يرى القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن الفساد لم يحلّ فقط على طبيعة الإنسان، بل وعلى الخليقة. وعندما تُصلَح طبيعة الإنسان بعمل المُخَلِّص، يُعتَق العالم من عبودية الفساد (رو 8: 21)، إذ يقول:
[الآن، ما هي هذه الخليقة؟ إنها لا تعنيك أنت وحدك، وإنما معك أيضًا الخليقة الأدنى، التي لا تشترك معك في العقل أو الحس، هذه تشاركك بركاتك. يقول: "ستُعتَق من عبودية الفساد"، بمعنى أنها لا تعود تصير فاسدة، وإنما تتمشّى جنبًا إلى جنبٍ مع الجمال الذي يُوهب لجسدك. فكما أنه عندما صار جسدك فاسدًا فسدت هي أيضًا، هكذا الآن إذ صار جسدك غير فاسد تتبعه هي أيضًا. وإذ يعلن الرسول هذا يبلغ إلى النتيجة: "إلى حرية مجد أولاد الله"، فتتحقَّق حريتها.
إنه يشبه مربية تربي ابن ملك، عندما ينال الابن سلطان أبيه تتمتَّع هي معه بالخيرات، هكذا أيضًا بالنسبة للخليقة معنا. ها أنت ترى في كل الأمور أن الإنسان يحتل مركز القيادة، فمن أجله خُلِقَت كل الأشياء. انظر كيف يلطف (الرسول) المصارع، مظهرًا محبة الله غير المنطوق بها من نحو الإنسان، إذ يود أن يقول: لماذا أنت مرتبك عند تجاربك؟ فإن كنت تتألم من أجل نفسك، فحتى الخليقة تتألم بسببك. وليس فقط يلطف، وإنما يظهر أيضًا أن ما ينطق به أمر ذو أهمية. لأنه إن كانت الخليقة التي أوجدت بكاملها لأجلك هي "على رجاء" فكم بالأولى يليق بك أنت أن تكون على رجاء، يا من مِنْ خلالك ستتمتع الخليقة بتلك الخيرات؟ كما أن الآباء إذ يرون الأبناء في طريقهم لنوال كرامة يُلبسون الخدم ثيابًا بهية من أجل مجد الابن، هكذا يلبس الله الخليقة عدم الفساد من أجل مجد حرية الأبناء.]