رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" ... يا لأمكم لبوة، ربضت بين الأسود وربَّت جراءَها بين الأشبال، ربّت واحدًا من جرائها فصار شبلاً، وتعلَّمَ ٱفتراس الفريسة، أكلَ الناس، فلمَّا سمعت به الأمم أُخِذَ في حفرتهم فأتوا به بخزائم إلى أرض مصر، فلما رأت أنها قد ٱنتظرت وهلكَ رجاؤها أخذت آخر من جرائها وصيَّرتهُ شبلاً، فتمشَّى بينَ الأسود، صار شبلاً وتعلَّم ٱفتراس الفريسة، أكلَ الناس، ٱجتاحَ قصورهم وخرَّب مدنهم فأقفرت الأرض وملؤها من صوت زئيره، فٱتفقَ عليه الأمم من كل جهة من البلدان وبسطوا عليه شبكتهم فأُخِذَ فـي حفرتهم، فوضعوه في قفص بخزائم وأحضروه إلى ملك بابل وأتوا به إلى القلاع لكيلا يُسمع صوته بعد على جبال إسرائيل " (حزقيال 19 : 1 – 9). ليسَ عندي أدنى شك، أنَّ الرب يُحضِّر كنيستنا في هذه الأيام لمهمات كبيرة جدًا، ولي ملء الإيمان بما أشارككم به، ولي ملء الثقة واليقين، أنَّ وعد الرب لنا كما سبقَ وشاركنا في الأسابيع الماضية " بأجيال جديدة وسمك كثير "، بدأَ يتحقق، وسوف يستمر إلى أن نراه بملئه !!! ولو أعطيتَ نفسك فرصة صغيرة في هذا الصباح، لكي ترى ما حققه الله حتى الآن من وعوده لنا على صعيد كنيستنا، لاكتشفتَ أمورًا كثيرة بدأت تُبنى بالطريقة الصحيحة والمتينة، وبدأت تُثمر أيضًا، لكن ليس هذا هوَ ما نتوقعهُ من الله من بنيان وثمر، لكن أيضًا أريد أن أؤكد لكَ بصورة جازمة، وأسمح لنفسي أن أقول أنني أنقلها لكَ من الرب، بأنَّ البناء الكبير والثمر الكثير لا سيما الذي يدوم، يحتاج إلى أساسات متينة للغاية، لكي تستطيع أن تتحمَّل حجم البناء الكبير الذي وعدنا به الرب، وحتى لا يتعرض هذا البناء الى التشقق أو الإنهيار عندما تهب عليه العواصف التي لا بدَّ أن تهبّ، وعادةً لا يرى الناس العمل الذي يتمحور في الأساسات، لأنه يكون غير ظاهر بعد للعيان كما ينبغي، بل إنَّ ما يـروه هوَ عندما يكتمل البناء ويُصبح في طور النهاية، وما يحمل معهُ من زخرفة وألوان وأشكال هندسية رائعة، وعندما يَعجّ بالسكان وبحركتهم، فيرون الحياة تدبّ في كل أرجائه، لكنهم ينسون أن بناء كهذا لا يُمكنه الثبات والوصول إلى ما وصلَ إليه، دون أساسات متينة. ولكي لا تضعف عزائمنا خلال بناء الرب للأساسات التي سيُشيِّد عليها البناء الكبير الذي وعدنا به، جاءت رسالته اليوم لنا، لكي تؤكد لنا وتنبهنا في الوقت نفسه على أمرين هامين للغاية: أولهما للتأكيد: عن ٱستمرار الرب بتنفيذ وعده لنا، بالأجيال الجديدة والسمك الكثير، وإن كنا لا نرى بالعيان بعد كل ذلكَ، لكننا على ما أعتقد بدأنا نرى الباكورة، وهوَ يقول لنا في هذا الصباح: " أيها الممتنعون عن تصديقي، قربتُ وفائي بالوعد فلا يبعُدُ ويوم النصر فلا يتأخَّر " (إشعياء 46 : 12). لذا أنا أدعوك في هذا الصباح أن ترفض كل عدم إيمان، كل فشل، كل إحباط، كل شكّ، كل أكاذيب العدو، وتقول بالفم الملآن: " إلهي يُحيي الأموات ويدعو غير الموجود إلى الوجود... وهوَ قادر أن يفي بوعده لنـا... لأنهُ ساهر على كلمته ليُجريها "، لهُ كل المجد في هذا الصباح !!! وثانيهما تحذيري: لكي نحسب حساب