منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 02 - 2014, 04:19 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,328

الفصل بين النور والظلمة

إن كنت قد تبت، ودخل نور الله إلى قلبك:
فلكي تحتفظ بتوبتك، افصل نفسك عن كل أعمال الظلمة.
إنها قاعدة وضعها الله لنا منذ البدء، يرويها سفر التكوين بقوله "ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة" (تك 1: 4). وتستمر القاعدة في العهد الجديد إذ يقول "أية شركة للنور مع الظلمة؟!" (2كو 6: 14). لا يمكن أن يجمع إنسان روحي بين الاثنين في حياته. لذلك فكل من يسير في طريق الله:
لا بد أن يفصل ذاته عن كل أسباب الخطية والعثرة.
فهكذا أراد الله منذ بدء الخليقة. ولكن القاعدة كسرت فسببت الخطية. أول كسر لهذه القاعدة كان عندما جلست حواء مع الحية (تك 3)، ورأينا كيف طغت الظلمة على النور. ويحدثنا الكتاب عن كسر آخر خطير لهذه القاعدة، حينما يروى قبيل الطوفان أن "أولاد الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا" (تك 6: 2). وكانت النتيجة أن شر الإنسان قد كثر واضطر الله إلى تطهير الأرض من الفساد بالطوفان. إذ أن الظلمة للمرة الثانية طغت على النور.

الفصل بين النور والظلمة
وعاد الله ففصل بين النور والظلمة، بواسطة الفلك.
اختار جماعة مقدسة هي نوح وأسرته، وفصلهم عن العالم الشرير، حتى يستبقى له مجموعة بارة لا يفسد بفساد العالم. وبالوقت لما دخل الفساد في أولاد نوح، اختار الله إبرآم وفصله عن العالم الشرير، فقال له "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك.. وتكون بركة" (تك 12: 1، 2). وكأن الله يقول لعبده إبرآم:
اترك مكان الخطية، لتحفظ بنقاوة قلبك، بعيدا عن الشر.
يجب أن يفصل النور الذي فيك عن الظلمة التي فيهم.
وبنفس الوضع أمر الرب شعبه أن لا يصنعوا عهدا مع شعوب الأرض، ولا يتزاوجوا معهم (خر 34: 15، 16). ومنعهم من النساء الغريبات والأجنبيات (أم 2: 16). إن الله يريد لأولاده أن يبعدوا عن كل خلطة شريرة (مز 1)
وأمر الرسول أن لا يؤاكلوا ولا يخالطوا الخطاة (1كو 6: 11).
وأن يعزلوا الخبيث من بينهم. وبنفس المنهج قال القديس يوحنا الحبيب "إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو 10، 11).
لأنه يجب الانفصال عن الخطية والخطاة، سلوكا ومعرفة.
إن كانت التأثيرات الخارجية قد أسقطت شمشون وداود وسليمان، فليحترس بالحرى الضعفاء، وليبعدوا فهذا أسلم لهم..
وهكذا كانت الكنيسة في العصر الرسولي، وفي القرون الأربعة الأولى للمسيحية بوجه خاص، تعزل الخطاة خارج الكنيسة، ويبقى المؤمنون كلهم كجماعة مقدسة منفصلة عن الشر والشرار.كما حدث في قصة حنانيا وسفيرا (أع 5). وخاطئ كورنثوس (1كو 5: 5).
أول اعتزال يعتزله الإنسان عن الشر، هو في المعمودية.
حيث يجحد الشيطان معتزلا عنه وعن كل أعماله الرديئة وشروره القبيحة، وعن كل جنده وحيله وسلطانه. وكما يعتزل عن الشيطان، يعتزل عن الإنسان العتيق الذي يدفن في المعمودية، ليولد بدله إنسان جديد على صورة الله. ويضع أمامه طول حياته أن يعيش منفصلا عن الخطية والخطاة.
ولعل إنسانًا يسأل: وكيف يمكننا أن نفعل ذلك؟
إن لم تستطع أن تنفصل عن الخطاة مكانيًا، فانفصل عنهم عمليًا. انفصل عنهم فكرًا وأسلوبًا ومنهج حياة.
