رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
توتّر الأعصاب ... لقداسة البابا شنودة </B></I>لماذا ومتي تتوتر أعصاب الانسان. ويصبح غير محتمل لأي شيء؟ هناك أسباب عديدة لذلك. نذكر من بينها: "1" من ضمن الأسباب الجسدية لتوتر الأعصاب: التعب والإرهاق عندما يتعب جسد انسان. تتعب أعصابه ضمناً. ويكون في حالة لا يحتمل فيها أي ضغط عليه أو أية إثارة. ويسبب التعب توتراً لأعصابه. يظهر في تصرفاته وانفعالاته. فالأعصاب تتعب من الارهاق وقلة الراحة. مثلها في ذلك مثل أي عضو آخر في الجسد يتعب من الارهاق. لذلك يحتاج الانسان إلي الراحة والاسترخاء. حتي لو كانت تلك الراحة لمجرد دقائق بسيطة تتخلل فترات العمل. كما يحدث ذلك مع تلاميذ المدارس بين حصة وأخري. ويسمونها بالانجليزية Break. لانها تكسر حدة العمل المتواصل. وتريح الذهن كما تريح الجسد. وبالتالي تريح الأعصاب. إن الله قد منحنا يوم راحة في الاسبوع. لان طبيعتنا تحتاج إلي ذلك انه - تبارك اسمه - هو الذي خلق طبيعتنا. ويعرف أن العمل المتواصل يتعبها. لذلك منحها ذلك اليوم راحة اسبوعية لا تعمل أثناءها عملاً. وبهذه المناسبة أتذكر نصيحة قالها لي أحد كبار الأطباء في أوروبا وهي: اني لا أمنعك من ال hors work فطبيعة عملك قد تستلزم ذلك. ولكني أمنعك من ال over work. ويقصد به العمل بعد الارهاق.. لان القلب لا يتعبه العمل الكثير. بل يتعبه العمل بعد الارهاق. وكذلك الأعصاب. فلا تهمل فترات الراحة من الاسترخاء. ولا تظنها نوعا من الترف.. بل انت تستطيع بها ان تتصرف بأسلوب روحي بعيدا عن النرفزة. كذلك احترس من ان تدخل في حوار ساخن. وأنت مرهق جسدياً فأعصابك - كجزء من جسدك - تكون أيضاً مرهقة. ولا تكون محتملة لشئ من الجدل أو اللقاء المتعب.. بينما نفس اللقاء أو الحوار. إذا تم وانت مستريح جسدياً وعصبياً. فانه يمر بطريقة أسهل. كذلك - من الناحية الأخري - لا تدخل في نقاش أو جدل مع شخص مرهق جسدياً. ولا تطلب طلبا هاما يحتاج إلي تفكير من شخص في حالة تعب جسدي. لان حالته الصحية أو العصبية ربما لا تساعده علي التفكير العميق أو البتّ في أمر حيوي. وهو في حالة تعب. ويكون إصرارك علي الطلب أو المناقشة وهو في هذه الحالة. عبارة عن ضغط علي أعصابه. ربما لا يحتمله. "2" وقد يكون السبب في توتر الأعصاب. هو مرض في الأعصاب: ونقصد هنا المرض الذي له أسباب عضوية بحتة. لا علاقه لها بنفسية الشخص ولا بعقله.. فأي عصب في الانسان أصابه ضرر ما. ربما بسبب ضغط عليه أو كسر. أو حادث. فهو يحتاج إلي علاج. إنسان - علي سبيل المثال - يشكو مرضاً في العمود الفقري. فيه بعض العظام تضغط علي الأعصاب. فتتعبها وتلهبها. وهكذا يشكو هذا الانسان من أعصابه - بألم من غير نرفزة - ولكنه قد يكون أيضاً في هذه الحالة غير محتمل لأي سبب يضايقه من الخارج.. وبالمثل من يكون هناك عصب مكشوف تحت ضرس من أسنانه. ويتعب من الألم ولا يحتمل. والأمر في كل حالة. يحتاج إلي طبيب متخصص لمعالجة العصب. "3" علي ان سبب توتر الأعصاب. قد يرجع إلي عامل نفسي كسرعة الغضب مثلاً.. فقد يوجد انسان غضوب بطبعه: يحتد بسرعة. ويرتفع صوته. وتتغير لهجته. وتتجهم ملامحه.. وهذا الأمر يحتاج إلي ارشاد روحي. لكي يتدرب هذا الشخص علي الهدوء وحسن التعامل مع الآخرين. كما يلزمه أيضاً أن يعرف اسباب غضبه حتي يتفاداها. وحتي لا يتطور الغضب الداخلي إلي النرفزة.. وكلمة نرفزة مشتقة من كلمة Nerves ومعناها "أعصاب".. لذلك إبعد بقدر الإمكان عن كل ما يتعبك ويثيرك. حتي تكون في جو من الراحة يساعدك علي عدم الاستثارة بسرعة. وإن بدأت اعصابك تتوتر. لا تشعلها بالفكر أو التصرف. بل حاول أن