النفقة، ونحـن نتحضَّر لهـذا العمل الكبير الذي وعدنا به الله، حتى لا نبدأ بالبناء ولا نقدر أن نُكمل فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون بنا، قائلين لقد ٱبتدأوا بالبناء ولم يقدروا أن يُكملوا (لوقا 14 : 28 – 30)، وأريدك أن تعلم أنهُ لا يوجد أحد سينظر إلينا ليهزأ بنا سوى عدونا إبليس، لأنَّ حربنا ليست مع لحم أو دم بل معهُ هوَ وحده، ولكن قبلَ أن يهزأ، فهو يريد أن يُحاربنا لكي نصل إلى هذه الحالة، ومن ثمَّ يهزأ بنا. لكن بسبب محبة الآب لنا، أرسل لنا كلمتهُ اليوم لكي يُنبهنا ويُعلمنا، لنحسب حساب النفقة، لكي ينجح عملنا ونُكمل البناء، ونستقبل الأجيال الجديدة والسمك الكثير، وهذا ما سيحصل معنا بٱسم الرب يسوع المسيح، أَحبَّ ذلكَ إبليس أم لا !!! كم أُحبّ هذه الكلمات التي دَوَّنها لنا سفر نحميا والتي تقول: " وقالَ أعداؤنا: نُباغتهم من حيث لا يعلمون ولا يرون وندخل إلى وسطهم، فنُقاتلهم ونُعطِّل العمل. فجاءَ اليهود المُقيمون بجوار أعدائنا في جميع الأماكن التي رجعوا منها إلينا وأنذرونا عشرات المرات، فسلَّحت الشعب... ولمَّا سمعَ أعداؤنا بأننا علمنا بما ينوون، وأنَّ الله أبطلَ نيتهم، فارقونا فرجعنا كلنا إلى عملنا في بناء السور " (نحميا 4 : 5 – 9). نعم العدو سيتحرَّك وبقوة عندما يرانا نبني أساساتنا، ونتحضَّر لخطف الأجيال الجديدة والسمك الكثير، من قبضته، ولا تعتقد أبدًا أنَّ ربح النفوس وخطفها من مملكة الظلمة ومن قبضة إبليس هوَ عمل سهل، يستطيع أن يقوم به كل المؤمنين، بل هوَ عمل شاق ومُكلف ويحتاج إلى دفع ثمن، ولا تعتقد أبدًا أنَّ إبليس سيتخلَّى بسهولة عن هذه النفوس، وهذا الكلام ليس للتخويف وللتفشيل، بل هذا الكلام لكي تحسب حساب النفقة جيدًا، وتتحضَّر لهذا العمل، لكي ننجح معًا ولكي لا نتفاجأ ونتراجع من منتصف الطريق، ولكي نعلم جميعنا، أنهُ لا يُمكننا إطلاقًا بعدَ اليوم أن نُطلق التمنيات والأشواق برؤية كنيسة مجيدة ونفوس كثيرة ونحنُ مكتوفي الأيدي، ومنشغلين بأمور كثيرة، لأنَّ الجندي الصالح لا يرتبك بأمور هذه الدنيا، هذا إذا أرادَ أن يُرضي من جنَّدَهُ، وإبليس سيُحاول أن يقتحمنا بشتَّى الطرق، لكي يُباغتنا ويُعطِّل العمل، كما حاولَ أن يفعل أيام نحميا، لكن وكما فعل الساكنون بجوار الأعداء أيام نحميا ونبهوا الشعب عشرات المرات، فتحضَّروا وواجهوا العدو كما ينبغي، حتى عندما أدركَ ذلكَ العدو، أنَّ الشعب عَلِمَ بمخططاته وعَلِمَ بأنهُ جاهز دوماً للحرب، ومُصِرّ على إكمال البناء، فارق الشعب وأكمل الشعب البناء ونجح، هكذا أيضًا يفعل معنا اليوم الروح القدس، فهوَ يُنبِّهنا هذه الأيام ويُخبرنا أنَّ العدو خائف منا، لكنَّهُ في الوقت نفسه غضبان ويريد أن يُحاربنا ليُعطِّل عملنا، والمطلوب منا أن نتنبَّه، ونتسلَّـح، ونتقدَّس، ونُصِرّ، ونستمر، ولا نساوم، ويكون لدينا إلتزام كامل، لكي نُكمل العمل ونبني ما بدأنا فيه، ونكون رجل واحد في الحرب، ونجعل العدو ييأس ويعرف أنه يحارب مؤمنين شرسين وضعوا يديهم على المحراث ولن يلتفتوا أبدًا إلى الوراء، بل سيمضون حتى النهاية وراء الرب يسوع المسيح لكي