رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اليوم لنا لقاء شخصى مع أحد الرعاة فهيا بنا يا أصدقاء... *كم أود أن أحكى لكم عن نفسى وبلسان أصدقائى... *فأنا كما كل الرعاة فى جميع الأحوال لست شيئاً محسوباً فى المجتمع ... *لست وحدى هكذا بل أصدقائى الرعاة أيضاً... *حتى أن هيرودس الملك حين دعا للإكتتاب كنا نحن الإستثناء فلم يطالبوننا بالإكتتاب مثل بقية الناس... *كان ذهابنا للإكتتاب يعنى إمتناع الكثيرين من الناس عن الذهاب لأننا بكل أسف رائحتنا كريهة... *كل حياتنا بين الخراف... *إستبعدوننا من الإكتتاب كأنما نحن غير موجودين... *نحن هنا فى مدينة داود نتجمع فى تلك الأودية وعلى الجبال نرعى الخراف... *تستطيع أن تشم رائحتنا المزرية من على بعد.. *لذلك نحن محتقرين... *أفقر الناس نحن... *لم نكن أصحاب القطيع بل كنا نعمل لحساب صاحب القطيع الذى لم أقابله أبداً... *كنا نتعمد الصعود إلي قمم التلال لكى نرى الهيكل لأننا لا نقترب كثيراً من الهيكل فقد كانوا يعاملوننا كالبرص. *مع أن كل تجار الحملان يأتون إلينا ويشترون حملان الفصح منا... *كنا نلف الحملان المنتقاة فى الخرق لتبدو لائقة ومغرية لطالبى الذبائح ونعتنى بنظافتها أكثر مما نعتنى بنظافتنا نحن حتى يرضى الناس أن يشترونها... *كنا نخبئ الحملان فى الصخور والمغاير ونضعها فى المزاود كى لا تتسخ مثلنا... *كانت حملان المزاود الأغلى قيمة والأنقى بياضاً... *كانت الحملان أكثر منا رونقاً ونحن مزدرين... *لم يكن لنا أصدقاء فكنا نصادق بعضنا بعضاً فنحن الفئة المعدومة فى بيت داود... *فى مدينة داود لن تجد للرعاة أصدقاء سوى الرعاة فلا أحد يقترب منا ... *كنا نتمنى المطر كى نغتسل فنحن نادراً ما نستحم... *لا بيوت لنا لنستقر... *الأرض مستقرنا ... *ليس لنا أين نسند رؤوسنا... *كنا ننام على مداخل الحظائر ... *كنا بأنفسنا باب الخراف... *نفصل بأجسادنا بين الذئاب وبين الخراف... *وكم نهشتنا الذئاب ونبشت الأفاعى فى أجسادنا سمومها... *كنا نموت من أجل الخراف ولا يكفننا أو يدفننا أحد.. *كنا نحمل أقذار الخراف بغير تأفف لكن الناس تتأفف منا... *كنا والحملان نعيش حياة واحدة مشتركة... *نحن رعاة الحملان والحملان أيضاً رعاتنا نأكل منها ونستدفئ بها و نعيش لها... *كنا نتبادل حراسات الليل... *كانت لنا أبراج حراسة نسميها برج القطيع (مى4 : 8) * أسميناها هكذا لأن ميخا النبى أعطاها هذا الإسم وكنا نحبه جداً فهو من القلائل الذين ذكرونا فى معاناتنا... *لكننا لم نكن نعرف القراءة ولا الكتابة... *ولو كنا نعرف لقرأنا بقية الآية {وَأَنْتَ يَا بُرْجَ الْقَطِيعِ أَكَمَةَ بِنْتِ صِهْيَوْنَ إِلَيْكِ يَأْتِى. وَيَجِىءُ الْحُكْمُ الأَوَّلُ مُلْكُ بِنْتِ أُورُشَلِيمَ}... *كنا سنعرف ملك بنت أورشليم الذى يأتى إلى برج القطيع... *إذن هو مزمع أن يأتى بالقرب من برج القطيع حيث نعيش لكننا لم نقرأ و لم نعرف و لا علمونا.... *لم تكن حياتنا تعنينا فى شىء بل كانت حياتنا فى حياة الخراف.... *كم كنا نصارع الذئاب فى الليل... *نشعل نوراً و ناراً كى نبعدها عن الحملان.... *ما كان يغمض لنا جفن حتي نسترد الشاردة والظالعة أى العرجاء أو المكسورة التى يقتلونها فى أماكن أكثر رفاهية لمرضها ... *و المقصاة التى يستبعدها الأغنياء من موائدهم و خرافهم لأنها جرباء أو برصاء أما نحن فكنا على قمم صهيون نعتنى بكل الخراف .. *لا يمكننا أن نفرط فى صغير منها أو كبير مهما صار حالها... *نحن رعاة الخراف و نعرف كيف نداويها ... *لقد قلت لكم من نكون لكن الأهم أن أقول لكم الآن من يكون ؟... *هذا الذى ظهر لنا ملاكه.... *أبرق في الليل فصار نهار.... *كنا نحسب أن الملائكة تظهر فى الهيكل أو لكبار القوم و الأنبياء.... *لم نسمع عن ملاكاً ظهرا لراعى منذ عهد راعينا الأكبر داود النبى... *أما ذاك فكان راعياً و ملكاً و أما نحن فمن نحن؟... * ظهر الملاك بنور عظيم و نحن فى خوف عظيم.... *فقال لنا الملاك لا تخافوا... *كان الهيكل