تهدي ذاتك نفسيا. فتهدأ عصبياً. "4" وقد يكون سبب توتر الأعصاب: طبع العنف والتزمت فالانسان الذي يتخذ العنف منهجا ثابتا في حياته. تكون تصرفاته مصحوبة بالتوتر. ولا يقبل نقاشاً ولا تفاهماً ويحاول أن يصل إلي نتيجة بسرعة ومن أقصر الطرق. وبشدة. ولو قوبل عنفه بعنف. يزداد الأمر توترا من الجانبين.. كذلك الانسان المتزمت. لا يكون واسع الصدر. ولا واسعا في تفكيره كما يجعله تزمته يضيق علي نفسه وعلي غيره. ويكون التعامل معه مشحوناً بالتوتر.. ودائما نجد الاشخاص المتزمتين. ملامحهم عابسة. بجدية متحفزة. وعيون ملتهبة. واعصاب مستعدة للهجوم. مع تعليقات متشددة قاسية. وعبارات هذا خطأ. وهذا حرام. وهذا لا يليق.. "5" وهكذا تتوتر الأعصاب. بالتدخل في شئون الغير. بحجة الحق والاصلاح! إذ يقيم الشخص نفسه رقيبا علي غيره. وربما علي جميع الناس والبعض يحاول أن يصلح المجتمع كله: يصلح الكبار والصغار. المسئولين وعامة الناس. والذين يعرفهم والذين لا يعرفهم. كل ذلك بروح ساخطة علي كل شيء في كل مكان. وفي كل مناسبة. وبغير مناسبة!! بأعصاب متوترة. نصيحتي لك لكي تهدأ أعصابك. لا تقم نفسك رقيبا علي غيرك ولا تتدخل في مالا يعنيك.. ولاتحاسب أحداً إلا علي ماهو في حدود مسئوليتك الخاصة. أما ماهو خارج مسئوليتك. فلا تحشر نفسك فيه وقل "من أقامني قاضيا علي تصرفات الناس؟!".. ذلك لأنك لو حاولت ان تتبع الاخطاء من كل انسان وفي كل موضع. سوف تتعب اعصابك.. وسوف تكره الناس ويكرهونك. وربما بلا نتيجة تصل اليها. "6" وقد تتعب الأعصاب من أمراض نفسية كالقلق والاضطراب والخوف.. حيث يتوهم الشخص بتعبه النفسي اخطارا ومشاكل قد تحدث. وربما لا يكون لها وجود في الواقع. وعلي الرغم من ذلك. فإنها تسبب توترا في اعصابه. وانزعاجا في نفسه. وبخاصة ان لم يجد لها حلا. لانها مجرد تصورات وهمية. وللاسف قد يعالجها بالمسكنات والمهدئات!! وقد يدفعه الي توتر الاعصاب. حالة من الخجل أو من التردد. تضغط عليه في حالات معينة. أو تكون في طبعه بصفة عامة. ويحتاج مثل هذا الشخص ان يهديء نفسه من الداخل. فيقنع نفسه بأن خوفه مجرد وهم. أو أن يتكل علي الله في مشاكله. مع معالجة التردد والخجل الذي لا سبب واضح له. ولا يعتمد دائما علي الادوية المهدئة. لان لها ردود فعل. كما قد تصبح عادة تلازمه. والمهدئات هي لمعالجة مظاهر التعب. دون أن تعالج اسبابه. وهي تجعل الاعصاب في حالة ارخاء ثم شد ثم ارخاء. وقد تتلف بذلك. مثل شريط من الاستك تشده وترخيه. ثم تشده وترخيه. حتي يفقد مرونته! "7" كذلك قد تتعب الاعصاب بطريقة التفكير الخاطيء فهناك اشخاص عقلهم ضدهم. دائما يفكرون بطريقة تتعبهم وتهيجهم وتشد اعصابهم كالشخص السوداوي في افكاره. الذي لا يتخيل إلا شراً. ولا يتوقع الا ضرراً. ولا ينتظر إلا أسوأ الظروف والنتائج..! لذلك فإن افكاره لابد ان تتعب اعصابه. ومثله الانسان المعقد في تفكيره وايضا الانسان المندفع الملتهب. الذي يفكر بسرعة شديدة بدون ترو او هدوء. فيلهب اعصابه معه وتتمدد أعصابه بالحرارة التي في داخل نفسيته.. وبالمثل الانسان الشكّاك الذي بسبب شكوكه. تتعب أفكاره. وتتعب معها أعصابه.. أمثال هؤلاء الأشخاص. يريح أعصابهم أن يتعودوا البشاشة. وأن يدخل في حياتهم روح المرح. ففي حالة المرح والفرح تنبسط الأعصاب بعد توترها وتهدأ. لذلك يقال في العامية: فلان انبسط أو مبسوط" والمشكلة ان البعض في تزمتهم أو نسكياتهم يقول إن الضحك حرام!! وهذا خطأ لا يوافق عليه الدين. فسليمان الحكيم يقول "للبكاء وقت. وللضحك وقت" "جا 3:4" فعلي الأقل إن لم يكن لك روح المرح. فليكن لك روح الفرح.. والله قد دعانا إلي الفرح منذ خلقنا في