يُكملوا السعي ويُنجزوا العمل الذي أوكلهُ الرب إليهم، مهما ضاقت الطريق، ومهما أصبح المسلك وعرًا، ومهما غلت التضحيات... عندما نتأمل في المقطع الذي أدرجناه من سفر حزقيال، لا بدَّ أن نستخرج منهُ معانٍ روحية عميقة توضح لنا الرسالة التي أراد الرب أن يُرسلها لنا في هذا اليوم، لقد ربَّت اللبوة أحد أولادها، إلى أن أصبح شبلاً وتعلَّم ٱفتراس الفريسة، لكن عندما سمعت به الأمم، وقبلَ أن يُصبح أسدًا، حفروا لهُ حفرة، وأوقعوا به، وٱقتادوه إلى أرض مصر، ورأت الأم أن رجاءَها قد خابَ، وبعبارة أوضح ٱنتهى هذا الشبل قبل أن يُصبح أسدًا، ولم يعد يُشكِّل أي خطر على الأمم الذين من حوله، لكنَّ تلكَ الأم لم تفشل، فصيَّرت جروًا آخر شبلاً، فذهب خطوة أبعد من أخيه، إذ تمشَّى بينَ الأسود علَّهُ يُشابههم، فصارَ شبلاً، وتعلَّم ٱفتراس الفريسة، وٱجتاح قصور الأمم وخرَّب مدنهم فأقفرت الأرض من زئيره، لكن بدلاً من أمَّة واحدة، تجمَّع عليه عدد أكبر من البلـدان المحيطـة، والنتيجة واحدة، بسطوا عليه شبكتهم فأُخِذَ في حفرتهم، فوضعوه في قفص بخزائم وأحضروه ليس إلى مصر هذه المرة، بل إلى ملك بابل وأتوا به إلى القلاع لكيلا يُسمع صوته بعد على جبال إسرائيل، وبعبارة أوضح، لن يعود يزأر بوجه الأمم بعد اليوم، ٱنتهى أيضًا قبلَ أن يُصبح أسدًا يُرعب الأمم. شبل.. بداخله بذار الأسد الحقيقي، وصوت زئير يُشابه صوت الأسد الحقيقي، شكل هندسي مزخرف ورائع من الخارج، لكن أساسات ضعيفة، فٱنْهَارَ عندما هبَّت العواصف وسقط.. ليسَ هذا التنبيه اليوم لنا، صدفة عادية، لأنَّ للروح القدس قصد أكيد، وهوَ الذي يعرف أننا نبني أساسات متينة كما سبقَ وأكَّدتُ لكَ في بداية هذا التأمل، وإن كنتَ لا تراها بعد ربما، جاءَ لكي يقول لنا أننا أشبال حقيقيين، ونحن اليوم نتحرك ونزأر بوجه العدو، ونسعى أن نُصبح أسود حقيقيين مُشابهين لأسد يهوذا الرب يسوع المسيح، الذي أرعب مملكة الظلمة وهزمها وأوكلَ لنا تكملة هذه المهمة، عندما قال: " ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلكَ أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد " (يوحنا 10 : 16)، ولأنَّ الأسود الحقيقيين هم الوحيدين القادرين أن يخطفوا هذه الخراف من يد إبليس، وتجاه هذا الواقع، إبليس سيتحرك وسيُحاول أن يحفر لنا حُفَر كثيرة، لكي يضع علينا خزائم ويعيدنا إلى أرض مصر أرض العبودية والخطيئة، حتى يُعطِّل العمل ويُلغي أي فرصة يُمكن أن تقودنا لكي نُصبح أسود حقيقيين، فالشبل كما ذكرنا، بداخله بذار الأسد الحقيقي لكنه طالما بقيَ شبلاً ولم يُصبح أسدًا، فهوَ لن يُرعب إبليس ولن يستطيع نهب أمتعة القوي، وإذا فشلت الحفرة بإسقاطنا وإعادتنا إلى أرض مصر مُقيَّدين بخزائم، وٱستمرينا بالنمو والتحوّل إلى مشابهة الأسد، وعلا زئيرنا، فإبليس سيُصعِّد من حربه، ويُلقي شبكة علينا لكي يقودنا إلى بابل هذه المرة، أرض الأصنام والعالم بكل أشكاله، حتى يُخمد صوتنا إلى الأبد، لأنه يخاف منَّا حينما ننجح بأن نصبح أسود حقيقيين نُزمجر في وجهه. لكن أيها الأحباء إن أكملنا السعي، متنبهين إلى كل خطط العدو، غير جاهلين