رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قَدْ بَادَ التَّقِيُّ مِنَ الأَرْضِ، وَلَيْسَ مُسْتَقِيمٌ بَيْنَ النَّاسِ. جَمِيعُهُمْ يَكْمُنُونَ لِلدِّمَاءِ يَصْطَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَبَكَةٍ. [2] لقد باد الصالح من الأرض ولم يعد يُوجد من هو مستقيم بين الناس، فالحكام يغتصبون الممتلكات، والقضاة يرتشون، والخيانة دبٌت بين الأصدقاء، والكراهية وسط أعضاء الأسرة الواحدة. وهكذا صار الفساد عامًا بين الشعب. لكن يبقى الله أمينًا يقود شعبه من الظلمات إلى نوره العجيب. تحولت المملكة البشرية إلى غابة كلٍ يود أن يفترس الآخر، ناموسها الظلم وسفك الدماء، يجد كل شخصٍ سعادته في اصطياد أخيه كما بشبكةٍ. وكما يقول المرتل: "خلص يا رب لأنه قد انقرض التقي، لأنه قد انقطع الأمناء من بني البشر. يتكلمون بالكذب، كل واحدٍ مع صاحبه بشفاهٍ ملقة بقلبٍ فقلبٍ يتكلمون" (مز 12: 1-2). * لنحزن إلى حين فنفرح أبديًا. لنخشَ الرب، لنسبق فنعترف له بخطايانا. لنصحح ارتدادنا، ونصلح من أخطائنا، لئلا يُقال عنا: "ويل ليّ يا نفسي، لأن الإنسان التقي قد باد من الأرض، وليس من بين البشر من يصلح من أمرهم" (مي 7: 2 Lxx). القديس أمبروسيوس * أقصد إن كان السَفرْ في ذاته مشقة، فإنه بالأكثر عندما يكون المسافر وحده، ليس من يشاركه رحلته؛ هذا هو الحال هنا. بمعنى آخر الشركة والتشجيع الأخوي ليس بالأمر الهين. لهذا يقول أيضًا بولس: "ولنلاحظ بعضنا بعضًا للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة" (عب 10: 24). لهذا السبب استحق القدامى أن يتجملوا (روحيًا)، ليس لأنهم مارسوا الفضيلة، وإنما لأنهم مارسوها بالرغم من غيابها مع ندرة من يفعلها في أي موضع. هذا، على أي الأحوال، ما يقصده الكتاب المقدس بقوله: "كان نوح رجلًا بارًا كاملًا في أجياله" (تك 6: 9).على هذا الأساس نعجب من إبراهيم، ومن لوط، ومن موسى، إذ أشرقوا ككواكبٍ وسط ظلمةٍ دامسةٍ، كورودٍ وسط الأشواك، وكقطيع وسط ذئابٍ لا حصر لها، سالكين الطريق المضاد لكل واحدٍ آخر وبدون تردد. ها أنتم ترون كم يكون الأمر صعبًا في الصحبة عندما يأخذ واحد اتجاهًا مخالفًا لكثيرين، وعندما يسافر في اتجاه مضاد للجمهور، فإنه سيعاني من متاعب كثيرة. كما تجد السفينة صعوبة في الإبحار حينما تصدها الأمواج نحو الاتجاه المضاد، والأمر أكثر صعوبة في حالة الفضيلة . * "ويل ليّ... قد باد التقي من الأرض" (مي 7: 1-2) هذا هو دورنا أن نحزن، أو بالحري نحتاج أن نقول هذا كل يوم. فإذ لا تنفع صلواتنا بشيءٍ ولا نصيحتنا ولا تحذيرنا بقي لنا أن نبكي. هكذا فعل المسيح، بعدما حث الذين في أورشليم ولم ينتفعوا شيئًا، بكى على محنتهم. هكذا أيضًا فعل الأنبياء، وهكذا لنفعل نحن أيضًا. من الآن فصاعدًا إنه وقت للحزن والدموع والنحيب. يليق بنا أيضًا أن نقول: "ادعوا النادبات فيأتين وأرسلوا إلى الحكيمات فيصرخن" (إر 9: 17). ربما بهذا نستطيع أن نزيل مرض الذين يحيطون أنفسهم بأراضٍ يقتنوها بالسلب. * ليس شيء مزعجًا ومثيرًا للاضطراب أكثر من الاجتماع بشعبٍ كهذا، فإن الدخان والسخام لا يؤذي العينين مثلما تحطم الشركة مع الأشرار النفوس. القديس يوحنا ذهبي الفم |
|