رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلَمَّا رأَى يسوعُ إِيمانَهم، قالَ لِلمُقعَد: يا بُنَيَّ، غُفِرَت لكَ خَطاياك: " غُفِرَت " فتشير إلى المجهول أي غفرها الله، فيسوع يُعلن مغْفِرة الله حيث انه يستمدَّ سلطانه من الله، وبالتَّالي فإن كلمة يسوع تصدر عن الله نفسه. وفي هذا الصَّدد يقول القدّيس أوغسطينوس أن "فَم المسيح هو الإنجيل. إنه يَملِكُ في السَّماء، لكنّه لا يكفّ عن التَّكلّم على الأرض" أمَّا عبارة "غُفِرَت لكَ خَطاياك" فلا تشير إلى دعاء تقوي، ولا إلى تصريح بل إلى عمل من أعمال سُلطة يسوع، يسوع نفسه يغفر خطايا المُقعَد. ويُعلق القدّيس كيرِلُّس، بطريرك الإسكندريّة "عندما قال الرَّب يسوع: "غُفِرَت لكَ خَطاياك"، ترك المجال مفتوحًا أمام رَيبة الجُموع؛ فغفران الخطايا لا تراه أعيننا البشريَّة، لذا عندما قام المُقعّد ومشى، بيّن بوضوح أن الرَّب يسوع المسيح يمتلك قدرة الله" (شرح لإنجيل القدّيس لوقا، 5). وفي هذا الغفران أثبت يسوع مساواته مع آبيه السَّماوي، ويعلق القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم "أمام هذا الإيمان كلِّه، أظهرَ يسوع قدرتَه، وبسلطتِه الإلهيّة، غفرَ خطايا المريض، مُثبِتًا بذلك مساواته مع أبيه. وكانَ قد أظهرَ هذه المساواة في وقت سابق حينَ شفى الأبرص قائلاً: "قد شِئتُ فَابرَأ" (مرقس 1: 41). شفى يسوع نفس المُعقد قبل أن يشفي جسده. ويعلق البابا فرنسيس "نظر إلى المُقْعَد وقال له: "غُفِرَت لَكَ خَطاياك". الشِّفاء الجسدي هو عطيَّة والصٍّحة الجسديَّة هي عطيَّة أيْضًا وينبغي علينا أن نحافظ عليها، لكنّ الرَّبّ يعلّمنا أنّه علينا أن نحافظ أيْضًا على صحّة القلب والصِّحة الرُّوحيَّة. هكذا فعل مع مريم المجدليَّة عندما بكت وقال لها: "غُفِرَت لَكِ خَطاياكِ". لقد تشكَّك الآخرون؛ لأنَّ يسوع يذهب إلى الجوهري حيث هناك النَّبوَّءة والقوَّة" (عظة 19/2/2021). وبدأ يسوع العمل مع المُقعَد انطلاقًا من حاجته الرُّوحيَّة، وهي مغْفِرة الخطايا حيث انه نزع الشَّر من جذوره (التَّكوين 3). في التَّقليد اليهودي، غالبًا ما يكون الشِّفاء والمغْفِرة مترابطين. ويعلق القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم " لقد بدأ يسوع بمُعجزة غير مرئيّة؛ شفى أوّلًا روح هذا الرَّجُل من خلال مغْفِرة خطاياه" (عظات عن القدّيس متّى). ولم يقلْ المسيح أنَّ كل مرض هو نتيجة للخطيئة (يوحنا 9: 2، ولوقا 13: 1-5)، إنَّما حالة المُقعَد كان لها سببٌ روحيٌ أساسيٌ، فهناك خَللٌ في علاقته مع الله، ويريد يسوع أن يُصحّح هذه العلاقة. وبالتَّالي غفر خطيئة هذا الخاطئ المُقعَد، وأعلن سلطانه على مغفرة الخطايا أمام أعدائه. يسوع يغفر الخطايا على الأرض، لأنه جاء من أجل الخطأة/ كما صرّح: "ما جِئتُ لأَدعُوَ الأَبرار، بلِ الخاطِئين" (مرقس 2: 17). يرى يسوع الخطيئة، لكنَّه لا ليحكم على الخاطئ إنَّما ليَغفر له. وقد ربط يسوع بين شِفَاء المريض وإيمانه، كما جاء في كلام يسوع إلى يائيرس رئيس المجمع "لا تَخَفْ، آمِنْ فقط" (مرقس 5: 36)، وكلامه إلى الرَّجُل المُصاب ابنه بالصَّرع " كُلُّ شَيءٍ مُمكِنٌ لِلَّذي يُؤمِن" (مرقس 9: 23). وكان مرض ذلك المُعَقد بركة له، لأنَّ مرضَه أصبح سببَ تقرِّبه إلى المسيح ونيله مغفرة خطاياه وشِفَاء نفسه. وكثيرون على مثال المُقْعَد وجدوا في مصائبهم بركات لهم لاقترابهم بها إلى المسيح. وهكذا افتتح مرقس من خلال مغْفِرة يسوع للخطايا إنجيله الذي يتمحور على الملكوت (مرقس 1: 15؛ 4: 11؛ 9: 1؛ 10 :14 – 15؛ 14: 25 ؛15: 43). |
|