|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دستور المملكة: البرّ اللهُمَّ، أعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ، وَبِرَّكَ لاِبْنِ المَلِكِ [1]. لا ينطبق هذا القول على شاول بن قيس، ولا على داود بن يسَّى، لأن كليهما ليسا ابنيّ ملك، إنما ينطبق على سليمان بكونه ملكًا، وفي نفس الوقت هو ابن ملك. * يقول الرب نفسه في الإنجيل: "الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن" (يو 5: 22). هذا إذن هو "اللهم، أعطِ أحكامك للملك". ذلك الذي هو الملك أيضًا هو ابن الملك، فإن الله الآب بالتأكيد الملك. هكذا مكتوب أن الملك صنع عرسًا لابنه (مت 20: 2) . القديس أغسطينوس * يليق بنا أن نتبع طريق الملك، ولا نميل من أي جانب، لا إلى حقلٍ ولا إلى كرمٍ (عد ٢١: ٢٢)، بمعنى أنه يجب ألاَّ يميل عقل المؤمنين إلى الأعمال الشيطانية أو أفكارهم . العلامة أوريجينوس * لقد أحيا الإنسان فيه، فإنه لأجل هذا اتحد الكلمة بالإنسان، حتى لا تعود تملك اللعنة التي ضد الإنسان. هذا هو السبب الذي لأجله سجل (الأنبياء) الطلب المُقدم لحساب البشرية في المزمور الواحد والسبعين (٧٢): "اللهم أعطِ أحكامك للملك"، سائلين أن يُسلم حكم الموت الذي صدر ضدنا للابن. عندئذ إذ يموت عنا يبطله فيه. هذا ما عناه حين قال بنفسه في المزمور السابع والثمانين: "عليَّ استقر غضبك" (مز ٨٨: ٧). فقد حمل الغضب الذي حلّ علينا . البابا أثناسيوس الرسولي * ينطبق هذا القول على سليمان بن داود وعلى ربنا يسوع المسيح له المجد. أما سليمان فيُدعى ملكًا، لأنه استولى على المملكة اليهودية، وهو ابن ملك، لأن أباه داود ملك، طلب من الله لابنه حكمة وعدلًا ليحكم بالعدل للشعب. أما ربنا فهو أيضًا ملك، لأنه إله أزلي، وملكه دائم، ويُقال عنه إنه ابن ملك، بكونه ابن الله. وأما حسب الجسد فهو من ذرية داود الملك. دعاه يعقوب رئيس الإيمان أسدًا وشبلًا. ودعاه يهوذا، لأنه ملك ابن ملك، من سبط يهوذا. جاء عنه في نبوة إشعياء أنه يسند الكرسي بالرحمة، ويجلس عليه حقًا في مسكن داود حاكمًا وطالبًا للحكم، ويجازي سريعًا بالعدل... قوله: "لأعطِ حكمك للملك" معناه أنك أيها الإله الآب كما حكمت بإرسال ابنك لخلاص العالم، كما أعلن روحك القدوس، فتمم ما قد حكمت به، وأرسله إلى العالم. فالمسيح بما أنه هو الله ذاته فهو عنصر العدل، لكن بما أنه إنسان أيضًا يُقال عنه أنه أخذ عدلًا من الآب. ويدعو الذين آمنوا من اليهود شعبه، لقوله في إشعياء: "هذا الشعب يقترب مني بفمه". أما الفقراء هنا فهم الأمم الذين كانوا عديمي الخبرة الإلهية. الآب أنثيموس الأورشليمي يَدِينُ شَعْبَكَ بِالعَدْلِ، وَمَسَاكِينَكَ بِالحَقِّ [2]. الملك الذي ينعم بأحكام الله وبرّه يهتم بالشعب بكونه شعب الله المؤتمن عليه. يسلك معه بروح البرّ والحب، ويهتم بالمساكين أي بالمظلومين. لا يطيق الله ظلم الرؤساء والحكام، سواء الدينيِّين أو المدنيين: "الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه ورؤسائهم. وأنتم قد أكلتم الكرم. سلب البائس في بيوتكم، ما لكم تسحقون شعبي، يقول السيد رب الجنود؟" (إش 3: 14-15). "اسمعوا هذا أيها المتهممون المساكين لكي تبيدوا بائسي الأرض" (عا 8: 4). يرى القديس أغسطينوس أن التكرار هنا مع ذكر كلمتي "شعبك" و"مساكينك"، إنما تعني أن شعب الله مساكين بالروح. [بالحقيقة بهذا يُظهر أن شعب الله يلزم أن يكونوا مساكين أي غير متشامخين، بل متواضعين. فإنه طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات (مت 5: 3). كان أيوب فقيرًا بهذا الفقر حتى قبلما يفقد غناه الأرضي العظيم. فإنه يلزمني أن أشير إلى هذا، لأنه يوجد أشخاص مستعدون أن يوزعوا كل مالهم على الفقراء، ولكنهم لا يريدون أن يكونوا هم أنفسهم مساكين الرب. إذ يفتخرون في تشامخ، ظانين أن حياتهم الصالحة تُنسب إليهم لا إلى نعمة الله. بهذا لا يعيشون حسنًا مهما فعلوا من أعمال صالحة كما يبدو لهم .] تَحْمِلُ الجِبَالُ سَلاَمًا لِلشَعْبِ، وَالآكَامُ بِالبِرِّ [3]. الملك الذي يسلك ببرَّ الله تمتلئ مملكته بالسلام. وكما قيل عن سليمان: "هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة، وأُريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان، فاجعل سلامًا