رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
النص الكامل لمخطوط سيرة الشهد اباهور السرياقوسي .. منشور الإمبراطور بإضطهاد المسيحيين : كتب سجلاً (منشوراً عاماً) إلي كل البلاد وأرسله مع قائد إسمهُ ديوناسيوس لنشره علي رجال الحكم و الشعب وكان مكتوباً بهذا النص : " أنا دقلديانوس الملك الضابط (المسيطر علي الإمبراطوية) آمر كل من هم تحت سلطاني أن يسجدوا لإلهي إن كان والياً أو أسقفاً أو قسيساً أو شماساً أو راهباً أو علمانياً ، عبداً أو حراً ذكراً وأنثى أن يذبحوا الذبائح ( الأضحية ) وعلى جميع الناس أن يسجدوا للآلهة الكرام وأن يذبحوا وأن يقدموا لهم البخور ومن لا يفعل يتم تعذيبه بأصناف العذاب ثم يموت بحد السيف " . وأرسل هذا المنشور إلي أرمانيوس الحاكم العام بالإسكندرية وداميانوس وإلي الفرما وإريانوس والي أنصنا ، ولما دخل القائد الإسكندرية من باب المدينة قدم المنشور الإمبراطوري إلي الوالي أرمانيوس فلما قرأه أمر بجمع كل أهل المدينة وأن يقرأ عليهم منشور الملك وأمر بإحضار أدوات التعذيب وأن يتقدم أكابر المدينة ويقدمون البخور للأوثان ومن بعدهم سائر المدينة ويقدمون البخور للأوثان ومن بعدهم سائر الناس فجاءوا طاعةً لأمره وحدث إرتباك لدى سائر المؤمنين. ذهاب القديس إلي الفرما : ولما كان الغد قام القائد وتوجه إلى الفرما وسلم المنشور إلي داميانوس الوالي فلما أخذه وقرأه أمر أن يجتمع كل أهل المدينةِ وأن يقرأ عليهم المنشور بالسجود للأوثان وكان طفل - صبي أو شاب صغير حسن الصورة جداً موجوداً هناك إسمهُ أباهور . فعندما نظر تلك الأعمال الرديئة التي كان يصنعها أولئك المخالفون من سجود الوثنيين وتقديم البخور للصنم صرخ قائلا : " أنا مسيحي علانية وليس إله في السماء وعلي الأرض إلا ربنا يسوع المسيح فمن هو دقلديانوس وما هي الآلهة الأنجاس ..؟ فليحترق هو معهم في نار جهنم ... " . فلما سمع القائد كلام القديس الصغير غضب جداً وأمر بربطه من يديه ورجليه ولما قدموه إليه قال له : يا منافق كيف لا تقدم البخور لآلهة الملك مثل هذا الجمع كله ؟؟ اجاب القديس أباهور وقال : " فلتحترق في جهنم أنت وآلهتك المرذولة وملكك المخالف ولا يمكن أن أقدم البخور للأوثان النجسة ولكن مهما شئت فأفعله بي " فقال له القائد : " ما إسمك ومن أين أنت ؟ فأجابه القديس أباهور وقال له : " أنا إسمي أباهور وأنا إبن قسيس ومدينتي أورشليم السمائية دار النعيم الأبدي مدينة ملكي الحقيقي يسوع المسيح لما سمع بهذه العبادة النجسة أخذنا أنا وأختي ومضى بنا إلي بلدة تسمى طموه وإسم أختي إيرائي وكان أبي يربينا بالأدب الروحاني ( تعاليم الإنجيل ) وكانت أمي تخدمنا بعمل سائر إحتياجاتنا وكان أبي يتكلم معي قائلاً قم وأمش إلي بحري لتفتقد إخوتك المسيحيين فلما جئت إلي وجه بحري أفتقدهم وجدتهم يحتاجون إلي قليل من الحديد لأجل صناعتهم لأنهم كانوا حدادون فلما أتيت إلي ( الفرما ) لأشتري لهم اللازم رأيتك قد رفضت عبادة ربي يسوع المسيح إبن الله الحي الذي يهلك نفسه أنت وأباك الشيطان وملكك المخالف ". تعذيب القديس أباهور بشدة : لما سمع القائد هذا الكلام الجرئ من القديس الشاب الصغير