رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من أقوال الأب بيّو 1. في الألم لقد كان العذابُ محبّبًا جدًّا للأنفس الكبيرة. فهو مساعد للخليقة بعد مأساة السقطة الأولى. فهو «المخل» الأكثر قدرة على تحقيق الخلق، إنّه اليد الثانية للحبّ اللامتناهي في إعادة خلقنا. إنّ الملائكة تغار منّا بشيء واحد: لأنّها لا تستطيع أن تتألّم من أجل الله. وحده الألم يسمَح للنفس بأن تقول بكلّ تأكيد: إلهي، إنّك ترى جيّدًا بأنّني أحبّك! إنّ الألم الجسديّ والنفسيّ هو التقدمة الفضلى التي يمكننا أن نقدّمها للذي خلّصنا متألّمًا. لا نرغب بأنّ نفهم أن الله لا يريد ولا يستطيع أن يُخلّصنا أو يقدّسنا بدون الصليب؛ وبقدر ما يشدُّ النفس إليه، بقدر ذلك يطهّرها بواسطة الصليب. لكلّ صليبه على هذه الأرض، يبقى ألاّ نكون لصّ الشمال بل بالحريّ لصّ اليمين. أنا لا أحبّ العذاب في ذاته، إني أطلبه من الله وأشتهيه من أجل الثمار التي يُعطيني إيّاها: إنّه يؤدّي المجد لله، يُخلّص إخوتي في هذا المنفى يُحرّر النفوس من نار المطهر. وهل لي أن أبغي أكثر؟ - أبت، ما هو العذاب؟ - إنّه تكفير. - وبالنسبة لك ما هو؟ - إنّه خبزي اليومي، إنّه لذّتي! لكي يُرضعنا حليبًا يُغدِق الربّ علينا نعمه فنعتقد بأنّنا نلامس السماء بإصبعنا. لكنّنا نجهل بالمقابل بأنّه إذا أردنا أن ننمو علينا أن نأكل خبز المشقّة: الصلبان، الإهانات، المِحَن والمعاكسات. إنّ القلوب القوّية والسخيّة لا تتألّم إلاّ لأسباب مهمّة وحتّى هذه الأسباب لا تُدخلها كثيرًا إلى عمق أعماقها. أُشكر وقَبِّل بلطف يد الله التي تهزّك. فهي دومًا يدُ الأب التي تودّبك لأنّها تريد لك الخير. نخدم الله فقط عندما نخدمه بالطريقة التي يريدها هو. لا يستحقّ سُعفَ المجد إلاّ من جاهد صابرًا إلى المنتهى. لنباشر إذًا، هذه السنة، جهادنا المقدّس وسوف يعضدنا الله ويُكلِّلنا بالنصر الأبديّ. إصنَعْ الخير أينما كنت لكي يستطيع كلّ من يراك أن يقول: «هذا ابنٌ للمسيح». احتملْ الضيقات، الضعف والألم حُبًّا بالله ولأجل ارتداد الخطأة المساكين. دافع عن الضعيف، وعزِّ من يبكي. لا يستحقّ سُعف المجد، إلاّ من جاهد صابرًا إلى المنتهى. لنباشر إذًا، هذه السنة، جهادنا المقدّس وسوف يعضدنا الله ويُكلِّلنا بالنصر الأبديّ. عندما تدقّ ساعتنا الأخيرة وتتوقّف دقّات قلبنا يكون كلّ شيء قد انتهى بالنسبة لنا، هوذا وقت الاستحقاق وحتّى عدم الاستحقاق. سيجدنا الموت على ما نحن عليه وسنمثل أمام المسيح الديّان. عندما لا يجدي نفعًا صراخنا وتوسّلنا، دموعنا وزفرات توبتنا التي كان بإمكانها على هذه الأرض اكتساب قلب الله، وقد كانت تستطيع أن تصنع منّا نحن الخطأة، بمعونة الأسرار، قدّيسين. واليوم لا قيمة لها لقد ولّى زمنُ الرحمة والآن ابتدأ زمان العدالة. 