رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طوبى للمطرودين من أجل البر في التطويب الثامن قال السيد المسيح: "طوبى للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السماوات" (مت5: 10). وردت كلمة "المطرودين من أجل البر"بمعنى "المضطهدين من أجل البر". فالطرد هو مظهر من مظاهر الاضطهاد. والمطاردة أيضًا مظهر مشابه من مظاهر الاضطهاد. المولود أعمى الذي شفاه السيد المسيح طرده اليهود خارج المجمع لأنه دافع عن الذي شفاه وشهد للحق. وقد تعرض للشتم ثم طردوه خارجًا. فوجده يسوع وأعطاه المزيد من النعمة والبركة بأن أعلن له أنه هو ابن الله. فآمن الرجل بالمسيح وسجد له. لقد كافأه السيد المسيح على ما تعرض له من تحقيقات وتعييرات انتهت بطرده من الجماعة، فمنحه أعظم عطية في الوجود وهى: معرفة ابن الله الوحيد والإيمان به.. هذا هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية. وعندما قُتل إسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء خارج مدينة أورشليم، حدث اضطهاد على الكنيسة في أورشليم فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة. وبدأت الكنيسة تنتشر خارج أورشليم (انظر سفر أعمال الرسل الأصحاح الثامن). إن احتمال الآلام والاضطهادات من أجل السيد المسيح هو شرف يناله الإنسان. لذلك فإن الآباء الرسل حينما ألقى كهنة اليهود القبض عليهم ووضعوهم في الحبس العام وفتح لهم ملاك الرب أبواب السجن ليلًا وأخرجهم وقال لهم امضوا وقفوا في الهيكل وكلموا الشعب بجميع كلمات تلك الحياة. فدخلوا الهيكل نحو الفجر وطفقوا يعلمون، فقبضوا عليهم مرة أخرى وانتهروهم وتشاوروا على قتلهم. ولما ردهم غمالائيل عن ذلك دعوهم "وجلدوهم وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح" (أع5: 40-42). لقد اعتبر الرسل الإهانة والجلد من أجل اسم السيد المسيح هو شرف لا يستحقونه وفرحوا أنهم حسبوا مستحقين لذلك.. هذه هي النظرة المسيحية الأصيلة لاحتمال الاضطهادات من أجل المسيح. المحبة تختبر بالآلام إن المحبة تختبر بالألم. فالمحبة الحقيقية هي التي تتألم من أجل من تحب. السيد المسيح أظهر محبته لنا حينما تألم عنا.. حينما احتمل الجلد عوضًا عن الخطاة. وقال عن ذلك القديس بطرس الرسول: "الذي بجلدته شفيتم" (1بط2: 24). وليس هناك حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه.. هكذا وضع السيد المسيح نفسه عن خرافه، حسب قوله المبارك: "وأنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15). القديسون يعتبرون الألم فرصة ثمينة تتاح لهم ليعبروا عن محبتهم لفاديهم المسيح وعِرفانهم بفضله وجميله في موته بعدما تألم ليخلّصهم من الهلاك الأبدي. إن الكنيسة تبادل عريسها المسيح محبته وتفرح بأن تتألم من أجله. وتقهر الشيطان بشركتها مع المسيح؛ كقول بولس الرسول: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهًا بموته" (فى3: 10)، وقوله: "من أجلك نُمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح.. يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رو8: 36، 37). وقيل عن الشهداء "وهم غلبوه (أى الشيطان) بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت" (رؤ12: 11). إن الشيطان يتذكر هزيمته بالصليب حينما يرى المسيحيين وهم يحتملون الآلام في شركة المحبة الحقيقية مع المصلوب. أولئك الذين آمنوا بقوة الدم الإلهي في هزيمة الشيطان وتحطيم سلطته، يغلبون الشيطان وهم متحدون بالدم المقدس في سر الافخارستيا، ومؤمنون بفاعليته، ويشهدون للمسيح بكلمة الشهادة.. بكلمة الحق.. ببشرى الخلاص بالصليب والقيامة. إن إيمان الشهداء بالقيامة إيمانًا حقيقيًا -جعلهم يستخفون بالموت.. وإيمانهم بالحياة الأبدية وما فيها من سعادة لا تقاس بآلام هذا الزمان الحاضر- جعلهم يستعذبون الآلام إعلانًا عن محبتهم للملك المسيح. كانت دماؤهم هي التي روت بذار الإيمان في حياة الكثيرين،لأن حبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت لا يمكن أن تذهب إلى لا شيء ولكنها تأتى بالثمر الكثير. لقد انتشرت المسيحية بدماء الشهداء الذين قبلوا الآلام والموت بكل فرح في محبتهم للسيد المسيح. لهذا كله قال القديس يعقوب الرسول: "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا" (يع1: 2، 3). إن امتحان الإيمان هو امتحان لمدى اقتران الإيمان بالمحبة. فالإيمان الذي يخلو من المحبة لا يعتبر إيمانًا بل هو ميت. المحبة تمتحن بالآلام وتظهر في الصبر.. المحبة التي "تحتمل كل شيء.. وتصبر على كل شيء" (1كو13: 7). وقد حذّر السيد المسيح تلاميذه ليستعدوا للصعاب التي ستواجههم. فقال لهم في ليلة آلامه: "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم.. اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد أعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم، وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم. لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من أجل اسمي لأنهم لا يعرفون الذي أرسلني" (يو15: 18، 20، 21). كذلك الآباء الرسل حذّروا المؤمنين من التعجب مما يصيبهم من آلام، مثل قول الرسول بطرس: "أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة.. كأنه قد أصابكم أمر غريب. بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا، لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين. إن عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم" (1بط4: 12-14). والرسول هنا يشير إلى حقيقتين: الأولى: إن من يشترك مع المسيح في الآلام سيتمتع بمجده. والثانية: إن احتمال الآلام والتعييرات من أجل اسم المسيح يؤدى إلى الامتلاء من الروح القدس "روح المجد والله يحل عليكم". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
«طوبى للمطرودين من أجل البر» |
طوبى للمطرودين من أجل البر |
طوبى للمطرودين من أجل البر |
طوبى للمطرودين من اجل البر |
طوبى للمطرودين من أجل البر |