وكما أن القيامة ممكنة بالنسبة إلى قدرة الله، كذلك هي ضرورية بالنسبة إلى عدل الله وصلاحه وجوده. 1- إنها لازمة من أجل العدل: من أجل محاسبة كل إنسان على أفعاله التي عملها خلال حياته على الأرض، خيرًا كانت أم شرًا فيثاب على الخير، ويعاقب على الشر. ولو لم تكن قيامة، لتهالك الناس على الحياة الدنيا، وعاشوا في ملاذها وفسادها، غير عابئين بما يحدث فيما بعد! وأيضًا
إن لم تكن قيامة، لساد الظلم واستبداد القوى بالضعيف، دون خوف من عقوبة أبدية. أما الإيمان بالقيامة وما يعقبها من دينونة وجزاء، فإنه رادع للناس. إذ يشعرون أن العدل لابد سيأخذ مجراه: إن لم يكن في هذا العالم، ففي العالم الآخر.
2 – إن الله قد وعد الإنسان بالحياة الأبدية. ووعده هو للإنسان كله. وليس للروح فقط التي هي جزء من الإنسان. فلو أن الروح فقط أتيح لها الخلود والنعيم والأبدي، إذن لا يمكن أن نقول إن الإنسان كله قد تنعم بالحياة الدائمة، وإنما جزء واحد منه فقط، بينما قد حرم بالجسد. إذن لابد بالضرورة أن يقوم الجسد من الموت وتتحد به الروح. ويكون الجزاء الأبدي للإنسان كله..
3 – ولولا القيامة لكان مصير الجسد البشرى كمصير أجساد الحيوانات! ما هي إذن الميزة التي لهذا الكائن البشرى العاقل الناطق، الذي وهبه الله من العلم موهبة التفكير والاختراع والقدرة على صنع مركبات الفضاء التي توصله إلى القمر، وتدور به حول الأرض وترجعه إليها سالمًا.. والذي قد قام بمخترعات أخرى مذهلة كالكومبيوتر والفاكس وغيرهما.. هل يعقل أن هذا الإنسان العجيب الذي سلطه الله على نواح عديدة من الطبيعة، يؤول جسده إلى مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهواء؟! إن العقل لا يمكن أن يصدق هذا.. إن قيامة الجسد تتمشى عقليا مع كرامة الإنسان. الإنسان الذي يتميز عن جميع المخلوقات الأخرى ذوات الأجساد، والذي يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعًا، وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام إذ أراد، أو أن يقوم عليها بحق السيطرة والاستخدام.. فكرامة جسد هذا المخلوق العاقل لابد أن تتميز عن مصير باقي أجساد الكائنات غير العاقلة وغير الناطقة، التي هي تحت سلطانه..
4 – والقيامة لازمة أيضًا من أجل التوازن. ففي الأرض لم يكن هناك توازن بين البشر. ففيها الغنى والفقير، المنعم والمعذب السعيد والتعيس.. فإن لم تكن هناك مساواة على الأرض، فمن اللائق أن يوجد توازن في السماء. ومن لم ينل حقه على الأرض، يمكنه أن يناله في العالم الآخر، ويعوضه الرب عما فاته في هذه الدنيا وقصة الغنى ولعازر المسكين التي وردت في الإنجيل المقدس (لو 16) تقدم لنا الدليل الأكيد على التوازن بين الحياة على الأرض، والحياة بعد الموت.
5- القيامة أيضًا لتقدم لنا الحياة المثالية التي فقدناها هنا. تقدم لنا صورة الحياة الجميلة الرائعة في العالم الآخر، حيث ل ا حزن ولا بكاء، ولا فساد ولا ظلم، ولا عيب ولا نقص. بل حياة النعيم الأبدي، والإنسان المثالي الذي بلا خطيئة.. مع العشرة الطيبة مع الله وملائكته وقديسيه. ما أجمل هذا وما أروع. ختامًا في ظل الحديث عن هذه السعادة، نرجو لبلادنا حياة الرفاهية والرخاء والسلام، ونرجو لكم جميعًا حياة سعيدة، وكل عام وأنتم بخير.