وفي الغد نظر يوحنا يسوع مُقبلاً إليه فقال هوذا حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم ( يو 1: 29 )
أقبلت اللحظة التي كان يترقبها المعمدان، وظل يتطلع إلى الجموع ويتأمل لكي يرى ذلك الشخص المبارك. وفجأة رأى الرب يسوع مُقبلاً نحوه، وروح الله يقول له «ها هو يا يوحنا». وفي الحال فاضت أفراحه قائلاً: «هوذا حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم».
والحَمَل كذبيحة كان معروفاً للشعب الذي قدّم ذبائح كثيرة على مدى سنوات عديدة، ولم تستطع البتة أن تنزع الخطية لأنها كانت من الأمور الرمزية، ولكن لما جاء الكلمة الأزلي في الجسد واتجه إلى المعمدان، ميَّزه بالروح القدس كالمرموز إليه من قديم الزمان، وشهد أنه «حَمَل الله» أي الحَمَل المُرسل من الله وفقاً لأفكاره ومقاصده لكي يتمم عمل الفداء. إن فيه جواب إبراهيم لابنه إسحاق الذي قال لأبيه «هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمُحرقة» فقال إبراهيم «الله يرى له الخروف للمُحرقة يا ابني» ( تك 22: 7 ،8). وإذا تأملنا في قول المعمدان نلاحظ أن المعمدان لم يَقُل إنه "حَمَل الله الذي سيرفع خطية العالم" أو "حَمَل الله الذي رفع خطية العالم" بل ما يقصده المعمدان هو المعنى الشامل الذي لا يعتمد على وقت معين لإتمامه. إنه يقصد أن هذا هو الشخص وهذا هو عمله. وشهادته تنصّب على فاعلية موت المسيح بكل نتائجها التي يتوالى ظهورها الواحدة بعد الأخرى.
النتيجة الأولى: هي الإنجيل ورسالة الفداء والخلاص من الخطية والخطايا لكل مَنْ يؤمن حيث نرى تحقيق ما قاله الرسول يوحنا في رسالته الأولى «وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً» ( 1يو 2: 2 ). أي أن في الإمكان أن تشمل كفاية دم المسيح كل العالم لو جاء بالإيمان واحتمى في دمه الكريم.
النتيجة الثانية لعمل المسيح تظهر عندما يأتي ثانية للمُلك، وعندئذ سيكون لعمل المسيح صورة أعم من الأول، لأن كل الخليقة وقتئذ سوف تتخلص من لعنة الخطية وتُعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله ( رو 8: 21 )، ولو أن كل الذين يخطئون في المُلك سوف يموتون.
النتيجة الثالثة والنهائية لعمل المسيح ستكون في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، وفي هذه الحالة ستتحقق البركة بتمامها، وتظهر بصورة جلية.