وسكينة في إسرائيل في أيامه" (1 أي 22: 9). وقيل عن السيد المسيح: "فيقضي بين الأمم، وينصف لشعوب كثيرين، فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمةٍ سيفًا، ولا يتعلمون الحرب فيما بعد" (إش 2: 4). "لنمو رياسته وللسلام لا نهاية" (إش 9: 7). "ويتكلم بالسلام للأمم، وسلطانه من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض" (زك 9: 10). يرى القديس أغسطينوس أن السلام والعدل (البرَّ) متلازمان، وأن من يتمتع بالسلام الحقيقي يتمتع بالعدل أيضًا. كما يرى الجبال تشير إلى العظماء (المهتمين بخلاص الآخرين)، بينما تشير التلال إلى من هم أقل منهم. وكما قيل في مزمور آخر: "عند خروج إسرائيل من مصر... الجبال قفزت مثل الكباش، والآكام مثل حملان الغنم" (مز 114: 1، 4). * أولئك المتفوقون في الكنيسة لسلوكهم بالقداسة هم الجبال. إنهم مهمون لتعليمهم الآخرين (2 تي 2: 2). بحياتهم هكذا يتمثل الآخرون بهم لنفعهم. أما الآكام فهم الذين يتبعون سمو السابقين خلال طاعتهم لهم... لكِلا الاثنين (الفريقين) العدل والسلام لازمان، ويمكن للعدل أيضًا أن يُدعى سلامًا. فإن هذا هو السلام الحقيقي، الذي يختلف عن ذاك الذي يقوم بين الظالمين. القديس أغسطينوس يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن الجبال هنا والتلال طغمات سماوية متباينة، هذه التي لم تكن تتردد بكثرة على الشعب قبل تجسد الكلمة، أما بعد التجسد فصارت في أُلفة مع شعب المؤمنين، وصار الشعب في سلام، لأن دم حمل الله - يسوع المسيح - رفع الخطية الحاجزة بين الطغمات السماوية والشعب، فاتحد السمائيون مع الأرضيين وصار الكل كنيسة واحدة. كما يرى أيضًا أن الأمم كانت تقدم ذبائح للأصنام على الجبال والتلال وكل أكَمة مرتفعة، أما وقد آمنت بالسيد المسيح فزالت عبادة الأوثان، وامتلأت الجبال سلامًا للشعب، والتلال عدلًا وبرًا. * يقول النبي "جبالًا" و"تلالًا" عن رتب الملائكة، الذين منهم أوائل "الجبال" ومنهم من بعدهم "التلال". فإنهم لم يكونوا يترددون مع الشعب، ولكن بعد تجسد ربنا صاروا في أُلفةٍ مع شعب المؤمنين، وصار سلام للشعب. لأن دم حمل الله يسوع المسيح رفع الخطية الحاجزة بينهم وبين الناس، وضمّ السمائيِّين والأرضيين وصيَّرهم كنيسة واحدة. وأيضًا صار فرح عظيم للملائكة بتوبة الخطاة. هذا ويأمر الروح القدس المرتفعين بالفضيلة مثل موسى وسائر الأنبياء أن يصيروا في صُحبة الشعب، أعني مع الذين آمنوا من الأمم. بمعنى أن عابدي الأصنام كانوا يذبحون لآلهتهم على الجبال والتلال، وعلى كل أكَمة مرتفعة. فِعْلهم هذا كان يغضب الله، لأنهم تركوه، وهو الإله الحقيقي، وعبدوا المخلوقات. ولكن لما آمنوا بالمسيح الإله زالت معابد الأصنام، وبنيت هياكل لله. بهذا تحمل الجبال سلامًا للشعب، والآكام البرّ. الأب أنثيموس الأورشليمي يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي البَائِسِينَ وَيَسْحَقُ الظَالِمَ [4]. "ويسْحق الظالم" أو "ويذل الباغي"، إذ تمتع الكل - العبرانيون والأمم - بخلاص المسيح، تحطم عدو الخير الباغي أو الظالم، الذي سبق فملك على هؤلاء وأولئك ظلمًا، والذي لا يكف عن أن يشتكي ضد أولاد الله ويفتري عليهم بأكاذيب باطلة. يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن مساكين الشعب هم العبرانيون، الذين كانوا يلازمون أسفار الشريعة بغير فهمٍ روحي الذي هو الغنى الحقيقي. وأن بني البائسين هم الأمم. صار الفريقان أبناءً للرسل بالإيمان، إذ نالوا الميلاد الروحي. بهذا انسحق الظالم، أي الشيطان! * "يقضي لمساكين الشعب، يخلِّص بني البائسين، ويسحق المفتري" (مز 72: 4). بحق يُدعى الشيطان "المفتري"، فقد افترى على الله، فبسبب الحسد اِدَّعى أن الله منع الأكل من شجرة (معرفة الخير والشر) ، وافترى على أيوب بأكاذيب، قائلًا: "هل حقًا مجانًا يتقي أيوب الله...؟ أبسط يدك الآن، ومس كل ما له، فإنه في وجهك يجدف" (أي 1: 9، 11). في المزمور الثامن أعطاه اسمين "عدو ومنتقم"، بينما يدعوه هنا (مز 72: 4) مفتريًا . ثيؤدورت أسقف قورش يرى القديس أغسطينوس أن المساكين هنا وبني البائسين هم ذات الأشخاص، كأن نقول "صهيون" و"ابنة صهيون". لكن أن أردنا التمييز بينهما، فيمكن القول بأن المساكين هم الجبال، وبني البائسين هم الآكام. |
|