1. الطاعة طريق النعمة في أعين الله والناس
"يا ابني لا تنسى شريعتي،
بل ليحفظ قلبك وصاياي.
فى أمثال 3
فإنها تزيدك طول أيام وسني حياة وسلامة"
يبدأ سليمان الحكيم بالكشف عن الطاعة كطريق الحكمة. ولعل المتحدث هنا هو سليمان كأبٍ روحيٍ ومرشدٍ، أو المتحدث هو "الحكمة" أي "السيد المسيح". على أي الأحوال الطاعة هي مشاركة للسيد المسيح في طبيعته: "إذ أطاع حتى الموت موت الصليب" (في8:2). ونحن إذ نثبت فيه كأعضاء جسده نحمل روح الطاعة لله ولوصيته ولرجاله ولمن يقودنا في الرب، بل ونجد عذوبة في ممارسة الطاعة حتى لمن هم أصغر منا أو أقل منا في المعرفة ما دامت "في الرب”. لقد بكى القديس باخوميوس وناح زمانًا في توبةٍ لأنه لم يطع كلمات ابنه الروحي تادرس، إذ كان الأخير مسئولًا عن مخازن الملابس وطلب من أبيه أن يستبدل ثوبه الرث بثوبٍ جديدٍ، فرفض الأب... لكنه ندم على عدم طاعته لابنه!
في اختصار يدعو سليمان تلميذه بروح الأبوة الحانية، سائلًا إياه أن يتذكر شريعة أبيه الروحي، بل شريعة الرب التي ينطق بها أبوه. يرددها دائمًا في أعماقه وعلى لسانه حتى لا ينساها، ويُمارس ما يتذكره لكي تُحفظ بالأكثر داخل القلب. وكأنه يقول له: "لست أطلب فقط أن تتذكرها بفكرك، وتحفظها عن ظهر قلبك، لكن ما هو أهم أن تنقشها في قلبك وتمارسها. بهذا تدخل الوصية إلى القلب لا لكي يغلق عليها كجوهرة ثمينة يلزم إخفائها فحسب، وإنما لكي تملك عليه وتقوده في الطريق الملوكي، وتدخل به إلى حضن الله نفسه. هكذا يقتني القلب "حكمة الله"، السيد المسيح، واهب كل الكنوز والغنى، حاملًا شركة طبيعة الطاعة اللذيذة التي له.