|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من كتاب "أنا سوداء وجميلة" من تأليف عندليب (أم جوليان) إنه محاولة مد يد العزاء لبعض حلات الألم التي يعاني منها البعض أحيائنا إنها محولة إيصال تعزية الرب لكل نفس تتألم بأي نوع كان. إنه عبارة عن تأمل (شعري).... ويلحقه تأمل نثري..... أرجو أن يعجبكم... مع محبتي لوّحتني الشمس أخبرَتني عن الشمس.. - هل ترين ضياءها؟ قلتُ... - لا..لابدّ أنها مختبئة وراء الغيـــــوم.. ولكن، كيف ترَينها أنتِ؟ قالت... - لأنها نادتني من وراء الغيـــــــوم.. رأيتُ سحـــــــــرها... دخلتْ حرارتها إلى أعماقي.. تسرّب ضياؤها إلى قلبي.. وأخبرتني كم أنا جميلة. - نعم..إنك جميلــــــــة. أراكِ كالصبح المنير.. كالوردة المُتفتّحـــــة. ولكن..أنا ما زلتُ سوداء وقبيحـــــــــــــة. - لا..لستِ سوداء. لقد لوّحتكِ الشمس قليــــــلاً. هناك على التلّة القريبة من بيتك رأيتكِ منذ سنوات جالسة تبكين وحيـــــــــدة فعرفتُ أن الشمس ما زالت وراء الغيــــوم. سألتُها من أجلــــــكِ.. فأرسلَتْ لكِ شعاعاً واحداً.. لكن قويّاً..فلوّح وجهكِ! لكنك ما زلتِ جميلــــة. - لا أُحسُّ بهــــــذا.. فكلُّ من حولي تركوني وقالوا عنّي صرتُ سوداء وقبيحـــــــــة. ركضوا وراءهم..وراء من لم يُحبّونـــــــــي.. بل تكلّموا علــــــــــيّ.. وأخبروا الشمس أن تحتجب عنـّــــــــي. أخبروها بكل ما صنعتُ من ســـــــوء. شكوني...ثم تركوني وحيدة. وعندما أتى الليل، كنتُ في العراء..والبرد مُحيطٌ بي. فسألتُ الشمس..أين أنتِ؟ قالــــــتْ.. عُدتُ إلى مكاني..لأنك لم تريدينــــــــــي. أخبرتها..إني ما زلتُ أريدكِ.. بل إني أحتاجــــــــكِ! ولكني سوداء..فهل تُحبّينني؟ لكنّها صمتـَــــــتْ. تُرى لماذا صمتَــــتْ؟ قالت... - لأنها تعرفكِ. فلا حاجةَ أن تسأليها..أو تُخبريها عن حالكِ. هي رأتْكِ هناك على التلّة.. وهي راقبتْكِ عندما غادرتِ البيـــــــت. رأتْ كلّ دموعكِ. فلماذا لا تعودين الآن؟! قلت... - إلى أيـــــــــن؟ أجابت... - إلى البيـــــــــت. قلت... - آهٍ..هل ما زالوا يفتقدوننــــــــــي؟ أجابت... - نعــــــــــم. هم أرسلوني كي أعود بكِ. ما زالت أوراقكِ هناك. كتبُكِ المحروقة ما زال رمادها ينتظـــــــــركِ. - ولكن..هل ما زالت الشمس تنتظرنـــــــــي؟ ابتسمتْ من وراء الستار، وقالت... - نعـــــــــــم. ما زالت الشمس تنتظركِ. والآن.. كيف ستعودين؟ قلتُ... - أبوجهي الأسود؟ لا..لا بدّ أن أُغيّره. أبقدمايَ المُتعَبتَينِ؟ لا..لا بُدّ أن تستيقظا. ولكن..كيـــــــــــف؟! - لا تُتعِبي نفسكِ بالأسئلة. قد أتيتُ لأُعينكِ. سأسأل الشمس من أجلكِ. وعندها..ابتعدتْ الغيومُ قليلا ً ورأيـــــــتُ.. شعاعاً من النور أتاني.. كالسهم المُضيء.. حوّلني إلى جميلة. ما زلتُ سوداء... ولكني جميلــــــــة. وها هي قدماي تركضان.. مُسرعتَين.. كي أعود إلى البيت قبل المســـــــــــــــاء! عُدتُ إلى البيت.. ونظرتُ حولــــــي.. رأيتُ كل ما فعلتْ يداي! كم خرّبت من أوان ٍ مُزخرفةُ!.. كم كسّرتُ من كؤوس ٍ!.. كم تلاعبتُ بالحروف! فخفتُ..وأردتُ الهروب ثانية. وعندها..