[size="6"] أبونا الراهب سارافيم البرموسي -
- مازال ينزف -4- أقنعة الألم
دعنا نفكر معًا، الجسد عُرضة للمرض والألم والوهن والحوادث، وكلّها آلام إنسان العالم. ولكنّ نعمة المجد تأتينا في وادي البكاء والدموع.. وادي الألم، لترفعنا من وهاده السحيقة المظلمة. إنسان الله ترفعه النعمة من ألم الاضطهاد إنْ رفع عينيه إلى السماء من حيث يأتي العون الإلهي، أمّا إنسان العالم يعاني ألم الحياة دونما عزاء.
المشقّات تأتي للجميع،
ولكن الاختيار دائمًا لنا.
الألم والمعاناة لا مفرّ منهما،
ولكن البؤس أمرٌ اختياري
يخشَى البعض من الضيقة، لئلا يطالهم جرح الأعداء، وينسون أنّ المرض يجرح الجسد كما السيف. طلقات الأعداء تُهشِّم الجسد في لحظات، وكذلك المرض. أيّهما أكثر تألمًّا؛ مريض السرطان الذي يعمل المرض في جسده كمشارط حادّة، أم ألم قذيفة تنفجر في جسد مسيحي؟!!
ألم الموت في حادثة على طريق لا يختلف عن ألم الموت في حدث يستهدف المسيحي.. كلاهما يتألَّم، دون النظر عن دوافع الحدث أو الحادث. ولكن ما أبهَى الألم المُطعَّم بجواهر الشهادة للربّ.
الألم الجسدي له وجهان: أحدهما بقناع المرض والآخر بقناع الضيقة والاضطهاد. كلاهما ألم، بيدْ أنّ الآلام برفقة يسوع أشهى من سلامة العالم الزائفة.
اخْتَرْتُ الْوُقُوفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلَهِي
عَلَى السَّكَنِ فِي خِيَامِ الأَشْرَارِ
(مز84: 10)
إنّ الاختبار الفعلي والدقيق لمدى تأصُّلنا في المسيح ومدى سريان حياته في أعماقنا هي ردّة فعلنا تجاه الألم. الألم قد يصبح شبحًا تتراجع أمامه وعود الحياة بالسير مع المخلِّص ولو إلى جسثيماني، وقد يُصبح لآخرين دفعة شديدة لعناق الصليب ومن ثمّ عناق المسيح.
علينا ألاّ نحاول تحليل الألم ومحاولة فهم منطقه ومنطق مُطلقيه؛ لن نصل إلى شيء، فهو قانون الحياة؛ يأتي لغير المسيحي مختبئًا في المرض أو الموت.. ويأتي للمسيحي ظاهرًا في الاضطهاد. إنْ قبلنا الألم تنقّت قلوبنا وتحرّرت من الشهوة..
إنّنا لا نخشى الاضّطهاد.
في الواقع نحن نرحّب به لأنّه ينقّينا
(شهادة من كوبا إبّان الاضطهاد)[/size]