أفكاره، غير آبهين بكل إغراءَته وأكاذيبه، وأفلتنا من الحفر والشباك، وأصبحنا أسود حقيقيين كما يريد الرب لنا أن نكون من الآن وصاعدًا، فسوف نرى جميعنا إبليس كفأر، يهرب مرتعدًا، وسوف نرى كنيسة تُبنى وتستقبل أجيال جديدة وسمك كثير وأبواب الجحيم لا تقوى عليها، لأنها تضم مؤمنين قرَّروا أن يتبعوا يسوع مهما غلت التضحيات، وقرَّروا أن لا تكون حياتهم ثمينة عندهم إلى أن يُتمِّموا الدعوة التي دعاهم إليها الرب. أحبائي: إنَّ كل المؤمنين الحقيقيين، المولودين من جديد، هم أشبال، وهذا اللقب أو هذا الموقع، لا يحتاج إلى أي مجهود لكي تحصل عليه، لأنَّ ابن الأسد يُدعى شبلاً بكل بساطة، لكنَّ المطلوب منا ونحنُ على هذه الأرض، أن نتغيَّر من أشبال إلى أسود، وهذا ما أوصتنا به كلمة الله عندما قالت: " ونحنُ جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما في مرآة، نتغيَّر إلى تلكَ الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح " (2 كور 3 : 18)، نعم نتغيَّر إلى أن نُشابه الرب يسوع المسيح، أسد يهوذا الحقيقي، وبما أنَّ هذه المهمة، قد أُوكلت إلى الروح القدس، فهوَ جاءَ إلينا برسالته هذه في هذا الصباح. لكن بين الشبل والأسد، رحلة طويلة، كرحلة شعب الله بين مصر وأرض الموعد، وما رافقها من معارك شرسة مع الأعداء الذين تدرَّجوا من أعداء بسيطين إلى أعداء شرسين، عماليق وجبابرة، من حُفَرْ إلى شباك، وما رافقها من تعاملات كثيرة لله مع شعبه، فإبليس ومنذُ سمع الكلمات التي وجَّهها لهُ الله في جنة عدن: " وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هوَ يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقبه " (تك 3 : 15)، أدركَ أنهُ سيأتي من نسل المرأة، من يسحق رأسه، وهوَ الرب يسوع المسيح، وبعد صعود الرب يسوع إلى السماء، أوكـلَ إلينا تكملة هذه المهمة بعدَ أن دفع لنا السلطان، وإبليس الذي يُدرك حجم الخطر المُحدق به، والذي يعلم أنهُ لديه الحق - إن تمكَّن - أن يسحق عقب نسل المرأة، والعقب يعني أتباع أو سلالة، أي نحن، لأننا أتباع وسلالة الرب يسوع، حاولَ من أول الطريق أن يُبيد شعب الله بكل الحروب التي شنَّها عليهم، علَّه لا يأتي نسل المرأة ويسحق رأسه، لكن نسل المرأة أتى، وسحق رأسهُ، لا بل هزم مملكة الظلمة وجرَّدها، والأهم فيما بعد أنهُ أقام أشبالاً لهُ، وأعطاهم السلطان، لكي يسحقوا هم أيضًا كل العقارب والحيات وكل قوة للعدو، ونال لهم الموعد، الروح القدس لكي يدربهم ويمدهم بالقوة، لكي يشابهوا الرب، ويُصبحوا أسودًا يزمجرون على العدو ويُرعبونه، ويسحقوا رأسه بٱستمرار، ويُقيِّدوه وينهبوا أمتعتهُ، ينهبوا النفوس الثمينة التي يحتجزها، ويأتوا بها إلى ملكوت ابن محبته، إلى كنيسته، أجيال جديدة وسمك كثير !!! نعم بينَ الشبل والأسد رحلة طويلة، وخطة إبليس لم تتغيَّر منذُ سفر التكوين وحتى يومنا هذا ولن تتغيَّر، فإبليس ليسَ خلاَّقًا أو ذكيًا بما فيه الكفاية، لكنَّ المُشكلة فينا نحن للأسف.. يراك تتحوَّل من شبل إلى أسد، يُهاجمك بطريقة مباشرة ويُحاول إخافتك، وعندما يفشل يلجأ إلى الخطة الثانية، حفرة الإغراء