غضب جداً وأرسلهُ إلي داميانوس الوالي ليعاقبه فأمر الوالي بضرب القديس أباهور علي فمه ، قائلاً له : " قدم البخور للوثن فأجابهُ المجاهد وقال : " لا يمكن أن أسجد لآلهتك النجسة وأترك ربي يسوع المسيح الذي يرذلك " . غضب الوالي جداً وأمر بأن يُعَلق علي الهنبازين وأن يُمَشط بأمشاط من حديد ثم أمر بأن يأتوا بقدر نحاس وأن يضعوا فيه كبريتاً وزفتاً وأن يوقدوا تحته حتى ذابا من النار وأمر بأن يصبوه علي رأسه ثم أمرهم بأن يأتوا بصنادل حديدية وأن يتم تسخينها بالنار ويضعوا قدميه فيها حتى أن النار ألهبت جسده كله . إستجابة الصلاة ونجدة السماء : أما القديس أباهور فقد رفع عينيه نحو السماء وقال : " إسمعني يا ربي يا ضابط الكل أيها الجالس فوق الشاروبيم ( الحاملين لعرش الله ) وأرسل لي رئيس الملائكة الجليل ميخائيل ليعينني ويخلصني من الألم لأن لك المجد آمين " . وفي تلك الساعة نزل الملاك ميخائيل من السماء وإلتقط ( حمل ) إناء الزفت السائل من فوق رأس القديس أباهور وجعله علي رأس الوالي ثم أرجعه إلي رأس القديس أباهور فصار إكليل جوهر على رأسه وألبس الملاك الأخفاف ( الصنادل ) الحديدية الساخنة للوالي ثم حملها من رجلي الوالي وألبسها للقديس أباهور وفي تلك الساعة صارت حجر جوهر ومضى الملاك وأبرأ الوالي لعله يتعظ من رحمة الله . إيمــــان كثيرين : فلما رأت الجموع هذه الأعجوبة العظيمة صرخ مائة وسبعة وعشرون رجلاً وثلاثون إمرأة قائلين : " نحن مسيحيون علانيةً ليس إله في السماء وعلي الأرض إلا يسوع المسيح إله القديس ، أما الوالي فقد إمتلأ غضباً وقال لهم : " قدموا البخور للأصنام لئلا تموتوا شر ميتة فصرخوا جميعاً قائلين بصوت واحد : " لن نضع بخوراً ولكننا الآن كلنا مسيحيون علانيةً ونؤمن بربنا يسوع المسيح ". فأصدر الوالي حكمه عليهم بقطع رؤوسهم بحد السيف خارج أسوار المدينة وهكذا أكملوا جهادهم ونالوا الأكاليل التي بلا فناء في السموات إلي الأبد . إيمان الوالي : ومن بعد موت هؤلاء الشهداء عاد الوالي إلي القديس أباهور وقال له : " بالحقيقة إنني أشفق علي صباك وحُسن شبابك فلا داعي أن تعذب نفسك وتمتع بالدنيا " ، فأجاب القديس أباهور وقال له : " إن الأطفال في هذا العالم إختارهم الله لكي ينصحوا الشيوخ المنافقين ( الملك ) مثلك وأنا صبي حكيم أجمع الكثيرين للإيمان ليصعدوا إلي مدينة أورشليم السمائية لينالوا النعيم الأبدي " فقال له الوالي : " إني أتعجب منكم أيها المسيحيون كيف إنكم تموتون علي هذا الإسم وأعني يسوع أي بدون مقابل مادي " ، فقال له القديس أباهور : " ربي يسوع المسيح قال في الإنجيل المقدس : " إن الذي يترك عنه أباً أو أماً أو أختاً أو زوجة أو أولاداً أو بيتاً أو أموالاً من أجل إسمي ومن أجل البشارة ( الإنجيل ) يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية ( مت 19 : 29 ) ومن أجل هذا نموت على إسمهُ القدوس ونقدم أجسادنا قرباناً مقبولاً يرضيه " . وللوقت إعترف داميانوس والي الفرما بالمسيحية وقال : " أنا أيضاً أؤمن وأعترف بيسوع المسيح إبن الله الحي إله المسيحيين " ، فأجاب المندوب ( الرسول ) الملكي بغضب وقال له : " أنا لن أصنع