رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوم خراب بابل: 6 وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ، قَادِمٌ كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 7 لِذلِكَ تَرْتَخِي كُلُّ الأَيَادِي، وَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبِ إِنْسَانٍ. 8 فَيَرْتَاعُونَ. تَأْخُذُهُمْ أَوْجَاعٌ وَمَخَاضٌ. يَتَلَوَّوْنَ كَوَالِدَةٍ. يَبْهَتُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ لَهِيبٍ. 9 هُوَذَا يَوْمُ الرَّبِّ قَادِمٌ، قَاسِيًا بِسَخَطٍ وَحُمُوِّ غَضَبٍ، لِيَجْعَلَ الأَرْضَ خَرَابًا وَيُبِيدَ مِنْهَا خُطَاتَهَا. 10 فَإِنَّ نُجُومَ السَّمَاوَاتِ وَجَبَابِرَتَهَا لاَ تُبْرِزُ نُورَهَا. تُظْلِمُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا، وَالْقَمَرُ لاَ يَلْمَعُ بِضَوْئِهِ. 11 وَأُعَاقِبُ الْمَسْكُونَةَ عَلَى شَرِّهَا، وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى إِثْمِهِمْ، وَأُبَطِّلُ تَعَظُّمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَضَعُ تَجَبُّرَ الْعُتَاةِ. 12 وَأَجْعَلُ الرَّجُلَ أَعَزَّ مِنَ الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ، وَالإِنْسَانَ أَعَزَّ مِنْ ذَهَبِ أُوفِيرَ. 13 لِذلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. 14 وَيَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ، وَكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا. يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ، وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 15 كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16 وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17 هأَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ، وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ، 18 فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ، ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ. 19 وَتَصِيرُ بَابِلُ، بَهَاءُ الْمَمَالِكِ وَزِينَةُ فَخْرِ الْكِلْدَانِيِّينَ، كَتَقْلِيبِ اللهِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ. 20 لاَ تُعْمَرُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ تُسْكَنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ، وَلاَ يُخَيِّمُ هُنَاكَ أَعْرَابِيٌّ، وَلاَ يُرْبِضُ هُنَاكَ رُعَاةٌ، 21 بَلْ تَرْبُضُ هُنَاكَ وُحُوشُ الْقَفْرِ، وَيَمْلأُ الْبُومُ بُيُوتَهُمْ، وَتَسْكُنُ هُنَاكَ بَنَاتُ النَّعَامِ، وَتَرْقُصُ هُنَاكَ مَعْزُ الْوَحْشِ، 22 وَتَصِيحُ بَنَاتُ آوَى فِي قُصُورِهِمْ، وَالذِّئَابُ فِي هَيَاكِلِ التَّنَعُّمِ، وَوَقْتُهَا قَرِيبُ الْمَجِيءِ وَأَيَّامُهَا لاَ تَطُولُ. يصور لنا النبي يوم خراب بابل المرهب على أيدي فارس ومادي بكونه يوم الرب الذي فيه يعلن غضبه على بابل المقاومة له ولأولاده. لقد تحقق ذلك على يديّ كورش الذي لم يكن قاسيًا لكن جيشه كان عنيفًا متوحشًا همجيًا؛ لذلك خرب الجند بابل ليس من أجل سلبها كنوزها قدر ما كان ذلك رغبة في سفك الدماء. يرى البعض أن ما ورد هنا تحقق فعلًا في أيام كورش ولكن بصورة جزئية، غير أنه سيتحقق بصورة أشمل في الأيام الأخيرة كما جاء في سفر الرؤيا (رؤ 17) عن دينونة الزانية العظيمة الجالسة على مياه كثيرة، بابل العظيمة أم الزواني. أقول إن هذه النبوة تعلن عما يتم بالنسبة لمملكة إبليس ليس فقط في الأيام الأخيرة وإنما في قلب كل إنسان يقبل الإيمان بالسيد المسيح كملك يُقيم أورشليمًا جديدة فيه عوض بابل الزانية، أي يُقيم مدينته المقدسة عوض مملكة إبليس. أ. يقول النبي: "ولولوا لأن يوم