رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرحمة والحق تلاقيا يُرْسِلُ مِنَ السَمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي. عَيَّرَ الَّذِي يَتَهَمَّمُنِي. سِلاَهْ. يُرْسِلُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ [ع3]. جاء تعبيرا "رحمته" و"حقه" مشخصنين، لأنهما يشيران إلى شخص المخلص القائل: "أنا هو الحق"، وهو أيضًا الرحمة والحب. فإن كان يرسل ملائكته لتحوط بخائفي الرب (مز 34: 7)، فإنه ينزل بنفسه، رب الملائكة، لنتمتع بالحب الإلهي والحق الإنجيلي المفرح. إذ يتطلع القديس أغسطينوس إلى هذا المزمور كمزمور مسياني، كما يتطلع إلى أغلب المزامير هكذا، فإنه يرى فيه صورة للسيد المسيح في آلامه الواهبة النصرة. فباسم البشرية كلها التي تمثلها كلمة الله المتجسد والحامل خطاياها يصرخ إلى الآب ليرسل من السماء ويخلصه. لقد أطاع حتى الموت موت الصليب، وله سلطان أن يقوم، لكنه إذ يقدم آلامه المخلصة يطلب من الآب أن يقيمه ويمجده، حتى نقوم فيه ونتمجد فيه ومعه كرأس للكنيسة كلها! بقيامة السيد المسيح تحقق ما ورد في هذا المزمور. وقد أعلن السيد المسيح ذلك بقوله لليهود: "انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه" (يو 2: 19) ويعلق الإنجيلي يوحنا على ذلك: "وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع" (يو 2: 21-22). * إننا نجد المسيح نفسه هو الرحمة والحق، هو الرحمة في تألمه من أجلنا، والحق في مجازاته لنا. القديس أغسطينوس * هذا القول يخص الطبيعة البشرية التي بعد معصية أبينا آدم، استولى عليها الموت والخطية والشيطان. هؤلاء الأعداء الثلاثة قد وطأوها، وكانت بينهم كأنها نائمة بين أشبال، أعني غافلة وبطالة من الحركات. فأرسل الآب ابنه الوحيد، أي أنه سُرّ وارتضى بحضور ابنه إلى العالم، الذي نزل من السماء، ولكن ليس نزولًا مكانيًا، ولا حدث تغير أو انتقال جوهري (للاهوت)، ولا من السماء الحسية المنظورة، بل قولنا نزل من السماء معناه تنازل وقبل أن يصير إنسانًا تامًا، ويتردد على الأرض متجسدًا. قبل التواضع والذل البشري، وهو لم يزل إلهًا عاليًا ودائمشرف لاهوته وجلاله. إنه الحق، لأنه الإله الحق من الإله الحق. وهو الرحمة أيضًا، لأن رحمته شغفته على خليقته، فخلصها بآلامه من الأشبال المذكورة، وأفاقها من نوم الغفلة. نزع اضطرابها وحفظها من خوف الهلاك، ورد العار والذل على أعدائها الذين كانوا يطأونها. الأب أنثيموس الأورشليمي * كل الذين يعيشون في البشر لا يرغبون العيش ضعافًا وهم في الشيخوخة، وهكذا أيضًا المؤمنون، فإنهم لا يرغبون في الحياة إلاَّ في الحق وفي كل برّ، إلى اليوم الذي يشخصون فيه أمام الله الذي يجازي كل واحد حسب أعماله في العدل والحق. لأن سيدنا يسوع المسيح مات لأجلنا لكي نقوم، ليس فقط بالجسد من الأموات في اليوم الأخير، ولكن لكي نقوم أيضًا الآن من موت الخطية. إن الذين ماتوا في الخطية، بعد ما عاشوا طويلًا في الشر، فأضاعوا حياتهم في كل نجاسة، يقومون من موت الخطية بأمر الذي مات لأجلنا وقام. لكن البعض يستمرون في التوبة ممجدين الله من أجل خلاصه، ومن أجل البركة، بينما يمسي البعض جاهلين، لا يعرفون من الذي أحسن إليهم. يا للشرف الذي يمنحه الرب يسوع للذين أكرموه في آلامهم الحقيقية، إذ يمنحهم الحياة الأبدية، ولا يموتون في الخطية فيما بعد، بل يحيون في العدل، ويقومون بالجسد ليحيوا إلى الأبد. وكم يكون الازدراء الذي يعاقب به الآخرون، إذ يسلمون مرة أخرى إلى نجاستهم، ويُسلمون إلى الجحيم بسبب خطاياهم إلى يوم القيامة؟! القدِّيس الأنبا شنودة (رئيس المتوحدين) * قال الكتاب: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29). فهو وحده الذي أظهر هذه الرحمة لمن آمنوا به من جنس البشر، فاُفتدوا من الخطيئة. ويجرى هذا الخلاص فائق الوصف للذين يصبرون له، ويطلبونه (مز 40: 1، 3). القديس مقاريوس الكبير |
|