بك شيئاً من الأذى ولكني سأرسلك إلي الملك دقلديانوس " ، فقال له داميانوس الوالي : " فلتحترق أنت وملكك المشكك في الإيمان المسيحي الذي أرسلك إلي هذه المواضع المصرية فمن الآن لا أسجد لشيء من الآلهة الوثنية إلا ربي يسوع المسيح إله القديس أباهور لأستريح في ملكوته الأبدي وكل شأن لي من المال والأملاك أدفعه للمساكين لأجل خلاص نفسي وزوجتي وإبنتي وإن أراد الله فهما يتبعاني في الإيمان بالفادي". تعذيب الوالي وإستشهاده مع أسرته: وللوقت وقف الوالي أمام الشعب وأمام المندوب الإمبراطوري وكان يجدف علي آلهته ، حينئذ أمر المندوب أن يتم صلبه علي الهنبازين وأن يُمشط بأمشاط حديدية محماة بالنار أو بأمواس حادة وبعد ذلك دخلت إمرأة من الحاضرات ( المشاهدات لما حدث ) إلي إمرأة الوالي وقالت لها : " هل سمعت أن الوالي مُعلق علي الهنبازين مثل المجرمين ؟ فقامت زوجته مسرعةً ومعها إبنتها وخرجتا تجريان في الطريق إلي الملعب ( الأستاد الرياضي ) "،فقالت له يا أخي : " لماذا تريد أن تمضى إلي الحياة الأبدية وتتركني أنا و إبنتي في العقوبة بسبب الوثنية ؟ والآن أنا وإبنتي مستعدتان أن نموتا معك علي إسم ربنا يسوع المسيح " ، وقالت له إبنته الصغيرة : " أما سمعت يا أبي عن إسحق بن يعقوب أنه لما إقتربت السكين منه بيد أبيه إبراهيم الخليل لم يهرب من الذبح وأنا لا أخاف الموت الذي يحل بي من أجل المجد ( المنظر الإلهي ) الذي أنظره فوقك بالحقيقة يا أبي هوذا أنا أنظر ربي يسوع المسيح فوقاً منك ورئيس الملائكة ميخائيل واقفاً وبيده ثلاثة أكاليل مرصعة بالجواهر ليجعلها علينا ( يضعها فوق رؤوسنا ) نحن الثلاثة بإسم الآب والإبن والروح القدس " . فقال لها أبوها يا إبنتي أنت تكونين لنا ذخيرة في بيت الله (أي تسبقهما للملكوت) ، وللوقت إتجهت الطفلة نحو المندوب : وملأت تراباً وطرحتهُ في وجهه ، فغضب المندوب من ذلك جداً وأمر بأن تعلق علي الهنبازين وتُمشط بمعرفة الرجال المعذبين ( الجلادين ) ويشق قلبها بآله حادة ، وللوقت سلمت روحها بيد الرب فلما أنزلوها من الهنبازين ميتةً كفن جسدها رجال مؤمنون من أهل البلدة ودفنوها وهكذا كملت شهادتها بسلام من الله . وعاد فأتجه المندوب إلي أبيها وأمها وقال لهما : " ما هو الشئ الذي ربحتماه الآن فأنكما قد جعلتما إبنتكما الحسنة الصورة تموت بهذه الميته الشنيعة فأجابه القديسان وقالا له : " إن الموت الذي ماتت به إبنتنا ليس هو موت بل هو كوبري يؤدي إلي حياة أبدية سعيدة وأما أنت أيها الوثني فسوف يهلكك الموت بسرعة ويهلك ملكك المنافق دقلديانوس وآلهتكم النجسة ، فلما سمع المندوب كلامهما غضب جداً وأمر بأن يُخرجوها خارج سور المدينة وأن يطعنوهما ويقتلونهما وهكذا كملت شهادتهما بجهاد ولبسا الإكليل الذي ينبغي له المجد إلي الأبد . جولةً أخرى من العذابات للقديس أباهور : ومن بعد هؤلاء جميعاً إلتفت المندوب الملكي إلي القديس أباهور وقال له : " ما هو الذي تفكر به في قلبك ؟ هوذا الوالي وزوجته وإبنته قد قُتلوا من أجلك ( بسببك ) فهل ظننت أنه ليس في الملعب الرياضي عقوبةً كافية ؟ نعم ها هي هنا وآمر بأن يُعلق علي الهنبازين ويمشطه المعذبون حتى تظهر عظامه من لحمه فامتلأت الأرض من دمه وكان دمه نازلاً من جسمهُ كله حتى لم يبق شئ في جسده إلا العظام وحدها فصرخ القديس أباهور قائلاً : " إسمعني يا ربي يسوع المسيح وأرسل لي رئيس الملائكة ميخائيل ليعينني في ساعة الضيقة هذه ولا تتركني يا سيدي أموت الآن حتى أفضح ( أكشف ) هذا المنافق " ، وفي الحال نزل رئيس الملائكة ميخائيل من السماء وأنزل أباهور من فوق الهنبازين وشفى جسده وأصبح كمن لم يُعذب أبداً ( كامل الجسم والصحة ) وجعل القديس يقف أمام المندوب ويصيح قائلاً : " إفتضح أنت ( إخجل من نفسك ) أيها المنافق ومعك أوثانك النجسة " . إيمان دفعةً أخرى من الحاضرين وإستشهادهم : فلما نظرته الجموع وهو قائم ( واقف ) أمامهم وليس فيه شئ من أثر التعذيب في جسده البتة لكن كان وجهه نضراً مثل الورد صرخوا جميعاً بصوت واحد قائلين : " نحن مسيحيون علانيةً وليس إله آخر في السماء ولا علي الأرض إلا يسوع المسيح إله القديس أباهور " ، فقلق المندوب الملكي من ذلك وقال لهم : " لماذا تتجنون علي أنفسكم إسمعوا مني وبخروا لآلهة الملك لتربحوا أنفسكم لئلا تموتوا ميتة سوء" ، حينئذ صرخوا جميعاً بصوتٍ واحد قائلين : " لا يمكننا أن نسجد لأحد من الآلهه إلا ربنا يسوع المسيح إله القديس أباهور " فغضب جداً وأمر أن يقسموا فرقاً فرقاً ويخرجوهم خارج سور المدينة ويتم ذبحهم بحد السيف وهكذا أكملوا شهادتهم وهم مائة وثمانية وستون رجلاً سوى الأطفال والنساء وأخذوا الأكاليل الدائمة من قِبل ربنا يسوع المسيح . جولةً ثالثة لتعذيب القديس : ومن بعد هؤلاء عاد المندوب إلي القديس أباهور وقال له : " إسمع مني وأترك عنك هذا الجهل لتصير حكيماً وقدم البخور للآلهة وأنا أكتب إلي الملك دقلديانوس ليعطيك منزلةً عظمى ويجعلك والي فأجابه القديس أباهور وقال له : " أن إكراميات الملك تكون له وأنا لا أريد ولاية ولا عظمة هذا العالم الفاني ونظراً لأنك قلت إنني جاهل وغير فاهم فأعلم أنه مكتوب في الكتاب المقدس أن جُهَال العالم إختارهم الله ليخزوا الحكماء الكذبة مثلك وأن جهلي أيضاً يجمعني حتماً بالمسيح في أورشليم السمائية ملكوت السموات " . أمر المنافق أن يُعلق إلي فوق منكس الرأس ويتم ضربه ضرباً كثيراً فضربوه بالسياط حتى سقط جسده علي الأرض وظل وقتاً طويلاً في هذا العذاب والجمع كله ينظر إليه بإعجاب وصرخ الطوباوي قائلاً : " يا ربي يسوع المسيح ملك السماء والأرض أعني " ، فجاءه رئيس الملائكة ميخائيل وشفاه ثم قبله وصعد إلي السموات بمجدٍ عظيم وعندما نظر الجمع ما حدث صرخوا جميعاً قائلين : " نحن مسيحيين علي إسم المسيح علانيةً وكذلك الجند الآخرون الذين ضربوه آمنوا وصرخوا ممجدين الله قائلين : " ليس إله في السماء ولا علي الأرض إلا ربنا يسوع المسيح إله القديس أباهور " . أكاليل بالجملةِ : وفي ذلك اليوم آمن بربنا يسوع ثمانمائة نفس بالتمام مما أثار غضب المندوب الإمبراطوري وأمر أن يأخذوهم خارج المدينة وأن يتم حفر حفرةً عظيمة ويوقدون فيها النيران ويطرحونهم فيها وهكذا أكملوا شهادتهم بالموت فيها بالجهاد البدني وصعدوا إلي العلي الذي أحبوه السيد المسيح له المجد وسكنوا إلي الأبد في أحضان