لكن تبقى الحقيقة التي أدركها القديسون؛ فالمزمور الذي بدأه داود بهذا التحريض: «لاَ تَغَرْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ عُمَّالَ الإِثْمِ، فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ»، وقرَّر فيه أنه «بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ»، قال في خاتمته: «قَدْ رَأَيْتُ الشِّرِّيرَ عَاتِيًا، وَارِفًا مِثْلَ شَجَرَةٍ شَارِقَةٍ نَاضِرَةٍ. عَبَرَ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَالْتَمَسْتُهُ فَلَمْ يُوجَدْ»، وذلك بالمقابلة مع الأبرار الذين سيرثون الأرض، ويبقون فيها (مز37).
هذا ما أدركه أيضًا آساف في مقادس الله، بعد أن غار من الأشرار وازدهارهم وسلامتهم الظاهرية. أما وقد رأى الأمر بعيني الله وأدرك المشهد من منظار السماء، قال: «حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. كَيْفَ صَارُوا لِلْخَرَابِ بَغْتَةً! اضْمَحَلُّوا، فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي. كَحُلْمٍ عِنْدَ التَّيَقُّظِ يَا رَبُّ، عِنْدَ التَّيَقُّظِ تَحْتَقِرُ خَيَالَهُمْ» (مز73: 18-20). فمصير ”البُعدَاء“ عن الله هو الهلاك، أما التَّقِي فيجد لذَّته وفرحه وشبعه في ”الاقتراب إلى الله“.