رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشيطان في حضرة الرب! وكان ذات يومٍ أنه جاء بنو الله ليمثُلوا أمام الرب، وجاء الشيطان أيضًا في وسطهم ( أي 1: 6 ) في الواقع كان الشيطان يومًا ما مثل الملائكة أدبيًا، رئيسًا عليهم جميعًا (حز28)، «الكَروب المُظلِّل» الذي كان يظلل كرسي الرب. ولكن «كيف سقطت من السماء يا زهرة، بنت الصبح؟» (إش14)، ما أسرع ما هويت!! فإذ أذهله مجده، وإذ نسيَ، في عناده، مكانة المخلوق التي عليه أن يبقى فيها أبدًا، سقط في الكبرياء (دينونة إبليس ـ 1تي3: 6)، فصار العدو الأبدي اللدود لكل ما هو خير، وعدوًا لله ذاته. ومن أيوب1، 2 نجد أنه بينما الشيطان قد سقط أدبيًا، لكن لا يزال له اقتراب إلى حضرة الله، ولا يزال يحضر مع «أبناء الله». فعوض أن نراه مُغلقًا عليه في الهاوية، أو مقصورًا على الأرض، نرى هذا المرتد المتبجح يأخذ مكانه هناك، كما لو كان هذا من حقه بعد. وقادم اليوم، وليس ببعيد، الذي سيُطرح فيه من السماء إلى الأرض (رؤ12) ليبقى فيها زمانًا قصيرًا، بعده يُقيَّد ألف سنة في الهاوية، وفي آخر المطاف، وبعد أن يتزعم ثورة أخرى قصيرة لبعض المرتدين، سينال جزاءه الأبدي في بحيرة النار. ما أعظم صبر الله! فإنه ـ تعالى ـ قد احتمل خبث الشيطان ومُخططاته خلال كل أجيال تاريخ الإنسان الساقط، وأجاز له في الواقع أن يُجرِّب أبوينا الأولين وهما في براءتهما، ويسمح له أن يلقي اتهاماته وتلميحاته أمام وجهه تعالى، وشكايته بأنه لا يوجد صلاح ولا صالح. غير أن هذا جميعه قد أُجيز لتخرج لنا منه دروس للأبدية. فالشيطان إنما يذخر لنفسه غضبًا، وفي الوقت نفسه لن يكون من مَكرِهِ إلا أن يخدم أغراض الله البارة للبركة. وفي الحوار الذي دار بين الرب والشيطان، نرى من الله تحديًا، ومن الشيطان اتهامًا وشكاية. ومن جواب الشيطان على سؤال الرب الأول، نتبيَّن دائرة عمل الشيطان، فهو في السماء مُتهم شاكٍ، وعلى الأرض مُعتنف مِتلاف. فحيثما كان، هو الشيطان على طول الطريق، عدو الله وعدو كل خير. «هل جعلت قلبك على عبدي أيوب؟»، هكذا يتساءل الرب، مستخدمًا نفس الوصف الذي يوصف به أيوب، فالله يُسرّ بشعبه المحبوب، وبطرقهم البارة. ولئن كان الشيطان، حسب أخلاقه، يتهم ويقدح، فإن إلهنا يوصي ويمدح. وهذه طريق معاملاته على مداه، فالدينونة فعله الغريب، إنما هو مشغول بالخير «وإن كانت فضيلة وإن كان مدح» ففي هذه يفتكر. |
|