القديسين بركة شفاعتهم تكون معنا. تعزيات السماء للقديس في الحبس : ومن بعد قتل هؤلاء المؤمنين أمر المخالف أن يلقوا أباهور في السجن حتى يفكر فيما يصنعه به فلما مضوا به إلي السجن وجد هناك جماعة من القديسين المؤمنين معتقلين من أجل إسم ربنا يسوع المسيح . وسلم عليهم القديس أباهور بفرح قائلاً لهم : " جاهدوا لتغلبوا ، فهوذا أكاليلكم معدة لكم وأقول لكم يا أحبائي أنه في مثل هذا الوقت غداً تنعمون بربنا يسوع المسيح في ملكوته وأما أنا فسأنال تعباً عظيماً آخر ويمضون بي إلي وجه قبلي إلي أنصنا لإريانوس الوالي الظالم والقاسي جداً فهو يعذبني عذاباً عظيماً في ذلك الموضع ( المدينة ) وأنا أؤمن بأن ربي يسوع المسيح يقويني حتى أكمل جهادي بسلام " . حينئذ قام القديس أباهور الليل كله يصلي مع القديسين المحبوسين حتى أشرق نور النهار وإذا برئيس الملائكة ميخائيل يأتي إليهم ويقول لهم : " السلام لكم يا جميع عبيد المسيح وقال للطوباوي أباهور في الغد أسير معك إلي أنصنا فلا تخف لأني أكون معك وأقويك في كل موضع تمضى إليه ( تتألم فيه )" . بعد ذلك ألقى رئيس الملائكة التحية ومضى إلي السموات وهم ينظرون إليه وفي الغد أمر المندوب أن يأتوا بالقديس إليه وكذا جميع القديسين المعتقلين ليقفوا أمامه فدفع القديس أباهور في يد الجند ليمضوا به إلي أنصنا إلي إريانا الوالي وأستعد المندوب أن يمضى معهم إلي وجه قبلي وأما جميع القديسين الذين أخرجوهم من السجن فقد أمر بأن يخرجوهم إلي خارج المدينة ( الفرما ) ويُطرحوا في أتون النار حتى يسلموا أرواحهم وقد كانوا نحو مائتي رجلاً وأخذوا الأكاليل الدائمة بسلام من الله. رئيس الملائكة معه في الطريق الضيق : ومضى المندوب الملكي إلي وجه قبلي وكذا الجند الذين معه والقديس أباهور وبعد عشرة أيام كاملة وصلوا إلي أنصنا ( الأشمونين - بجوار ملوي ) وكان رئيس الملائكة ميخائيل يسير مع القديس في الطريق مثل أخ مع أخيه حتى إقتربوا من باب المدينة فسلم عليه رئيس الملائكة ومضى إلي السماء بمجدٍ عظيم وعندما إقترب القديس من باب المدينة نظر إمرأة عجوز واقفة قرب الباب فقال لها الطوباوي أباهور : " خذي هذا الخف ( الصندل ) ودعيه عندك لئلا يلبسه هؤلاء المخالفون لأن رئيس الملائكة ميخائيل أمسكه وجعله في رجلي فلما بلغ المندوب أمر أن يُلقى أباهور في السجن حتى يجتمع بالوالي فلما إجتمع به سلمه منشور الملك بإضطهاد المسيحيين فلما أخذه من يده سجد له وشرح له المندوب كل ما حدث لوالي الفرما وزوجته وإبنته وما حدث للقديس أباهور فلما سمع إريانوس ما حدث توجع قله جداً ودق يديه بعضهما علي بعض في دهشةٍ وقال للمندوب : " وأين ذاك أباهور؟ لأصنع به ما أريد من عذاب " . فلما سمع أنه في السجن تركه أيضاً تلك الليلة لا يسمع منه وجلس مع ضيفه وأكلا وشربا في ذلك الوقت مع بعضهما ، ثم إستدعى القديس وقال له : " كيف تسببت في موت والي الفرما وزوجته وإبنته؟ فقال له القديس أن موت القديسين ليس هو موت لكنه حياةً أبدية وأنا من أجل هذا الإيمان مستعد أن أسفك دمي علي إسم سيدي يسوع المسيح والآن جميع ما تختاره فأصنعه بي . فقال له الوالي بمكرٍ : " هوذا أنا أراك صبي حسن في عنفوان شبابك وأنا أسألك مثل إبن حبيب لي أن تقدم البخور لآلهة الملك لكي تأخذ كرامات عظيمة ومجد " فقال له القديس : " فلتحترق أنت وملكك وآلهتكم ". إيمان الجند وإستشهادهم : فلما رأي الجند هذه الأعجوبة العظيمة دخلوا المدينة ووقفوا قدام الوالي وصرخوا بصوت عظيم قائلين : " نحن مسيحيين علانية ليس إله آخر في السماء وعلى الأرض إلا ربنا يسوع المسيح إله القديس أباهور " ، فقال لهم الوالي : " ألعله قد أثر فيكم بسحر ... !" ، فصاحوا جميعهم بشجاعة قائلين : " سد فاك أيها التنين الشرير ليس ذلك القديس ساحراً بل عبداً لله " فأمر الوالي أن يُخرجوهم خارج المدينة ويذبحوهم بحد السيف وهكذا أكملوا شهادتهم ونالوا إكليلهم بسلام من الرب ، بركة شفاعتهم تكون معنا . عذاب آخر مع معونة الرب : وبعد موت هؤلاء الجند أمر الوالي أن يحضروا القديس من حبسه فقدموه له فلما رأى إريانوس أباهور قال له : " بالحقيقة لقد قتلت بمعرفتي مسيحيين كثيرين ولم أنظر أحد قوياً في السحر مثلك والآن هلم ضع البخور للآلهة التي للملك وأنا أتركك " ، فقال له القديس أباهور : " أنه لا يكون قط أن أسجد لإله وثني غريب إلاّ ربي يسوع المسيح إبن الله الحي " . غضب الوالي وأمر أن يوضع علي سرير حديدي مربوطاً بالسلاسل وأن يُوقد ستة عشر من الأعوان المسؤولين عن التعذيب بالتناوب تحته ناراً من باكر حتى وقت الساعة التاسعة ورفع القديس أباهور عينيه نحو السماء وصلى هكذا قائلاً : " يا سيدي الآب يا ضابط الكل الجالس فوق الشيروبيم والسيرافيم قيام حوله الذي يسبحه الأربعة والعشرين شيخاً ( رؤيا 4 : 4 ) وكل طغمات ( قوات ) السمائيين إسمعني أنا اليوم وخلصني أطلب إليك يا ملكي فأنت تعرف إني غريب ( مز 19 : 19 ) شقي في الدنيا وليس لي معين إلا أنت يا سيدي وإلهي والآن كن لي كن معي ياربي وإلهي حتى أكشف هذا المنافق وأوثانه النجسة لأن لك المجد إلي الأبد آمين . وفي تلك الساعة أتاه الملاك ميخائيل وحل رباطه وأنزله من علي السرير الحديد ورشم جسده بعلامة الصليب المقدس وشفاه وعزاه ثم صعد إلي السماء ونهض القديس ووقف الوالي وقال : " لتخجل أيها الوالي المنافق وآلهتك وملكك المخالف" فصرخ الجمع كله بفم واحد وقالوا : " نحن مسيحيون علانيةً " فكتب الوالي قضيتهم (صدر حكمه بالإعدام ) فأُخِذَت رؤوسهم بحد السيف ونالوا الحياة الأبدية وأمر بحبس القديس حتى يفكر فيما يصنعه معه وإجتمع أباهور بالقديسين وعزاهم بكلمات النعمة وقام الليل كله ساهراً يصلي إلي الله قائلاً : " أُذكر يارب كل المتألمين من أجل إسمك القدوس ولا تجعل العدو يفرح فيهم ولا تقول الأمم ( أهل العالم ) أين إلهكم ؟ بل قم يارب وأعنا وخلصنا من أجل إسمك القدوس " ، وكان يرتل قائلاً : الرب نوري وخلاصي ( مز 1 : 27 ) فلا أخاف شيئاً من عذاب الكفرة الأشرار ومن بعد ذلك أمر الوالي أن يأتوا بالقديس أباهور إلي الملعب فلما حضر قال له الوالي : " إسمع مني وقدم البخور لآلهة الملك لكي أجعلك إبناً لي وأتخذ لك إمرأة من ( بنات أكابر المدينة وأكتب إلي الملك دقلديانوس ليمنحك مرتبة عالية ). مزيد من العذاب للقديس : أما القديس أباهور فقد تناول حجراً وتراباً