يقول القديس بوناونتورا: أن الطوباوية مريم البتول لقد كانت بأوفر رضا أقتبلت على ذاتها الآلام والموت المرسوم على أبنها أحتماله. ولكنها طاعةً منها لله قد صنعت التقدمة العظيمة، مضحيةً حيوة أبنها الإلهية المحبوبة منها بهذا المقدار، منتصرةً بألمٍ لا يوصف على مفاعيل أنعطافات حبها الوالدي الشديد: ومن ثم في هذه التقدمة قد صنعت هي أمراً أعظم جداً. بأغتصابها ذاتها وبصبرها على التوجع بشجاعةٍ، مما لو كانت تقدم ذاتها هي نفسها لأحتمال جميع ما كان مرسوماً على أبنها أن يتحمله، فهي بفعلها هذا سمت متعاليةً على جميع ما أحتمله فيما بعد الشهداء كلهم. لأن الشهداء أنما قدموا لله حياتهم الذاتية، أما مريم فقدمت له تعالى حيوة أبنها الذي كانت تحبه وتعتبره أفضل من حياتها بما لا يحد ولا يوصف.*