يبدو ضئيلاً من خلف الملاك و سمعناه يبشرنا أنه فى نفس هذا اليوم فى مدينة داود مدينة الراعى و الملك... *ولد لنا مخلص هو المسيح الرب.... لن تستطيعوا أن تعرفوا معنى أنه ولد لنا مخلص إلا لو علمتم كيف كنا نعيش... *لقد ولد لنا مخلص.... *نحن الرعاة أكثر الناس حاجة إلى مخلص.... *لم يقل الملاك أين فى مدينة داود هذا المخلص لكنه أعطانا علامة نعرف نحن الرعاة معناها.... *أن المولود ملفوفاً فى أقمطة وموضوعاً فى مزود... *نحن نعمل هذا مع الحملان المميزة وحدها... *لابد أن المخلص حملاً مميزاً.... *إختفى الملاك المبشر و ظهرت ملائكة التسبيح... *سمعنا ترنيمة لم تسمعها الأرض من قبل.... *ربوات ربوات ملائكة يسبحون المجد لله فى الأعالى و على الأرض السلام و فى الناس المسرة.... *صار الفجر نهاراً... *حتى أن الخراف إستيقظت... *قلنا لبعضنا البعض هلم لنذهب الآن إلى بيت لحم... *لم نؤجل الذهاب للحظة.... *سقنا الخراف وهى منتبهة على غير عادتها قرب الفجر... *لا أعرف من الذى نطق بأن نذهب إلى بيت لحم... فالملاك لم ينطقها... *وملائكة التسبيح لم تكلمنا بل كانت تطوف و تسبح بتسبحتها للمخلص... *روح الرب أخبرنا ؟.. *هل روح الرب يتعامل مع الحقراء أمثالنا؟ ... *ما أعجبك يا رب... *ذهبنا إلى بيت لحم... *وصلنا إلى بيت لحم... *كنا نعرف بعض البيوت هناك ممن يشترون منا الحملان المنتقاة... *رأينا نوراً و قادنا نوره إلى النور... *لم يختلط علينا البيت... *ولا ضللنا الطريق... *كنا نعرف الطريق و الطريق يعرفنا... *وصلنا حيث الحمل... *أجمل حمل رأيناه... *أنقى حمل عرفناه... *كنا ونحن داخلون إليه نسجد تسبقنا رائحتنا الكريهة ونحن مطأطأين الرؤوس خجلاً... *أوقفنا كل الخراف خارجاً لنر الحمل فى الداخل إذ لا مكان لخرافنا هنا... *دخلنا إلى من دخل عالمنا و رأينا الذى أخبرتنا عنه الملائكة... *نحن الغير محسوبين صرنا مبشرين بميلاده... *كانت قلوبنا تتقافز فرحاً فى صدورنا... *كنا مختطفين من الأرض كلها... *كأننا إرتفعنا لنشارك الملائكة تسبيحها... *للحقيقة نحن لا نعرف التسبيح لكن الملائكة علمتنا... *وجه الطفل فى المزود فيه كل الدنيا... *رأينا فيه أنفسنا و عيناه كانتا كالسحاب فى نقاءها و جمالها... *كل منا وجد فى الطفل نفسه فأحببناه من كل القلب و النفس و ما غاب من أعيننا حتى بعد أن مضينا... *أريدكم أن تعرفوا أنه لو كانت رؤية المولود عجيبة جداً فالأعجب أننا مضينا عنه... *لم تتسع مغارة الميلاد إلا لنا... *نظرنا أم الحمل مريم الوديعة و البار يوسف حارس الحمل... *كانت عيوننا تنتقل من عجب إلى عجب... *هذه المغارة سماء... *هنا عرش الله... *سجدنا و بقينا ساجدين... *لم يكن عندنا ما نقوله... *لم نعرف الصلاة و لا كيف نزور الإله... *فقط سجدنا صامتين و بقينا صامتين... *كل منا سكب كل ما قلبه قدام طفل رضيع ولد اليوم فقط... *طفل المزود يحمل كل الكلام فى صمته و العذراء تقول نظراتها كل شىء صامتة... *و رجلها يوسف القديس فى إندهاش كامل يغلفه صمته... *و الصوت فى آذاننا ما زال بأنغامه المبهجة يرن ... *المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة... *منذ ذاك اليوم لم نعد كما كنا ... *كل شىء فينا تغير... لا أستطيع أن أصف لكم كيف أصبحنا... *كل من يعرفوننا قالوا أننا قد إختلفنا تماماً... *صرنا نقول كلاماً لم نقرأه و لم نتعلمه... *صرنا نعلم بقية الرعاة عن الحمل... *صرنا نطوف بخرافنا و نبشر بميلاد المخلص... *أخبرنا الناس بتسبحة الميلاد و ظهورات الملائكة... *لم يهتم بنا أكثر الناس لكننا كنا واثقين مما رأينا و سمعنا و نبشر به... *كلما كررت تسبحة الميلاد تذكرنى أنا الراعى وأخوتى المنبوذين فى بلدتنا ... *فنحن من أخبروكم بهذه الكلمات ... *المجد لله فى الأعالى و على الأرض السلام و فى الناس المسرة... *فطوبى للمبشرين بميلاد رب المجد فهم تماماً كالمبشرين بقيامته و مجيئه الثانى فى مجده ومجد أبيه... إنتظرونا قريباً مع نجم الميلاد.... |
|