منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 12 - 2021, 05:41 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,589

زيارة مريم لاليصابات وسر الميلاد المجيد


زيارة مريم لاليصابات وسر الميلاد المجيد




الأحد الرابع من المجيء: زيارة مريم لاليصابات وسر الميلاد المجيد (لوقا 1: 39-45)


النص الإنجيلي (لوقا 1: 39-45)

39 وفي تلكَ الأَيَّام قَامَت مَريمُ فمَضَت مُسرِعَةً إِلى الجَبَل إِلى مَدينةٍ في يَهوذا. 40 ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا، فَسَلَّمَت على أَليصابات. 41 فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس، 42 فَهَتَفَت بِأَعلى صَوتِها: ((مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ! 43 مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ 44 فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني 45 فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ)).

مقدمة

يصف لوقا الإنجيلي زيارة مريم العذراء لخالتها أليصابات المسنّة، شقيقة أمِّها حنّة كامتدادٍ لبشارة الملاك لمريم العذراء وكتمهيدٍ لأحداث ميلاد الرب. وأصبحت اليصابات بعد مريم العذراء ثاني شخص يعترف بتجسد يسوع، كلمة الله، في أحشاء مريم البتول، إذ قالت " مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ " معلنة بذلك أيضا أمومة مريم. وتؤكّد زيارة مريم العذراء حقيقة التجسّد من خلال تحية السلام المتبادلة بين مريم وأليصابات؛ أنها صور تمهيديّة تكشف عن شخص السيِّد المسيح نفسه، وعمله في حياتنا. ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النص الإنجيلي وتطبيقاته.

أولاً: تحليل وقائع نص إنجيل لوقا (لوقا 1: 39-45)

39 وفي تلكَ الأَيَّام قَامَت مَريمُ فمَضَت مُسرِعَةً إِلى الجَبَل إِلى مَدينةٍ في يَهوذا.

تشير عبارة "وفي تلكَ الأَيَّام" إلى وقت بشارة مريم العذراء حالما استطاعت التأهب للسفر مسافة أربعة أيام. أمَّا عبارة "قام" فتشير في الإنجيل إلى البُعد الباطني والاستعداد النفسي والنهوض والوثبة الروحية كما حصل مع متى العشار (لوقا 5: 28) والابن الشاطر (لوقا 15: 18). أعطت بشارة الملاك لمريم دينامية إيمانية جعلتها تقوم وتنطلق؟ فالبشارة هي قصة دعوة مريم العذراء، والعهد القديم مليء بالبشارات: كميلاد شمشون وميلاد صموئيل ودعوة أشعيا ودعوة إرميا: كلها محورها الله وكلمة الله الخلاصية. ونحن هل يحدث فينا الإيمان مثل هذا التحوُّل والانطلاق، أم نظل "نجرّ المكنسة جرّا" على حد قول القديس منصور دي بول. أمَّا عبارة " مَريمُ " في الأصل اليوناني Μαρία مشتق من اسم عبري מִרְיָם (معناه عصيان) فتشير إلى اسم العذراء، مريم أم يسوع المسيح، التي جاءت من سبط يهوذا من نسل داود (لوقا 1: 32 و69). وكان لمريم العذراء أخت واحدة (يوحنا 19: 25)، وهي سالومة زوجة زبدي وأم يعقوب ويوحنا (متى 27: 56). وكانت العذراء مريم على صلة القرابة مع اليصابات، أُم يوحنا المعمدان (لوقا 1: 36). وكانت مباركة من النساء (لوقا 1: 28). وفي أثناء المدة التي كانت فيها مريم مخطوبة ليوسف، أعلن لها الملاك جبرائيل ميلاد المسيح المنتظر منها (لوقا 1: 26 -35 و2: 21). وفي بيت لحم وفي المغارة وضعت مريم ابنها البكر. ثم قامت بتقديم المسيح في الهيكل (لوقا 2: 22 -39). واستقبلت المجوس (متى 2: 11). وهربت إلى مصر ثم عادت منها إلى فلسطين (متى 2: 14 و20). وكانت تقوم بزيارة لإورشليم لحضور عيد الفصح كل سنة (لوقا 2: 41). ونرى مريم في عرس قانا الجليل (يوحنا 2: 1 -5). وعند الصليب تحقَّقت فيها النبوّة التي تنبأ بها سمعان الشيخ عندما قال: ((وأَنتِ سيَنفُذُ سَيفٌ في نَفْسِكِ "(لوقا 2: 35). وكانت مريم مواظبة مع تلاميذ الرب وإخوته في الصلاة (أعمال الرسل 1: 14)، ويقدِّمها لنا الكتاب المقدس كمثلٍ أعلى للأمهات وللنساء قاطبة مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء!" (لوقا 1: 42).

أمَّا عبارة "فمَضَت مُسرِعَةً" فتشير إلى مريم التي لم تمكث في الناصرة بعد البشارة إلاّ قليلا رغبةً في تهنئة اليصابات بما أعلمها الملاك لها. والانطلاق بسرعة دليل على فيض الحياة التي تملأ الذين نالوا الخلاص، لأنَّ نعمة الخلاص لا تعرف التردد والإبطاء. أمَّا عبارة " مسرعة" فتشير إلى كلمة فصحية. شعرت مريم بخلاص الله وذهبت للقاء الآخر، انطلقت مسرعة بسبب اشتياقها الشديد لرؤية العلامة التي أعطاها إياها الملاك جبرائيل "وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضاً بِابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِراً" (لوقا 1: 36)، وذلك دلالة على فرحها وإيمانها بوعد الله ورغبتها في خدمة خالتها المُسنَّة التي تتنظر مولودها للوقوف إلى جانبها ومساعدتها بأعمال ملؤها المحبة والرحمة ومشاركتها خبرة الخلاص وأفراحها على خطى من جاء "ليَخْدِم لا ليُخدَم" (مرقس 10: 45). ويُعلق القديس أمبروسيوس الأسقف "أَسرَعَتْ إلى الجبَلِ، لا لِعدَمِ إِيمانِها بالنبَأ، ولا لأنَّها كانَتْ متردِّدةً في البِشارةِ التي سمِعَتْها، ولا لأنَّها كانَتْ تشُكُّ في الحالَةِ التي أُعلِمَتْ بها، بل لأنَّها ابتهجَتْ بوعدِ الله، ورغِبَتْ في الخدمةِ، فأسرَعَتْ فرِحَةً" (القديس أمبروسيوس الأسقف CCL 14، 39-42). إن النَعَم الحقيقيّة التي نقولها للرّب حين نقبله في حياتنا تجد ضمانتها وبرهانها في انطلاقنا نحو الآخر، في خدمة الآخر ومحبّته. أمَّا عبارة "الجَبَل" فيالأصل اليوناني ὀρεινὴν (معناها منطقة جبلية) فتشير إلى أحد مقاطعات اليهودية الأحد عشر حيث جاءت مريم من الناصرة إلى عين كارم مسافة 120 كم؛ وهو المكان الذي تمّت ‏فيه الزيارة قبل ألفي عام بحسب التقاليد القديمة. ‏أمَّا عبارة "مَدينةٍ في يَهوذا" فتشير إلى عين كارم بناء على التقاليد المتواترة، وبعض الباحثين يشيرون إلى مدينة قرب مدينة حبرون لان تلك الأرض وُهبت لهارون الكاهن (يشوع21: 11)، وهي مسكن زكريا الكاهن واليصابات والديَّ يوحنا المعمدان، علما أن منطقة يهوذا هي مركز الدين اليهودي. هذه هي رحلة مريم من الناصرة إلى جبال يهوّذا، تختصر مسيرة حياتها كلّها، مسيرة الإيمان التي نسيرها كلّ يوم خلف الرّب: درب طويل وشاقّ، إنّما يبقى الرجاء ضمانة خلاصنا حيث نعلم أن الله يقودنا ويعتني بنا وينتظرنا.