2. في التواضع اتّضعي بمحبّة أمام الله والناس، لأنّ الله تكلّم مع مَن يُبقي اذنيه منخفضتين. كوني محبّة بصمت لأنّ الثرثرة لا تخلو من الخطأ. اختلي بنفسك قدر ما استطعتِ، ففي العزلة يكلّم الربّ. إنّ التواضع والمحبّة يسيران معًا. الواحدة تمجّد والأخرى تقدّس. إنّ التواضع وحشمة الملابس هما جناحان يرفعان الإنسان إلى الله ويؤلّهانه تقريبًا. إتّضعوا دائمًا وبحبّ أمام الله والناس، لأنّ الله يتكلّم مع من يُبقي بالفعل قلبه متّضعًا أمامه ويغنيه بعطاياه. إذا كان علينا أن نتحلّى بالصبر لكي نتحمّل شقاء الآخرين، بأولى حجة، علينا أن نتحمّل ذواتنا. إتّضع لقلّة أماناتك اليوميّة، إتّضع دائمًا. عندما يراك يسوع متّضعًا حتّى الأرض، يمدُّ لك يده ويأخذ على عاتقه أمر وصولك إليه. هل رأيت حقل قمح في عزّ نضوجه؟ فإنّك تستطيع أن تلاحظ بأنّ بعض سنابل عالية وقويّة وأخرى بالحري منحنية إلى الأرض. حاول أن تأخذ العالية المستكبرة، ستجدها فارغة، أمّا إذا أخذت القصيرة المتواضعة فإنّها مثقلة بالحبوب. 3. في الطاعة حيث لا توجد طاعة لا توجد فضيلة. وحيث لا تكون الفضيلة ينعدم الخير ويتغيّب الحبّ وحيث لا وجود للحبّ لا وجود لله، وبدون الله لا يدخل أحدٌ الفردوس. هذه كلّها تشكّل سُلَّمًا فإذا فقدنا إحدى درجاته نسقط إلى أسفل. 4. في التواضع ضدّ الكبرياء إنّ حبّ الذات، ابن الكبرياء، هو أشدّ شرًّا من أمّه. إنّ التواضع هو الحقيقة، والحقيقة هي تواضع. إن الله يُغني النفس التي تتعرّى من كلّ كبرياء. غالبًا ما يُظهر لنا الربّ مَنْ نحن شيئًا فشيئًا. في الحقيقة يبدو لي غير معقول أنّ إنسانًا، له عقل، وضمير، يمكنه أن يستكبر. 5. في فضيلة المحبّة إنّ المحبّة هي مَلكة الفضائل. كما أنّ اللؤلؤات تتجمّع بعضها إلى بعض بواسطة خيط، هكذا المحبّة تجمع بذاتها الفضائل الأخرى. أحبِبْ يسوع، أحببه كثيرًا لأجل ذلك أحبب بالأكثر الإماتة. يريد الحبّ أن يكون مرًّا. الحبّ ينسى كلّ شيء، يغفر كلّ شيء، ويعطي كلّ شيء بدون تحفّظ. إنّ فعل حبّ واحدًا تقوم به في زمن الجفاف يساوي أكثر من مئة فعل تنجزهم في زمن الحنان والتعزية. إنّ المحبّة هي المقياس الذي على أساسه سيُحاسِب الربّ الجميع. تذكّر بأنّ محور الكمال هو المحبّة مَن يعيش من المحبّة يعيش في الله، لأنّ الله محبّة كما يقول الرسول يوحنّا. 6. في محبّة الآخرين إجتهدوا بألاّ تتوانوا بأي شكل ولأيّ سبب عن القيام بفعل المحبّة لأي كان. ليس هذا فقط بل بالأكثر، استغنموا كلّ فرصة ومناسبة لتعرضوا ذواتكم لعمل المحبّة. هذا ما يريده الربّ وهذا ما علينا أن نُجهد نفوسنا للقيام به. ليس