رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
✥ القدّيس البارّ إيسيذورس الفرميّ (+435م): ولد القديس إيسيذورس الفرمي في مدينة الإسكندرية، فيما يبدو، قرابة العام 360م. وهو نسيب البطريرك ثيوفيلوس وابن أخته القديس كيرللس الإسكندريين . تلقى تعليماً ممتازاً في الإلهيات والفلسفة وذاع صيته لتقواه ومعرفته العميقة للكتاب المقدس، نصاً وتفسيراً. وصلنا منه عدد كبير من الرسائل يزيد على الألفين يستفاد منها انه خير الحياة الرهبانية وكان مشهوراً في الأوساط النسكية. بعض المعلومات يفيد أن أهل البلاد والأساقفة عزموا على تقدمته بطريركاً للكرسي المرقسي في الإسكندرية فهرب ليلاً إلى جبل الفرما وترهب في دير هناك ثم انتقل إلى مغارة صغيرة أقام فيها ناسكاً بضع سنوات . كذلك قيل أنه ارتدى ثوباً من الشعر الخشن واكتفى بالأعشاب قوتاً. عُرف بالأنبا إيسيذورس وأورد قوم أنه صار رئيساً للرهبان في ناحيته . غير أن آخر الاستطلاعات بشأنه يميل إلى القول بأنه كان راهباً وحسب ولما يرئس ديراً ولا ترأس على جماعة. دعاه القدامى " كاهناً صحيح الإيمان، ممتلئاً حكمة إلهية ومعرفة كتابية". واعتبره آخرون " هيكلاً للمسيح وأناء لخدمة الكنائس وخزانة للكتاب المقدس". قيل عن إيسيذورس أنه اتخذ القديس يوحنا الذهبي نموذجاً له. بعض الكتبة ذهب إلى حد القول أنه كان تلميذاً له. ليس في رسائل قديسنا ما يؤكد ذلك، لكن الثابت أنه كان يكن للذهبي الفم تقديراً كبيراً كأسقف وواعظ. هذا بين في رسائله ذات الأرقام 1و 152و 156. عن رسائله قال القديس فوتيوس القسطنطيني الكبير أنه و القديسين باسيليوس الكبير و غريغوريوس اللاهوتي أبرز من كتب الرسائل في المسيحية. وهو يعتبر إيسيذورس نموذجاً للحياة الكهنوتية والنسكية وحسب، بل لإسلوبه وصناعة الكتابة. هذا ويتبين من رسائل القديس إيسيدورس أنه كان صاحب شخصية فذة. مصدر رسائله الأول الكتاب المقدس، لكنه عرف الكتبة المسيحيين الأوائل أيضاً. بعض المقاطع من رسائله مأخوذ كلمة فكلمة عن القديس اقليمس الإسكندري. ثقافته العامة واسعة وهو يعتبر أن لكل أصناف العلوم قيمة عظيمة إذا كانت تمجد الحقيقة الإلهية . على المسيحي في نظره أن يكون كالنحلة يستخرج الغذاء حتى من كتابات الفلاسفة الوثنيين (رسالتاه 2 و 3). ديموستينوس وأفلاطون وأرسطو وهوميروس هم المفضلون لديه بين الفلاسفة. استشهاده ببعضهم كديموستينوس كثيف. بالإضافة إلى علم إيسيدورس الكبير يظهر لدى الرجل من خلال رسائله، اهتمام واضح بمسائل تمت إلى العالم وإلى الكنيسة، إلى خدام الكنيسة وعامة المؤمنين، إلى الحكومة المدنية والسلطة الكنسية، إلى المسائل الأخلاقية والعقيدة. في كل هذه الميادين كان إيسيدورس رجل الجرأة والضمير والمحبة. كان لا يتورع عن توجيه اللوم إلى كبار المسؤولين، حتى للأمبراطور نفسه وكذلك للأساقفة والبطاركة محذراً ومرشداً وناصحاً. تغطي رسائل القديس مرحلة تمتد أربعين سنة من عمره من السنة 393 إلى السنة 433م. لا نعرف عدد رسائله أصلاً وإن كان عدد ما وصلنا منها ألفين واثنتي عشرة . بعض القدامى تحدث عن ثلاثة آلاف والأقباط يذكرون ثمانية عشرة ألفاً. ميزة رسائلة، بعامة، انها مقتضبة، ذات أسلوب سلس، أنيقة ممتعة، ممتلئة ناراً إلهية، تنفذ إلى العقل والقلب بيسر. أكثر رسائله يعالج موضوعات كتابية. يتبع القديس في ذلك أسلوب المدرسة الانطاكية ويرفض الإدعاء المبالغ فيه أن صور المسيح هي عبر كل العهد العتيق. هذا في نظره كفيل بحمل الوثنيين والهراطقة على الشك في المقاطع الكتابية المسيحانية الحقانية . إلى ذلك، بين رسائله، عدد من المباحث النسكية والأخلاقية. يتناول أبسط القواعد الأخلاقية ويمتد إلى أسمى مبادئ الكمال الإنجيلي . وكلها تشهد لعمق حكمة الرجل واستقامته. ملكوت السماوات عنده قائم على أساس الفقر الطوعي والإمساك شرط أن تكون الطاعة للوصايا كاملة وأن تكون الفضائل موضع ممارسة. النسك لا يكفي. الروح هو الأساس. لذا قال: "لست ناسكاً كاملاً إذا كان لك طعام وشراب وسرير يوحنا المعمدان . لتصل إلى الكمال يجب أن تكون لك روحه" . ترقى العذرية على الزواج بمقدار ما ترقى السماء على الأرض أو النفس على الجسد. لكن العذرية من دون محبة القريب ومن دون تواضع لا قيمة لها. هذه هي المبادء التي لا يكف إيسيدورس عن التذكير بها، لا سيما الرهبان والكهنة والأساقفة الذين ليسوا في مستوى ما دعوا إليه. وجه قديسنا ثمانية من رسائله ( الباقية لدينا ) إلى القديس كيرلس الإسكندري. في بعضها يدعوه إلى التمسك بالإيمان القويم إلى آخر نقطة. وفي بعضها يأخذ عليه تصرفه في مجمع أفسس. في إحداها قال: " بعض الذين اجتمعوا في أفسس يلومونك لتركيزك على عداوتك الشخصية، لا كمن يحمل في قلبه قضية الرب يسوع المسيح". ( الرسالة 310). وعندما بلغه احتدام الموقف بين القديس كيرللس والبطريرك يوحنا الإنطاكي إثر مجمع أفسس بعث إليه برسالة دعاه فيها إلى التنازل والتفاهم والتعاون مع البطريرك الإنطاكي . مما قاله: "كأب لك، طالما أحببت أن تدعوني كذلك، أو بالأحرى كابن لك، التمس منك أن تضع حداً لهذا الخلاف حتى لا تخلق انشقاقاً أبدياً بحجة التقوى" ( الرسالة 370). رقد القديس إيسيدورس في الرب في العام 435م وقيل في العام 449م. يعيد له اللاتين , و كذا الإخوة الموارنة في شهر شباط , و الأقباط في 10 أمشير . |
|