رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القربان الأقدس، هو طريق الخلاص، الذي وُعِدت به البشرية الخلاص، وهو يعني أيضاً التحرّر، يفترض وجود عبودية ما أو على الأقل خطر محدّق يهدد كائناً من كان. ونحن، إذ انفصلنا عن مصدر الحياة، الذي هو الله، قد أصبحنا تحت عبودية الموت، وخلاصنا من هذه العبودية لا يمكن أن يكون إلاّ بإعادة الصلة والاتحاد، بيننا وبين مصدر الحياة الذي هو الله. ولذلك، نحن نرى من خلال دراسة نقوم بها، في تاريخ الخلاص، الذي بدأ مع ابراهيم، واكتمل في المسيح، أنه عبارة عن إعادة العلاقة المقطوعة بين الله والبشر، وقد بدأت هذه العلاقة الجديدة مع ابراهيم واستمرت في ذريته، طفيفة وسطحية، إلى اليوم الذي مجّد فيه المخلّص الموعود والمنتظر، يسوع المسيح، الكلمة المتجسّد، الذي جمع في شخصه بين الله والإنسان، ومنح بهذا الفعل الحياة الدائمة للإنسان الذي اتحد به، وذلك بتخليه عن الإنسان العتيق، بموته على الصليب، وبقيامته لحياة جديدة. قام المسيح مرّة واحدة، ومنح الله كل إنسان، إمكانية الحياة باتحاده بالمسيح الحي، الذي أصبح باكورة الأحياء. ولبلوغ هذا الاتحاد، الذي يتعّدى طاقتنا البشرية، أسّس الّرب يسوع أسرار الخلاص المقدّسة، التي بفضلها يستطيع كل مؤمن أن ينال الروح التي تجسّد الألوهية في الإنسان. وإن قيامتنا مستمرّة، إذ أنها في التاريخ، كمسيرة العبرانيين في سيناء نحو أرض الميعاد، وميعادنا هو المسيح. وهناك بين الأسرار السبعة، سرّ له فاعلية خاصة تستطيع تحقيق هذه الوحدة الخلاصية المرجوة، هو سرّ القربان الأقدس، أي سرّ جسد الّرب الحي الذي يتحد بأجسادنا المائتة ليحييها. إنّ هذه اللمحة اللاهوتية المقتضبة، عن علاقة الخلاص بسر القربان الأقدس، من شأنها أن تنبهنا إلى أهميته في خلاصنا، ويمكننا القول بأن المسيح الذي أتى لخلاصنا، كانت أهم منجزات عمله الخلاصي، تأسيس هذا السر العظيم. والواقع هو أن المسيح قد أعطاه فعلاً كل الأهمية، فأعّد له مراراً متعددة، كما في إنجيل يوحنا خصوصاً وأنه أعطاه للكنيسة بشكل وصية خطيرة، ليلة استسلامه على الصليب، وكأنه يصرّ على أهميته كل الإصرار. فلا بدّ لنا إذاً أن نحاول فهم أبعاده في حياة الكنيسة والمؤمنين، وكيفية فاعليته في تحقيق هذه الوحدة، بين الله والبشر، التي فيها حياة الإنسان وخلاصه. |
|