|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الابن الأكبر قصد المسيح بالابن الأصغر العشارين والخطاة الذين هم خارج الهيكل، وقصد بالأكبر الفريسيين والكتبة الذين هم حسب الظاهر داخل الهيكل، لكن قلوبهم خارجه. والفريقان متشابهان في أنهما محرومان من العلاقة الشخصية برب الهيكل. وكلاهما خاطئ، ولو أن أحدهما كالابن الأصغر تتقدَّمه خطيته رافعةً أعلامها، والآخر تتبعه خطيته ولا تكاد تُرى. كان الابن الأكبر ضالاً داخل البيت، بينما ضلَّ أخوه الأصغر خارج البيت. وكل الذين يعبدون الرب كواجب ويؤدّون واجباتهم الدينية كفروض يشبهون الابن الأكبر، الذي كان يمتلك كل ما لأبيه، ولكنه لم يكن فرحاناً. وكم كنا نتمنى لو أن هذا المثل انتهى برجوع الابن الأصغر، والجميع يحتفلون بعودته بمن فيهم الابن الأكبر. ولكن المثل ينتهي بالابن الأكبر خارج البيت غاضباً على أبيه وأخيه. ونرى تصويراً للابنين الأكبر والأصغر في مثل «الفريسي والعشار»، فالفريسي يقول: «اَللّٰهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي ٱلنَّاسِ... وَلاَ مِثْلَ هٰذَا ٱلْعَشَّارِ» (لوقا 18: 11)، والعشار لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلاً: «ٱللّٰهُمَّ ٱرْحَمْنِي أَنَا ٱلْخَاطِئَ» (لوقا 18: 13)، فنزل إلى بيته مُبرَّراً. عندما رجع الابن الأكبر من عمله في الحقل، وعرف أن أخاه الضال قد عاد، كان يجب أن يقول: «ما أسعدني لأن أبي فرح بعد أن انزاح عن قلبه حِمل همِّه الثقيل، ولأن أخي الذي كان ضالاً متعَباً اطمأن واستراح». لكنه كان أنانياً ومنفصلاً عن مشاعر أبيه بسبب طباعه المتكبِّرة ومحبته لنفسه دون الآخرين. كان أخوه الأصغر يأكل خرنوب العالم أما هو فكان يأكل خرنوب عقله الثائر على مشاعر أبيه، وهو يظن أنه صالح بار، في غير حاجة إلى طبيب مع أنه المريض الحقيقي، فأقام حواجز نفسية بينه وبين أبيه. وربما كان بكبريائه وتعنُّته سبب ضلال أخيه الأصغر. كراهيته لأخيه: البيت هو المكان الذي نعيش فيه على طبيعتنا، ونطمئن فيه لبعضنا، فإذا فرح أحد أفراده فرح الجميع، وإذا تألم أحدهم تألم الكل، لأنهم عائلة واحدة. ولكن الابن الأكبر لم يكن يملك هذه المشاعر العائلية الطيبة. ومع أنه عاش في البيت إلا أن قلبه كان خارج البيت. وعندما سمح الأب بسفر الابن الأصغر ومعه نصيبه من المال تضايق الأكبر من أبيه ومن أخيه، ولكنه كتم غيظه لأن أباه صاحب الكلمة الأخيرة. وعندما رجع أخوه زاد غضبه لأنه ظن أنه رجع ليقاسمه في ما بقي من ميراث. ولا بد أنه تساءل: لماذا يقبل أبي من لا يستحق القبول؟ لماذا يرحِّب بمَن بدَّد ماله بعيش مسرف ولوَّث سمعة الأسرة؟ |
|