تذكار الصليب الخشبي نازف الدم والماء
تُعيِّد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم ” 14 من شهر مسرى ” بتذكار الآية العظيمة التي صنعها الله في عهد البابا ثاؤفيلس البطريرك الثالث والعشرين. وذلك أنه كان في مدينة الإسكندرية رجل يهودي إسمه فيلوكسينوس وكان غنياً جداً ومدققاً في شريعة موسى وكان بها كذلك مسيحيان فقيران، فقال أحدهما ” لماذا نعبد المسيح ونحن فقراء وهذا اليهودي غني جداً “. أجابه الثاني قائلاً: ” إن مال الدنيا ليس له عند الله حساباً. ولو كان له حساباً لما أعطاه لعابدي الأوثان والزناة واللصوص والقتلة، وإن الغنى ليس دليلاً كافياً على رضى الله، فالأنبياء والرسل كانوا فقراء ” فلم يقتنع الرجل فذهب إلى فيلوكسينوس اليهودي وسأله أن يقبله في خدمته. فقال له لا يحل أن يخدمني إلا من يدين بديني فإن أردت صدقة أعطيتك، فأجابه قائلاً: ” خذني عندك وأنا اعتنق دينك وأعمل جميع ما تأمرني به “.
فأخذه إلى مجمعهم وهناك سأله رئيس المجمع أمام جماعة اليهود قائلاً: ” هل تجحد مسيحك وتصير يهودياً مثلنا؟ “، أجابه نعم، وهكذا أنكر المخدوع مسيحه وأضاف إلى فقره المادي فقر الإيمان. فأمر الرئيس أن يُعْمَل له صليب من خشب وأعطاه قصبة عليها إسفنجة مملوءة خلاً وحربة وقال له ” ابصق على هذا الصليب وقدم له هذا الخل واطعنه بالحربة وقل طعنتك أيها المسيح “.
ففعل كل ما أمره به. وعندما طعن الصليب المجيد سال منه دم وماء إلى أن نزل على الأرض، ثم سقط ذلك الشرير ميتاً يابساً كأنه حجر. فاستولى الخوف على الحاضرين وآمن كثيرون منهم وصاحوا قائلين ” نحن نؤمن بالسيد المسيح الإله الحقيقي “. ثم أخذوا من الدم ومسحوا عيونهم ووجوهم وأخذ منه أيضاً فيلوكسينوس ورشه على ابنته العمياء فأبصرت في الحال فآمن هو وأهل بيته ويهود آخرون كثيرون.
ولما سمع البابا ثاؤفيلس أخذ معه بعض الكهنة والشعب وذهب إلى مجمع اليهود وأبصر الصليب والدم فأخذ منه وتبارك وبارك الشعب أيضاً ثم نزع الدم من الأرض ووضعه في إناء واحتفظ به للبركة وأمر بنقل الصليب إلى الكنيسة. وبعد أن أخذ إقرار الحاضرين بالإيمان عمدهم باسم الآب والابن والروح القدس وصاروا مسيحيين ومجدوا الله.
” فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1: 18) .