كان ردُّ فعل مريم لكلام الملاك مختلفاً عن ردّ فعل زكريا، فقد شكّ زكريا في بشارة الملاك له، لكن مريم طلبت إيضاح طريقة إتمام الوعد الإلهي فقط، فأعطاها الملاك علامةً مفرحة، هي خبر المعجزة التي حصلت لأليصابات البعيدة عنها في جانب البلاد الآخر. ثم ختم جبرائيل خطابه بتذكير مريم أن ليس شيءٌ غير ممكن لدى الله. وهل يعسر على من أوجد الكون من العدم أن يوجد ابناً لمريم دون أب بشري؟ ومع أنّ كلام الملاك لمريم لم يتضمن شيئاً يسهِّل عليها التصديق إلا أنها سلّمت تماماً وصدقت يقيناً، إذْ قالت والملاك منصرف: "هوذا أنا أمَةُ الرب. ليكن لي كقولك". سلّمت تسليماً أعمى لله. وهذا عين الحكمة وكمال الفخر، بينما التسليم الأعمى للبشر يكون جهالة وذلاً. فما أعظم ابتهاج هذه العذراء الطاهرة في هذه الساعة المباركة. ها المسيح رجاؤها ورجاء شعبها ورجاء العالم على الباب. فكيف لا تبتهج، وقد اختارها الله من بين جميع المؤمنات الإسرائيليات في نسل داود لتلد المسيح؟ فهل لابتهاجها حدّ؟