تجارب الشيطان للقدّيسين

[walaa farouk]

تجارب الشيطان للقدّيسين ...

حاصرت تجارب شيطانيّة الشهيدة مافرا المجيدة (283م)
بينما كانت تنازع سكرات الموت على الصليب من أجل إيمانها
. بقيت على الصليب تسعة أيّام بلياليها قبل أن تودِع نفسَها بين يديّ الربّ
، حسبما حصل مع زوجها القديس تيموثاوس.
شاهدت في الليلة الأولى رؤيا، ورأت إنساناً يبتسم لها،
ويقترب منها، له شكل طفوليّ
، وكان يمسك بيده كأساً مليئة عسلاً وحليباً. دنا بالكأس من شفتيها،
وقال لها بطريقة لطيفة: "خذي، واستمتعي بهذا الكأس.
أحضرتُه لأجلك. سوف يشدّدك". ولكنّ القدّيسة،
التي كانت تصلّي بلا انقطاع، لم تسرع بقبول عرضه
، بل أرادت أن تختبره فسألته:

- من أنت؟

- أنا ملاك الربّ.

- إذا كنت ملاك الربّ كما تقول، فهلمّ نبكي معاً، نصلّي للمصلوب.

- أتعلمين؟ لمّا رأيتك على الصليب من دون طعام، أشفقت عليك. هل ستتمكّنين يا ترى من الاستمرار؟

- من الذي أرسلك لتقول لي هذه الأقوال؟ ألا تعلم أنّني بالصبر والإمساك والصلاة أرتفع إلى العلى؟

ومن دون أن تضيف شيئاً آخر، استسلمت للصلاة، وصرخت قائلة:

"يا صليب المسيح خلّصني بقوّتك".

فشاهدت وقتها ذاك الزائر المجهول يدير وجهه باتّجاه الغرب، ويستحيل دخاناً. ففهمت بأن "الملاك" لم يكن إلاّ الشيطان الخبيث الذي كان قد أتى في أحرج أوقات حياتها لكي يضلّها.

وبعد قليل زارها واحد آخر. أمسكها هذا بيديه بسرعة
، وأنهضها، ومضى بها إلى نهر واسع كان يجري بين ضفّتيه عسل وحليب. همس لها هذا "المحسن" الجديد قائلاً: "اغرفي، واشربي قدر ما تريدين." فأجابت على عرضه المغري: "لن أشرب ماء أو أي مشروب آخر
إذا لم تلاصق شفتاي كأس المسيح المصلوب.
فهذا الكأس يمنح خلاصاً وحياة أبديّة."

فغرف ذاك المجهول من النهر، وبسط يديه وشرب.
وللحال اختفى العسل والحليب. واستحال النهر طيناً،
طيناً أحمر اللون، دماً وتراباً. وفي اللحظة ذاتها اختفى الشيطان،
ووُجدت القدّيسة مرّة أخرى معلَّقة على الصليب.

"يا صليب المسيح خلّصني بقوّتك".