الرب قادم كخراب من القادر على كل شيء، لذلك ترتخي كل الأيادي" [6]، فلا يقووا على حمل السلاح. لقد صارت مملكة بابل سيدة العالم كله؛ قد أطال الله أناته عليها عشرات السنوات، والبابليون يتمادون في كبرياء قلوبهم وعجرفتهم ضد الرب نفسه، لذلك إذ يسقطون تحت غضبه ترتخي أياديهم العنيفة الحاملة للسلاح، فيصيرون في ضعف شديد وموضع سخرية. هذه هي صورة عدو الخير كما كشفها القديس يوحنا الذهبي الفمفي رسالته إلى صديقه ثيؤدور الساقط، موضحًا له أن إبليس يظهر عنيفًا للغاية وذا قوة وجبروت لكننا إذ نحمل مسيحنا يضعف وينهار. وفي مقال عن: "سلطان الإنسان على مقاومة الشيطان يقول: [الشيطان شرير، وأنا أسلّم بذلك، لكنه شرير بالنسبة لذاته وليس بالنسبة لنا مادمنا حذرين، لأن هكذا هي طبيعة الشر، إنها مهلكة بالنسبة للذين يتمسكون به وحدهم"]. ب. "ويذوب قلب كل إنسان، فيرتاعون" [7-8]. هكذا ينتاب الكل حالة من الرعدة والخوف، من رجال ونساء وشباب وشيوخ وأطفال؛ يصير الكل منهارًا ليس من يسند أخاه بل كل واحد يُحطم نفسه كما يُحطم من هم حوله! سر رعدتهم حرمانهم من مخافة الله، فمن يخاف الله لا يخاف إنسانًا ولا أحداثًا بل يمتلئ فرحًا وسلامًا، لذا قيل: "رأس الحكمة مخافة الله". يقول القديس مار أفرام السرياني: [لتكن خشية الله في قلبك أيها الحبيب مثل السلاح بيد الجندي]. ج. "يتلوُّون من الألم كالوالدة وهي في حالة طلق" [8]، فقد حملوا في داخلهم ثمر شر يلدونه مرارة المُرّ. والعجيب أن الكتاب المقدس يشبه آلام الأشرار بآلام الطلق وأيضا آلام المؤمنين (يو 16: 20)، الأولون يئنون في يأس وبرعدة لأنهم يلدون ريحًا (إش 26: 18)، أما الآخرون فيفرحون وسط الحزن الخارجي لأنهم ينجبون إنسانًا في العالم (يو 16: 20). د. تصير "وجوهكم وجوه لهيب" [8]، محمرة خجلًا بسبب انكسارهم الشديد وجنبهم، كما تبهت أحيانًا وجوههم [8]، إذ تصفر بسبب الخوف. ه. "تصير أرضهم خرابًا ليس من يمشي عليها" [9]، كرمز لما يحل بالجسد (الأرض) من فقدان لكل حيوية حقيقية. من يُقاوم الرب من أجل شهوات الجسد يفقد حتى جسده وتخرب نفسه الداخلية، إذ قيل: "لذلك أُزلزل السموات (النفس) وتُتزعزع الأرض (الجسد) من مكانها في سخط" [13]. ربما يُشير هنا أيضًا إلى ثورة الطبيعة ضد من يعصى خالقها. وكأن من يعصَى الرب تعصاه الطبيعة ذاتها! و. يحل بهم الظلام "فإن نجوم السموات وجبابرتها لا تبرز نورها، تظلم الشمس عند طلوعها، والقمر لا يلمع بضوءه" [10]. هذا يُشير إلى ظلمة الجهل التي تحل بالإنسان المقاوم لله، فإنه لا يرى نور الكواكب جميعها بما فيها الشمس والقمر. لا يرى شمس البر، أي الإيمان بالمسيح القادر أن يهبه حكمة ومعرفة، ولا يرى نور القمر أي الحياة الكنسية المستنيرة بالرب بكونها القمر الحامل انعكاسات نور الشمس، ولا يتمتع بنور الكواكب الأخرى أو الشركة مع القديسين الذين يضيئون ككواكب منيرة. ز. يموت الرجال في الحرب، وإذ اعتادت النساء في بابل على الحياة الخليعة لذا يطلبن رجلًا لتحقيق شهواتهن الرديئة فيصعب عليهم وجوده: "وأجعل الرجل أعز من الذهب الإبريز والإنسان أعز من ذهب أوفير (ربما مقاطعة في الجنوب الشرقي من العربية أو مكان في الساحل الغربي للهند)" [12]. أيضًا يُشير ذلك إلى قلة الأيدي العاملة بسبب الحرب مع عودة المسبيين وتحرر الأمم من السلطان البابلي. ح. فقدان القيادة والرعاية: "ويكونون كظبي طريد وكغنم بلا من يجمعها، يلتفتون كل واحد إلى شعبه، ويهربون كل واحد إلى أرضه" [14]. يقصد هنا أنه يوم انكسار بابل يفقد الجيش القيادة فيهرب الجنود المأجورون أو المسخرون من الأمم كل إلى بلده. هذه هي حال النفس البعيدة عن الله فإنها تفقد قيادتها الداخلية، ليعيش الإنسان كطريد أو كغنم بلا راع يجمعها... يحمل في داخله صراعات مُرّة وتشتيت فكر مع