40 ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا، فَسَلَّمَت على أَليصابات

تشير عبارة "دَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا" إلى دخول مريم إلى بيت زكريا بعد اجتيازها المناطق الجبلية، مثلما أُدخل بيت عُوْبِيد أدُوم تابوت العهد بعد اجتيازه المناطق الجبلية (2 صموئيل 6: 10). إن رسالة يسوع، الكلمة المتجسد في مريم قد انطلقت منها. وهكذا أصبحت مريم هي أول المُبشّرين بالمسيح، إنها الحاملة الأولى للبشرى السعيدة " ما أَجمَلَ على الجِبالِ قَدَمَيِ المُبَشِّر المُخبِرِ بِالسَّلامِ المُبَشِّرِ بِالخَير المُخبِرِ بِالخَلاص "(أشعيا 52: 7). تحمل مريم إلى اليهودية السلام والسعادة والخلاص. ويُعلق القديس أمبروسيوس "من كان أرفع منزِلة يزور الأقل؛ مريم ذهبت إلى أليصابات وذلك بحسب المنطق الإلهي الكبير الذي يطلب الصغير ويبحث عنه كما جاء في تشيد زكريا، أبو يوحنا " تَبارَكَ الرَّبُّ إِلهُ إِسرائيل لأَنَّهُ افتَقَدَ شَعبَه وَافتَداه إلهُ إسرائيل" (لوقا 68:1). زيارة مريم لأليصَابات تعطي نموذجًا لما يجب أن تكون عليه زياراتنا. أمَّا اسم " زَكَرِيَّا" في الأصل اليوناني Ζαχαρίας مشتق من العبرية: זכריה (معناه "ذكره الله" أو "مذكور الله") فيشير إلى زوج اليصابات. وهو كاهن من فرقة أبيا (لوقا 1: 5)، هو أبو يوحنا المعمدان. وقد ذكرت صفاته وصفات امرأته بأبسط العبارات وأتمها وضوحاً، وكانا كلاهما ورعين بارين سالكين في جميع وصايا الرب وباذلين وسعهما ليحصلا على نعمة الروح القدس (لوقا 1: 6). أما مولد يوحنا فأعلن بطريقة عجيبة خارقة للعادة. فلم يصدق زكريا بل شك وطلب علامة غير اعتيادية دفعاً لما في نفسه من الريبة فكانت آيته أن فَقَدَ قوة النطق وبقي صامتاً إلى اليوم الثامن بعد ميلاد الصبي إذ دعاه يوحنا حسب قول الملاك له، وفي الحال انطلق لسانه وعاودته قوة النطق. فأخذ يشكر الله ويحمده مملوء ًمن الروح القدس ومسبحاً الرب بنشيد أشبه بالتسابيح العبرانية القديمة (لوقا 1: 57-80). ورد اسمه أيضا في القرآن " يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (سورة مريم 7). أما عبارة " فَسَلَّمَت " في الأصل اليوناني ἠσπάσατο (معناها حيّت) فتشير إلى تحية سلام وتُترجم بمعنى الفرح. وبهذا السلام هنأت مريم أليصابات بما يُرفع العار عنها لأنها كانت عاقر، لأنه في المجتمع اليهودي في ذلك الوقت كانت تقاس قيمة المرأة بمقدار قدرتها على إنجاب الأطفال، وكان التقدم في السن بدون إنجاب غالباً ما يؤدي إلى مشكلات شخصية ويعتبر عاراً اجتماعيا. وتذكرنا هذه العبارة بقول الرب يسوع لتلاميذه "وإِذا دَخَلتُمُ البَيتَ فَسَلِّموا علَيه" (متى12:10). إن كتاب العهد الجديد هو كتاب السلام حيث تكرَّرت كلمة سلام 88 مرّة فيه. فإذا ما كنا في نعمة، فلا نتعال، ولا ننظر إلى الآخرين من علُ. أمَّا عبارة "اليصابات" (صيغة يونانية Ἐλισάβετ مشتقة من لفظة عبرية אֱלִישֶׁבַע " اليشبع" أي "الله يُقْسِم" أو "يمين الله) فيشير إلى اسم امرأة تقية بارة من سبط لاوي ومن بيت هارون مما يلمّح أنها جاءت من عائلة كهنوتية مقدسة (خروج 6: 23)، وهي زوجة زكريا وأم يوحنا المعمدان الذي ولدته بعد أن كانت متقدِّمة في السن، وأشار زكريا لمعنى اسم زوجته عندما قال:" القَسَمَ الَّذي أَقسَمَه لأَبينا إِبراهيم " (لوقا 1: 73). وكانت أليصابات من أقرباء مريم العذراء، وقد أوحى إليها الروح القدس بأمومة العذراء بالمسيح المنتظر، فدعت مريم "أُمُّ رَبِّي" (لوقا 1: 43)، وهي لم تُبدِ شكوكا في قدرة الله على إتمام وعده. فكانت أول امرأة بعد مريم العذراء تعترف بمجيء المخلص من مريم العذراء. وكانت اليصابات تمثّل العهد القديم، في حين مريم تمثل العهد الجديد التي سمعت كلمة الله وأمنت بها، وقبلتها في قلبها وحملتها إلى الآخرين. كيف يُمكن للرب يسوع أن يذهب إلى بيت زكريا في عين كارم إذا لم تجلبه أمه إلى هناك؟

41 فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس

تشير "سَمِعَت" إلى سماع اليصابات الصوت بالأذن، وأمَّا الذي قَبِلَ النعمة أولاً فهو يوحنا جنينها، إذ تهلَّل بقوة الروح القدس. كانت اليصابات أول من سمع صوت مريم، لكن يوحنا كان أول من تأثر بنعمة الروح القدس. وبمجرد إصغاء اليصابات لسلام مريم، تمَّت أحداث عجيبة من ارتكاض الجنين مبتهجًا وامتلاء اليصابات بالروح القدس وشهادتها لأمومتها لربِّها. أمّا عبارة "الجَنينُ" فتشير إلى يوحنا المعمدان في بطن أمه اليصابات والجنين هو ثمرة الحمل في الرَّحم حتَّى نهاية الأسبوع الثَّامن. أمَّا عبارة "ارتَكَضَ" في الأصل اليوناني σκιρτάω " (معناها تحرّك) تقابلها باللغة العبرية יִּרְקַד أي "رقص" فتشير إلى ارتكاض خاص بحركة الجنين غير عادية حتى نسبتها اليصابات إلى بسبب مجيء مريم. وهي ذات الكلمة التي استخدُمت حين رقص داود النبي فَرِحا أمام تابوت العهد المقدس (2 صموئيل 6:16). ارتكض يوحنا المعمدان فرحاً في بطن أمّه اليصابات بسبب حضور يسوع في بطن امه مريم. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "لم يكن يستطيع الطفل بعد أن يصرخ لكنه كان يُسمع بأعماله". وتلمح هذه اللفظة "ارتَكَضَ" إلى مريم العذراء التي هي تابوت العهد الجديد الذي يحتوي على حضور كلمة الله المُتجسِّد. مريم هي "تابوت العهد الجديد" حيث يسكن الله (2 صموئيل 6: 2-11) وحيث أن الله يريد أن يسكن من الآن وصاعدا في قلوب حية وعامرة بالإيمان والفرح. وتدل هذه العبارة أيضا أن المسيح هو أسمى من يوحنّا منذ كان جنيناً في بطن أمّه. أمَّا عبارة "امتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس" فتشير إلى حلول روح نبوءة العهد القديم على اليصابات واعترافها بمريم العذراء أما للمسيح. وحلول الرّوح القدس جعلها تفهم، وتؤمن، وتختبر شخصيّاً عمل الرّب في حياتها. حلّ الروح القدس على اليصاباتروح النبوءة كما كان للأنبياء القدماء ولمريم أخت موسى (خروج 15: 20)، ولشيوخ إسرائيل (عدد 11: 27) ولشاوُل الملك (1 صموئيل 10: 6). ويُعلق العلامة أوريجانوس " امتلأت أليصابات من الروح القدس، وذلك لأجل ابنها يوحنا، الذي كان لا يزال في بطن أمِّه وامتلأ من الروح القدس. وإذا تقدَّس الابن بعد ذلك امتلأت اليصابات أيضًا من الروح القدس". امتلأت أليصابات بالروح بعد أن حَمَلت، ومريم قبل الحمل كانت ممتلئة بالروح. إذ أن اليصابات المسنَّة العاقر آمنت وفرحت، لانَّ أم ربِّها أتت إليها وزارتها. فبعث اللقاء على الفرح، وفرحة اللقاء هي عيد الرب. علمت اليصابات أنَّ ابن مريم العذراء سيكون أعظم من ابنها، لأنه هذا سيصبح مرسلا أمام ابن مريم. ليتنا في زياراتنا ولقاءاتنا مع الآخرين نحمل إليهم مسيحنا القدِّوس الذي يُبهج أحشاءهم الداخليّة، ويُلهب روحه القدِّوس فيهم.

