رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
على جبل الزيتون (الرب يحمل آلامنا فينا): 3 فَيَخْرُجُ الرَّبُّ وَيُحَارِبُ تِلْكَ الأُمَمَ كَمَا فِي يَوْمِ حَرْبِهِ، يَوْمَ الْقِتَالِ. 4 وَتَقِفُ قَدَمَاهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ الَّذِي قُدَّامَ أُورُشَلِيمَ مِنَ الشَّرْقِ، فَيَنْشَقُّ جَبَلُ الزَّيْتُونِ مِنْ وَسَطِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ وَنَحْوَ الْغَرْبِ وَادِيًا عَظِيمًا جِدًّا، وَيَنْتَقِلُ نِصْفُ الْجَبَلِ نَحْوَ الشِّمَالِ، وَنِصْفُهُ نَحْوَ الْجَنُوبِ. 5 وَتَهْرُبُونَ فِي جِوَاءِ جِبَالِي، لأَنَّ جِوَاءَ الْجِبَالِ يَصِلُ إِلَى آصَلَ. وَتَهْرُبُونَ كَمَا هَرَبْتُمْ مِنَ الزَّلْزَلَةِ فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. وَيَأْتِي الرَّبُّ إِلهِي وَجَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ مَعَكَ. إذ تتحطم أورشليم القديمة الحرفية الناموسية لتقوم فينا أورشليم الجديدة الروحية، ليسكن فيها الرب ويحارب عنها ويسندها معلنًا صليبه فيها، يقول: "فيخرج الرب ويحارب تلك الأمم كما في يوم حربه يوم القتال، وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق، فينشق جبل الزيتون من وسطه ونحو الشرق ونحو الغرب واديًا عظيمًا جدًا وينتقل نصف الجبل نحو الشمال ونصفه نحو الجنوب. وتهربون في جواء جبالي لأن جواء الجبال يصل إلى آصل، وتهربون كما هربتم من الزلزلة في أيام عزيا ملك يهوذا، ويأتي الرب إلهي وجميع القديسين معك" [3-5]. إذ سقط الإنسان تحت سبي إبليس وانهار أمام الخطايا (الأمم) تقدم خالقه ليحرره، إذ قيل: "فيخرج الرب ويحارب تلك الأمم كما في يوم حربه يوم القتال" [3]. تقدم الرب بنفسه ليحارب إبليس بكل شروره ليحرر الإنسان من سطوته. ويعلق القديس ديديموس الضريرعلى كلمة "خرج" بقوله: [نعم، يقول ربنا ومخلصنا عن نفسه في الإنجيل: "لأني خرجت من قبل الله (الآب) وأتيت، لأني لم آتِ من نفسي لأن ذاك أرسلني" (يو 8: 42). وبنفس المعنى يقول حبقوق لله: "خرجت لخلاص شعبك، لخلاص مسيحك، سحقت رأس بيت الشرير، معريًا الأساس حتى العنق" (حب 3: 13). وكما يخرج ويأتي إلى من يخلصهم كذلك يخرج بصورة أوضح عندما يصنع حربًا (ضد إبليس). جاء في سفر ميخا: "فإن هوذا الرب يخرج من مكانه وينزل ويمشي على شوامخ الأرض" (مي 1: 13)، وفي إشعياء: الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته، يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه" (إش 42: 13)]. يخرج الرب ليحارب عنا فيقف في ذلك اليوم، أي يوم الفداء، على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق، فينشق الجبل من وسطه ونحو الشرق ونحو الغرب ليصنع واديًا عظيمًا جدًا وينتقل نصف الجبل نحو الشمال ونصفه نحو الجنوب... ماذا يعني هذا؟ أولًا: وقف المخلص على جبل الزيتون شرقي أورشليم بكونه الزارع الذي غرس أشجار الزيتون المقدسة التي قيل عنها: " أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله" (مز 52: 9)، "بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك" (مز 128: 3). هذه الأشجار كما يقول القديس ديديموس: [لا تزرع في الوادي من جهة الغرب، إنما على الجبل في الأعالي جهة الشرق، يشرق عليها شمس البرّ بنوره الإلهي، وكأنها بالأشجار التي غرسها الرب في الفردوس في جنة عدن نحو الشرق (تك 2: 8). كل منها تسمع صوت المصلوب: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43) بهذا تقول الأشجار المقدسة مع الرسول: "أما نحن فسيرتنا في السموات" (في 3: 20)]. ثانيًا: إن كنا بالمسيح يسوع المصلوب غُرسنا كأشجار زيتون في بيت الله شرقي أورشليم، فإننا نقف هناك مع التلاميذ نتأمل صعود السيد عند جبل الزيتون متوقعين مجيئه كقول الملاك (أع 1: 12). ثالثًا: بالإيمان غُرسنا شرقي أورشليم على الجبل المقدس، أما اليهود فبجحدهم المسيا المخلص انحدروا إلى الوادي العظيم جدًا نحو الغرب [4] ومعهم كل جاحدي النعمة الإلهية، ويكون الوادي أشبه بالهوة التي تفصل الذين يُغرسون في الشرق من الذين في الغرب. رابعًا: ينتقل نصف الجبل إلى الشمال حيث ريح الشمال الباردة والنصف الآخر نحو الجنوب حيث الريح الدافئة الحارة. النصف الأول يُشير إلى برودة الروح أو الشر والآخر يُشير إلى حرارة الروح (الظهيرة الروحية). ويرى القديس ديديموس في قول العروس: "استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب، هبي على جنتي فتقطر أطيابها، ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" (نش 4: 16) أن ريح الشمال تُشير إلى إبليس حيث البرد القارس المهلك للزرع الذي يعوق نسمات العطر الإلهي، أما ريح الجنوب فبحرارتها وعطرها تلهب النفس ممثلة السيد المخلص القائل: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟!" (لو 12: 49). لنقل لريح الشمال لا باللسان بل بالعمل أن ترجع عنا بعيدًا بتحقيق كلمات الرسول: "امتنعوا عن كل شبه شر" (1 تس 5: 22)، ولندع ريح الجنوب بقبول السيد المسيح في حياتنا عمليًا! خامسًا: يرى القديس ديديموس في القول: "جواء الجبال يصل إلى آصل" [5]، أن الاخدود الذين بين الجبال يصل إلى غسائيل الذي قيل عنه: "خفيف الرجلين كظبي البر" (2 صم 2: 18). فالمؤمن بالمسيح يسوع ينطلق بين الجبال المقدسة بأرجل خفيفة مسرعة نحو عريسها، بنظرات روحية ثاقبة نحوه. سادسًا: يقول: "وتهربون كما هربتم من الزلزلة في أيام عزيا ملك يهوذا ويأتي الرب إلهي وجميع القديسين معك" [5]. هذه الزلزلة المشهورة هي التي حدثت في أيام عزيا ملك يهوذا، في أيام يربعام بن يوآش ملك إسرائيل وقد ذكرها عاموس (عا 1: 1)، وإذا عرف عزيا بخطيته نحو المقدسات بإيقاده على مذبح البخور (2 أي 26: 16) أُصيب ببرص في جبهته أمام الكهنة في بيت الرب وطُرد من هناك وأقُيم ابنه عوضًا عنه، فالهروب من الزلزلة إنما يعني هروبنا مما حل بعزيا، من برص خطيته لننعم بحلول الرب إلهنا فينا ليملك داخلنا. لنهرب من زلزلة عزيا لنتقبل زلزلة الصليب التي خلالها انطلق كثير من الأموات إلى أورشليم وظهروا لكثيرين (مت 27: 51-52)، لكي تزلزل فكرنا الأرضي الترابي وتقيم فينا الفكر الروحي الحيّ. |
|