والشهوات لكي يقودك بخزائم إلـى أرض مصر إلى أرض الخطيئة، وإذا ٱضطرَ الأمر، يُلقي شباك لكي يقودك هذه المرة إلى أرض بابل، أرض الأصنام والعالم بكل أشكاله. وهذا ما حصل مع شعب الله عندما كان يجتاز البرية من أرض مصر إلى أرض الراحة، من شبل إلى أسد. جيءَ ببلعام ليلعن الشعب.. مواجهة بالقوة.. لكن بلعام يقول: " لم يبصر إثما في يعقوب، ولا رأى تعبًا في إسرائيل، الرب إلهه معه، وهتاف ملك فيه، الله أخرجه من مصر، له مثل سرعة الرئم، إنهُ ليس عيافة على يعقـوب ولا عرافـة على إسرائيل، في الوقت يُقال عن يعقوب وعن إسرائيل ما فعل الله، هوذا شعب يقوم كلبوة ويرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى " (عدد 23 : 21 – 24). الله أخرجهُ من مصر... وهوَ يرتفع كأسد... ويأكل فريسته، نفس قصة سفر حزقيال، صيَّرتهُ أمه شبلاً فأكل فريستهُ وتمشَّى بينَ الأسود، ونفس قصتنا نحن أيضًا، الله أخرجنا من مصر عندما وُلدنا من جديد، وأعطانا لقب الأشبال، ونحنُ نريد أن نرتفع كأسود أيضًا... ألم أقل لكَ المشهد نفسهُ يتكرر منذُ سفر التكوين؟ فشلَ إبليس أن يوقف شعب الله، بالقوة، لأنَّ إلههُ معهُ، ولم يكن إثمًا في الشعب، كلمة مهمة لم يكن خطيئة في الشعب، تُعطي الحق لإبليس أن يوقفهُ.. فشلـت الخطة الأولى، فٱنتقلَ إبليس إلى الخطة الثانية، حُفَرْ وشباك معًا، لكي يضمن إبليس نهاية سيئة للرحلة، وموت مُحتَّم للشبل قبلَ أن يُصبح أسدًا يزأر ويُرعبهُ ويُقيِّده ويسلب أمتعتهُ... " وأقامَ إسرائيـل فـي شطّيـم وٱبتـدأَ الشعب يزنون مع بنات موآب، فَدَعوْنَ الشعب إلى ذبائح آلهتهنَّ فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهنَّ ". (عدد 25 : 1 – 2). عودة إلى مصر وإلى بابل معًا، زنى وأصنام، وماذا كانت النتيجة؟ هزيمة للشعب الذي كانَ يرتفع كأسد. موت مُحتَّم للشبل !!! شعب وهوَ في البرية، أنذرهُ الله مرارًا وتكرارًا، لكنه لم يسمع، وعندما كانَ يرتفع ليُصبح أسدًا، وقع في حفرة وشباك العدو، فٱقتادهُ إلى أرض مصر وإلى أرض بابل، خطايا وأصنام. وشعب عندما كان يبني السور مع نحميا، أنذرهم الرب عشرات المرات، فتسلَّحوا وتنبَّهوا وتيقَّظوا، وأكملوا سد الثغرات، وبناء السور، وربحوا المعركة، فتراجع العدو وٱنهزم. أي شعب منهما نحنُ اليوم؟ لستُ أعلم حالة كل واحد، لكنني أعلم أنهُ ينبغي أن نكون كشعب نحميا، لذا لنتعلَّم منهم ما قاموا به.. لم يحاربوا في البداية، بل أدركوا ولم يجهلوا أفكار العدو، لا سيَّما أنَّ الرب نبَّههم أنَّ العدو سيُباغتهم ويدخل في وسطهم، ومن أينَ سيدخل؟ بالطبع من الثغرات الموجودة فـي السور، وماذا كان ينبغي أن يفعلوا؟ أقفلوا السور، لا ثغرات يدخل منها العدو، لا ثعالب صغيرة تستطيع أن تدخل، فالسور مُقفل، لا أرض للعدو في وسطهم، لا حُفَرْ يستطيع إبليس أن يحفرها، يُحاول العدو إلقاء الشباك.. تعلق على السور ولا تصل إلى الناس في الداخل، لأنَّ السور عالٍ ومُقفل، والشبل ينمو كل يوم، ليُصبح أسدًا، ولا توجد خزائم وشناكل لكي تقيدهُ. كل واحد منهم كان يبنى السور أمام بيته، يسد الثغرات التي تقع أمام بيته. وهذا ما ينبغي