لقلب معلّمنا الإلهيّ شريعة أكثر تحبّبًا من شريعة الطيبة والتواضع والمحبّة. لنذكُر أن قلب يسوع قد دعانا ليس فقط لتقديسنا، بل أيضًا لأجل تقديس النفوس الأخرى. إنّه يريد منّا أن نساعده في خلاص النفوس. لا تُفكّروا بأنّكم تسرقون وقتي، لأنّ الوقت الأفضل هو ذاك الذي نمضيه في تقديس نفوس الآخرين، وأنا لا أعرف كيف أشكر رحمة الآب السماويّ لكونه يضع أمامي نفوسًا أستطيع أن أُساعدها بشكل أو بآخر. لم تخطر أبدًا ببالي فكرة الانتقام: لقد صلّيت لأجل الجاحدين والنمّامين. وأصلّي فلربما أكون قد قلت للربّ: يا ربّ، إذا كان يلزمهم عصًا لكي يرتدّوا فليكن ذلك حتّى يخلصوا. ليلذُّ لله بأن تصطلح هذه الخلائق المسكينة وتعود بالفعل إليه! لأجل هؤلاء الأشخاص علينا كلّنا أن نلبس حنان أحشاء الأم، ولهذه الغاية علينا أن نبذل عناية فائقة، لأنّ يسوع يقول لنا بأنّه يكون في السماء فرح عظيم لأجل خاطئ واحد يتوب أكثر بكثير من ثبات 99 صالحين. أنت يا من هو مسؤول عن النفوس، عاملها بحبّ، بحبّ كبير، بكلّ الحبّ، استنفد قوّة الحبّ فيك وإن بانت بلا جدوى... فاستعمل العصا، لأنّ يسوع مثالنا، علّمنا ذلك عندما خلق الجنّة والجحيم أيضًا. يا يسوعي، خلّص الجميع، إنّي أقدّم ذاتي ذبيحة عن الجميع، قوّني، خذ هذا القلب، املأه من حبّك ثمّ مُرْني بما تشاء. 7. في فضيلة البساطة البساطة هي فضيلة لكن إلى حدّ ما لا يجب أن تغيب أبدًا عنها الحكمة. أمّا المراوغة والاحتيال فهما من الشيطان ويُسبِّبان الشرّ الجسيم. 8. في فضيلة الطاعة للرؤساء وللكنيسة أن نخضع لا يعني أن نكون عبيدًا إنّما أحرارًا من أجل مشورة مقدّسة. عندما ننفّذ إرادة الآخرين، علينا أن ندرك بأنّنا نعمل إرادة الله التي تتجلّى لنا من خلال إرادة الرؤساء والقريب. كوني دومًا على اتحاد بالكنيسة المقدّسة لأنّها وحدها تستطيع أن تعطيك السلام الحقيقيّ، ووحدها تملك يسوع في الأسرار الذي هو أمير السلام الحقيقيّ. 9. في التجارب والشيطان وروح الشرّ إنّ النفس البشريّة هي أرض صراع بين الله والشيطان فيها يدور في كلّ لحظة من الحياة. فمن الضروريّ أن تستسلم النفس بِحريّة للربّ وتدعه، في كلّ شيء، يحصّنها بكلّ أنواع الأسلحة. ليكن نور الربّ موجّهًا إيّاها في محاربتها لظلمات الضلال. لتلبَسْ يسوع المسيح، بحقيقته وعدله، ولتحمل درع الإيمان وكلمة الله لتغلب أعداءها المقتدرين جدًّا ولكي نلبس يسوع المسيح من الضروريّ أن نموت عن ذواتنا. لا تُرعبكُم كثرة حِيَل هذا الحيوان الجهنّمي. فيسوع هو دائمًا معكم، يحارب معكم ولأجلكم، لن يسمح أبدًا بأن يُغلب على أمركم وتنهزموا. التجارب ضدّ الإيمان والطهارة هي بضاعة يقدّمها العدوّ، لكن لا تخافيه بل احتقريه، فما