رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* لا يستخدم الله طريقة واحدة للعلاج، بل بكونه غنيًا يستخدم طرقًا كثيرة لأجل خلاصنا بكلمته، الذي هو ليس بمحدودٍ ولا مقيدٍ ولا معوقٍ في طرق علاجه التي يقدسها لنا، إنما هو غنى، وقادر أن يشكل نفسه حسب احتياجات وقدرة كل نفس. إنه كلمة الله وقوته وحكمته كما يشهد سليمان عن الحكمة قائلًا: "وهي واحدة وقادرة على كل شيء وثابتة في ذاتها ومجددة الكل ومنتقلة إلى النفوس القديسة في أجيال الأجيال وتجعل أحباء وأنبياء لله" (حك 27:7). فبالنسبة للذين لم يبلغوا بعد طريق الكمال، يكون (الكلمة) بالنسبة لهم (1 كو 2:3) كقطيعٍ يقدم لهم لبنًا. وهذا ما خدم به بولس إذ يقول: "سقيتم لبنًا لا طعامًا". أما بالنسبة للذين تقدموا وتعدوا دور الطفولة الكاملة، ولكنهم لا زالوا ضعفاء إذ هم يطلبون الكمال، هؤلاء أيضًا يكون (الكلمة) بالنسبة لهم كطعامٍ قدر طاقة احتمالهم. وقد خدم به بولس أيضًا، إذ قال "أما الضعيف فيأكل بقولًا" (رو 2:14). وبالنسبة للإنسان الذي يبدأ في السلوك في طريق الكمال، فإنه لا يعود يأكل من الأشياء السابقة بل يكون "الكلمة" للخبز، والجسد للطعام، إذ مكتوب: "أما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة" (عب 14:5). بالحري عندما تبذر الكلمة لا تأتي بثمر متساو في كل الناس، بل يأتي ثمر كثير ومتنوع، يأتي بمائة وستين وثلاثين (مت 8:13)، كما علمنا المخلص باذر النعمة وواهب الروح. وهذا ليس بأمر مشكوك فيه، ولا بمحتاجٍ إلى من يؤيده، إنما يمكننا أن نتطلع إلى الحقل الذي يزرع فيه (الرب)، إذ نجد أن الكلمة واضحة ومثمرة في الكنيسة، ليس فقط بالعذارى وحدهن يتزين الحقل، ولا بالرهبان وحدهم، بل وأيضًا بالمتزوجين زواجًا مكرمًا، وبعفة الجميع.. لقد أعد الرب منازل كثيرة عند أبيه (يو 2:14)، لكن بالرغم من أن مكان السكنى نجد فيه درجات متنوعة حسب تقدم كل واحدٍ، غير أننا جميعًا سنكون في داخل الحصون، محفوظين في داخل نفس السياج حيث يطرد العدو (الشيطان) وكل جماعته خارجًا. البابا أثناسيوس الرسولي |
|