42 فَهَتَفَت بِأَعلى صَوتِها: مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ"

تشير عبارة "هَتَفَت" في الأصل اليوناني ἀναφωνέω (معناها هنفت ويُستعمل في التوراة بارتباطه دائما برُتب دينية محورها تابوت العهد) إلى صرخة اليصابات أو بالأحرى إلى أنشودتها التي تُلمِّح مرة أخرى أنَّ مريم العذراء هي بمثابة تابوت العهد الجديد لحضور كلمة الله (1 أخبار 15: 28). ولأن اليصابات امتلأت بالروح القدس فإن كلماتها هي كلمات نبوية قادرة على تفسير علامات وجود الله في مريم. أمَّا عبارة " مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ" فتشكّل مع تحية الملاك جبرائيل لدى البشارة جزءاً من الصلاة المشهورة للعذراء " السلام الملائكي". وهي تُذكِّرنا بالأيام التي سبقت عيد الميلاد عندما كان يسوع في أحشاء مريم. وها هو قلب ألام يخفق قرب قلبه، ويخفق بدم بشري وحيد. والمباركة هو فعل شكر عميق إلى مريم ويسوع ابنها. الأم مُباركة وابنها مُبارك. ويعلق الأب رينيه لورانتان الخبير بالكتابات عن سيدتنا مريم العذراء: "كان بإمكان إليصابات أن تهتف: مبارك ثمرة بطنك" ولكنّها – بوحي من روح القدس-أسبقت التبريك ليسوع بالتبريك لأمّه العذراء، وذلك لإكرام الأمّ التي تسبق دوماً أبناءها في النظام الطبيعيّ. أمَّا عبارة "مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء!" فتشير إلى احدى صفات مريم أنها مباركة لإنعام الله عليها بالبركة التي لم يهبْها لغيرها من النساء، وذلك بسبب نعمة أمومتها الحقّة حيث أصبحت حوّاء الجديدة التي نالت البركة والحياة بدل حوّاء الأولى التي استحقت اللّعنة والشّقاء كما ورد في سفر التكوين. حوّاء ماتت بسبب رغبتها المتكبّرة في أكل ثمرة الحياة، ومريم العذراء أطاعت الرّب فحلّت ثمرة الحياة في أحشائها، ثمرة دعتها اليصابات "مباركة". وفى سفر يهوديت نجد نفس الـمباركـة "باركَكِ، يا بُنَيَّة، الإِلهُ العَلِيّ فَوقَ جَميع النِّساءِ اللَّواتي على الأَرض" (يهوديت18:13)، وهذه البركة تذكرنا أيضا في نشيد دبورة النبية "لْتُبارَكْ بَينَ النِّساءِ ياعيل (اِمرَأَةُ حابَرَ القَينِيّ" لِتُبارَكْ بَينَ جَميعِ السَّاكِناتِ في الخِيام!" (قضاة 5: 24). وأمَّا عبارة "مُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ" فتشير إلى يسوع، الثمرة المباركة الذي هو سبب مباركة مريم " مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء!"؛ فيسوع هو الثمرة المباركة بحيث تصبح مريم شجرة الحياة الجديدة، المزروعة في وسط الجنة تقدّم ثمرتها للأجيال كلّها، والأجيالُ كلُّها تكرّمها من أجل الثمرة التي تعطيها. وتدل هذه العبارة أيضا على مريم العذراء التي أصبحت بمثابة تابوت العهد الحاوي حضور الله. إنها مسكنه الجديد، هي قدس الأقداس الحي الجديد "الم يقل لها " قُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ؟" (لوقا 1: 35). فكما كان يهتف داود الملك أمام تابوت العهد بقوله "كَيفَ يَنزِلُ تابوتُ الرَّبِّ عِنْدي؟"(2 صموئيل 6: 10) هكذا تهتف ‏أليصابات أمام مريم، تابوت العهد الجديد: "من أين لي أن تأتيني أم ربي؟"‏. مريم حقاً هي تابوت العهد الجديد حيث يسكن الله بتجسد يسوع المسيح في أحشائها. وكما أقامت مريم عند اليصابات نحو ثلاثة أشهر (لوقا 1: 56) هكذا "بَقِيَ تابوتُ الرَّبِّ في بَيتِ عوبيدَ أَدومَ اِلجَتِّيِّ ثَلاثَةَ أَشهُرٍ" (2 صموئيل 6: 11). وهنا ستكون مريم الصورة المستقبلية عن الكنيسة التي سيسكنها القربان إلى الأبد. إن الله فضل قلب الإنسان على أي بيت يسكنه من الحجارة، فهذه دعوة لنا أن نجعل من قلوبنا مغارة لميلاد المسيح على مثال الأم البتول مريم. أمَّا عبارة " مُبارَكَةٌ " فتشير إلى جزء من الخبرة اليوميّة لدى إنسان العهد القديم. نستقبل القريب ونودّعه "فنباركه" بمعنى أننا "نحيّيه" (تكوين 47 :7). وتدلّ المباركة على الوحدة وعلى علاقة الحياة، وهذا أمر خاص بعلاقاتنا في الشرق.أماكلمة مباركة على فم اليصابات فتدلُّ على تمجيد لله وشكر له، وإقرار بجميله بسبب أعماله ومعجزاته، وبهذا البركة عبّرت اليصابات عن الوحدة بين الأم مريم وابنها يسوع. هي بركة مزدوجة، يسوع مريم يشتركان معا في البركة الإلهية. مريم هي المباركة، ويسوع الذي فيها هو المبارك وكلاهما يأتيان باسم الرب لإعلان الملكوت المسيحاني. فبركة الرب تبلغ البشر بواسطة مريم ويسوع المُتَّحدين اتحادا لا ينفصم. إن مريم مرتبطة بابنها ارتباطا وثيقا في شخصيتها وطبيعتها وتاريخها، لذلك هي ليست أداة مجرَّدة من كل شخصية أو مسؤولية بل هي شريكة لإعلان الملكوت. أما عبارة "ثَمَرَةُ بَطنِكِ" فتشير إلى يسوع المسيح، كما سبق كثير من رجالات العهد القديم الذين كُرِّسوا للرب " وهم في بطون أمهاتهم " مثل شمشون (قضاة 13: 5) وارميا (ارميا 1: 5) وعبد الله (أشعيا 49: 1)؛ يعني ذلك أن الله سبق فاختارهم لرسالتهم كما اختار بولس الرسول " لكِن لَمَّا حَسُنَ لدى اللهِ الَّذي أَفرَدَني، مُذ كُنتُ في بَطْنِ أُمِّي، ودَعاني بنِعمَتِه" (غلاطية 1: 15). تحدّثت المرأتان بنعم الله، والوالدان زيَّنا الأحشاء الوالدية بسر التقوى وبنعمه.

43 مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟"

