أوريجانوس عميد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية
4- أوريجانوس عميد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية: يقول كواستن: "بلغت مدرسة الإسكندرية أوج عظمتها في عهد أوريجانوس (16)، خليفة القديس إكليمندس. وهو المعلم والباحث الممتاز في الكنيسة الأولى، شخصيته لا يشوبها عيب، يحمل في تعليمه دائرة معارف، ويعتبر احد المفكرين الأصليين الذين شاهدهم العالم (17). غير أن انحرافه في بعض العقائد مثل الاعتقاد بخلاص الشيطان والخلاص الجامع لكل البشرية. مع قبول الكهنوت بعد أن خصى نفسه ألزم الكنيسة القبطية أن تحرمه في حياته، بينما حرمته الكنائس الأخرى وحرمت أفكاره في مجمع القسطنيطينية الثاني سنة 553 م.
يبدو أنه ولد سنة 185 م. بالإسكندرية، اهتم به والده ليوثيدس فهذبه بمعرفة الكتاب المقدس. في عام 202 م. أُلْقِيَ القبض على والده، فاشتهى أوريجانوس أن يشارك والده إكليل الاستشهاد، ولما منعته والدته أرسل إلى أبيه يقول: "احذر أن تغير قلبك بسببنا". لجأ إلى سيدة غنية لكنه لم يحتمل البقاء كثيرا لأنها قبلت رجلا هرطوقيًا يدعى بولس الأنطاكي ينشر هرطقة في بيتها. صار يعلم الوثنيين الأدب والنحو، فوجد الفرصة سانحة لاجتذاب بعضهم للإيمان بل وهيأ بعضهم لقبول الاستشهاد. وإذ رحل القديس إكليمندس من الإسكندرية أثناء الضيق تسلم أوريجانوسمدرسة الإسكندرية في الثامنة عشرة من عمره. عاش يكرس حياته لقراءة الكتاب المقدس وتفسيره رمزيا، بروح نُسكي، وبسبب حضور النسوة إلى محاضراته خصى نفسه. قام بعدة رحلات منها زيارة روما سنة 212 م.، وبلاد العرب سنة 214 م.، 224 م.، وفلسطين عام 216 م. حيث صار يفسر الكتاب أمام أسقفها وأسقف أورشليم الأمر الذي أغضب البابا ديمتريوس، لأنه بحسب التقليد الإسكندري لا يجوز لعلماني أن يعظ في حضرة أساقفة. سافر أيضًا إلى أنطاكية ليلتقي بمامسيا والدة الإمبراطور، وذهب إلى اليونان لشئون كنسية، وفى عودته عبر بفلسطين فسامه أسقف قيصرية كاهنا حتى يمكن له أن يعظ في وجود الأساقفة. الأمر الذي اغضب البابا ديمتريوس، لأنه قبل السيامة من غير أسقفه، فحسبها باطلة، خاصة وأنه كان قد خصى نفسه. انعقد مجمع بالإسكندرية واستبعد أوريجانوس منها، فاحتضنه أسقف قيصرية لينشئ مدرسة جديدة بها. أثناء الاضطهاد الذي أثاره مكسيميان التجأ إلى أنطاكية، ليعود بعد ذلك إلى فلسطين. وفى أيام داكيوس (249-251 م.) ألقى القبض عليه واحتمل عذابات كثيرة، وإن كان لم يمت أثناءها، لكنه مات بعد فترة وجيزة، ربما بسبب الآلام.
أهم كتاباته: الهكسابلا (السداسيات)، يحوى ستة أعمدة متوازية تشمل نصوص الكتاب المقدس بالعبرية واليونانية؛ أما تفاسيره الرمزية فشملت تقريبًا كل حقل الكتاب المقدس، كتاباته العقيدية مثل "حق المبادئ"، "مناقشة مع هيراقلدس"، "عن القيامة"، "حث على الاستشهاد"، كما له عدة رسائل.