ورماهما في وجه الوالي قائلاً له: " خذ كرامتك أيها المنافق فغضب الوالي وأمر أن يحموا التنور ( الفرن ) حتى إرتفع لهيبه جداً فصرخ القديس أباهور وسط النار قائلاً : " يا ربي يسوع المسيح أعني يا الذي أطفأ قوة النار عن الثلاثة فتية القديسين " دانيال 3 : 12 – 30 " لأنك أنت معيني وناصري " مز 28 : 7 ، أم 21 : 31 " . فنزل رئيس الملائكة ميخائيل من السماء و أطفاء لهيب النار وجعل الأتون مثل الندى البارد ولما كان الغد أمر الوالي أن يُفتح باب التنور فوجدوا القديس أباهور ويداه مبسوطتان وهو ووجهه نحو الشرق وهو يضئ مثل الشمس . إستشهاد جموع كثيرة مع زوجة الوالي وإبنته : ولما نظر الجمع هذه الأعجوبة العظيمة صرخوا كلهم قائلين : " واحد هو إله المسيحيين بالحقيقة " وأخذوا حجارة وطرحوها في وجه الوالي الشرير فأمر بقتلهم جميعاً بحد السيف وهكذا أكملوا شهادتهم بسلام الرب . إقتربت زوجة الوالي إريانوس وإبنته منه و إعترفنا أمامه بالسيد المسيح له المجد رباً ومخلصاً وقالت له إبنته : " إني أختار الموت أفضل من حياة هذا العالم الفاني وأقدم جسدي قرباناً لربي يسوع المسيح إله أباهور وهو يقبلني قرباناً مقبولاً طاهراً والعريس الذي أمضى إليه لا يفرغ عطره إلي الأبد ، سعادته أبدية ولا يستطيع أحد أن يفرقني عنه أبداً " .. ثم قالت إمرأته وإبنتها : " أيها المخالف يا آكل لحوم الناس ممزق الأجساد بالعذابات قد قلنا لك عدة دفعات سابقة أن ترجع عن جنس المسيحيين لأن إلههم قوي وهو قادر أن يهلكك أنت و أبولون إلهك الأصم الأعمى الغير ناطق والملعون " ، فقال لهما الوالي : " دعوكما من هذا الكلام وإذبحا لآلهة الملك " فقالا له فلتحترق أنت في جهنم وأبولون وملكك " . وأتما شهادتهما وكللتهما الملائكة بإكليل المجد ثم إستدعى الوالي القديس أباهور وقال له :" هوذا زوجتي و إبنتي قد أخذتهما منى وقد تعبت أكثر .... بما أمهلك ..؟" ، فقال له القديس : " إن إلهي قد أمهلك ( صبر عليك ) كثيراً واحتملك " ، وفي مكرٍ شديد أمسك الوالي بيد القديس أباهور و إختلى به وحده وقال له : إسمع مني وإسجد لآلهة الملك وأنا أكتب للملك دقلديانوس لكي يُصيرك والياً " . دعوة الجموع للقاءٍ عام : قال له القديس : " إحلف لي أولاً إن مُتْ تكفن جسدي وترسله إلي بيتي وأنا أطيب ( أريح ) قلبك فيما تقصده ففرح إريانا الوالي وقال : " وحق الآلهة الكرام أبولون و أرطاميس أنك إذا مُتْ أُكفن جسدك وأرسله إلي بيتك بمجد عظيم " ، فقال له القديس أباهور : " هوذا الوقت قد كمل فأرسلني إلي السجن باكراً . وإذا كان الغد أمر الوالي المنادي أن يصرخ ينادي في المدينة ليجتمع أهلها في الملعب لينظروني أضع البخور أمام آلهتك " ، فقال إريانا : " ليس لي بعد مبرر أن أحبسك ولا أن أهينك بل تكون في بيتي إلي الغد " ، فقال فيلا الترجمان : " يا سيدي أنا أضمنه وآخذه إلي بيتي حتى باكر وأُحضره إلي هنا " ، فأمره بذلك . مجيء السيد المسيح للقديس أباهور : لما صار أباهور في بيته صنع معه المترجم رحمةً ومحبةً وتركه ينام في موضع ( حجرة ) وحده فقضى الليل كله في الصلاة قائلاً : " يا ربي الجالس على مركبة الكاروبيم ، والسيرافيم قيام