تشير عبارة "مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي" إلى إعلان اليصابات أمومة مريم لربها، بالرغم من عدم وجود أية ظاهرة لهذا الحدث الإلهي سوى إصغائها لسلام مريم. إن هذا الإعلان يُعبِّر عن فعل سجود وعرفان جميل للخالق. ولمَّا أتت مريم لزيارة اليصابات عرفت هذه بواسطة الروح القدس أن ابن مريم العذراء هو المسيح المنتظر، وأمنت بذلك وفرحت به بالرغم أنَّ حَبل مريم العذراء يبدو مستحيلا. ولكن سؤال أليصابات إشارة أن الحبل البتولي هو أمر ممكن وليس مستحيل على الله. وبهذا الإعلان تؤكد اليصابات باسم العهد القديم أن الرجاء المسيحاني قد تحقَّق في أحشاء مريم. ويعلق الأب رينيه لورانتان "كان بإمكان اليصابات أن تقول متسائلة: "مِن أينَ لي أن يأتي ربّي إليّ؟" بدل سؤال "مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟". فالمسيح الربّ الجنين يحمل والدته التي هي "بنت ابنها" كما يقول الأديب الإيطالي دانتيه)، ويسوع هو "الكلمة الذي به كان كلّ شيء" بما فيه أمّه. ولكنّ روح القدس ألهم اليصابات احترام الوالدة وإكرامها – لا على حساب ألوهيّة الابن الجنين، بما أنّ الجنين الإلهيّ ما كان ليتحرّك لولا تَحرُّك والدته الطهور من الناصرة إلى عين كارم ". فلا عجب أن يقف القديس كيرلس الكبير رافعا الترنيم لمريم أمام آباء مجمع أفسس، قائلًا: "السلام لمريم والدة الإله، الكنز الملوكي للعالم كله، إكليل البتوليّة، الهيكل غير المفهوم، المسكن غير المحدود، الأم والعذراء. السلام لك يا من حملتِ غير المُحوى في أحشائك البتوليّة المقدَّسة ". أمَّا عبارة " مِن أَينَ لي " فتشير إلى فرصة عظيمة لأليصابات لا تستحقها أن تأتي "أُم ُّ الرب" إليها. ويُشبه هذا القول كلام يوحنا المعمدان ليسوع عندما أتى ليعتمد على يده " أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟ " (متى 3: 14). ويعلِّق القديس أمبروسيوسقائلًا على لسان اليصابات " أي فضَّل لي، أو أيّ عمل قمتُ به، أو أيّ حق هو لي... فإنَّي أشعر بالمعجزة وأتلمَّس السرّ". علمت اليصابات أن ابنها يكون عظيما (لوقا 3: 15) لكنها علمت أن ابن مريم يكون أعظم منه. أمَّا عبارة "رَبِّي" في الأصلاليوناني κυρίου μου (معناها سيدي) فتشير إلى لقب الرب، وهو أحد أسماء المسيح الذي يَدلّ على أن يسوع هو المسيح، ويُوحي بما لسيادته الملكية من طابع إلهي (أعمال الرسل 2: 36) ولسمو المسيح المدعو "ربي" كما جاء في تفسير إنجيل متى لمزمور 110 " قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: إِجلِس عن يَميني حتَّى أَجعَلَ أَعداءَكَ تَحتَ قَدَمَيك " (متى 22: 44). كانت أليصابات الشخص الأول الذي ينادي يسوع في الإنجيل بكلمة "κύριος "، أي ربّ. وإن مريم ليست أم الرب فقط بل أم "ربّي. إنها أم الرب الذي خلصها ونزع عنها الخزي وأنعم عليّها برحمته. ويقول بولس الرسول في هذا الصدد" ولا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يَقول: يَسوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِإِلهامٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس" (1 قورنتس 12: 3). فيسوع هو المسيح المنتظر، أي المسيح الملك الذي أنبأت به الكتب المقدسة، وأعلنه المُرسلون وأثبتوه لليهود إذ "كانوا لا يَنفكُّونَ كُلَّ يَومٍ في الهَيكلِ وفي البُيوت يُعلِّمونَ ويُبَشِّرونَ بِأَنَّ يسوعَ هو المسيح" (أعمال الرسل 5: 42). ويتضمن لقب "رب" اسم المسيح القائم من بين الأموات والذي انتصر على الموت. ويُطلق سفر أعمال الرسل على الله اسم "الرب"، ولكنه يطلقه على يسوع أيضا، كما فعل إنجيل لوقا " فلَمَّا رآها الرَّبّ"(لوقا 7: 13). وأعلنت الجماعة المسيحية الأولى حقيقة أن "الرب هو يسوع المسيح" أذ كان بولس الرسول "يُعلِنُ مَلَكوت الله ويُعَلِّمُ بِكُلِّ جُرأَةٍ ما يَختَصُّ بِالرَّبِّ يسوعَ المَسيح، لا يَمنَعُه أَحَد"(أعمال الرسل 28: 31) ليستطيع جميع الناس أن يؤمنوا به (أعمال الرسل 11: 17)، إلاَّ أنَّ يسوع الرب هو ابن الله أيضا (أعمال الرسل 9: 20). في المسيح يسوع الذي مات وقام، والذي هو رب الكل، يُعرض الخلاص لكل من يؤمن به، يهوديا كان أم وثنياً " ولَهُ يَشهَدُ جَميعُ الأَنبِياءِ بِأَنَّ كُلَّ مَن آمَنَ بِه يَنالُ بِاسمِه غُفرانَ الخَطايا" (أعمال الرسل 10: 43). أما عبارة " أُمُّ رَبِّي " فلا تشير إلى مريم أنها أم الرب فقط بل إلى أم "ربّي" أيضا. إنها أم الرب الذي خلص اليصابات ونزع عنها العار وجعلها تنتظر مولوداً، حتى في عمر الشيخوخة، فأنعم عليها برحمته إذ ظلت أمينة لله. وقد افتتح يوحنا المعمدان رسالته بالدلالة على المسيح الرب بلسان أمّه (لوقا 1: 43). قد استعمل لوقا 19 مرة لفظ "الرب" في إنجيله، وأكثر من 40 مرَّة في سفر أعمال الرسل. لأن سيادة يسوع تجلّت بعد قيامته. وما سيقوله يوحنا فيما بعد عن المسيح، تقوله اليصابات ألان لمريم. أمَّا عبارة "أُمُّ رَبِّي؟" فتشير أولا إلى أم يسوع الذي هو المسيح المنتظر، وهو الرب الاله المُتجسِّد. لو حبذا أن نستقبل مجيء يسوع كما استقبلت أليصابات مريم بنظرة الإيمان التي مكّنتها من رؤية بركة الله مجدداً في عمل التاريخ.

44 فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني.

تشير عبارة "إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ" إلى صوت مريم الذي يُبشّر بيسوع الذي هو علامة من الروح القدس التي تحقَّقت لاليصابات ما علمته سابقا وهو: مريم " أُمُّ رَبِّي؟". يعيد لوقا الإنجيلي مرّة أخرى ما قاله "فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس، 42 (لوقا 1: 41)، ويعلق العلامة أوريجانوس " "في البدء، لم يُعطِ الرّب يسوع المسيح كنيسته أن تعرفه إلاّ عبر صوته. لقد بدأ بإطلاق صوته عبرَ الأنبياء؛ فمن دون أن يظهر، أسمعَهم صوته فقط". أمَّا عبارة "ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني" فتشير إلى إعادة ما قاله لوقا سابقا (لوقا 1: 41) مع إضافة صغيرة ومهمّة وهي "ابتهاجا". والابتهاج يدل سبب ارتكاض يوحنا المعمدان وأمه اليصابات. إن لقاء الرّب لم يجلب لأليصَابات ولا لطفلها الخوف أو القلق، بل جلب الفرح. فهذا الفرح التي تحلت به أليصابات لدليل أكيد على أمانتها لله. إن مريم تنقل الفرح إلى منزل خالتها، لأنها "تحمل" المسيح. ويسوع يُقدس يوحنا المعمدان من خلال أمِّه مريم. فقد تذوق يوحنا المعمدان طعم الفرح الحقيقي وهو ما يزال في بطن أُمه أليصابات؛ وهو أول شخص -بعد العذراء -استقبل البشارة السارة، وقد شهد شهادته الأخيرة بعد ذلك بثلاثين عاماً بفرحه لصوت يسوع " مَن كانَت لَه العَروس فهوَ العَريس. وأَمَّا صَديقُ العَريس الَّذي يَقِفُ يَستَمِعُ إِلَيه فإِنَّه يَفرَحُ أَشدَّ الفَرَحِ لِصَوتِ العَريس. فهوذا فَرَحي قد تَمَّ" (يوحنا 3: 29). ولذلك يُطلق التقليد على يوحنا المعمدان لقب نبي الفرح. فكلّ نفس يغمرها صوت كلمةِ الله تكون سعيدة ومرتاحة حين تشعر بحضوره.

45 فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ:

تشير عبارة "فَطوبى لِمَن آمَنَت" إلى تطيب مريم، لانَّ علامات إيمانها وابتهاجها ظهرت علىوجهها حتى تحقَّقت أليصابات أنها واثقة بوعد الله وأنها شريكة للمؤمنين في فوائد مواعيده تعالى. إن عمل الله هو أن يبارك ويخلّص، في حين عمل الإنسان هو الإيمان بالله الذي يبارك ويُخلّص. العلامة المُميّزة لمريم هو إيمانها. مريم هي امرأة جديدة وضعت ثقتها وآمنت أن عمل الله فيها هو بركة وحياة. أمَّا عبارة "طوبى" فتشير إلى إعلان وتهنئة من أجل حالة من السعادة أو الفرح. طوَّبت اليصابات مريم العذراء لأجل الإله الذي تحمله في بطنها، وطوبتها أيضًا لأجل إيمانها. فالسعداء هم الذين يرون، ويسمعون، ويتقبّلون كلمة الله ويضعونها موضع العمل. هم الذين يؤمنون دون أن يروا. فكل نفس إذا آمنت يُمكنها أن تحمل وتلد كلمة الله، وتعترف بأعماله. ويعلق الأخ ماكس توريان من تيزيه "مريم هي المرأة المختارة من جميع النساء، وهي فوقهنَّ جميعا، إنها المرأة الأولى، إنها الكليّة الطوبى، ما من أحد قبلها بُورك كما بُوركت، لا ولن يُبارك أحد مثلها. مريم أم المسيح، لها وحدها تمام البركة والسعادة، في جميع الأزمنة". أمَّا عبارة " لِمَن آمَنَت " فتشير إلى مريم العذراء التي آمنت بكلام الملاك بمولد الطفل يسوع بينما شك زكريا ولم يؤمن بكلام الملاك (لوقا 1: 18). آمنت مريم بكلمات الملاك، وقبلت أن تحمل الطفل حتى في ظروف بشرية مستحيلة، لأنَّها آمنت أنَّ الله قادرٌ على عمل المستحيل. وكان إيمان مريم من أمثلة الإيمان الذي ذكره بولس الرسول "الإِيمانُ قِوامُ الأُمورِ الّتي تُرْجى وبُرْهانُ الحَقائِقِ الَّتي لا تُرى"(العبرانيين 11: 1). لم تلتفت مريم إلى الموانع من إكمال الوعد بل نظرت إلى قوة الواعد تعالى. إن عمل الله هو أن يبارك ويخلّص بينما عمل الإنسان هو الإيمان بالله الذي يبارك ويُخلّص. ويُعلق المجمع الفاتيكاني الثاني " تقدّمت مريم في غربة الإيمان"، وفي هذا الصدد قال يسوع " طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا" (يوحنا 20: 29). والإيمان وحده يجعل الله حاضرا في العالم. ومن هذا المنطلق فإنها تدعونا إلى التجاوب مع الله بالإيمان لا بالضحك كما عملت سارة امرأة إبراهيم (تكوين 18: 9-15) ولا بالخوف كما فعل منوح أبو شمشون (قضاة 13: 22) ولا بالشك كما فعل زكريا بل بالقبول التلقائي الخاضع. ليكن روح مريم في كل واحد منَّا ليُمجَّد الله، ليكن روح مريم في كل واحد منا ليبتهج في الله. إن كانت القدّيسة مريم قد صارت ممثَّلة للبشريّة المؤمنة، أو ممثَّلة للكنيسة لأنها قبلت الإيمان بوعد الله وانحنت لحلول كلمة الله فيها، ويعلق المجمع الفاتيكاني الثاني "إن المثال الكامل للحياة الروحية والرسولية هو الطوباوية العذراء مريم "(رسالة العلمانيين، 4). أما عبارة " فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ" فتشير إلى ما عرفته مريم بوحي الروح القدس. أمَّا عبارة " فسَيَتِمُّ " في الأصل اليوناني ὅτι ἔσται ( تفيد السببية) فتشير إمّا إلى سبب إتمام وعد الله لمريم بمعنى "طوبى لِمَن آمَنَت لان سَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ" وبالتالي يصبح إتمام وعد الله لمريم يرتبط بإيمانها، وإما تشير إلى إتمام وعد الله هو سبب سعادة مريم وفرحها، وبالتالي تصبح الترجمة: "طوبى لِمَن آمَنَت: إن سَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ ". إعلان اليصابات لِمَا حصل معها، هو فعل إيمان واعتراف بعظمة تدخّل الله في حياتها وحياة مريم وابنها يسوع. لا إيمان دون عمل الروح القدس، ولا إيمان دون شهادة، ليس بالأعمال فقط، بل بالإعلان، لقد شهد الجنين (يوحنا) لوجود الرّب قبل أن يولد، وشهدت اليصابات المُسنَّة لأعاجيب الرّب في حياتها، والبتول مريم قد حملت الرّب الجنين وانتقلت به إلى الآخرين. ولا إيمان دون فرح، فالفرح يُميّز وجودنا كمؤمنين بالمسيح. فالمسيح جاء ليعطينا الفرح، وليكون فرحنا تاما (يوحنا 26: 24). ً