دام يضجّ فهذه علامة لعدم سيطرته على إرادتك. لا تضطرّبي لِما تختبرين من قبل هذا الملاك المتمرّد. لتكن إرادتك دائمًا معاكسة لمقتراحاته. عيشي هادئة طالما ليس هناك من خطيئة إنّما إرضاء لله وربح لنفسك. إهرعي إلى الله عندما يُهاجمك العدوّ، إرتجي الربّ وآملي منه كلّ خير. لا تتوقّفي بإرادتك عند ما يُقدّمه لك العدوّ أذكري أن النصر بالهرب. عليك، أمام المؤشّرات لأفكار عدائيّة ضدّ هؤلاء الأشخاص من أن تسحبي تفكيرك عنها وتحتمي بالله. أمامه إحني ركبتيك وبتواضع كبير ردّدي هذه الصلاة الصغيرة: «إرحمني، فإني مسكينة ومريضة». لا تخيفك التجارب، إنها امتحان للنفس التي يريد الله اختبارها عندما يرى فيها القوى اللازمة لتتحمّل الصراع وتجدل بيديها سعف المجد. للشيطان باب واحد يدخل فيه إلى روحنا: الإرادة. أمّا الأبواب السريّة فلا وجود لها. لا تُحسَب علينا خطيئة إن لم نرتكبها بإرادتنا. فعندما لا تتدخّل الإرادة، ليس هناك من خطيئة بل مجرّد ضعف بشريّ. إنّ الشيطان كالكلب المسعور المربوط بجنـزير لا يستطيع أن يعضّ أحدًا خارج حدود هذا الجنـزير. إبقَ إذًا بعيدًا عنه فإذا اقتربت منه كثيرًا سينال منك. إنّ عدوّنا الذي أخذ على عاتقه إنزال الضرر بنا يكون قويًّا مع الضعفاء لكنّه يجبُن أمام مَن يواجهه وسلاحه في يده. تأكدي أنّه بقدر ما تكون النفس مرضية لله بقدر ذلك عليها أن تتجرّب. إذًا تشجّعي دائمًا وإلى الأمام. إنّ الثقة هي ما ألقّنه إياك دائمًا. لا شيء يستطيع أن يخيف النفس التي تثق بربّها وفيه تضع كلّ رجائها. إنّ عدوّ خلاصنا هو أبدًا كامِنٌ في داخلنا لكي ينـزع من قلبنا المرساة التي عليها أن تقودنا إلى الخلاص، أعني ثقتنا بالله أبينا؛ فلنتمسّك جيدًا بتلك المرساة ولا نتركها بتاتًا ولو للحظة، وإلاّ خسرنا كلّ شيء. آه، يا لها من سعادة نتذوّقها في المعارك الروحيّة! يكفي أن نرغب بأن نعرف دومًا كيف نحارب لنظفر بالنصر الأكيد. كوني أكيدة إنّه بقدر ما تنمو هجمات العدوّ بقدر ذلك يكون الله أقرب إلى النفس. فكّري واستوعبي جيّدًا هذه الحقيقة الكبيرة والمعزّية. كوني نشيطة ولا تخافي غضب "لوسيفوروس" الحانق. تذكّري دائمًا هذا: إنها علامة جيّدة، فما ضجيج العدوّ وحنقه على إرادتك إلاّ دلالة بأنّه لم يقتحمها بعد. أقول أيضًا وأكرّر: إنّ تجاربك هي من الشيطان ومن جهنّم، لكن عذاباتك وأحزانك هما من الله من الجنّة. فاحتقري التجارب وعانقي الشدائد. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من أقوال الأب بيّو في الألم |
من أقوال الأب بيّو في التواضع |
من أقوال الأب بيّو في التواضع ضدّ الكبرياء |
من أقوال الأب بيّو في فضيلة البساطة |
من أقوال الأب بيّو في الطاعة |