التجميل
استعملت النساء مستحضرات التجميل منذ أقدم العصور. فكانت نساء فلسطين ومصر وما بين النهرين قديماً يُكحلن عيونهن. وربما كان ذلك في أول الأمر لاتقاء حرارة الشمس الشديدة. ولكنه سرعان ما أصبح طرازاً شائعاً. فكانت بعض المعادن تُسحق في هاون صغير ممزوجة بالزيت أو اللبان. وتضع النساءُ الكحل مستعملات أصابعهنَّ أو أميالاً من خشب أو نحاس أو فرشاً دقيقة. وكانت عندهن أيضاً مرايا معدنية مصقولة ليرين النتيجة! وقد استُعمل منذ القديم كبريتيد الرصاص ثم كربونات النحاس لإضفاء لونٍ كحليٍّ مائل إلى الأخضر. وفي أزمنة الرومان شاع استعمال الإثمد على نطاقٍ أوسع. وقد استعملت المصريات أحمر الشفاه والمذررات. وكُنَّ يصبغن أظفار أقدامهن وأيديهن بصباغ أحمر يتخذ من ورق الحناء المسحوق. ويبدو أن أوكسيد الحديدِ الأحمر استُعمل في مصر كحُمرة.
وكان مألوفاً أيضاً في المناخ الحار والجاف دهن البشرة بالزيت لترطيبها. ولم يكن يُستغنى عن الأدهان إلا في زمن الحداد. ولكن الزيت، شأنه شأن الكحل، سرعان ما صار جزءًا من الطراز الدارج وبات يُمزج بالعطور. وكان من شأن الرائحة الطيبة الثقيلة أن تطغى على روائح الجسد الكريهة حيث لم يتوفر الماء بكثرة للاغتسال. وكانوا يصنعون "الدهن الطيب" من بعض الزهر والبزر والثمر ينقعونه في الزيت والماء. وكانوا أحياناً يعالجون هذا الدهن للحصول على خلاصته الصافية. كما استخرجوا من الراتينج والصمغ عطوراً أخرى كانت تُستعمل كأذرة أو تذاب بالزيت أو تمزج منها مراهم. ومعظم هذه المراهم كانت تُستورد إلى فلسطين وتُعدُّ من علامات التنعُّم والبذخ. ولأنها كانت غالية، كانت تُحفظ في قوارير وحناجير ثمينة جداً.