امّهات عشن القداسة في الدير وفي الحياة العلمانيّة
أنت أيضاً مدعوّة كي تكوني قديسة
يا لها من ميزة رائعة أن تكوني أنثى فأنت مدعوة إلى عيش الأمومة الرّوحيّة. إن الله كوّن جسد وروح المرأة كي تكون حاضرة للأمومة.
الأمومة نعمة منحها الله لجميع النّساء وهي تعاش من خلال طريقتين : الأمومة الجسدية والأمومة الرّوحيّة. الأمومة الجسدية هي أمر بديهي وشائع حيث تنجب السّيدة طفلها وتقوم بتربيته، أو تتبنّى طفلًا، أو تربّي أولاد زوجها أو تكون أمًّا حاضنة.
أمّا الأمومة الرّوحيّة فهي أن تقوم الإمرأة بتغذيّة أحد أفراد المجتمع روحيًّا، أخلاقيًّا، عاطفيًّا وثقافيًّا.
لا تنجب كل النّساء أولادًا، إلّا أنّهن مدعوات جميعًا لممارسة الأمومة الرّوحية أي الإهتمام بالآخرين من خلال غريزة الأمومة الموجودة في داخل كل إمرأة.
لفهم الأمومة الرّوحية بطريقة أوضح علينا في البداية معرفة مفهوم نعمة الأمومة. كنت أعتقد أن الأمومة محصورة بتسعة أشهر من الحمل. ولكن ومع مرور الوقت وبعد أن قرأت رسالة البابا يوحنا بولس الثّاني لعام 1988 “كرامة المرأة” اكتسبت نظرة جديدة لموضوع الأمومة.
إن قوّة المرأة المعنوية والرّوحيّة نابعة من إدراكها لحقيقة أن الله أمنّها على الإنسان من خلال طريقة فريدة. هذا الإئتمان هو خاص بالمرأة كونه يرتبط بطبيعتها الأنثويّة وهو يحدد لها دعوتها بطريقة أو بأخرى. إن الإمرأة قويّة بسبب إدراكها لإئتمان الله…
يتحدّث البابا يوحنّا بولس الثّاني من خلال رسالته عن دعوة جميع النّساء وليس فقط اللّواتي يلدن أطفالًا. يقول البابا إن الله أمّن كل النّساء على الإهتمام بالبشرية وهو أمر متعلّق بطبيعتها الأنثويّة.
فالأمومة لا تنحصر فقط برعاية الأطفال؛ بل يجب أن أن تكون مرافقة للإمرأة في جميع مراحل حياتها.الأمومة الرّوحية لا تخنق المراهقين أو الرّاشدين وتعاملهم على أنّهم أطفال بل تحبهم وتخدمهم على قدر احتياجاتهم. الأمومة الرّوحية تضفي لمسة من حنان الأم على العلاقات البشرية وعلى أعمالنا خصوصًا الأعمال الرّوحية وتلك المتعلّقة بالرّحمة.
إن الأمّ تيريزا هي خير مثال عن الأمومة الرّوحية إثر أعمال المحبّة التي مارستها في كالكوتا الهنديّة. الأمّ تيريزا نجحت في ترجمة الأمومة الرّوحية أفعالًا على أرض الواقع. فمن خلال كلماتها وأفعالها وصلواتها كانت تيريزا بمثابة أمّ للملايين.
أين نجد الأمّهات الرّوحيّات؟
يمكنك فهم الأمومة الرّوحية من خلال النّظر إلى الإمرأة التي لعبت هذا الدّور في حياتك.
العمّة بات
تعود ذكرياتي الأولى مع العمّة بات إلى الرّحلة الرّائعة التي إصطحبتي خلالها العمّة إلى نيويورك تلك المدينة التي أذهلتني وأنا لا أزال في سنّ الطّفولة. العمّة بات أفرطت بالاهتمام بي آنذاك. غادرت نيويورك وفي قلبي حب كبير لها. وحتّى اليوم لا تزال بات تتذكّر تاريخ ميلادي ومناسبات أخرى.فعلى الرّغم من البعد الجغرافي الذي يفصلني عنّها إلّا أنّي لا أزال أميّز بطاقات معايداتها ورسائلها.