علينا عملهُ، ونحنُ نتحضَّر لعمل الله الكبير، نتحضَّر أن نترك ما للشبل ونلبس ما للأسد، نفضح خطة العدو في هذا الصباح، لا نجهل أفكاره، لا نُعطيه مكان، نتجنَّب كل الحفر والشباك التي يرميها علينا، ويرى كل واحد منَّا ما يوجد في بيته الداخلي من ثغرات، من ميول، من شهوات، من إغراءات، من خطايا عالقة، ونذهب خطوة أبعد، نرى ما يوجد من أصنام مهما كانَ نوعها، ما يوجد من أمور العالم وشهواته ومحبته، نرى إن كان الرب هوَ الأول في حياتنا، لا بل خطوة أبعد اليوم، نرى إن كانَ الوحيد في حياتنا، نعم نرى كل ما ساهم في فتحَ الباب لإبليس ليدخل، ونبدأ بترميم وسدّ كل هذه الثغرات، فيعلو السور أمام بيت كل واحد منَّا، وعندما يعلو أمام بيوت الجميع، يكون قد علا أمام الكنيسة كلها، فنُربِّي في الداخل أشبالنا بأمان، ونثق أنهم سيصبحون أسودًا يُرعبون مملكة الظلمة، يُقيدون القوي وينهبون منه النفوس، ويأتون بها إلى هذه الكنيسة المُسيَّجة، ويربونهم كأشبال ليصبحوا هم أيضًا أسود يأتون بأشبال جدد، هذا هوَ الجسد، كما تقول الكلمة: " ...حتى إذا قامَ كل جزء بعمله الخاص بهِ، نما الجسد كلهُ وتكاملَ بنيانهُ بالمحبة " (أفسس 4 : 16). وأخيرًا.. إبليس، وللأسف يعرفنا تمامًا، وأخطر ما يعرفهُ عنَّا هو ما يقع فيه كل.. كل.. كل المؤمنين، عدم تكملة الرحلة، والعودة من بداية الطريق أو منتصفها أو ثلاثة أرباعها أو... عدم رمي السهام كلها، كما فعلَ الملك يوآش... عدم الإستمرارية وإكمال السعي مهما صعبت الطريق وغلت التضحيات... أخطر ما يُمكن أن يقع فيه المؤمن هوَ عدم الإستمرارية، كلنا سنتعرض لهجمات، وسقطات وضعفات، وكلنا سنقع في الطريق، ومن أي موقع قد نكون فيه، لكن المطلوب أن نقوم ونُكمل الطريق، عوضًا عن الفشل والإحباط، ورثاء النفس والشفقة على الذات، فينجح إبليس في خنق الشبل الذي فينا، ومنعه من أن يُصبح أسدًا، يزأر على الجبال العالية ويُرعب مملكة الظلمة، ولتكن هـذه الآيـة اليـوم مرجعًا لنـا نحتـذي به ونطبقهُ في حياتنا: " لأنَّ الصدّيق يسقط سبع مرات ويقوم، أمَّا الأشرار فيعثرون بالشر " (أمثال 24 : 16). نعم، وإن سقطت سبع مرات، لا بأس.. المطلوب في كل مرة أن تقوم وتُكمل السعي، وتصرخ لن أبقى شبلاً مهما حصل بل سأصبح أسدًا !!! رسالة محبة من الآب السماوي لنا في هذا الصباح، يُنبهنا ويُنذرنا ويفضح ما ينويه العدو، وهدفهُ واحد: أن نتنبه، نتسلح، نرمم الثغرات، نبني السور، نبني الأساسات القوية القادرة أن تتحمل البناء الكبير الذي وعدنا فيه، تتحمل الأجيال الجديدة والسمك الكثير، نتغيَّر من أشبال إلى أسود، مهما حصل معنا في الطريق، نسقط، لا بأس.. نقوم، وأبواب الجحيم لن تقوى علينا، والكلام الذي قالهُ الرب لنا أننا ندوس العقارب والحيات وكل قوة العدو، لا أعتقد عندما يهاجموننا، بل أعتقد أنهُ قصدَ عندما نهاجمهم نحن، لأنَّ الأسد يهجم على فريسته لكي يأكلها، ولا يجلس في عرينه ليُدافع عن نفسه... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تواضع مستمر |
أستمر في فرحتك |
التوبة فعل مستمر، صلب مستمر للذات، |
حضور مستمر |
زمن الافتقاد مستمر |