أنت لا تقوى على عدم مخالطة كل الخطاة الذين في العالم، وإلا كان عليك أن تترك العالم كما قال بولس الرسول (1كو 5: 10). ولكن لتكن خلطتك في حدود الضرورة فقط. وفكرك منفصل عن أفكارهم، وأسلوبك غير أساليبهم. وحياتك غير حياتهم. بل ألفاظك أيضًا غير ألفاظهم، كما يقول الكتاب "لغتك تظهرك" (متى 26: 73).
لهذا يقول القديس يوحنا الرسول: أولاد الله ظاهرون (1يو 3: 10).
إذا جلسوا مع أهل العالم، يظهر الفاصل تمامًا: ليس الفاصل في المكان، وإنما في نوع الحياة، وفي التعامل، بل حتى في شكلهم وملامحهم ونظراتهم وحركاتهم.. روحهم تميزهم. وترى عمليًا كيف أن الله قد فصل بين النور والظلمة.
و لكنى أحب أن يكون هذا الفصل عن غير كبرياء.
لا نريد لإنسان من الذي يحيا حياة التوبة، منفصلا عن الخطاة، أن يكون انفصاله عن تشامخ وتعال وكبرياء، كأنه أفضل منهم..! مثلما كان الفريسيون والكتبة يفعلون.. ويلومون المسيح على مجالسته للعشارين والخطاة.
إنما نقصد ألا توجد شركة معهم في أي عمل خاطئ.
و لا توجد مجاراة للأخطاء، أو تقليد للطباع، أو مجاملة على حساب الحق فالرسول يقول "لا تشاكلوا هذا الدهر" (رو 12: 2). أي لا تصيروا شكلهم..
التائب لا يجارى الخطاة في أخطائهم. وفي نفس الوقت لا يدينهم، بل يشفق عليهم، ويصلى لأجل خلاصهم. ويقول من جهة عدم خلطته بهم:
أنا من أجل ضعفي، لا أقوى على هذه الخلطة.
إنني ابعد، لأنني سريع التأثر، سهل الانجذاب. تستطيع العوامل الخارجية أن تقوى على إرادتي. لذلك البعد لي أضمن، والهروب أليق. وليس الأمر تعاليا، لأنني لا أنسى خطاياي القريبة العهد.
وهكذا يختلف عن موقف الرعاة، الذين يزورون الخطاة ويفتقدونهم.
ويفعلون هذا لكي يجذبوهم إلى التوبة، ويصلحوهم مع الله. على شرط أن يكون الرعاة في أمثال هذه اللحظة، متحفظين، لا يفقدون هيبتهم الروحية، ولا يندمجون مع الخطاة في لهوهم وعبثهم. بل يكونون شهودا للحق، وسفراء للرب، وقدرة أمام هؤلاء..
كان السيد المسيح يجلس في موائد العشارين ويدخل بيوتهم، لكي يجذبهم إلى التوبة، ولكي يرفع معنوياتهم. فيدركون أن لهم نصيبًا فيه، وأنه ليس للأبرار فقط.
أما التائب فيقول: لست أنا في مستوى الرعاة، ولا في قوة المسيح. إنني أضعف من هذه الخلطة. فلأبعد عنها.
أنا لم أصل بعد إلى مستوى من يهدي غيره ويقوده إلى التوبة، فأنا مازلت محتاجا إلي من يهديني، ويثبتني في توبتي. لذلك فهو يعتزل الخطاة، محتفظًا بانسحاق قلبه. لا يحتقر أحدا منهم. ولا يري في داخله أنه نور ينفصل عن الظلمة. فمجرد هذا التمييز في ذهنه لا يتفق مع مشاعر التوبة.
وفي قلبه يعرف من الذين قيل عنهم إنهم نور.