ثانياً: تطبيقات نص الإنجيلي (لوقا 1: 39-45)

بعد دراسة وقائع النص الإنجيلي نستنتج أن النص يتمحور حول زيارة مريم لاليصابات. وهذه الزيارة هي تكملة لبشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء بحبلها البتولي بيسوع المسيح؛ إذ أعطى الملاك لمريم علامة على إن الحبل البتولي أمر ممكن، "وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضاً بِابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِراً"(لوقا 1: 36). وتؤكّد زيارة مريم العذراء حقيقة التجسّد من خلال لقاء مريم أم المخلِّص المُنتظر، وأليصابات، أم أكبر أنبياء الله، والسلام المتبادل بينهما. ومن هنا نتساءل كيف أنَّ سلام مريم يؤكد حقيقة التجسد الإلهي؟ وكيف أَّنَّ سلام اليصابات يؤكد حقيقة التجسد الإلهي؟

1) كيف يُمكن سلام مريم أن يؤكد حقيقة التجسد الإلهي؟

يقول لوقا الإنجيلي: "فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس"(لوقا 1: 41). كما أنّ حضور الله في تابوت العهد قد جعل داود الملك يثب ويرقص (صموئيل 6: 16) كذلك سلام مريم لحضور المسيح، كلمة الله الذي تحمله ملأ خالتها أليصابات من الروح القدس وأيقظ الفرح في جنينها، يوحنا، الذي يُمثّل شعب الله الذي ينتظر خلاص الرب.

كلام الأمّ (العذراء) ينقل كلام ابنها (يسوع) ويمنح الروح القدس لأليصابات. هذه الوحدة بين الأمّ وابنها تؤكّد حقيقة التجسّد. كلمة الله أخذ جسدًا من مريم العذراء، إنّه حقًّا ابن مريم، ومريم هي حقًّا أمّ كلمة الله. فالأمّ وابنها مُتّحدان في الرسالة. مريم في سلامها إلى اليصابات الحاملة في بطنها الجنين، يوحنا المعمدان، هي أول المُبشِّرين بالمسيح، إنها أول من حملت بشرى الخلاص كما جاء في نبوءة أشعيا: " ما أَجمَلَ على الجِبالِ قَدَمَيِ المُبَشِّر المُخبِرِ بِالسَّلامِ المُبَشِّرِ بِالخَير المُخبِرِ بِالخَلاص القائِلِ لِصِهْيون: قد مَلَكَ إِلهُكِ"(أشعيا 52: 7).

تحمل مريم معها السلام والسعادة والخلاص فيما تقول إن ملكوت الله قد أتى. فكانت اليصابات، رمزا للعهد القديم، أول المُبشَّرين، إلى حد أنَّ ابنها الجَنينُ ارتَكَضَ ابتِهاجاً في بَطْنها. ويُعلق الفيلسوف واللاهوتي الفرنسي جان غيتون Jean Guitton على مشهد الزيارة فيقول: "كأنِّي بالأشخاص (مريم واليصابات) في مشهد الزيارة قد رُفعوا فوق الأرض، وخرجوا من ذواتهم في نشوةٍ. ويبدو للحظة الواحدة، كما في مشهد التجلي، وكأنَّ ما يقيّد النفس بالجسد قد حُلّ، فظهرت خليقة جديدة وراء الخليقة القديمة. ولكن دون انخطاف ولا أعجوبة. إن ما نلاحظه من حيوية واهتزاز، ومن فرح يفوق الفرح، إنما هو فعل الروح القدس" (لوقا 1: 15، 41). كرّر لوقا الإنجيلي هذه الآية مرّة أخرى، لكن بصيغة المتكلّم، مع إضافة صغيرة ومهمّة وهي كلمة ابتِهاج، " فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني"(لوقا 1: 44). إن مريم وابنها لم يجلبا لأليصابات ولطفلها الخوف أو القلق، بل جلب الفرح والابتهاج. يسوع المخلص الحاضر في مريم، ومن خلال مريم يُحدث شعاعاً في نفس اليصابات وابنها يوحنا فيمتلئ كل منهما بالروح القدس وفرح الخلاص. هل لزيارتنا هذا البعد الروحي حيث نسمح للرب أن يكون حاضرا فينا ويمنح ذاته لمن نزورهم للخدمة، أو للصداقة أو للمؤاساة؟

2) وكيف يمكن لسلام اليصابات أن يؤكد حقيقة التجسد الإلهي؟

في البشارة لم يُعلن الملاك جبرائيل عن الوقت الذي فيه يتحقق كلامه حول الحبل البتولي لمريم بيسوع المسيح، إلاَّ أن هذا السر يثبِّت ويظهر حسّيّا وقت الزيارة. فإن اليصابات تؤكد باسم العهد القديم أن الرجاء المسيحاني قد تحقق في أحشاء مريم البتول، وذلك من خلال تحيتها لمريم العذراء. ويُمكن أن نقسم سلام اليصابات إلى ثلاث أجزاء:

الجزء الأول: "هَتَفَت أليصابات بِأَعلى صَوتِها "مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ" (لوقا 1: 42).

إن كلمة مباركة هي كلمة تمجيد لله وشكر له لمريم وابنها. إنَّها بركة لأمومة مريم العذراء، إذ إن الله اختارها وميّزها من بين جميع النساء لتكون أمَّ المسيح. فالخلاص يأتي من خلال المرأة. إنما هذا لا يعني إن المرأة هي المُخلص بل المُخلص هو يسوع المسيح. لكن مريم، مثل كل أمٍ، مرتبطة بابنها في شخصيتها وتاريخها ورسالتها. ولذلك فإن البركة المزدوجة "مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ" " توحي اشتراك يسوع ومريم في عمل الخلاص، فبركة الرب تبلغ البشر بواسطة مريم ويسوع المُتَّحدين اتحادا وثيقا.

وشهدت اليصابات وهي ممتلئة من الروح القدس بهتافها لحضور الله في أحشاء مريم، وقد ملأ الروح القدس قلبها وقادها للتسبيح على غرار أولئك الذين يُسبِّحون الله أمام تابوت العهد في المقدس مثل داود النبي (2 صموئيل 6: 16). ومن هذا المنطلق، فان مريم بمثابة تابوت العهد الحاوي حضور الله. ألم يقل لها الملاك "قُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ" (لوقا 1: 35). وإن الهتاف الذي تطلقه أليصابات أمام ظهور الخلاص النهائي في مريم هو هتاف فرح بمجيء المسيح وبكثرة الأبناء الذين سيُولدون إلى الإيمان به كما جاء في نبوءة أشعيا " إِهتِفي أَيَّتُها العاقِرُ الَّتي لم تَلِدْ إِندَفِعي بِالهُتافِ وآصرُخي أَيَّتُها الَّتي لم تَتَمَخَّض فإِنَّ بَني المَهْجورةِ أَكثَرُ مِن بَني المُتَزَوِّجة" (أشعيا 54: 1). إنه هتاف عظيم، لأنه أينما حلَّت مريم العذراء الممتلئة نعمة تملأ كل شيء بالفرح. وقد ابدى الأخ ماكس ترويان من جماعة تيزيه إعجابه في مريم فقال" مريم هي المرأة المختارة من جميع النساء، وما من أحد قَبْلها بُورك كما بُوركت، ولن يُبارك أحدٌ مثلها. مريم أم المسيح، لها وحدها كمال البركة والسعادة".