تحطيم للطاقات الداخلية. ط. بطش بالكل دون تمييز بين عسكري أو مدني، رجل أو امرأة أو طفل [15]. هنا يصّور ما يفعله مادي ضد بابل، فإن الماديين لا يحطمونها لاقتناء غنى [17] وإنما لتحطيم كل طاقات بابل، فلا يبالون بفتى صغير ولا بجنين في بطن أمه [18]، إنهم يخربون كل مواردها فتصير كسدوم وعمورة اللتين احترقتا بنار من السماء. ى. تصير بابل قفرًا أبديًا، لا يسكنها إعرابي يرعى غنمه ولا يربض فيها رعاة خوفًا من الحيوانات المفترسة التي تسكنها (إش 30: 20-21). تصير خرابًا يسكن البوم ما تبقى من المنازل، ويوجد بها بنات النعام ومعز الوحش وبنات آوي والذئاب. يقول الأب سيرينوس: [يجب ألا نأخذ كل هذه الأسماء بطريقة عشوائية، إنما تُشير إلى شراسة (الشياطين) وجنونهم تحت رمز الوحوش المفترسة، بكونها ضارة وخطيرة... وأكثر منها شرًا]. إنها صورة للنفس التي تستسلم لعدو الخير فيستخدمها لحساب ملكوت الظلمة، يملأها شرًا ويحولها إلى معمل للفساد: "تربض هناك وحوش القفر" [21]... يسكنها العنف والشراسة ومحبة سفك الدماء البريئة بلا سبب. "يملأ البوم بيوتهم" [21]، حيث يتشاءم غالبية الشرقيين من أصواتها... وكأنه لا تُسمع في داخل الإنسان الشرير سوى أصوات اليأس والتشاؤم الذي يكشف عن فراغ داخلي. "تسكن هناك بنات النعام" [21]، أي مملوءة نجاسة (لا 11: 16؛ تث 14: 15)، صوتها كالنحيب (مي 1: 8) لا يدخل إليها الفرح السماوي، طبعها جاف لا تحب بيضها (مرا 4: 3)؛ تدفن رأسها في الرمال متى رأت صيادًا يقترب إليها، وكان يُظن أنها تفعل ذلك لأنها تحسب أنه بذلك لا يراها الصياد لكن ظهر حديثًا أنها تفعل ذلك لأنها أجبن من أن ترى نفسها تقع ضحية للصيادين. "ترقص هناك معز الوحش" [21]. ربما يعني الوعل، لا يوجد إلاَّ في الأماكن المقفرة. هكذا ترقص وتلهو الشياطين في النفس الشريرة إذ تجد فيها موضعًا لها. "وتصيح بنات آوي (حيوان أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب) في قصورهم والذئاب في هياكل التنعم" [22]... أي تتحول القصور والهياكل من أماكن للتنعم إلى مأوي للحيوانات الشرسة. هذا كله حل ببابل "بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين" [19]، المدينة الذهبية (إش 14: 4)، الغنية في كنوزها (إر 51: 13)، فخر كل الأرض (إر 51: 41)، شُبهت بالرأس الذهبي في التمثال المذكور في سفر دانيال. تحققت فيها النبوات كما وردت بطريقة حرفية، إذ يذكر التاريخ أن كورش هدم جزءًا كبيرًا من أسوار بابل وأبنيتها، وبعد 20 عامًا قام داريوس بهدم بقية الأسوار ونزع أبوابها النحاسية مع صلب ثلاثة ألاف من عظمائها. يُقال إن طول سور بابل كان 60 ميلًا، 15 ميلًا من كل جانب، ارتفاعه 300 قدم وسمكه 80 قدمًا، يمكن لست مركبات أن تسير بجوار بعضها على السور(199).عمقه في الأرض 35 قدمًا حتى لا يحفر العدو طريقًا لنفسه تحته، ومُقام على السور 250 برجًا للمراقبة والحراسة، وبه 100 بوابة نحاسية ضخمة لامعة. بالفعل تحولت بابل إلى خراب، وقد حاول اسكندر الأكبر أن يعيد مجدها لكنه مات قبل تنفيذ مشروعاته. استخدمت حجارتها في بناء بغداد وإصلاح الترع وإقامة الكثير من المرافق العامة. أخيرًا فقد أكد النبي أن ما يقوله يتحقق سريعًا: "ووقتها قريب المجيء وأيامها لا تطول" [22]. فقد بدأ نجم بابل يتألق عام 606 ق.م.، وسقطت في يد فارس ومادي عام 536 ق.م.، بينما جاءت النبوة في القرن الثامن ق.م. لقد بقيت بابل رمزًا لكل نفس متكبرة عاصية كما جاء في سفر الرؤيا، وقد قيل: "إنه في ساعة واحدة جاءت دينونتك" (رؤ 18: 10). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لنفهم هنا الأشجار العقيمة تنمو على مياه بابل هذه الأشجار التي ترتوي بمياه بابل |
خراب آشور |
سحق المطرقة يليه خراب بابل |
زمن خراب أورشليم |
خراب برج بابل |