* إلى ماذا يشير الذهب الخالص إلا إلى الملائكة الذين بحقٍ يدعون ذهبًاخالصًا. فهم ذهب، لأنهم يشرقون ببهاء البرّ، وذهب خالص لأنه لم يصبهم قط أي دنس للخطية، أما بالنسبة للبشر فطالما هم في الجسد القابل للفساد وخاضعون للموت، يمكن أن يكونوا ذهبًا، لكن لا يُمكن أن يكونوا ذهبًا خالصًا. "الجسد الفاسد يثقل النفس، والخيمة الترابية عبء للعقل الكثير الهموم" (حك 15:9). فإنهم حتى في هذه الحياة قد يشرقون ببهاءٍ فائقٍ للبرّ، ومع هذا فلن يتخلصوا تمامًا من زغل الخطايا. يشهد الرسول يوحنا لهذا بقوله: "إن قلنا إننا بلا خطية نضل أنفسنا، والحق ليس فينا" (1 يو 8:1). يؤكد يعقوب ذلك، قائلًا: "فإننا في أمورٍ كثيرةٍ نعثر جميعنا" (يع 2:3). بنفس الطريقة يتوسل النبي، قائلًا: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك يا رب، فإنه لن يتبرر قدامك إنسان" (مز 2:143).
فالحكمة تُعلن عن نفسها بذاتها، حتى يمكن للجنس البشري أن يخلصوا من الخطية. لا يُرسل ملاك عوض الحكمة، إذ من الضروري أن يتحرر المخلوق بواسطة الخالق. هكذا يقول الرب في الإنجيل: "إن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 36:8).
لكن الرجل القديس (أيوب) إذ امتلأ بروح هذه الحكمة سبق فرأى أن اليهودية يصير بها من يضعون رجاءهم في صاحب الشريعة، ويجعلون من موسى مصدر خلاصهم، إذ نطقوا بالشر حتى مع ذاك الذي شُفي: "أنت تلميذ ذاك، وأما نحن فإننا تلاميذ موسى" (يو 28:9).