الجزء الثاني: "مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ (لوقا 1: 43).

استدركت اليصابات هذا الحدث العظيم كفرصة عظيمة لا تستحقها فأكملت هتافها " مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ (لوقا 1: 43). وهنا نجد إشارة إلى قول داود النبي حيث يدعو المسيح رباً بوحي من الروح "قالَ الرَّبُّ لِسَيِّدي: اِجلِسْ عن يَميني حتَّى أَجعَلَ أَعداءَكَ مَوطِئًا لِقَدَمَيكَ " (مزمور 110: 1) ويُفسر يسوع المسيح لليهود هذا القول: كيفَ يَقولُ النَّاسُ إِنَّ المسيحَ هو ابنُ داود؟ فداودُ نَفْسُه يَقولُ في سِفْرِ المَزامير: قالَ الرَّبُّ لِرَبِّيَ: اِجلِسْ عن يَميني حتَّى أَجعَلَ أَعدَاءكَ مَوِطئاً لِقَدَمَيكَ. فَداودُ يَدعوهُ رَبَّاً، فكيفَ يكونُ ابنَه؟ " . يلمِّح المسيح في هذا المزمور إلى ألوهيته وتساميه (متى 22: 44). ولذلك فإن يسوع المسيح تجسد حقا. هو حقا ابن مريم. وهي حقا أمُّ الله.

أليست مريم مسكن العلي الذي يُظللها الله العلي بقدرته؟ أليست هي تابوت العهد الجديد الحامل " حضور الله؟ تتّضح عقيدة الكنيسة الكاثوليكيّة على ضوء صرخة اليصابات: " مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟". هذا السؤال نجده أيضاً في سؤال داود عن تابوت العهد " كَيفَ يَنزِلُ تابوتُ الرَّبِّ عِنْدي؟") 2صموئيل 6: 9). مريم تكرّم لأنّها أمّ المسيح وحاملته، وجود مريم لدى اليصابات هو وجود الرب لديها، ووجود مريم في حياتنا يعني وجود الرّب معنا. من أين لي أن تأتي إليّ أم ربيّ؟: هذا السؤال نجده أيضاً في سفر صموئيل الثاني، وهو ما يؤكّد ما قلنا سابقاً، فداود قد صرخ أيضاً: "من أين لي أن يحلّ تابوت الرّب عندي؟" (2صم 6: 9). هنا يجد الإكرام لمريم معناه الحقيقي، مريم تُكرّم لأنّها تابوت العهد، حاملة الابن.

وفي الحقيقة، يسوع، ابنُ الله وهو جنين في بطن مريم يزور الآن أليصابات. وأليصابات بالروح القدس تخاطب مَن تفوَّقت على النساء في القداسة والطُهر، واستحقّت أن تحمل الثمر المبارَك يسوع. وهنا تتكلم اليصابات بالروح القدس وتسمّي العذراء أمَّ الرب أي " أمّ الله " لأن " الرَّبّ هو اللهُ وقد أَنارَنا " (مزمور 118: 27). هنا اليصابات تنطق بالروح وتعلن أمومة مريم لربِّها، بالرغم من عدم وجود آية ظاهرة لهذا الحدث الإلهي. إنما شهادة اليصابات بأمومة العذراء لربها انطلاقا من إصغائها لسلام مريم. وجاءت شهادة اليصابات أنَّ ابن مريم هو رب بالرغم انه لا يزال في بطن امه، وذلك بقوة وحي الروح القدس. لكن لم يلقّب يسوع ب "الرب" إلاّ بعد القيامة (أعمال الرسل 2: 36) بعد أن انتصر على الموت. ولم تكتفِ اليصابات إن تدعو مريم أمَّ الرب بل تدعوها أم "ربي" وتعني ذلك أمُّ الله الذي خلصني ونزع عنى العار ورحمني. فهل نصغي نحن لإلهام الروح القدس في حياتنا؟ فهذه البركة التي تحملها القديسة الفائقة القداسة مريم هي الثمرة المباركة، وهي التي تجعل مجيء القديسة مريم إلى أليصابات شرف عظيم لا تستحقه أليصابات.

الجزء الثالث: " فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ " (لوقا 1: 45).

تابعت أليصابات سلامها بتحية" فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ " (لوقا 1: 45). إذا كان عمل الله أن يبارك ويُخلص، فإنَّ عمل الإنسان هو أن يُؤمن بالله الذي يبارك ويُخلص فيصبح الإنسان مباركا. وهكذا فان مريم العذراء وضعت ثقتها بالله وآمنت في عمله في حياتها فأصبحت مباركة. والإيمان هو دوماً فعل انطلاق نحو الآخر، هو خروج من الوحدة والعزلة والانطلاق، هو مختصر حياة مريم، أمنت فانطلقت نحو أليصابات، في خدمة اليصابات ومحبّتها.

أجل آمنت مريم العذراء ببشارة الملاك جبرائيل لها أنّها ستلد ابنها يسوع بقدرة الروح القدس إذ قالت " أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ"(لوقا 1: 38). استحقت مريم العذراء الطوبى والسعادة، لأنها آمنت بكلام الله وعملت به. ولا يشير هذا الكلام إلى تواضع بقدر ما هو كلام إيمان وثقة ومحبة. إن رسالة الاله المتجسد في مريم قد انطلقت منها. وفي هذا الصدد يقول المجمع الفاتيكاني " إن المثال الكامل للحياة الروحية والرسولية هو الطوباوية العذراء مريم. فإنها، وإن عاشت حياة عائلية، قد ظلت على اتصال وثيق بابنها، وما زالت مشتركة بصورة تامة في العمل الخلاصي بطريقة فريدة"(قرار مجمعي في رسالة العلمانيين ،4).

تدعونا زيارة مريم العذراء إلى الإيمان بمولود بيت لحم، ونحن لا ندركه. وان نراه على ضعفه إلها قديرا كما آمنت اليصابات، وآمن يوحنا وهو في أحشاء امه. تدعونا اليصابات إلى اللجوء، بإيمان وتواضع وثقة إلى الله. إنه القدير والحنون الذي يستجيب الدعاء، ولا يخيب الرجاء، وان نبتهج بدنو مريم ويسوع منا كما ابتهجت اليصابات وابتهج ابنها يوحنا. وتدعونا زيارة العذراء أن ننقل إلى الناس بشرى يسوع كما نقلتها وان نشكره لله عظائمه فينا، كما شكرت. وأخيراً تدعونا لقاء العذراء مع نسيبتها أليصابات إلى قبول الآخرين والترحيب بهم متذكرين قول يسوع وصية يسوع " مَن قَبِلَكم قَبِلَني أَنا " (متى 10 :40).

نطلب أخيرا من العذراء أن تزورنا كما زارت نسيبتها اليصابات فنحيّها بتحية ملاك جبرائيل وتحية أليصابات وتحية الكنيسة قائلين "السلام لك يا مريم العذراء الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنتِ في النساء ومبارك ثمرة بطنكِ يسوع، يا قديسة مريم، يا والدة الله صلي لأجلنا نحن الخطأة، الآن وفي ساعة موتنا. آمين.

3)أين تمّت زيارة العذراء لنسيتها اليصابات؟

بناء على التقاليد المتواترة أن زيارة العذراء إلى اليصابات تمَّت في عين كارم. وتُبيِّن السجلات العثمانية سنة 1596 أن عين كارم كانت قرية من ضواحي القدس ولا يتجاوز عدد سكانها 160 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال والثمار. وهي إحدى أربع عشرة قرية تلك التي تسمى بقرى بني حسن، أي السلطان حسن سيد بني هلال. لكن بعض الباحثين ربطوا مكان الزيارة في بيت عيون في منطقة الخليل التي سكن فيها يوحنا المعمدان. ولكن اغلب الباحثين يركزون على قرية عين كارم. ومن هنا سنبحث عن اسم القرية وموقعها وسكانها ومعالمها الأثرية.

الاسم:اختلف الباحثون في أصل الاسم حيث أن العرب يُرجعونه إلى عين المكارم. واليهود يرجعونه إلى עין כרם أي نبع الكرم. وقد يرجع الاسم هذا إلى أهم ينابيع المياه في القرية "عين كارم" حيث أطلق اسمها على البلدة. وذكر الباحثون أن القرية تقوم على موقع "بيت كار" بمعني الخرفان، المذكور في العهد القديم (1 صموئيل 7:11).

