فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكم لا تَعلَمونَ اليومَ
ولا السَّاعة الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ
تشير عبارة "اسهَروا" إلى العدول عن النُّوم ليلاً بقصد مواصلة العمل (حكمة 6: 15)، أو تحاشيًا للمواجهة المفاجأة مع العدو (مزمور 127: 1-2). وأمَّا فيما يتعلق بهدف المؤمن من السَّهر هو أن يكون مستعدًا لمُلاقَاة الرَّبّ لدى مجيئه فَجْأة. وفي موضع آخر يوضِّح يسوع سبب السَّهر بقوله "فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ أَيَّ يَومٍ يَأتي ربُّكم"(متَّى 24: 42)؛ فالوصيَّة إذن هي السَّهر الدَّائم " فَاحذَروا واسهَروا، لِأَنَّكم لا تَعلَمونَ متى يَكونُ الوَقْت " (مرقس 13: 33)، والاستعداد الرُّوحي لتلبية نداء "المسيحِ يسوعَ الَّذي سَيدينُ الأَحْياءَ والأَموات" (2 طيموتاوس4: 1). أمَّا عبارة " لأَنَّكم لا تَعلَمونَ اليومَ ولا السَّاعة " فتشير إلى وقت غير مُحدَّد. نحن لا نختار السَّاعة، بل الله الذي يختار السَّاعة متى يشاء، وكيفما يشاء. لذا يحثُّ يسوع التَّلاميذ على السَّهر في انتظار عودته المَجيدة، لأنَّه يأتي في ساعة لا ينتظروها. فموعد مجيء الرَّبّ لا يُعلن عنه مقدمًا بل انه يأتي في وقت غير متوقع، كما جاء في تعليمه " فكونوا أَنتُم أَيضاَ مُستَعِدِّين، ففي السَّاعَةِ الَّتي لا تتَوقَّعونَها يَأتي ابنُ الإنسان" (لوقا 12: 40). وقال لنا الرَّبّ في موضع آخر "فَأمَّا ذلكَ اليومُ وتلكَ السَّاعَة، فما مِن أَحَدٍ يَعلَمُها، لا مَلائكةُ السَّمَوات ولا الابنُ" (متَّى 24: 36)، وذلك لتفادي كلّ سؤال عن وقت مجيئه الثَّاني "لَيَس لَكم أَن تَعرِفوا الأَزمِنَةَ والأَوقاتَ" (أعمال رسل1: 7). ويُعلق القديس أفرام السِّرياني "أخفى عنّا ذلك لكي نسهر ويفكّر كلّ واحد منّا في أنّ المجيء الثَّاني قد يكون خلال حياته على الأرض..." فأي محاولة أو اجتهاد عن معرفة السَّاعة أو تحديد وقت مجيء الرَّبّ هي تضيع وقت وبحث بلا طائل، بل بلبلة ولغو كلام باطل ضد مشيئة الله التي أعلنها لنا في الكتاب المقدس. لا أحد يعلم متى ينقضي الدَّهر ويضمحلُّ الكون، ويأتي يسوع، وتدقُّ ساعةُ الدَّينونة. إنَّه سرُّ الرَّبّ الآب وحدَهُ". أمَّا عبارة "الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ" فقد أسقطت الآية في الترجمة اليونانية بمعنى إنها كانت موجودة وسقطت سهوا من ناسخ ". فقد تقرر حذفها من النُّص اليوناني لإنجيل متَّى معتمدين في ذلك علي شهادة أقدم المخطوطات (P353rd, 01, A, B, C*, D, L, W ) . إنَّ يسوع الدَّيَّان سيعود إلى العَالَم، مهما طالت المدَّة لعودته.