حولك يسبحونك إسمعني أنا عبدك وأقبل طلبتي إليك اليوم يا من سمع لأبينا يشوع على مياه الأردن إسمعني وخلصني اليوم يا من كان مع يوسف ومنسى وداود وجميع القديسين كن معي أنا اليوم وخلصني وأرسل لي رئيس الملائكة ميخائيل ليقف معي حتى أكمل جهادي لأن لك المجد مع أبيك الصالح والروح القدس إلي الأبد آمين " . وللوقت أُضيئ المكان بنورٍ عظيم وسمع صوت المخلص يسوع له المجد فقواه وعزاه وصعد عنه بمجدٍ عظيم . إيمان الوالي وإستشهاد مجموعة أخرى من الوثنيين : وأما فيلا الترجمان وإمرأته وأولاده لما رأوا النور الإلهي والمجد الذي علي القديس ( هالة القديسين ) آمنوا بالسيد المسيح ، ولما كان الغد أحضر الأمير ( مندوب دقلديانوس ) القديس العظيم أباهور وقال له : " هلم نمضى إلي المكان لنقدم الأضحية للآلهة النجسة ..... وللوقت رأي الجمع أعجوبة عظيمة .... هدم الملاك هيكل الأوثان وحطمها كلها فصرخوا قائلين : " نحن مسيحيون ، نؤمن بإله القديس أباهور فغضب الوالي ( المندوب ) الملكي غضباً شديداً وأمر الأعوان ( قوات الأمن ) أن يقطعوهم بالفؤوس والسيوف وهكذا أكملوا شهادتهم . صلاة القديس الوداعية والشفاعية : أمر الوالي بكتابة قضية ( إعدام ) القديس أباهور لكي تؤخذ رأسه بحد السيف ولما أخرجه الجند لمكان القتل خارج المدينة سألهم أن يتمهلوا عليه حتى يصلي ، فتركوه قليلاً ورفع المغبوط أباهور عينية إلي السماء وبسط يديه وصلى هكذا قائلا : " يارب يا ضابط الكل إسمعني اليوم فإني أطلب إليك لكي كل من يكون في شدةٍ ويسألك بإسمي ( يتشفع بى ) تستجيب له وتسمع له سريعا ً وتعينه علي حل مشكلته وكل من يكتبون سيرتي ويظهرون هذه الأتعاب التي قبلتها علي إسمك القدوس ويذكروني إعطهم أجراً في الملكوت وأكتب أسماءهم في سفر الحياة وإقبلهم في مدينتك المقدسة أورشليم السمائية وأسألك يا رب بأن كل من يذكرني ويرفع قرباناً في يوم تذكاري تجازيهم في ملكوتك السمائي وأسألك يارب أن تقبل إليك نفسي بالصلاح في ساعة صالحة لك المجد والعزة أيها الآب و الإبن والروح القدس الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور آمين " . الملائكة تحمل روحه الطاهرة إلي الفردوس : وأحني عنقه للسياف فأخذ رأسه المقدسة بحد السيف وأكمل جهاده الحسن في الثاني عشر من شهر أبيب وصعدت الملائكة بنفسه ( روحه ) المقدسة إلي السموات بمجدٍ عظيم صلواته تكون معنا آمين . وبعد ذلك أمر الوالي إريانوس أن يتم تكفين جسده المقدس وأن يمضوا به إلي مدينته كالقسم الذي أقسم به للقديس قبل أن يقتله فجرد له الوالي عشرة من الجند وحملوه على عربة ( تجرها الخيل ) ومضوا به إلي أن أوصلوه إلي سرياقوس وفي تلك الساعة رقدت الدواب ( الخيل ) ولم تتحرك هنا أو هناك لأن إرادة الله شاءت أن يكون جسد القديس مدفوناً هناك . فلما رأي أوسايوس الجندي ما كان من الدواب حفر في الأرض ودفن جسد القديس هناك وعاد راجعاً هو والجند إلي أنصنا و اعترفوا بالسيد المسيح أمام الوالي ونالوا أكاليل الشهادة . وبعد إنقضاء زمان الإضطهاد بُنِيَت للقديس العظيم والشهيد الجليل أباهور كنيسة عظيمة واسعةً جداً وعالية البناء وظهرت فيها آيات وعجائب كثيرة . |
|