محتوى الرّسائل لطالما كان عبارة عن كلمات دافئة مفعمة بالحنان والصّلوات.لقد علّمتني أن الحبّ يتخطّى المسافات والزّمان.
بولا
كانت بولا تنتمي إلى جماعة الكنيسة التي كنت واحدة من أفرادها. كانت أكبر منذي سنًّا. أصبحنا أصدقاء واستمرّت علاقتنا النّبيلة حتّى بعد زواجي. عندما أصبحت أمًّا مررت بظروف صعبّة وضغوطات كثيرة فما كان على بولا وهي أم لثلاثة أطفال إلّا أن أعادت إدخال أمّنا العذراء إلى حياتي وتعليمي كيفيّة أن أتّخذ من العذراء صديقة لي في وقت الضّيق. مرّت السّنوات وأنا لا أزال أحتفظ بكتاب الصّلاة الذي أعطتني إيّاه بولا. لقد ساعدني الكتاب على طلب شفاعة العذراء فتعينني على تخطّي غثيان الصّباح والأرق في اللّيل وما لا يحصى من المشاكل التي تمرّ كل أمّ جديدة بها. لقد علّمتني بولا أن الصّلاة ضرورية لدعم دعوتي كأمّ وزوجة.
إيلين
عندما انتقلت وعائلتي للعيش في منطقة جديدة إلتقيب بإيلين، سيّدة اخرى تتعبّد للعذراء مريم. إيلين وهي أمّ لثلاثة أولاد لطالما فتحت أبوابها أمام الجميع. كانت تقدّم القهوة مع ابتسامتها الدّائمة وكانت تقوم بمعانقتي بكل حنان. كنت أشعر بسلام كبير في كل مرّة ناقشت وإيلين موضوع ما أو قمنا بتلاوت المسبحة الوردية بينما كنّا نجلس على طاولة المطبخ. علاقتي بإيلين دفعتني إلى السّير على خطاها وبناء علاقات أخرى على أساس الصّلاة والسّلام الرّوحي. لقد علّمتني إليلين مدّى فعاليّة وقوّة الضيافة والخدمة بفرح.
جودي
إلتقيت جودي في عام 1996 بينما كنت في الكنيسة. فبعد انتهاء الذّبيحة الإلهية سمعت جودي عن طريق الخطأ همسات تبادلتها مع صديقة لي تعبيرًا عن صدمتي لمعرفة أنّي أعاني من سرطان الثّدي. قبل مغادرتي الكنيسة تقدّمت جودي منّي معرّفة عن نفسها. لقد أخبرتني أنّها حاربت مرض السّرطان منذ سنوات محاولة بذلك إظهار أنه من الممكن التّغلب عل هذا المرض واستكمال الحياة بطريقة طبيعية تمامًا كما فعلت هي. كانت لحظة مقدّسة وكأن الله أرسل لي جودي في هذا التّوقيت الحسّاس. أصبحت جودي بالنّسبة لي بمثابة الأمل المتجسّد.أصبحنا أصدقاء مذّاك اللّقاء حيث رافقتي جودي قي مراحل العلاج والشّفاء.
كانت لي بمثابة قوّة داعمة ومعلّمة في آن واحد. كنّا نتشارك شغفنا بالكتابة، المطالعة وقراءة الإنجيل.
إن أحب نصوص الإنجيل على قلب جودي ذاك الذي يخبرنا عن تجلّي يسوع لتلاميذه. أفكّر في جودي كلّما تلوت السّر الرّابع من أسرارا النّور في المسبحة الوردية. إستمرّت صداقتنا لعشر سنوات إلى حين أسلمت صديقتي الرّوح. لقد علّمتني جودي كيف أتألّم وأعيش بفرح في الوقت عينه.
مريم
أنا أصلّي المسبحة الوردية منذ نحو 25 عامًا في الأوقات العسيرة والسّارة. لقد خضّت تحوّلًا جذريًّا. فكلما ازدادت صلواتي كلّما إزداد ارتياحي. تمكنّت من الاكتشاف تدريجيًّا أنّي لا أحصل فقط على المساعدة والعزاء من خلال الصّلاة بل حصّلت على العذراء مريم كأمّ. لقد كانت المسبحة الوردية بمثابة محفّز للّصلاة حيث كنت أناقش أموري مع العذراء في حوار أم لأم وسيدة لسيّدة. لقد علّمتني العذراء مريم أن أثق بيسوع المسيح وبتعاليم الكنيسة أكثر وأكثر.
