رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إفرازات الجسم الطبيعية القديس أثناسيوس الرسولي كل شيء خلقه الله حسنُ وطاهرُ، لأن كلمة الله لم يخلق شيئاً عديم الفائدة أو نجساً. لأنه بحسب الرسول: "نحن رائحة المسيح الذكية في الذين يخلصون" (2 كو 2)، ولكن سهام الشيطان متغيّرة وخبيثة، وهو مستعدُ دائماً أن يزعج ذوي العقول البسيطة، ويعوِّق النسك العادي للإخوة، إذ ينثر بينهم أفكار النجاسة والدنس. فتعالوا إذن، لنمحُ بكلمات قليلة خطأ الشرير بنعمة مخلصنا، ولنجعل أفكار البسطاء في راحة، لأن "كل شيء طاهر للطاهرين" (تي 15:1)، ولكن ضمير النجسين وكل ما يختص بهم فاسد. إني أعجب من احتيال الشيطان، لأنه وإن كان هو الفساد والأذى بعينه، فهو يقترح أفكاراً تبدو طاهرة، ولكن النتيجة تكون فخّاً أكثر منه تجربة. فكما قلتُ سابقاً، لكي يشتِّت النساك عن جو تأملاتهم النافعة، ويُظهر أنه قد تغلَّب عليهم، فإنه يثير أفكارا مشتِّتة من النوع غير النافع في الحياة، وبعض مسائل باطلة وثرثرة ينبغي أن تُطرح خارجاً. قُل لي، أيها الصديق المحبوب والمبجَّل، أية خطية أو نجاسة توجد في أي إفراز طبيعي (من جسم الإنسان)، وكأنّ إفرازات الأنف أو اللُعاب من الفم أمور تستحق اللوم؟! ويمكن أن نضيف أيضاً إفرازات البطن التي هي ضرورة طبيعية في حياة أي كائن حي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كنا نعتقد حسب الكتاب المقدس أن الإنسان هو من عمل يدي الله، فكيف يخرج أيّ دنس من قدرة إلهية طاهرة؟! وإن كنا نحن ذرِّية الله، حسب قول سفر أعمال الرسل (أع 17)، فليس فينا شيء نجس. لأننا نصير نجسين فقط حينما نرتكب خطية حمقاء. ولكن حين تخرج إفرازات جسدية – بدون تدخل من الإرادة – حينئذ نعتبرها، مثل سائر الأشياء، ضرورات طبيعية. ولكن حيث إن الذين رغبتهم الوحيدة هي مناقضة كل ما هو مقرَّر عن يقين، أو بالحري ما خلقه الله، حيث أنهم يفسدون قول الإنجيل: "ليس ما يدخل الفم يُنجِّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم" (مت 15) ... ويفسرون الكتاب المقدس حسب جهلهم. أما معنى الكلمة الإلهية هو هذا: كان بعض الناس، مثل الذين في أيامنا هذه، يتشككون بخصوص أكل اللحم. والرب نفسه، لكي يبدِّد جهلهم، أو ربما لكي يكشف خداعهم، أعلن أنه ليس ما يدخل الإنسان يُنجِّسه، بل ما يخرج منه. ثم أضاف مبيّناً الموضع الذي يخرج منه وهو القلب، لأن فيه – كما يعلّم هو – توجد الكنوز الشريرة من الأفكار النجسة والخطايا الأخرى. ولكن الرسول يعلّم نفس الشيء بإيجاز قائلاً: "ولكن الطعام لا يقدِّمنا إلى الله" (1 كو 8). بل ويمكن القول بالصواب إنه لن يؤدِّي أيّ إفراز طبيعي في كياننا أمام الله إلى أي عقابٍ لنا. ولكن لكي نُفحم مثل هؤلاء الناس بواسطة الغرباء، فإن الأطباء يوافقون معنا بخصوص هذه المسألة: أنّ هناك مسالك ضرورية موجودة في الكائن الحي تُهيِّئ له أن يُخرج الإفرازات الزائدة عن الحاجة من أجزاء الجسم المختلفة، فمثلاً العَرَق الفائض من الرأس والشعر، وما يُنظِّف البطن، كل هذا مثل الفائض الذي يخرج من مجرى السائل المنوي. والآن أيها الشيخ المحبوب جداً إلى الله، أيّة خطية إذن توجد أمام الله إن كان السيد الذي خلق الجسد شاء أن يخلق هذه الأعضاء ولها مثل هذه المسالك؟ ولكن حيث أنه ينبغي أن نصارع مع اعتراضات الأشرار الذين ربما يقولون: "إن كان الخالق قد شكَّل الأعضاء بهذه الطريقة فلا توجد خطية في استعمالها الطبيعي". فلندحض حجتهم بالإلقاء هذا السؤال: ماذا تقصدون بكلمة "استعمال"؟ هل هو الاستعمال المشروع الذي سمح به الله حين قال: "انموا واكثروا واملأوا الأرض" (تك 1)، والذي يوافق عليه الرسول حين يقول: "ليكن الزواج مكرماً عند كل واحد والمضجع غير نجس" (عب 13)؟؟ أم أنه هو الاستعمال الشائع الذي يُمارَس خُلسة بطريقة فاسدة؟! لأننا نجد أنّ نواحي أخرى من الحياة تختلف حسب الظروف. فمثلاً، ليس من الصواب أن تقتل، ولكن في الحرب تكون إبادة العدو مشروعة وممدوحة. حقاً إن الذين يتميزون في ذلك يُعتبرون مستحقين ليس لكرامة عظيمة فحسب، بل أنّ نُصُب تذكارية تُقام للإعلان عن مهارتهم. وهكذا فإن نفس العمل يكون في نفس الوقت وفي ظروف واحدة غير مشروع في حين أنه في وقت آخر وظروف أخرى يكون مشروعاً ومسموحاً به. وينطبق نفس المنطق على العلاقات الجنسية. فمغبوط هو الذي يُنجب أولاداً بحرية إرادته وبحسب الطبيعة في شبابه. ولكنه إذا استعمل الطبيعة بطريقة فاسدة، فإنّ العقوبة التي كتب عنها الرسول ستحل على العاهرين والزناة. هناك طريقتان للحياة في هذه الأمور: الأول هو الزواج، وهو طريق العالم المعتاد والأكثر إعتدالاً والآخر هو البتولية وهو طريق ملائكي وأكثر كمالاً. فإن اختار إنسان طريق العالم المعتاد، أي الزواج، فإنه حقاً يكون بلا لوم، ولكنه لن ينال مثل تلك النعم التي للطريق الآخر، وكما أنه أيضاً يعطي ثمراً فسيأخذ ثلاثين ضعفاً (مر 4)، أما مَن يعتنق الطريق المقدس غير الأرضي فتبقى له النعم الأكثر سمواً رغم أن تحقيقه صعبُ ومضنِ بالمقارنة بالطريق الآخر، لأنه يعطي الثمر الأكثر كمالاً، أي مائة ضعف. وهكذا فإن هذه الاعتراضات النجسة الشريرة قد نالت الردّ اللائق عليها منذ زمن بعيد في الأسفار المقدسة. والآن أيها الأب شدَّد رعاياك الخاضعين لك، ناصحاً إياهم من الكتابات الرسولية، ومرشداً لهم من الكتابات الإنجيلية، معلّماً إياهم من المزامير قائلاً: "أحيني بحسب كلمتك" (مز 119)، وقوله "حسب كلمتك" تعني أننا ينبغي أن نخدمه بقلب طاهر. فالنبي يقول كأنه يعبِّر عن لسان حاله: "قلباً نقياً اخلق فيَّ يا الله" لئلا تجرّبني الأفكار النجسة. ويقول داود النبي مرة أخرى: "وبروح رئاسي عضِّدني" (مز 51)، لكي حتى لو أزعجتني الأفكار، فإن قوة معيّنة من لدنك أعظم منها تعضِّدني وتؤازرني. Reference: The Monastic letters of St. Athanasius The Great, L. W. Barnard. الترجمة العربية مأخوذة من كتاب: فردوس الآباء الجزء الأول إعداد راهب ببرية شهيت، رسالة إلى آمون وأولاده الرهبان المصدر .. ظ…ط¯ظˆظ†ظ€ظ€ظ€ظ€ظ€ظ€ط© ط¢ط¨ط§ط¦ظ€ظ€ظ€ظ€ظ€ظ€ظٹظ€ط© . |
|