|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل أوراقٍ مزهرةٍ على شجرة كثيفة، تسقط البعض وتنبت البعض الآخر، كذلك أيضًا أجيال اللحم والدم: واحد يموت وآخر يُولَد [18]. v يُحفظ جنس البشر بعمليتين جسديتين، يخضع لهما الحكيم والقديس كأمرين واجبين، وأما الجاهل فيندفع فيهما متهورًا منقادًا بشهوته. وهذا يختلف عن الآخر. ما هما هاتان العمليتان اللتان بهما تُحفَظ البشرية؟ الأمر الأول يتصل بنا ويخصّ تغذيتنا، وهذا بلا شك لا نستطيع استخدامه إلا بوجود بعض اللذة الجسدية. إن هذا الأمر هو الأكل والشرب. فإن لم تأكلوا وتشربوا تموتون، لأن جنس البشر يعيش بهذه المعونة بحسب قانون طبيعته. ولكن هذه العملية هي مؤنة تخص الأشخاص ذواتهم فقط، لأنه لا يكون لهم خلفًا بالأكل والشرب بل بزواجهم. هكذا تُحفَظ البشرية أولًا بوسائل الحياة، ولكن مهما بلغت عنايتهم لا يستطيعون أن يعيشوا إلى الأبد، لذلك أعطيت لهم معونة أخرى بها يحل حديثي الولادة محل الذين يموتون. لأنه كما هو مكتوب أن جنس البشر كورق الشجرة أو الزيتونة أو شجرة الغار أو أنواع أخرى من الشجر الذي يكون دائمًا مورقًا، ومع ذلك فلا يبقى الورق ذاته دائمًا [18]. لأنه كما هو مكتوب: "هذا يطرح وذاك ينبت"، لأن الأوراق الجديدة التي تنبت تحل محل الأخرى الساقطة. فتطرح الشجرة أوراقها دائمًا ومع ذلك فهي مغطاة دائمًا بالورق. هكذا لا تشعر البشرية بفقدانها للذين يموتون يومًا فيومًا بسبب إمدادها بالمولودين الجدد. لذلك تُدعم البشرية كلها بحسب قوانينها. وكما تُرَى الأوراق على الأشجار دائمًا، هكذا تُرَى الأرض مملوءة بالبشر. بينما لو كانوا يموتون دون أن يُولَد آخرون لتجرَّدت الأرض من كل قاطنيها كما تتعرَّى بعض أنواع الشجر من كل أوراقها. القديس أغسطينوس |
|