان أهمية روحه، يهتم بها. الروح تحتاج أن تتغذي بكل الأغذية الروحية، وتحتاج أن تتزين وتتجمل بالفضيلة وتحتاج أن تنمو في المعرفة وفي محبة الله... وإذ هي أهم من الجسد يجب أن يبذل الإنسان جهده من أجلها. من أجل السلوك بالروح.. ولكن من ذا الذي يعرف؟ حقًا كما قال الله: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يا روح الفهم |
سوء الفهم |
حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة من عوائق الفضيلة سوء الفم او عدم الفهم |
من عوائق الفضيلة: التساهل مع الخطية |
الفهم الخاطىء من عوائق النمو |