رأيتكِ واقفة عند البــــــــــــاب. سألتِني..إلى أين سأذهب.. قلتُ..لستُ أدري! - نعم..كنتُ واقفة هناك.. أنظركِ ما ستفعلين بيومكِ الماضـــــــي.. بقلبكِ المجروح.. بعمركِ المسروق. رأيتكِ تلهثين وراء الكلمات، قائلةً..أين هي كلماتي.. أين صبـــــري.. أين عمـــــــــري؟ فعرفتُ وجعكِ كم كان عميقاً! نظرتُ مليّاً إلى يديكِ.. رأيتُهما تفتّشان بين القش عن حبّة الحنطــــــــــة.. لم تجديهــــــــــــا. فقلتُ..كم أنتِ مسكينة! فتّشتُ معكِ دون أن ترينني. لكني لم أجدها أيضاً. تساءلتُ..لماذا أيتها الشمس تحجبين حبّة الحنطــــة!؟ قالت..إني لا أحجبها..بل أُخبّئُها حتى يحين الوقـــــــــــت.. حتى تأتي الساعة التي أُريها..بفرح..أين خبّأتُ لها حبّة الحنطــــــــــــــة. أردتُ إخباركِ..لكن لم أستطعْ. فما تقوله الشمس لي هو سرٌّ عميـــــــــــــق. وأنتِ ما زلت تفتّشين حتى تعبــــــــــتِ. فركضتُ مسرعة وراءكِ.. لا تيأسي..اصمدي..قاومي. إنها هنا..قد خُبّئتْ لك. لكنكِ أردتِ الرحيل ثانية. فوقفتُ أنظركِ باكيةً. - أجل..رأيتكِ تبكين. فأدركتُ أنكِ تبكين عليّ. ولكن...لماذا؟! ألأني أضعتُ حبّة الحنطة.. أم لأني أضعتُ كلماتي؟ قالتْ... - أبكيكِ لأنكِ ما زلتِ جميلــــــــــــــــــة. ضحكَ الألمُ فيَّ... - كيف أكون جميلة وسط هذا الضيـــــــــــاع!… كيف ترين جمالي وسط الخـــــــــــراب!.. أنا عُدتُ أرى فقط سوادي.. وسوادَ عمـــــــــري. لكنها وقفتْ صامتةً.. ثم أخبرتْنــــــي.. أن الشمس تُناديني. فالتفتُّ إلى الوراء.. نظرتُ مُسرعـــــــةً.. رأيتُ كلّ الأيام السالفة. رأيتُ نفسي..عيوني.. قلبي..ويداي. رأيتُ كلماتي..كالفراشات تحملنـــــــــي.. وتأخذني صوب الشمس. قالتْ... - هل ترينَ جمالَكِ؟ لقد اختفى سوادُكِ لحظةَ نظرتِ الشمس بملءِ عيونكِ. قلتُ... - أريد العودة إلى الوراء. قالتْ... - لا..بينكم هوّةٌ قد أُثبِتَتْ. فحزنتُ من جديد.. ولم أعرفْ كيف أُكمل! نادتني... - لا تحزني! تستطيعين العودة. ليس بالأيام..بل بالقلب. قلتُ... - كيف..وقلبي صار جريحــــــــــــــاً!؟ أجابتْ... - في قلبكِ ينبوعُ ماءٍ حيّ نِلتهِ وقت كنتِ صغيرة. ينبوعٌ وهبتْه لكِ الشمس. فابحثي داخلكِ عنه. لم استطع الوقوف.. صرتُ أبحث وكأني أُمزّق نفسي..أُقطـّعُ أحشائي. فصرختْ... - اهدئي..وابحثي بعمقٍ وسكينة! ما زال هو في زاوية من قلبكِ القديم..هناك ينتظركِ. أجبتـُها... - لي قلبٌ جديد.. قاسٍ..وحيد..مُتألّم.. صارخٌ للشمس..لكنها لا تُجيب. قالتْ... - ستـُجيــــــــب.. عندما تجدين الماء الحيّ ثانية. ستأخذكِ إلى حبّة الحنطة.. حيث خُبّئتْ من أجلكِ. ثم ابتسمتْ من وراء الستار.. وغابـــــــــــــــتْ. وعندها..ابتعدتْ الغيوم مرة ثانيـــــــــــــة.. ورأيتُ شعاعا ً آخر قد أتاني.. كشف أعماقـــــــــــي.. فذقتُ الماء الحيَّ من جديد.. بعد سنين طويلـــــــــــة. وعُدتُ أرى نفسي.. حقّا ً جميلـــــــــــــــة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لماذا الكنيسة سوداء وجميلة؟ إنها سوداء بطبيعتها، جميلة بالنعمة |
أنا سوداء وجميلة (أ) (نش 1: 5) |
انا سوداء....وجميلة |
أنا سوداء وجميلة (ج) |
أنا سوداء وجميلة (ب) |