الموقع الجغرافي:تقع عين كارم في سلسلة جبال يهوذا من الجهة الغربية لمدينة القدس، على بعد ثمانية كيلومترات، وتبعد كيلو متر واحد عن قرى المالحة والجورة والولجة. وتَعد إحدى ضواحي مدينة القدس. وتبعد عين كارم عن الناصرة نحو 120 كم؛ وكانت تقطع مشياً على الأقدام في مدة بين أربعة أو خمسة أيام. وتبلغ مساحة أراضيها 15029 دونما. وعلى الرغم من وقوعها في المرتفعات الغربية فهي منطقة جبلية مكسوة بأشجار السرو والصنوبر، وبعض الأراضي المستوية في الشمال، ولا سيما في منطقة تدعى المرج، وتستنبت فيها الخضراوات والأشجار المثمرة مثل اللوزيات والتفاح وغيرها. وقد زُرع الزيتون وسواه من الأشجار المثمرة والكرمة على المنحدرات الجبلية.

وترتفع عين كارم عن سطح البحر حوالي 500 أو 600 م. يخترقها وادي احمد متجها نحو الغرب، وتكثر فيها ينابيع المياه، وأهمها عين كارم، وتتميز بمناخ معتدل، أمَّا صيفها فهو جاف معتدل. لذلك يُعدُّ موقع عين كارم موقعا صحيا اهتم به البولونيين قبيل الحرب العالمية الثانية، وأنشأت إسرائيل فيه مستشفى هداسا في منطقة بير القف بالقرب من منطقة مراح الهوا والدوامة.

تعداد السكان:بلغ سنة 1596 عدد السكان العرب في عين كارم نحو 160 نسمة بحسب السجلات العثمانية. وفي 1922 بلغ تعدادهم 1735 نسمة. أمَّا سنة 1931 فبلغ تعدادهم نحو 2637 نسمة. وفي سنة 1945 بلغوا نحو 3180 نسمة. من بينهم 2510 من المسلمين و670 من المسيحيين.وكان السكان يتألفون من خمس حمائل، لكل منها حوش يجتمع فيه أبناء الحمولة للسمر والاحتفال بالمناسبات الخاصة. وأخيرا سنة 1948 بلغ تعداد سكانها العرب نحو 4000 نسمة. وكانوا يعملون فضلاً عن الزراعة، في الصناعات الحرفية وفي صناعات خفيفة أخرى كمصنع تعبئة المياه المعدنية الذي كان في القرية. وأمَّا اليوم فمعظم سكانها يهود.

عبر التاريخ:

بعد تقسيم الأرض بين أسباط إسرائيل الاثني عشر سلّم يشوع قرية عين كارم إلى سبط يهوذا (يشوع 15: 59). ويشير سفر ارميا إلى القرية باسم בית הכרם (بيت الكرم) (ارميا 6: 2). أمَّا التقليد المسيحي فيذكر عين كارم على أنها موطن زكريا، وهو زوج اليصابات. وزكريا وأليصابات هما والدا يوحنا المعمدان سابق المسيح. فكان زكريا من نسل هارون وسلالة الأحبار، وبينما كان يحرق البخور في الهيكل تراءى له ملاك يبشره بان زوجته التي كانت عاقراً ستلد ابناً يسميه يوحنا (لوقا 1: 5 -25). يخبرنا الإنجيل بان الملاك جبرائيل عندما بشَّر مريم العذراء بمولد المسيح، أعطاها علامة إلهيه، أن اليصابات خالتها حبلت بابن في شيخوختها لأنه "ما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله " (لوقا 1: 36).

يصف الإنجيل زيارة مريم لاليصابات في عين كارم. لكنه لم يذكر اسم القرية إنما كشفت الحفريات عن هويتها حيث شُيِّدت المزارات: كنيسة الزيارة وكنيسة يوحنا المعمدان (لوقا 1: 39 -45).

وفي العصر البيزنطي في القرن الخامس، شيَّد البيزنطيون في القرية مزاراً تخليداً لذكرى القديسة اليصابات. ويذكر تقويم القدس أن المسيحيين في ذلك العهد كانوا ينظمون حجا سنويا إلى مزار اليصابات في عين كارم.
أمَّا في القرن الثاني عشر فقد أقام الصليبيون مزاراً آخراً للقديس يوحنا المعمدان. وفي أوائل القرن التاسع عشر، ذكر الرحالة البريطاني جيمس بكنغهام وجود المسيحيين في هذه القرية الصغيرة، وأن شجر الزيتون يَكثر في الأودية المتاخمة لها.

ويشير كتاب "مسح فلسطين الغربية" إلى أن مأوى روسياً كان في طور البناء سنة 1882، في أقصى غربي القرية. ومع بداية القرن العشرين، توصل نفر غير قليل من أبناء هذه القرية إلى احتلال مناصب بارزة، كالشيخ عيسى منون الذي تبوأ في الأزهر الشريف في مصر منصب عميد كلية أصول الدين سنة 1944، وعميد كلية الشريعة في سنة 1946. وقيل إن عين كارم كانت مقر القيادة السري الذي أدار منه الزعيم الفلسطيني الشهير عبد القادر الحسيني عملياته في الفترة الثورة العربية الكبرى 1936-1939.

وفي عام 1984 هرب بعض سكان القرية عقب مجزرة دير ياسين التي تبعد عن عين كارم 2,5 كم فقط في اتجاه الشمال الشرقي. وفي نهاية كانون الأول 1948 استقرت نحو 150 عائلة يهودية في قرية عين كارم التي باتت تابعة لبلدية القدس الغربية الإسرائيلية. وعين كارم من القرى القليلة جدا التي سَلِمت أبنيتها، على الرغم من تهجير سكانها.

وفي سنة 1949، أنشأ الإسرائيليون مستعمرتي بيت زايت وإيفن سبير على أراضي القرية. كما أنشئت عليها في سنة 1950 مدرسة عين كارم الزراعية. وضُمّت أراضيها إلى بلدية القدس الإسرائيلية. وتُعد عين كارم بفضل أماكنها المقدسة وموقعها الصحي منتجا سياحيا كبيرا ومُحجاً من جميع أنحاء العالم.

الأماكن الأثرية في عين كارم:

أهم الأماكن الأثرية في عين كارم هي مزار القديس يوحنا المعمدان ومزار الزيارة.

مزار القديس يوحنا المعمدان:

يبدو مزار القديس يوحنا المعمدان الذي بناه الصليبيون كأنه كقلعة، لكن العرب حوَّلوه بقيادة صلاح الدين الايوبي إلى خان. وفي القرن السابع عشر استعاده المسيحيون مكان للعبادة وشرع الآباء الفرنسيسكان في ترميمه. وأمَّا البناء الحالي فيعود إلى نهاية القرن الماضي. فيشاهد الزائر في داخل الكنيسة في الجهة الشمالية مغارة طبيعية كانت بمثابة سكنى زكريا ومكان مولد يوحنا المعمدان. وبهذه المناسبة سبَّح زكريا الرب بنشيده المعروف: "تبارك الله" (لوقا 1: 67 -79).

وعثر أثناء الترميم تحت مدخل الكنيسة على مزار يعود إلى القرن الخامس أو السادس يحتوي على قبرين من العهد الروماني محفورين في الصخر. وتشهد الكتابة اليونانية المنقوشة على الفسيفساء بأن هذين القبرين يَخصَّان المسيحيين الشهداء. وفي القرن السابع أو الثامن أشارت العبادة المسيحية إلى أن هذه القبور هي قبور أطفال بيت لحم الشهداء الذين سفك هيرودس الملك دماءهم.

وبجانب هذه الكنيسة، اكتشفت كنيسة أخرى من عهد البيزنطيين، مبنية على معصرة رومانية. واكتشف الأب العلامة سالر الفرنسيسكاني (Saller) اثناء التنقيبات تحت ساحة الكنيسة تمثالا من المرمر يخص إله فينوس، (Venus) وهي آلهة الرومانيين القديمة التي ارتبطت منذ القرن الثاني ق.م بآلهة اليونانيين أفروديت (إلآهة الحب والربيع). كما عثر على قطعة من تمثال ادونيس (Adonis) ومجموعة من الأواني من عهد هيرودس في مغارة قريبة.

مزار كنيسة الزيارة:

قبل الوصول إلى كنيسة الزيارة يشاهد الزائر على يساره جامعا مبنيا فوق نبع ماء، ويذكر التقليد المسيحي أن هناك تم َّاللقاء بين سيدتنا مريم العذراء ونسيبتها اليصابات، وكانت اليصابات حبلى في الشهر السادس. ومنذ القرن الرابع عشر دعي هذا المكان باسم "نبع العذراء". ويُسمَّى عين مريم أيضا مسجد ذو مئذنة، ثم سُمِّي المسجد العمري تيمنا بعمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين.

ويشاهد الزائر في فناء الكنيسة نشيد العذراء "تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي"(لوقا 1: 46-55) مكتوباً بمعظم لغات العالم الحية. ويقسم مزار الزيارة إلى كنيستين الواحدة فوق الأخر: الكنيسة السفلى والكنيسة العليا.