الإنسان البار، الذي هو نور، أو من ضمن الذين قال لهم الرب "أنتم نور العالم" (متى 5: 14). هذا إذا حل في أي مكان تختفي الظلمة بسبب نوره. مثلما إذا وضعت مصباحًا في أي مكان مظلم، تنقشع ظلمته ويصير مضيئًا. كذلك وجود الأبرار في أي مكان يحلون فيه، ينتشر فيه النور وتختفي الظلمة.
هكذا هؤلاء القديسون: الذين بسبب هيبتهم الروحية، لا تستطيع الظلمة أن تجد مجالًا لها في وجودهم.
بل يستحي الخطاة منهم ومن وقارهم ومن قدسيتهم. ولا يجرؤ أحد في وجودهم أن يتصرف تصرفًا شائنًا، أو يتلفظ بلفظة خارجة. بل يخجل من ذاته ومن تصرفه. ويشعر الموجودون أن جوًا روحيًا قد ساد المكان، بحلول أحد من هؤلاء الأبرار فيه.. وإن كان هناك حديث خاطئ قبل دخولهم، فإنه ينتهي ويصمت الكل، وتختفي الظلمة. ولا يستطيع أحد أن يخطئ في وجودهم..
فهل أنت هكذا؟ هل صرت بعد توبتك نورًا؟
هل صرت ولو شمعه صغيرة، تعطي نورًا خافتًا، ولكنه علي أية الحالات يبدد الظلام. إن لم تصر نورًا هكذا، فاحترس كل الاحتراس من الظلمة. واذكر كل حين قول الرب "فلتكن أحقاؤكم ممنطقة ومصابيحكم موقدة" (لو 12: 35).
وليكن نورك أولًا من اجل ذاتك.
من أجل أن تبصر جيدًا. من أجل أن تكون لك البصيرة الروحية التي تميز طريق الله ومشيئته. كإحدى العذارى الحكيمات (متى 25)، اللائي كان لهن زيت في مصابيحهن فأضأن وكن مستحقات الدخول مع العريس..
بهذه المصابيح الموقدة، اكشف الظلمة وابعد عنها..
ومن أجل الاحتفاظ باتضاعك، خذ الظلمة بمعناها الموضوعي، وليس بالمعني الشخصي. خذها بمعني الخطية في كل صورها. وأفصل نفسك عنها. افصل نفسك عن كل فكر شرير وشهوة شريرة.
لكي تستطيع في توبتك أن تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك حسب الوصية (تث 6: 5). وكيف يكون الحب من كل القلب، إن لم يكن القلب منفصلًا عن كل شعور خاطئ، وليست له خلطة بأفكار العالم وشهواته. وكلما يحاربك في توبتك فكر من أمور العالم ومحبته وملاذه، أذكر قول الرسول:
لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم (1 يو 2: 5).
وقوله "إن أحب احد العالم، فليست فيه محبة الآب"، "والعالم يمضي وشهوته معه" (1 يو 2: 15، 17).. ولكي تبعد عن محبة العالم، ابعد عن التفكير فيه وفي شهواته. أنت لا يمكنك حاليًا أن تنفصل عنه مكانيًا، فانفصل عنه فكريًا وشعوريًا., وقل للرب كما نقول في صلاة القسمة في القداس الإلهي:
كل فكر لا يرضي صلاحك، فليبعد عنا.. وكن دقيقًا جدًا، وسريعًا جدًا، في فصل ذاتك عن الأفكار الخاطئة.. لأن الخطية يمكن أن تدخل إلي قلب الإنسان، ولو من ثقب بسيط. وتظل توسع لها مكانًا فيه حتى تضيعه. فاجلس إلي نفسك وأفحصها وأسأل: هل مازالت في داخلي أية خلطة مع أسباب الخطية، ومع أفكارها ومشاعرها. وإن وجدت شيئًا من ذلك فيك، انتهره وأطرده وقل له: لقد فصل الله بين النور والظلمة..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
فصل الله بين النور والظلمة لكي نقبل النور كأبناء للنور
الفصل بين النور والظلمة البابا شنودة
بين النور والظلمة
منتدى النور والظلمة
الفصل بين النور والظلمة


الساعة الآن 03:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024