رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الزرع والحصاد «فِي الْبَحْرِ طَرِيقُكَ، وَسُبُلُكَ فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، وَآثَارُكَ لَمْ تُعْرَفْ» ( مز 77: 19 ) إن مبدأ الزرع والحصاد هو مبدأ إلهي صحيح، وقد ذكرَهُ الرب بعد الطوفان مباشرةً «مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ زَرْعٌ وَحَصَادٌ» ( تك 8: 22 ). وحول هذا الموضوع الهام نلاحظ ما يلي: (1) الزرع ليس هو أن تسقط بذرة عفوًا عن غير قصد. وليس هو مُجرَّد زلَّة أو عثرة، بل الزرع هو عملية تخطيط وتنفيذ وقرارات ومُتابعة وإصرار واستمرارية. إنه طريق سار فيه الشخص بإرادته، وهو توجُّه فكري في أعماقه قادَهُ أن يفعل ما فعل. وأوضَح مثال على ذلك ما فعله يعقوب بالاتفاق مع رفقة لخداع إسحاق (تك27)، وما فعله داود مع بثشبع وأُوريا (2صم11). (2) الزرع والحصاد ليس فقط في الشر وإنما أيضًا في عمل الخير. ويقول الرسول بولس: «فَلاَ نَفشَل فِي عَمَلِ الخَيرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرصَةٌ فَلنَعمَلِ الخَيرَ لِلجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأهلِ الإِيمَانِ» ( غل 6: 9 ). (3) الحصاد لا يَعقُب الزرع مباشرةً، بل يحتاج إلى وقت، وربما يفصل بينهما سنوات طويلة. (4) الزرع هو عادةً في الخفاء (مثلما فعل داود)، ولكن الحصاد علانيةً (مثلما فعل أبشالوم) «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ... لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أفعَلُ هَذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ» ( 2صم 12: 11 ، 12). (5) الزرع هو عادةً لبذرة صغيرة، ولكن الحصاد أوفر بكثير. والنعمة التي تغفر لا تلغي مبدأ الحصاد. (6) الحصاد هو من نفس نوع الزرع. «لأَنَّ مَن يَزرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَن يَزرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً» ( غل 6: 8 )، «هَذَا وَإِنَّ مَنْ يَزرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَن يَزرَعُ بِالبَرَكَاتِ فَبِالبَرَكَاتِ أَيضًا يَحْصُدُ» ( 2كو 9: 6 ). والزرع والحصاد ليس هو المبدأ الوحيد في مُعاملات الله مع البشر. فالله صاحب السلطان المُطلَق، وهو قد يفعل أشياء تُخالف توقعاتنا مُستخدمًا سلطانه في النعمة. لقد قال: «إِنِّي أرْحَمُ مَن أرْحَمُ، وَأتَرَاءَفُ عَلَى مَن أَتَرَاءَفُ» ( رو 9: 15 ). وقد نتوقع أشياء ويحدث العكس. فمَن عرفَ فكر الرب أو مَن صار له مُشيرًا؟ يقول النبي في المزمور: «فِي الْبَحْرِ طَرِيقُكَ، وَسُبُلُكَ فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، وَآثَارُكَ لَمْ تُعْرَفْ» ( مز 77: 19 ). . |
|