|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بالصليب صار هو الكاهن والذبيحة لم يكن السيد المسيح هو مجرد ذبيحة قُدِّمت عن حياة العالم لكنه كان هو الكاهن وهو الذبيحة فى آنٍ واحد. فإذا كان قد تم ذبحه على الأرض مثلاً؛ سيكون فى هذا الوضع ذبيحة وليس كاهناً. ولكن على الصليب هو يرفع يديه ككاهن وهو فى نفس الوقت الذبيح المعلّق. فالناظر إليه يراه ككاهن يصلى وفى نفس الوقت يراه ذبيحاً ويقول "فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5 : 7). هو يشفع فى البشرية أثناء تقديمه لذاته كذبيحة. لذلك رآه يوحنا الحبيب فى سفر الرؤيا مثل "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6). الجرح الداخلى أعمق: كان لابد أن يكون السيد المسيح قائماً؛ فلا يمكنه أن يكون ملقى أثناء ممارسته لعمله كرئيس للكهنة. لذلك فإن عملية الذبح كانت داخلية (بالرغم من وجود جراحات مثل آثار المسامير وإكليل الشوك) لكن الجرح الأساسىكان داخلياً. وهنا تظهر نقطة عميقة فى محبة الله، وهى تتمثل فى شخص السيد المسيح أنه مذبوح فى داخله كما يقول بولس الرسول "فى أحشاء ربنا يسوع المسيح" (فى1 :8) فالذبح الداخلى أصعب بكثير من الذبح الخارجى وفى هذا يقول الشاعر: وظُلم ذوى القُربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحُسام المُهندِ فوقع السيف الحاد أخف من ظلم ذوى القرابة. ويقول الكتاب فى هذا المعنى "ما هذه الجروح فى يديك؟! فيقول هى التى جُرحت بها فى بيت أحبائى" (زك13: 6). النزيف الداخلى : السياط التى جُلد بها السيد المسيح كانت مصنوعة من سيور البقر وفى أطرافها عظم أو معدن، لذلك فقد مزّقت الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى وأحدثت نزيفاً داخلياً. فلما ضربه الجندى بالحربة كان الدم عندئذ يملأ القفص الصدرى فسال الهيموجلوبين الأحمر بلون الدم ثم البلازما الشفافة ثم السوائل الخاصة بالأوديما (أى الإرتشاح المائى). هذه التى عبّر عنها ببساطة القديس يوحنا أنه بعدما طعن فى جنبه بالحربة "خرج دم وماء" (يو19: 34). وقد رأى القديس يوحنا مركبات الدم مفصولة لأن السيد المسيح كان قد أسلم الروح فى الساعة التاسعة وعندما طعنه الجندى قرب الغروب كان قد مضى حوالى ساعتين. مات ذبيحاً : إهتم القديـس يوحنـا أن يـذكر واقعة خروج الـدم والماء لكى يؤكّد أن السيد المسيح مات ذبيحاً. ويقول و"الذى عاين شَهِد وشهادته حق" (يو19 :35). كانت رقبة السيد المسيح سليمة نسبياً والصدر سليم نسبياً بحسب الظاهر خارجه بينما كان النزيف حاد من الداخل. فى الخارج كانت تظهر آثار ضربات السياط، بالإضافة إلى الجروح التى كانت فى اليدين والقدمين، وقد أحدثت نزيفاً خارجياً لكنه محدود. فالمصلوب كان يمكن أن يبقى معلقاً على الصليب ويتعذب وقد لا يموت إلا بعد ثلاثة أيام. ولكن كان يهّم القديس يوحنا الإنجيلى جداً أن يؤكّد أن السيد المسيح هو خروف الفصح الذى ذُبح لأجلنا، لذلك أكَّد نزول الدم والماء من جنبه لكى نعرف أنه ذُبح. سبب الهبوط فى القلب : النزيف الداخلى الحاد الذى تعرَّض له السيد المسيح نتج عنه أن كمية الدم الباقية فى الدورة الدموية كانت بسيطة جداً. لذلك إحتاج القلب أن يعمل بسرعة لتعويض الدم المفقود. ولكى يعمل بسرعة، كان القلب نفسه كعضلة، يحتاج لكمية أكبر من الدم. ولكن الشرايين التاجيّة التى تغذّى القلب لم يكن فى إمكانها أن تقوم بهذا الدور لقلة كمية الدم الواصل إليها نتيجة للنزيف. وإذا كانت سرعة ضربات القلب فى الإنسان الطبيعى هى سبعين نبضة فى الدقيقة ففى حالات النزيف ترتفع إلى 140 نبضة. وكل هذا يجهد عضلة القلب فتصل إلى مرحلة الهبوط الحاد جداً فى الجزء الأيمن منها ويؤدى ذلك إلى الوفاة. |
|