كل هؤلاء اللّواتي ذكرتهن هن بمثابة أمهات روحيّات بالنّسبة لي. من الصّحيح أنّهن لم يأخذن مكانة أمّي في حياتي إلّا أنّهن أضفن إلى حياتي غنى روحي تاركين أثرًا حميدًا في قلبي.
لقد أرسل الله لي هؤلاء الأمهات ليضفن إلى قلبي المحبّة والأمل والشّجاعة.
أنا ممتنّة لتأثيرهنّ الإيجابي بحياتي حيث أصبحت وبفضلهن إمرأة أفضل وأمًّا روحيّة لمن عكّر المرض حياتهم أو لمن يعاني من مشكلة أساسية.
10 طرق يمكنك من خلالها معرفة الأم الرّوحيّة:
تشجّع الآخرين وتحثّهم على القيام بما كتبه الله لهم.
تُعرّف وتؤكّد وتحمي الكرامة الإنسانية.
تقوم بأعمال روحية وأعمال رحمة من خلال فيض حنان الأمّ.
تساعد الآخرين من خلال كلمات التّشجيع والخدمات الخيرية.
تصلّي للآخرين ومعهم كمثال لهم.
تمارس فن الصّداقة والضّيافة.
تتشارك معنا كل ما نريد معرفته.
هي مصدر سعادة.
تُبقي يسوع في قلبها تمامًا كما تفعل أمّنا العذراء.
لدى الأم الرّوحية تأثير مقدّس يساعد على خلق قدّيسين.
إن الأمومة الرّوحية هي جزء من مهّة المرأة على الأرض
يشبه دور العرّابة في المسيحية دور الأم الرّوحية خصوصًا وإن كانت العرّابة تلعب دورها فعليًّا في زرع بذور الإيمان لدى الطفل أو الطّفة أي لا تحمل هذا اللّقب على أنّه تسمية فقط.
إلّا أن الأمومة الرّوحية لا ترتبط بالشّق المقدّس فقط.
منذ نحو خمسين عامًا ختم البابا بولس السّادس رسالة الفاتيكان الثّانية بما يلي:
لقد أتت السّاعة التي ستحقق المرأة فيها دعوتها. هذه السّاعة التي يصبح فيها للمرأة تأثيرًا وقوّة لم تعرفهما من قبل. لذلك وفي الوقت الذي يشهد العالم تغيرات جذريّة وعميقة تستطيع النّساء اللواتي يحملن الرّوح القدس في داخلهن أن يقمن بأشياء كثيرة لمنع سقوط البشرية.
إن خطّة الله بتأمين المرأة على البشرية تعني أنه على النّساء أن ينهضن ويرشدن الآخرين من خلال تلك النّعمة الرّائعة التي أعطيت من الله لهن وهي الأمومة الجسدية والرّوحيّة.
على المرأة أن تعكس من خلال تصرّفاتها المحبة والحياة المذكورتين في الإنجيل. جميع النّساء مدعوات للقداسة، والأمومة الرّوحية تمهّد هذا الدّرب.
أمّهات قدّيسات تزوّجن وأنجبن أولادًا:
القدّيسة آن
القدّيسة مونيكا
القدّيسة فرنسيس من روما
القدّيسة إليزبيت آن سيتون
القدّيسة جيانّا مولّا
قدّيسات لعبن دور أمهات روحيّات وعشن الحياة الرّهبانية
القدّيسة كلارا الأسيزية
القدّيسة تريزا من أفيلا
القدّيسة تريزا الطّفل يسوع
القدّيسة كاتارين دركسل
القدّيسة مريان كوب
قدّيسات لعبن دور أمّهات روحيّات وعشن حياةً مدنيّة
القدّيسة مريم المجدليّة
القدّيسة أغنيس
القدّيسة روز من ليما
القدّيسة كاتيري تيكاكويذا