رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ [2]. ماذا يعني أن رحمة الله إلى الدهر تُبنى؟ لن يستطيع إنسان ما أو جيل ما أن يحد أو يدرك رحمة الله كما هي، فلأنها مراحم لا نهائية، تبقى البشرية تختبر هذه المراحم إلى الدهر، تدهش لمحبته الفائقة. إنها لا تبدأ لتنتهي مع جيل من الأجيال، إنما تشبه حجارة تُبنى، ويبقى البناء شامخًا ومستمرًا حتى ننعم به في عظم مجده يوم لقائنا مع السيد المسيح والتمتع بشركة الأمجاد الأبدية. دخولنا إلى السماوات يؤكد هذه المراحم التي لن تتوقف. * "لأنك تقول إن الرحمة إلى الأبد تُبني". أنا الذي تكلمت في العهد القديم بالآباء والأنبياء، أتكلم بنفسي، فإنني لم آتِ لكي أبطل وصايا الرحمة التي بناها الناموس، وإنما أن أبني على أساسها. يقول الرب نفسه في الإنجيل: "ما جئت لأنقض الناموس بل لأكمله" (راجع مت 5: 17)... إذن ما هي الرسالة عندما يقول النبي: "تُبنى"، كما لو كانت موضعًا أو مدينة لكي تُبنى؟ aedificabitur؟ لننظر أين يوجد مثل هذا في موضع آخر بالكتاب المقدس؟ لنبحث في التكوين عن الاتحاد الخلقي الذي لكلمة aedificatione. "أخذ الله ضلعًا من جنب آدم، وجعل منه امرأة" (راجع تك 2: 22). هنا يستخدم الكتاب المقدس (بناء) aedificavit. مفهوم البناء كما سبق فقلنا قبلًا عادة يشير إلى إقامة بيت عظيم. وبالتالي فإن جنب آدم الذي شكّل امرأة يعني "السلطان الرسولي": المسيح والكنيسة. هذا هو السبب الذي لأجله يقول الكتاب المقدس إنه شكَّل aedificavit امرأة من الضلع. لقد سمعنا عن آدم الأول. لنأتِ الآن إلى آدم الثاني، ونرى كيف أن الكنيسة قد جُعلت (بناءً) aedificetur من جنبه. جنب الرب المخلص إذ عُلق على الصليب طُعن بحربة، ومنه خرج دم وماء. أتريدون أن تعرفوا كيف تُبنى الكنيسة من الماء والدم؟ أولًا بمعمودية الماء تُغفر الخطايا، وبعد ذلك بدم الشهداء يتوج البنيان. إذ من الواضح أن الكنيسة تُبنى بحنو الله، لذلك يتبع ذلك منطقيًا إنه: "السماوات تثبت فيها وحقك" (مز 89: 2)، يُطبق هذا بأنه على الأرض تثبت حنوك، وفي السماء حقك. القديس جيروم يرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح هو حجر الزاوية الذي جمع الإسرائيليين الذين آمنوا به مع الأمم الذين قبلوه، جمع الحق خلال وعوده للإسرائيليين ومعهم الأمم خلال رحمته، ففيه تحقق الحق مع الرحمة. * بالنسبة للبعض أنت تهدمهم، لكي يُعاد بناؤهم. وإلا ما كان قد كتب إرميا: "انظر. قد وكلتك هذا اليوم... لتنقض وتبني" (إر 1: 10). بالحق كل الذين كانوا قبلًا يعبدون الصور والحجارة ما كانوا يستطيعون أن يُبنوا في المسيح ما لم يُهدموا من خطأهم القديم... كل طرق الرب هي رحمة وحق (مز 15: 10). فالحق في تحقيق الوعود ما كان يمكن أن يظهر ما لم يسبقه أن تتم الرحمة بغفران الخطايا. القديس أغسطينوس |
|