لا توبخ نفسك ولا تنتهر ذاتك لئلا تفشل
سلام في روح وداعة يسوع المسيح الذي نلنا به المصالحة
فالله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا
الذي به قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة
التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله (رومية 5: 8، 2)
______ بخصوص تبكيت النفس _____
يطلب بعضاً من الشباب معرفة حياة التبكيت، فيتسائل: كيف اعيش مبكتاً لنفسي وموبخها على خطاياها كما يقول الآباء وكما نسمع في بعض العظات التي تتكلم عن بنيان النفس!
في الحقيقة لا يوجد شيء اسمه (حياة التبكيت)
فالمشكلة الحقيقية في تقديم تعليم مبتور، ووضع إرشاد عام لا ينفع الناس بل قد يضر ويطعن النفس بأوجاع خطيرة، فنحن كمؤمنون بالمسيح لسنا يتامى، بل لنا الروح القدس هو الذي يبكت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة كما يقول الكتاب المقدس، ولا يوجد إرشاد في العهد الجديد كله على أنه ينبغي أن نبكت ونوبخ أنفسنا، فلا توجد آية تقول [لوم أو وبخ نفسك وانتهرها]، لكن يوجد تبكيت الروح القدس وتوبيخه للنفس (أما مباشرة أو عن طريق عظة نسمعها أو أب روحي أميناً للمسيح)، لأن الروح القدس لا يوبخ ويبكت من اجل أن يؤنب أحد أو يجلد الذات، بل من أجل الإبراء والشفاء، لكي يعود الإنسان للحضن الأبوي في المسيح، لذلك مكتوب: إني كل من أُحبه أُوبخه وأؤدبه فكن غيوراً وتب (رؤيا 3: 19)
فتوبيخ الله لنا وتبكيته بروحه في قلوبنا
له غرض وهدف واحد هو: [كن غيوراً وتب]، بمعنى: فاذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى (رؤيا 2: 5)، يعني عد للطريق السليم الذي حدت عنه وارجع لنشاطك الروحي الطبيعي واثبت، لكن توبيخنا لذاتنا ما هو هدفه! وما هي ثمرته! سوى أننا سنخور في أنفسنا، وربما نشعر باليأس الشديد ونبتعد تماماً عن الله فنفسد إلى الأبد، وبالطبع قد ندخل في أمراض نفسية لا حل لها.
فلو لاحظنا مثل الابن الضال كما سبق وتم كتابة موضوع كامل عنه،
فأننا لا نجده جلس منفرداً بذاته ليحاسب نفسه ويفكر في أفعاله، بل ترك كل شيء وقال [أقوم وأذهب إلى أبي وأقول لهُ]، بمعنى أن كل تفكيره في أنه يذهب لأبيه ويقول لهُ، وهذه حالة إيجابية صحيحة وصحية ونافعة للنفس جداً، فهو لم يقف عند حد اعترافه بالخطأ بينه وبين نفسه وظل يلومها ويوبخها ويبكتها ويُعنفها، بل أراد ان يضع اعترافه بين يدي أبيه الصالح، لأن هدفه الأوحد في أن يعود لبيته الحقيقي تحت أي وضع أو صورة، وهذا هو الاعتراف الحسن والسليم، وهو حينما نقف بين يدي الله ونعترف أمامه – وليس أمام أنفسنا ونفكر في أفعالنا المُشينة – بغرض أن نعود للحضن الأبوي ونحيا حياة الشركة الحقيقية مع الله والقديسين في النور، لأن هذا هو هدف التوبة الحقيقي وفعلها الإيجابي في النفس، فمن الخطورة اننا نبكت انفسنا وننحصر فيها بعيداً عن الحضرة الإلهية لذلك مكتوب:
+ عد إلي العلي وتجنب الإثم وأبغض بكل قلبك ما يبغض؛ إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ؛ أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي؛ اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ. (سيراخ 17: 26؛ 1يوحنا 1: 9؛ مزمور 32: 5؛ مزمور 51: 1 – 4)
ونحن بالطبع نأتي للمسيح الرب في الصلاة
على أساس ثقتنا في تدبير الخلاص، لذلك يقول الرسول: فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه (عبرانيين 4: 16)، وذلك لأننا عالمين انا افتدينا لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتنا الباطلة، بل بدمٍٍ كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح (1بطرس 1: 18، 19)