جنة. كما وعدنا بالنعيم الأبدي. "8"- وقد يكون من أسباب التوتر: الانشغال وعدم التفرغ: فالانشغال قد لا يعطي مجالاً للتفاهم وبخاصة لو كان الشخص المنشغل يريد أن ينتهي من عمله بسرعة. أو أن فكره يركّز في موضوع معين لا يستطيع تركه للتفكير في ما يعرضه عليه غيره. أو كان وقته ضيقاً ويحتاج إلي كل دقيقة. فتجده متوتراً إن حدّثه البعض وهو مشغول! ونصيحتي أن تكلم غيرك حين يكون متفرغاً للحديث معك.. ولا تضغط علي من يكون منشغلاً.. ونفس الكلام في المكالمات التليفونية.. إذن هناك أسباب للتوتر من خارج الإنسان. وليس من داخله. "9"- من أسباب توتر الأعصاب أيضاً: الضغوط الخارجية. مع خطأ التعامل معها أي ال response: تتوتر الأعصاب من المشاكل والضيقات المتتابعة. أو التي تكون صعبة الحل. وقد يكون السبب هو أخطاء الآخرين ونتائجها. أو سوء معاملتهم وإهاناتهم وألفاظهم القاسية. علي أن كل انسان معرض لضغوط خارجية ومتاعب تحل عليه من غيره فهل كل الناس يثارون بسبب الضغوط؟ أم الأمر يتوقف علي كيفية التعامل معها؟ فقد يلاقي البعض تلك الضغوط باحتمال وصبر. أو يقابلها بتفكير وحكمة ويصرفها. والبعض يقابلها بلامبالاة أو بروح المرح. والبعض يتركها خارج نفسه ولا يتأثر بها إطلاقاً. والبعض يقابلها بانفعال وغضب. والبعض يقابلها بحزن أو بيأس. وهذان الأخيران يتعبان أعصابهما. "10"- وقد يتسبب التوتر من سماع الأحاديث المتعبة: فإما أن تكون متعبة في نوعيتها. أو في طولها. أو في تكرارها بحيث أنها تستغرق وقتاً أكثر مما تستحق. أو تكون تافهة ومستمرة. أو ان السامع لا يستريح لهذا النوع من الحديث. ومع ذلك فالمتكلم لا يشاء أن يصمت! أو إنسان مشدود الأعصاب. قد يشد أعصاب غيره بحديثه. وكثيرون قد يثيرون غيرهم بطريقة كلامهم. نصيحتي أن تتجنب هذا النوع.. "11"- مما يتعب الأعصاب أيضاً: الالحاح المستمر. وكذلك الإطالة والتكرار: فانسان قد يطلب منك طلباً. فتعده بذلك. وربما يحتاج تنفيذ طلبه إلي وقت. ولكنه خلال ذلك يلح ويلح بطريقة تتعبك. ويكرر الكلام طويلاً ويكون كل ذلك ضغطاً علي أعصابك. وكما يقول المثل "صاحب الحاجة أهوج".. فهو بدلاً من أن ينال حاجته. يثير بالحاحه من يطلب منه. وبالمثل انسان يشرح لك شيئاً. فتقول له "قد فهمت" ولكنه يظل يشرح ويشرح. ويطيل الكلام ويكرره. حتي تملّ وتسأم. وتتعب أعصابك! "12"- وقد تتوتر الأعصاب بسبب أنواع من الأخبار: كالأخبار المزعجة والمقلقة. والمثيرة. وكذلك الأخبار التي يشعر سامعها أنها تحوي مغالطة. أو تحوي ظلماً. أو تسبب شراً. والأخبار التي فيها شدّ وجذب.. وتناقض. والأخبار المتكررة. والأخبار المغرضة. والأخبار التي يصعب تصديقها ويصرّ ناقلها علي محاولة اقناعك بها بأية وسيلة. وأيضاً الأخبار المختلفة "المفبركة" التي لا أساس لها من الصحة.. ولذلك فالبعد عن مثل تلك الأخبار يسبب راحة للنفس وللأعصاب نصيحتي لك أن كل ما تسمعه أو تقرأه من أخبار. يمكن أن يضاف إلي معلوماتك. وليس إلي أعصابك. كما يمكنك أن تقوم بتحليل المعلومات وقبول ما يصلح منها. وبعض الأخبار يحسن البعد عنها. بواقع من الخبرة. وعموماً فإن معالجة توتر الأعصاب. تأتي بتلافي أسباب التوتر: كما بالتدرب علي الهدوء. والسلام الداخلي. والايمان برعاية الله وعنايته. بعيداً عن القلق والاضطراب والخوف. وهناك أنواع من الموسيقي تريح الأعصاب ويمكن لاراحة الأعصاب المتوترة: القراءة التي تحوّل الفكر من منطقة التوتر إلي مجال آخر. ومعاشرة أناس هادئين يمتص منهم التوتر هدوءاً. ولا ننسي تأثير الطبيعة الجميلة الهادئة التي تغذي الأعصاب بجمالها وحياة الانسان الروحية. تبعد عنه بلا شك كل توتر للأعصاب |
|