أ) الكنيسة السفلى:

تعود الكنيسة السفلى إلى العهد البيزنطي، ولمَّا جاء الصليبيون في القرن الثاني عشر شيدوا فوقها كنيسة أخرى. وكشفت الحفريات تحت إشراف الأب الفرنسيسكاني مسكن ودكاكين وقلعة للحماية محاطة بالكنيسة. وقد تحولت في عام 1500 إلى مساكن عربية حتى عام 1679 عندما قام الآباء الفرنسيسكان بشرائها.

أمَّا البناء الحالي فقد أشرف عليه المهندس أنطونيو بارلوتسي عام 1939 مراعياً المخطط القديم. وتحوي الكنيسة السفلى مغارة فيها ثلاثة رسوما جدارية زيتية تمثل مشهد الزيارة، ومشهد اليصابات تخفي القديس يوحنا، ومشهد زكريا الكاهن يُبخر هيكل الرب.

وهناك في أقصى اليمين بئر قديمة، وصخرة لجأت إليها اليصابات هرباً من جنود هيرودس الذين أرادوا قتل يوحنا المعمدان مع أطفال بيت لحم حسب إنجيل يعقوب المنحول من القرن الثاني.

ب) الكنيسة العليا:

كُرِّست الكنيسة العليا لتكريم سيدتنا مريم العذراء عبر تاريخ الكنيسة. نشاهد في الصدر فوق الهيكل، لوحة فسيفسائية تمثل العذراء محاطة بقديسي السماء ومؤمني الأرض. وعلى الجدران الجانبية يوجد خمس لوحات جدارية زيتية:

اللوحة الأولى: تمثِّل القديس دون سكوت الفرنسيسكاني في مؤتمر السوربون في باريس يدافع عن عقيدة "الحبل بلا دنس" (1854) والتي تنصّ على العقيدة أن العذراء مريم قد ولدت من دون أن ترث الخطيئة الأصلية، أي خطيئة آدم وحواء التي ورثها الجنس البشري؛ وذلك ليس بطاقاتها الذاتية بل باستحقاقات ابنها يسوع المسيح نظراً للمكانة التي ستحتلها مريم بأن تكونأماً لله. وصفها لوقا الإنجيلي " الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً" (لوقا 1: 28).

اللوحة الثانية: تمثل معركة ليبانت Lepante، وكان "ليبانت" ميناء عثمانيا في اليونان على خليجي باتراس- قورنتس . وقعت هذه المعركة البحرية في 7 تشرين الأول 1571 بين العثمانيين وتحالف أوربي (البابا بيوس الخامس وإسبانيا والبندقية وبعض الدويلات المسيحية، وقد انتهت بهزيمة العثمانيين.

اللوحة الثالثة: تمثل عرس قانا الجليل (يوحنا 2: 1 -12) حيث حوّل يسوع الماء خمرا خلال مناسبة زواج في قرية وذلك طلبا لامه مريم. وهي أولى معجزات يسوع المسيح.

اللوحة الرابعة: لوحة تمثل حماية العذراء للكنيسة.

اللوحة الخامسة: تمثل عقيدة "مريم والدة الله ". باليونانية Θεοτόκος، كما أعلنها مجمع أفسس (431) "مريم والدة الله هو مصطلح لاهوتي مسيحي يطلق على السيدة مريم العذراء، وهذا المصطلح مركَّب من كلمتين باليونانية Θεός وتعني الإله، وτόκος وتعني الولادة، ولذا تعني والدة الإله. ويشير هذا المصطلح إلى أن مريم العذراء والدة الله حسب الجسد وليست والدة اللاهوت في الله. لذلك أدان المجمع بدعة العقيدة النسطورية التي تدَّعي بعدم وجود اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح، بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة، فمريم لم تلد إلها بل إنساناً فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب، خلافا للمسيحية ًالتقليدية القائلة بوجود أقنوم الكلمة المتجسد الواحد ذو الطبيعتين الإلهية والبشرية. وأضاف مجمع أفسس أيضًا القِسم الأخير من السلام الملائكي الصلاة المشهورة للعذراء في المسيحية، وهو" يا قديسة مريم، يا والدة الله، صلّي لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتن كإقرار من آباء الكنيسة بمصطلح والدة الله وبعقيدة شفاعة العذراء. ويترنم المسيحيون عادة في هذا المزار بنشيد "تعظم نفسي الرب" الذي يتغنى بعظمة مريم وتواضعها لدى زيارتها إلى اليصابات (لوقا 1: 46 – 56).

الخلاصة

يروي الإنجيل زيارة مريم العذراء لخالتها اليصابات، والدة يوحنا المعمدان في عين كارم بعد إن حملت في أحشائها المباركة السيد المسيح. إن اللقاء بين الوالدتين هو في الواقع بين الولدين الذين هما في خدمة الرسالة. فيوحنا ينال الروح وهو في بطن أمه، كما أنبأ الملاك أباه زكريا "سيَكونُ عَظيماً أَمامَ الرَّبّ، ولَن يَشرَبَ خَمراً ولا مُسكِراً، ويَمتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُس وهوَ في بَطْنِ أُمِّه" (لوقا 1: 15). ويوحنا يفتتح رسالته بالدلالة على المسيح بلسان أمه "مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟" (لوقا 1: 43).

إن المسيح لم يكن في أحشائها المباركة لتخفيه أو تحجب عن الناس بل لتعطيه كل يوم إلى أن يصل بها يوم أن تعطيه العطاء الكامل على الصليب لخلاص جميع الناس. ومن هذا المطلق فإنَّ زيارة سيدتنا مريم العذراء تعلمنا أن نؤمن بدورنا بأن نسير على خطى العذراء أمنا، وأن نؤمن بمولود بيت لحم مخلصا والها، وان نبتهج بدنوه منا كما ابتهجت مريم العذراء وأليصابات، وان ننقله إلى الناس بشرى خلاص وان نشكر لله عظائمه فينا كما شكرت مريم العذراء ونسيبتها اليصابات. وبعبارة أخرى، كلمة الله سكن في الإنسان وصار "ابن الإنسان" ليُمكّن الإنسان من أن يُدرك الله، ويجعل إقامة الله في الإنسان أمرا ممكنا بحسب رضى مشيئة الله الآب.

في زيارة مريم العذراء لنسيبتها أليصابات نجد دعوتنا المسيحيّة: يتدخّل الله في حياتنا، يدعونا، فنؤمن ونقبل الدعوة، نثق بالله، ونضع هذه الدعوة في خدمة الآخرين، نحمل إليهم كلمة الله ونبشّر بها، لا بالكلام فقط، بل خاصّة بالعمل، بالمحبّة وبالخدمة.

ونختتم بتأمل مع بطريرك القسطنطينية بروكليس (446) وهو يصف لزيارة سيدتنا مريم العذراء لاليصابات: "لقد فهمتِ يا مريم، كيف أن اليصابات أصبحت أماً وهي عاقر في شيخوختها. اذهبي إلى بيت اليصابات فتعرفي أم من أنت! وعندما تشعرين بابتهاج يوحنا المعمدان، ستفهمين كيف ستطوِّبك جميع الأجيال. وأليصابات العاقر ستكتشف فيك، أنت البتول، ثمرة الحياة، يسوع. تحييك أم يوحنا، وهي مُفعَمة بالفرح، كأم الرب. وبهذا تعلن الخليقة تأنس الخالق، ويصبح النبي (المعمدان) رمز السيد، والمعمِّد رمز المعمَّد، ومن ولد من أم أرضية رمز ذاك الذي ولد من الأب قبل كل الدهور."

دعاء

أيّها الإله الأزليّ القدير، الذي أوحيت إلى القدّيسة مريم البتول، وهي حامل بابنك المتجسّد، أن تخرج إلى زيارة أليصابات وهي حامل بيوحنا وتخدمها، اجعلنا نهتف بفرحٍ مع أليصابات "طوباكِ، يا مريم العذراء، لأن فيكِ تجسَّد يسوع المسيح ربنا، وأن نبتهج في حضرتك كيوحنا فنتقدس ويتمجّد بنا اسمك المبارك فتعظمك نفوسنا إلى دهر الدهرين، آمين


رد مع اقتباس
قديم 25 - 12 - 2021, 02:23 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: زيارة مريم لاليصابات وسر الميلاد المجيد


فى منتهى الروعه
الرب يبارك

  رد مع اقتباس
قديم 27 - 12 - 2021, 05:40 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,589

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: زيارة مريم لاليصابات وسر الميلاد المجيد


شكرا على المرور
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
عبرة روحيّة أحد زيارة العذراء مريم لاليصابات
زيارة سيدتنا مريم العذراء لاليصابات
صورة زيارة العذراء مريم لاليصابات
صورة زيارة مريم العذراء لاليصابات للتلوين للاطفال
زيارة العذراء مريم لاليصابات فى صورة جميلة


الساعة الآن 11:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024