رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مات كثيرون قبل السيد المسيح. ولكن السيد المسيح كان فريداً فى موته إذ صرخ بصوت عظيم وقال: “يا أبتاه فى يديك أستودع روحى” (لو23: 46، انظر مز31: 5). وكانت هذه صرخة انتصار. ولأول مرة ينطق بها مَن هو مِن بين البشر فى لحظة موته.. إذ سلّم روحه الطاهرة المباركة فى يدى الآب.. وليس تحت سلطان “ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس” (عب2: 14). أما ما قاله داود النبى فى المزمور: “فى يدك أستودع روحى” (مز31: 5) فهو نبوة تخص السيد المسيح لم يقلها داود عن نفسه. وبهذا يكون السيد المسيح هو الوحيد المقصود بهذه العبارة حتى إتمام الفداء. كان السيد المسيح بكراً فى موته بالنسبة إلى هذه الصورة المشرّفة القوية.. ولذلك فقد دُفن فى قبر بكر أى “قبر جديد، لم يوضع فيه أحد قط” (يو19: 41). فهو البكر فى موته من حيث إنه أول من سلّم روحه فى يدى الآب، والبكر فى قبره.. ومن هذا القبر البكر خرجت بشرى القيامة والحياة عن البكر من الأموات. كان بكراً فى قيامته المجيدة لأنه هو الوحيد الذى قام من الأموات بجسد القيامة المُمجَّد، غير القابل للموت فيما بعد، أى الذى لا يموت على الإطلاق من بعد القيامة.. فجميع البشر وجميع القديسين الذين قاموا من الأموات، قد عادوا ورقدوا مرة أخرى انتظارًا لليوم الأخير. ولم يأخذوا أجسادًا ممجدة فى قيامتهم، إلى أن يأتى السيد المسيح فى مجيئه الثانى، ويمنحهم -بقدرته الإلهية- هذه الأجساد الممجدة التى سوف يدخلون بها إلى ملكوت السماوات، إن كانوا قد صنعوا مرضاته وحفظوا وصاياه. لم يقم أحد بالجسد المتحرر نهائياً من الموت، إلا البكر من الأموات.. أى يسوع المسيح. لهذا كُتب عنه أنه “هو البداءة، بكر من الأموات. لكى يكون هو متقدماً فى كل شئ” (كو1: 18). # هو البكر فى خلّوه وتحرره من الخطية، بصورة كاملة. فهو “القدوس الحق” (رؤ3: 7). # وهو البكر بين البشر فى إرضائه لقلب الآب السماوى، بطاعته الكاملة ومحبته العجيبة غير الموصوفة للآب.. والتى تتضح من قوله فى مناجاته مع الآب “أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك، وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتنى. وعرّفتهم اسمك وسأعرّفهم، ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به، وأكون أنا فيهم” (يو17: 25، 26). # وهو البكر والوحيد فى ميلاده من العذراء البكر البتول، وفى ميلاده العذراوى. أى أنه هو ابنها البكر والوحيد. وفى نفس الوقت هو البكر والوحيد الذى ولد بدون زرع بشر من أى امرأة كانت! # وهو البكر فى موته وفى دفنه كما شرحنا سالفاً.. # وهو البكر فى قيامته من الأموات.. # وهو البكر فى صعوده إلى سماء السماوات، الموضع الذى لم يدخل فيه ذو طبيعة بشرية، ودخل هو إليه كسابق لنا؛ إيليا وأخنوخ قد صعدا إلى السماء ولكن ليس إلى سماء السماوات.. هو البداءة فى قصة تجديد حياة الإنسان مرة أخرى. “وهو رأس الجسد الكنيسة، الذى هو البداءة بكر من الأموات” (كو1: 18). هو بداية العلاقة وموضوع العهد الجديد بين الله والإنسان.. وهو الذى استحق أن يصير “بكراً بين إخوة كثيرين” (رو8: 29). هو نوح الجديد الذى صار بواسطته تجديد الحياة على الأرض مرة أخرى.. بل هو “آدم الثانى” (انظر رو5: 14، 1كو15: 45، 47) الذى صار بكراً، بعد أن فقد آدم الأول مع نسله البكورية لسبب الخطية. |
|