الرهبنة لقداسة البابا تواضروس الثانى

[Mary Naeem]

الرهبنة لقداسة البابا تواضروس الثانى

فى نهاية شهر يناير من كل عام وبالتحديد فى 22 طوبة (30 يناير) نحتفل بتذكار نياحة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب الرهبنة فى العالم كله. ويطيب لنا فى حلقة هذا العدد أن يكون حدينا عن ثلاثيات رهبانية وهى عديدة... لكننا نختار منها ثلاثة فقط على أن يكون لنا لقاء آخر معها فى حلقة قادمة.

رواد الرهبنة... ثلاثة

1- القديس أنطونيوس الكبير : (251-356م) وهو أول رهبان العالم كله. وهو مصرى ولد فى قمن العروس بمحافظة بنى سويف. وقد بدأ حياة الرهبنة على مراحل وهو فى سن العرين تقريباً وتدرج حتى دخل البرية الجوانية وصار حوله تلاميذ مشتاقين لهذه النوعية من الحياة. وقد نزل الإسكندرية مرتين؛ الأولى عام 316م ليشجع الشهداء أثناء الاضطهاد، والثانية عام 332م ليسند البابا أثناسيوس الرسولى فى جهاده ضد آريوس الهرطوقى.

2- القديس باخوميوس الكبير : (290-348م) كان مصرياً وثنياً، ولكنه كان يكره الوثنية منذ صباه، ثم تحول للمسيحية وتدرب تحت قيادة القديس بلامون الناسك.. ونما فى
الفضيلة ووضع نظام الشركة الرهبانية، وأقام عدة أديرة تضم آلاف من الرهبان. كما أقام ديراً للراهبات يضم 400 راهبة تحت قيادة مريم أخته. ويعتبر هو مؤسس الرهبنة فى جنوب وادى النيل.

3- القديس مكاريوس الكبير : (300-390م) وهو مؤسس الرهبنة فى البرية الغربية (وادى النطرون) وقد بدأ حياته النسكية فى قرية ثم انتقل بين الرى هرباً من سيامته كاهناً، كما اتهم بالإعتداء على فتاة، وإذ ظهرت براءته هرب إلى الإسقيط، وصار هناك أباً ومدبراً لجماعات من الرهبان. ولكن بجوار هؤلاء ظهرت قامات رهبانية عالية مثل الأنبا بولا أول السواح - والقديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين والقديس الأنبا آمون وغيرهم.

أشكال الرهبنة... ثلاثة

أخذت الرهبنة ثلاثة أشكال رئيسية، ظهرت كلها فى مصر ومنها انتشرت لكل العالم :

1- التوحد : وهو العزلة التامة حيث ينظم كل متوحد حياته وصلواته وملابسه وطعامه وعمله اليدوى. ويلقب بلقب "السائح" وغالباً يعيش بلا قلاية ثابتة بل يجول فى البرية الواسعة.

2- الشركة : حيث يعيش الرهبان كجماعة داخل جدران دير فى حياة شركة معاً تحت قيادة "أب" ويخضعون لقوانين معينة. وهذا النظام هو الأكثر انتشاراً بين الرهبان فى مصر وكل العالم.

3- الجماعات : وهو نظام وسط شبه توحدى وأحياناً يسمى "الفردية المترابطة" ويعتبر الطريق الوسط بين التوحد والشركة. وهذا النظام قليل الإنتشار فى المناطق لرهبانية فى العالم.

نذور الرهبنة... ثلاثة

للرهبنة ثلاثة نذور أساسية هى بمثابة إحتجاج ثلاثى ضد طغيان المادة، وضد الفردية الجامحة، وضد عبادة الجنس.

1- الفقر الإختيارى : فالراهب لا يملك أى شئ ويتخلى طواعية عن كل ما يملكه، ويدخل الحياة الرهبانية بلا قنية أو مال وحسب القانون هو لا يرث (من أسرته مثلاً) ولا يورث (إلى أسرته مثلاً) لأنه يعتبر فى عداد الموات (إعتبارياً).

2- الطاعة الكاملة : الراهب الحقيقى إنسان يتخلى عن ذاته ليعيش فى طاعة واعية لأبيه الروحى مدبر حياة الدير. وهذه الطاعة لا تبنى على الأوامر بل على الحب المتبادل بين الأب وإبنه.

3- التبتل النقى : الراهب لا يحصر عواطفه فى نطاق الأسرة المحدود، بل تصير البشرية كلها هى أسرته، ولذا يحيا فى بتولية كاملة جسداً وروحاً وفكراً وسلوكاً بعيداً تماماً عن كل
ما يخدش هذه الحياة.

هذه هى الحياة الرهبانية فى جوهرها الإنجيلى "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (مت 26:16).
وإلى اللقاء،